|
الشاعر خضر الحمصي في :
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3541 - 2011 / 11 / 9 - 08:43
المحور:
الادب والفن
الشاعر خضر الحمصي في رؤية في بوابة الضوء لرياض خليل
بوابة ا لضوء ديوان بحجم صغير من 117 صفحة ، يحوي سبع قصائد ، موزعة بعناوينها على ( إشاعة ، الدمية ، قادم من جحيمي ، مونولوج لحاكم عربي ، فاصلة الشاهدة والقبر ، عرس الرماد ، سرقة ، وأخيرا كلمة نثر للشاعر نفسه ) . فرياض خليل يمرح ويسرح بين التعويذة والحقيقة ، يترجل حاملا في يديه سوطا للمحتالين بمملكة مهزومة ، يحكمها ( نمرود ) ، ويجيل طرفه .. فتلتمع أمامه ( بوابة الضوء) ، فيستريح ليعقد صفقة مع الأمل ، تتجاوز التكهنات بالانتصار ، إلا إذا حصل ذات يوم واستخرج حسن سلوك أو ( لاحكم عليه ) ، هذا ماجاء في إحدى قصائده ، وذلك ليتمكن من إرسال صوته بعيدا ، وليضع حدا بين الهزل وبين الجد . ويعبد بما يملكه أجمل الطرق بإيقاعات النثر أو التفعيلة ، وليخلق من عمله إبداعا مثاليا يمس وجدان المتلقي بشعر واضح المعالم .. صورا ودلالة وقناعة من أنه قادر على الرقي بهذا الاتجاه الصعب من خلال تقنيات فنية مدروسة ، واستيعاب للرمز المطلق . والشاعر رياض خليل ولد ونشأ في أحضان رمال اللاذقية ، وعلى شط بحرها الجميل ، فسحره البحر بما يملكه من أنفة وكبرياء وقوة ما يحتويه من لآلئ ، نضد منها عقودا .. تفاعل معها بوجدانه وحسه وذوقه ، فراح بريقها يبهر النظر ، ويستجلي آفاق المستقبل ، فجاء الشاعر مثاليا إغرته القصيدة ( الحديثة ) أو ذات المحتوى التفعيلي الواحد ، وهام في بحرها ، يغالب موج الأدب ، مابين القصة حينا ، وحينا آخر عن طريق الشعر ، وهو متمسك بجدائل الأمواج على زورق كادت تهشمه أو تغرقه وحول العابثين الغرباء . ومن خلال هذا الصراع المرير .. تبين له بارق من ضوء على هداه ، حتى وصل ( بوابة الضوء ) ، أي بوابة السلام ، بعد أن خاض غمار ( الكرنفال) : ديوانه السابق ، وخرج منه ، دون أن يبين له وجه صحيح تتعرف عليه أعين الدجالين الذين وهبوا أنفسهم للاطلاع على كل ما هو بائن على طريق الحرفة الممتهنة في هذه الأيام ، وعندها دفع بقوة المنكسر ، وبقوة ضربة الخائف (بوابة الضوء) ، فاستطاع أن يكشف عن نفسه بأنه شاعر حتى في شؤونه الصغيرة ، فدخلها مؤمنا بالنجاة من أيدي السكارى : " الذين يذبحون الكرامة من أجل ساقطة .. أو غلام " ( من قصيدة : قادم من جحيمي ) . إنه يحمل في يديه عصا موسى السحرية ، ليتحدى فرعون وسحرته ، فيقول في نفس القصيدة : " قادم من جحيمي " : ( أفرعون .. سوف أهزم وجهك .. أقهر كل جيوشك .. أحرق كل حبالك ..... قادم أنا من جميع الجهات ، قادم كالهواء .. وكالضوء .. والموت ) لاشك بأن الشاعر استعار قصة فرعون وموسى ، ونسجها شعرا مرمزا لشخصية معينة ، آلمه منها التصرف الأعمى ، وقتل الروح في الجسد ، إنها قصيدة مسبوكة بشكل جيد ومثير ، جميلة الفكرة ، متينة الأسلوب ، غنية بصورها المكثفة الواقعية ، وقد وفق في طرحها شعرا إلى القارئ . إن الشاعر رياض خليل .. بمنظوره السحري يخلق من الميت حياة ، ومن الحياة ازدهارا ، ومن الظلمة بريقا ، ومن المحل اخضرارا ، ففي قصيدته : " نمرود " تسمعه ينشد : ( مملكتي مقبرة .. وأنا حارسها .. أخشى أن تنشق قبور الأحياء ..