أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ييلماز جاويد - بعثُ البعثِ مُجدّداً















المزيد.....

بعثُ البعثِ مُجدّداً


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 3568 - 2011 / 12 / 6 - 08:11
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



أصبحت كلمة ( بعثي ) شتيمة ومثلبة عندما يوصف بها أي شخص ، إذ تجعله فاقداً الكثير من حقوقه كمواطن . ليست هذه المرة الأولى لهذه الكلمة القوة والطاقة في جعل أيّ مواطن عادي عديمَ الحقوق ، بل في كثير من الأحيان إلى تعرضه ما لا يمكن إحصاؤه من حرمانه أن يُعامل كإنسان وربما يفقد حياته بسبب ذلك .
إن كانت هذه الكلمة إستُخدمت في أواخر العقد السادس من القرن الماضي ، إنما بسبب إنجراف قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق مع الدعوة إلى وحدة الأمة العربية الفورية ورؤيتها ضرورة إذابة الجمهورية العراقية الفتية في بوتقة الجمهورية العربية المتحدة ، مما ولّد ردّة فعل شديدة وقاسية عند المتمسكين بإستقلالية العراق والحفاظ على نظامه الجمهوري الذي لم يكن قد أكمل السنة الأولى من عمره . لقد سالت دماءٌ كثيرة من الطرفين في صراع لم يستفد منه غير أعداء العراق .

عند إستلام قيادة حزب البعث السلطة في العراق بإنقلاب الثامن من شباط 1963 ، مارست شتى أنواع المجازر ضد خصومها حتى إنشق عليهم حلفاؤهم وتمت إزاحتهم من السلطة بإنقلاب الثامن عشر من تشرين الثاني في نفس السنة . ولكن حزب البعث تمكن من لملمة شتاته وإعادة علاقاته الإقليمية والدولية وتمكن من العودة إلى السلطة ثانية بإنقلاب السابع عشر – الثلاثين من تموز 1968 .

تميّزت فترة حكم حزب البعث بين تموز 1968 وتموز 1979 ، بصورة عامة بالهدوء واللين والعقلانية والبناء والتطوير؛ فقد صدرت قوانين تقدمية كثيرة في مقدمتها قانون تأميم عمليات شركات النفط الأجنبية ، وقانون العمل والعمال ، قانون للإصلاح الزراعي أكثر تقدمية من القانون السابق . إن إصدار بيان ( إتفاقية ) الحادي عشر من آذار يعد مفخرة لقيادة حزب البعث ، وهو حزب قومي وشوفيني ، بإعترافه بحقوق الأكراد في ( الحكم الذاتي ) ، مما أدى إلى إيقاف العمليات العسكرية في كردستان ، ولو إلى حين . وكذا تضاف إلى إنجازات الحزب في تلك الفترة ، إعترافه بكيان الحزب الشيوعي العراقي وتوقيع إتفاقية بين الحزبين ، علناً ، ومن ثمّ بناء الجبهة الوطنية والقومية التقدمية . لقد تميزت هذه الفترة بتنفيذ الكثير من المشاريع الصناعية والزراعية والتجارية والإسكان ، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص الذي كان ينعم بدعم كبير من الدولة . كان البعثيون ، طوال هذه الفترة ، في المستوى الشعبي وفي المستويات الدنيا من تنظيمات الحزب يبذلون في خدمة العراق بتفانٍ وإخلاص ، كأية رعية يقودها راع رشيد ، ولم يكن التمييز العرقي أو الديني أو الطائفي ظاهرة عامة وشاملة .

يقع الكثير من المحللين السياسيين في خطأ كبير عندما لا يفرّقون بين فترتي الحكم اللتين حملتا إسم حزب البعث ؛ وأقصد بالفترة الأولى تموز 1968 إلى تموز 1979 وبالفترة الثانية تموز 1979 إلى نيسان 2003 .

إن الفترة الثانية ، المشار إليها ، وإن سمّيت بإسم البعث ، لم تكن في الحقيقة والواقع نظام حكم حزب البعث العربي الإشتراكي . هناك أغراضٌ وأسبابٌ كثيرة تُفصّل لماذا يقع المحللون في هذا الخطأ الكبير، ولكننا لسنا هنا بصدد الدخول في هذا التفصيل لأنه يحتاج إلى مؤلفات ، ولكننا لا بد أن نشير إلى أنّ مصالح الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الإقليمية والدولية من ورائها عملت بإتجاه تكريس هذا الخطا.
لم يستلم صدام حسين الموقع الأول في الدولة في تموز 1979 بتلك السلاسة التي عرضت على شاشات التلفزيون أو البيانات الرسمية التي صدرت وما روّجت لها وسائل الإعلام كافة . إستلم صدام حسين الموقع الأول في تموز 1979 بإنقلاب ليس على السلطة الرسمية المتمثلة برئيس الجمهورية أحمد حسن البكر فحسب بل على حزب البعث العربي الإشتراكي أيضاً . لقد تمّت سرقة الحزب من أصحابها الشرعيين حين نُفذت عملية إعدام أكثرية قادة الحزب وما تلاها من إغتيالات الكوادر المتقدمة التي تدور الشكوك في ولائها له . لقد تعمّد صدام حسين في إبقاء نظام الحكم مقترناً بإسم الحزب ، بصورة مؤقتة ، بغرض كسب الوقت الكافي حتى يُدجّن كوادر الحزب في المستويات الوسطى والقاعدية ويحوّلهم إلى ميليشيات تابعة وموالية لشخصه . وبالفعل فقد أعلن في أحد تصريحاته " أن حزب البعث ليس حزباً بل حركة شعبية ، وكلّ عراقي مخلص بعثيٌّ وإن لم ينتمي " وبالتأكيد كان قصده في ( الإخلاص ) الإخلاص لشخصه .

