أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الجوهري - التعري من أجل الحرية















المزيد.....

التعري من أجل الحرية


صلاح الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 15:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعري علياء المهدي لنفسها كشف العري الحقيقي لمجتمعنا البائس .. فانقسم الشارع بين مؤيد ومعارض وبين من ينادون بعدم الجهر في المعصية وأخرون يرونها حرية شخصية. بل ظهر فصي من الأوصياء على تصرفاتها.

علياء المهدي مدونة مصرية وضعت لنفسها على مدونتها :مذكرات ثائرة" صورة لها وهي عارية تماما وكتبت العبارة التالية: "حاكموا الموديلز العراة الذين عملوا في كلية الفنون الجميلة حتي أوائل السبعينات و اخفوا كتب الفن و كسروا التماثيل العارية الأثرية, ثم اخلعوا ملابسكم و انظروا إلي أنفسكم في المرآة و احرقوا أجسادكم التي تحتقروها لتتخلصوا من عقدكم الجنسية إلي الأبد قبل أن توجهوا لي إهاناتكم العنصرية أو تنكروا حريتي في التعبير"

أنقلبت ادنيا ولم تقعد وانقسم الشارع على موقفها حتى أنها قد يدرج اسمها وأسم مدونتها "مذكرات ثائرة" ضمن الموسوعة العالمية جينيز ريكورد. لأن المدونة قد زارها من عشرة آلاف زائر إلى مئة وعشرة آلاف في يومين فقط. وهذا الرقم يعكس المرض الحقيقي التي تعاني منه مجتماعاتنا التي نصفها مجازا بالمجتمعات الفاضلة.

أنا أرى الإهتمام الزائد بهذا الموضوع كشف المرض المجتمعي الحقيقي.

فعلياء المهدي لها باع طويل في التدوين وقد كتبت الكثير من التدوينات التي تنادي بحق الإنسان في حريته ... ولكن لم يستمع إليها إلا نفر قليل وعدد صغير هو محيطها. تكلمت عن حق المرأة في التعبير وحقها في العيش بكرامة وحرية وحقها في إختيار لباسها .. والحقوق التي تكلمت عنها علياء هي حقوق يملكها الرجل فقط. حقوق حصرية للرجل الشرقي لا يمكن أن تنادي بها أي إنسانه في تلك المجتمعات.

وعندما تكلمت عن الحقوق لم تكن تنوى التعري ولا معنى الحرية هي حرية خلع الملابس، لكن للأسف كشف تعريها عري مجتمعنا الذي يتمسح بالفضيلة ولم يجد في كلمات علياء اي صدى ولم يهتم بعلياء مطلقا ولا بافكارها ولا بما تنادي به من أبسط حقوقها كإنسانة.

مجتمعنا تعري عندما أهتم فقط بجسدها لا بأفكارها عن الحرية، تعرى مجتمعنا عندما أثير جنسيا لا فكريا.

وانقسم الشارع: منهم يراها سافرة كافرة وداعرة، ومنهم من يراها شجاعة ولا يملك ربع شجاعتها، ومنهم من رأى أنه ليس ضروريا أن تتعرى لتوصيل الرسالة، ومنهم من رأى أنها لا تتعدى موديل وأن تعريها هونوع من الفن لا أكثر.

أما الأوصياء عليها فحدث ولا حرج فظهرت آلاف مؤلفة تريد أن تنتشلها من هذا الضياع !!!! فمنهم من يناديها بأبنتي ومنهم من يعرض عليها الإنقاذ من الوحل ومنهم من يعرض عليها الإسلام بعد أن خرجت من الملة.!!

لكن يا أخوة .. أليست العبودية ضياع ؟؟ أليس العيش بذل وانكسار ضياع ؟؟ أليس الدهس تحت عجلات المدرعات بلا حقوق ضياع؟؟

هل الضياع فقط في التعري؟

لا .. وألف لا الضياع يحيط بنا ونستنشقة كالهواء واعتدنا عليه وأدمناه وأصبحنا نطلبه. لكن ما أن نواجه شيئا غير معتادا فبدلا من إعادة التفكير في مصيرنا نجدنا نتمسك في النتيجة ونهمل السبب الذي دعت إيه هذه النتيجة.

للأسف رسالتها وصلت وكشفت عن لمجتمع معقد وفاشل أخلاقيا، فقط عندما تعرت. وثبت -على رغم صغر سنها- أنها أعلم بهذا المجتمع المريض الذي ترك الكلام عن الحرية وأهتم بالتعري. هي اشجع من الذين يتكلمون عن الحرية من وراء الستار. وأخلص من يتكلم عن الحرية.

أي مجتمع مريض نعيش فيه الآن؟ مجتمع يفضل التستر على الفضايح ولا يكشفها من بابا عدم جواز الجهر بالمعصية.. !!!