مملكتي موحشة .......بؤس .. خرائب .... أتوق إلى بطل يهزمني ، أو يشطب اسمي من كتب التاريخ ... أنا نمرود الميت في الموت ) ، ينتهي هذا المقطع من القصيدة ، فاللعنة التي يلصقها بنمرود القرن العشرين صور رائعة توضح ما وصل إليه الحكم العربي ، وهو عاجز إلا في الشعر ، ويثأر ممن هزم الأمة ، وحطم آمالها وأمانيها ، ووضعها في بوتقة التخبط الأبدي ، عاجزة عن التحدي إلا في المنطق المهزوز . وفي قصيدة عرس الرماد يقول : ( استيقظي .. فالصباح يغرد ، يرفع أعلامه بالبريق....يغرق الأفق ... يفتح بوابة الضوء للتائهين ) . إنها لقطة رومانسية اجترحها من فكر رقيق ، عززته نقاوة الكلمة ، وعذوبة الموسيقى الناعمة ، ويقول في نفس القصيدة : ( أنا لاأحب أن أقتل الجمال بأسياف مستوردة .. أو أدخله في هياكل فارغة .. يغوص في وحول السراب ) . ويتابع الشعر رياض خليل : ( ثم يبدأ عرس الرماد .. عرس الديار.. تحت شمس طليقة ... وسماء من الحب والكبرياء ) ، جميلة هذه التعابير في هذا العرس الخالد .. عرس الرماد : ( سوف ينفض عنه الغبار .. ويطفئ الشوق للديار ، ويحدد للضائعين المدار ... فوق العاصفة .... وتلبس ثياب الزفاف .. لنحتفل بعرسها تحت أشجار النارنج وظلال الزيزفون ، حيث يكون الميلاد ، وغسل الخطايا . إن الشاعر رياض خليل بما يحمله من فكر جيد ، ورصانة في السبك والتعبير بالكلمة المختارة ، يعطي الشعر جوهره الأصيل ، ويوشحه بضياء نافر ، رغم أنه قاص محترف وهاو للشعر ، وقد أعطى من سحر القصة جدائل يلتف بها الشعر فجاءت كما قبل . و( الضد يظهر حسنه الضد ) وأنا بدوري أثني على الشاعر لما يبذله من عطاء أدبي متواصل ، وتعب مستمر لمجموعته الملونة كأراجيح الضياء ، في الظلام الدامس ، تقتلع حلوك الظلام ، وتنير آفاقا واسعة ، لتكون غرسا حقيقيا ، يكتنفه صدر الأمل ، وبقاء الحياة .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المستشار الأعظم
-
أوبرا الحياة والموت
-
العنقاء: شعر
-
دفاعا عن السلطة: جحا أولى بلحم ثوره( ذكر البقرة )
-
فاتحة الحجر
-
الزنى والحرية الجنسية
-
الرجيمة : قصة قصيرة
-
الأسد : السكرة والفكرة
-
رحلة ماجلان : شعر
-
عن الأديب حسن حميد
-
العائم: قصة تشكيلية
-
مها عون : مغامرة الإبدع والتشكيل l
-
سوريا : السلطة اللاسياسية
-
فرح نادر: بين غيبوبة العاطفة وصحوة العقل
-
من قصائد الثورة : (6)
-
مساهمة نقدية
-
الشبح : شعر
-
عن المؤسسة الزوجية
-
من قصائد الثورة (5)
-
من قصئد الثورة (4)
المزيد.....
-
مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
-
دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي
...
-
بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي
...
-
رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم
...
-
إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا
...
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|