كان البعثيون في الفترة الصدامية ( 1979-2003 ) رعية تحت سلطة راع رعديد أرعن ، عليهم تنفيذ قوانينه وتعليماته وحتى إشاراته بحذافيرها ، وعقابهم في حالة الإخفاق مضاعف بالقياس إلى غيرهم ، وكأنهم منظمون تنظيماً عسكرياً ليس لهم إلاّ الطاعة . إن عدم فهم وتقدير حالة الفرد البعثي هذه يجعل أي إستنتاج خاطئاً وظالماً . و لا يمكن لكل منصف إلاّ أن يأخذ بالإعتبار الإنكسار النفسي لدى كل بعثيٍّ يُجبر على تنفيذ أمر مخالف لضميره ووجدانه . فهل يُعقل أن مئات الألوف من أبناء الشعب من البعثيين الذين سيقوا إلى جبهات القتال ولقوا حتفهم فيها كانوا مقتنعين بذلك ؟

في 2003 ، وبفعل الإحتلال ودخول القوات الغازية إلى العراق ومن ثمّ تسليم السلطة إلى من كانوا يسمّون أنفسهم بالمعارضة ، دخل العراق في نفق عرفنا بدايته ، ولا أحد يعرف أرضيته ، كيفية السير فيه ونهايته وكم يستغرق من الزمن . بِدأ إنفراط عقد تجمّع المعارضة ، وتشرذمت إلى كتل متناحرة مستعدة لقتال بعضها البعض حتى النخاع تحت طائلة الطائفية والعنصرية ظاهراً وللإستحواذ على السلطة والتنعم بإمتيازاتها حقيقةً . لقد تم التركيز من قبل قيادات تلك الكتل على تأجيج النعرة الطائفية والعنصرية مدعومة من القوى الإقليمية والدولية ، سواء بالدعم المالي والإعلامي أو إرسال الإرهابيين لإرتكاب أنواع مختلفة من الجرائم لتعميق النعرة الطائفية والعنصرية بين جماهير الشعب الواسعة ، ولإظهار النزاع وكأنه بين مذهبين من جهة ونزاع بين القوميات المختلفة المكونة للنسيج العراقي . إلاّ أن تلك الجهود الإجرامية جوبهت بصلابة وتماسك الوحدة الوطنية على المستوى الشعبي .

أصر نظام الحكم الذي خلف نظام الطاغية على السير الحثيث في طائفيته ، وإنحيازه الواضح لواحدة من دول الجوار التي لم تتوان عن التدخّل الفض في الشؤون الداخلية للعراق . في سياسة نظام الحكم الحالي أصبحت كل فئة تعارض نهجه تكافح ، بغير هوادة ، بإتهامها بالبعثية . وقد أصبح ديدن رئيس الوزراء أن ينسب كل عمل لا يتوافق مع مصلحته في الإستمرار على سدة الحكم إلى البعثيين . وقد أصبحت تحذيراته من عودة البعثيين إلى الحكم ( إسطوانة مشخوطة ) لإستمراره في تكرارها في جميع المناسبات .

كان البعثيون و من لم يزل يحمل أفكار البعث أبناء هذا البلد ، فهم عراقيون ، شئنا أم أبينا ، وليس لنا أن نحرمهم من حق المواطنة لإختلافهم الفكري مع القوى السياسية الأخرى ، حتى المتسلطة على قمة النظام الحالي . فليس لأية قوة أو كتلة سياسية مباراتهم في صحة وطنيتهم وإنتمائهم وإخلاصهم للعراق . فعلى البعثيين الشرفاء أن يعملوا على إسقاط الحجج التي يتعكز عليها أعداؤهم ويرمي عليهم المسؤولية عن الجرائم التي وقعت في فترة حكم الطاغية ضد الشعب والوطن . عليهم بعث حزبهم من جديد ، حزب بعث يتبرأ من ويستنكر جميع الجرائم التي أرتكبت في عهد الطاغية وينبذ مبدأ الإنقلابية ويمارس دوره الطبيعي بإنخراطه في العملية السياسية التي تهدف إلى بناء عراق حرٍّ بسيادة كاملة ونظام حكم ديمقراطي برلماني فدرالي يكون بحق من الشعب وإلى الشعب . فهذا دوركم ، أيها البعثيون الشرفاء ، وكفاكم السير خلف القيادة التي كانت و لا زالت مصرة في السير على خطى الطاغية ، فالوطن بحاجة لجهود جميع المخلصين ، فلبوا حاجته .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماهيرُ هي الضمانةُ
- مَنهَجيّةٌ عَمَلية
- كذِبَ السياسيون .. وإن صَدَقوا
- بيانٌ ختاميٌّ مُهَلهَل
- ( شراكة وطنية ) أم محاصصة طائفية عرقية ؟
- مطلوب ... منهاج عمل
- مُستلزماتُ نهضةِ التيار الديمقراطي
- زراعةُ الحِقدِ !!
- موقِعُ الفدرالية في الديمقراطية
- كيف السبيل ... هنا ؟
- مَآلُ المُظاهرات !!
- المجرمون همُ المتاجرون بآلام الشعب
- العقوبةُ الرادعةُ
- مُبَرّراتُ غزوِ العراق
- صفحةٌ أخرى منَ الذاكرة
- هَل جخيور خالدٌ ؟
- مشروعُ قانون الأحزاب
- صفحة من الذاكرة
- الأكرادُ الفيليون ... إلى أينَ ؟
- بناءُ الوحدة الوطنية


المزيد.....




- دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد ...
- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ييلماز جاويد - بعثُ البعثِ مُجدّداً