مجتمع لا يبحث عن جذور المشاكل ليعالجها

الضياع ليس في التعري فقط.
الضياع في أن نرى الذل على ايدي رؤساء طغاه ولكن نتأسف لهم ونريدهم أن يتملكوا علينا مرة أخرى.
الضياع في أن نرى بعيوننا ثورة تغتصب ونعلم ان لن يجود الزمن بمثلها على الأقل في الخمسين سنة المقبلة ونسكت على هذا الهوان.
الضياع أن نرى أنفسنا كقطيع يرعى في مزارع الطغاه .. ونسكت
الضياع أن تكون الفضيلة الوحيدة في مجتمعاتنا كيف يطلق الشاب لحيته وكيف تختار الشابة حجابها الشرعي. وإن لم تجاهر بالمعصية فافعل ما شئت.
الضياع أن نسلم الوطن بايدينا إلى اعدائه .. ونرفع علم ليس هو علمه ونكسر تاريخنا بأيدينا بدعوى التقوى ومحاربة الوثنية، ونستورد من الخارج تاريخ رعاة المعيز وتجار النفط. لهم من الملكات والحريم ما لا يشبع فحولتهم. وعقول غير موجودة إلا متدلية بين أفخاذهم.
الضياع أن نحكم على بناتنا أن يعشن كالجواري بين أيديهم. وأن نعرضهم في سوق للنخاسة أمام الأثرياء العرب لخطبتهن ويكونن ضمن حريمه.
الضياع والعار أن نسلم الوطن لمن هم ليسوا منه.

وانا اسأل الناس إن وجدت حرية حقيقية فهل كانت ستتعرى علياء؟
وإن كان التعري -مجردا- هو حرية أو فن فهل كنا سنهتم به هذا الاهتمام البالغ أم سيكون أمرا لا يعنينا ؟؟

دعني أصيغ سؤالي مرة أخرى لكي يفهموا..

إن وجدت الطعام والعمل بوفرة فهل كان أحد من الناس سيبحث عن قوت يومه في صناديق الزبالة؟
أنلوم على من ينبش الزبالة ولا نلوم على من جعله يفعل هذا؟

في النهاية أود أن أوضح أن التعري من اجل قضايا الحرية والعدالة هي كثيرة وليست وليده اليوم بل أنه أسلوب قديم قدم التاريخ وهو اسلوب للتعبير عن السخط والانفعال الشديد واليأس أحيانا عندما تعجز الكلمات.

وأتذكر لوحة " La Liberté guidant le peuple" أو الحرية تقود الشعب التي رسمها الفان الفرنسي ديلاكروا والمعروضة في متحف اللوفر والتي تصور الثورة الفرنسية والحرية في صورة فتاه نصف عارية تحمل علم فرنسا بيد وباليد الأخرى تحمل السلاح وتنادي على الشعب من خلفها أن يتحرروا متخطية أشلاء الضحايا، هذه الفتاة تقود الأمة من خلفها وتتقدمهم وهي لا تأبه بما كشف عن صدرها العاري ولا تهتم بما ظهر من جسدها بقدر اهتمامها بتحقيق الحرية واستمرار الثورة.
صور الفنان جسدها العاري كرمز من رمزو التحرر ولي هو التحرر فقد كان التصوير أو الرسم العاري ابان العصور الوسطى شيء ترفضه الكنيسة وتحرمة فاعاد هذا الرسم إلى الأذهان كيف تغلبت المجتمعات التحررية من سلطة الكنيسة واعادت رسم الفتيات عراه مرة اخرى. وتحرر صدر الفتاة لم يكن هدفه الفتنة والإثارة وإنما جاء تعبيرا عن أهمية حرية الوطن عن شيء بسيط كتحرر النهود.

أن الأهم في الموضوع هو الحرية. حرية الوطن والمواطن، حرية التفكير والتعبير، عدم الوصاية على احد، عدم إحتكار الأفكار والتصرفات. فلن نكبل الناس ليدخلوا الجنة كرها.

عار على مجتمعنا أن يكون قادته فتيات صغيرات السن، عار على مجتمعنا أن لا يرى في الحرية سوى بروز النهود العارية وأن لا يرى الخزي في الاستعباد والحياة بلا كرامة.





#صلاح_الجوهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ملف مذبحة ماسبيرو 9 أكتوبر
- الجيش المصري الذي كان! : تعليقا على أحداث ماسبيرو
- المؤامرة على مصر : المد الشيعي
- ما بين النقد النصي والأخلاقي للإسلام
- شيرشيه لو شوفور
- بلا وداع ... يا بن لادن
- سقط الشيوخ ... فمتى سيسقط الإسلام من بعد النظام؟
- المادة الثانية من الإسلام
- بعد 30 عاما أفلح الجهاديون
- بناء الكنائس والدور الخفي لأمن الدولة
- المستقل الغول مرشح الوطني عن الإخوان المسلمين
- نعم .. بالكنائس أسلحة
- مصر ليست لكل المصريين: مصر فقط للمسلمين
- حماقة الأسقف وتدليس المفكر
- جريدة الأهرام: أني لا أكذب ولكني أتجمل
- في مسأله حرق القرآن
- وتتوالى سقطات اليوم السابع : أنت فين يا محمد !!
- حصار غزة والتمثيلية التركية
- طيور الجنة الإسلامية
- ألف سلامة يا ريس (بالألماني)


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الجوهري - التعري من أجل الحرية