أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - المواطن العراقي بين الخدمات والأنتخابات















المزيد.....

المواطن العراقي بين الخدمات والأنتخابات


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 1050 - 2004 / 12 / 17 - 10:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


بعد سقوط النظام السابق برزت الى السطح جملة من المتطلبات الأساسية والضرورية بالنسبة للمواطن العراقي كان ذلك النظام قد دفنها مع من دفنهم من أبناء العراق خلال سنين حكمه التعسة التي حُرم فيها المواطن العراقي من أبسط الحقوق والخدمات التي يتمتع بها مواطنوا أكثر دول العالم تخلفاً.. فحقوقه السياسية والأجتماعية كانت شبه معدومة وأن وجدت أعتبرها النظام هبة ومكرمة أما وضعه الأقتصادي فقد كان تعيساً الى أبعد الحدود بحيث وصل به الحال الى بيع أثاث وأبواب وشبابيك بيته لكي يتمكن من سد رمق عياله أما من الناحية العلمية فأننا قد لا نبالغ أذا قلنا بأن ذلك النظام قد أعاد العراق الى أجواء القرون الوسطى.. وكان من المفترض وفور سقوط ذلك النظام وضع جدول لهذه المتطلبات حسب أولويتها بالنسبة للمواطن العراقي الذي ذاق المرار في ذلك العهد ويتطلع اليوم الى عهد جديد مشرق ينهي معاناته التي طالت لعقود ولكن للأسف يبدو أن هذا لم يحصل فقد خضع ترتيب أولوية هذه المتطلبات لأجندة هذا الطرف أو ذاك السياسية لذا فبين المتطلبات الأجتماعية المتمثلة بأعادة الأمن المفقود والخدمات الشبه منهارة الى المواطن العراقي والأقتصادية المتمثلة بتحسين الوضع الأقتصادي للبلاد وللمواطن والتي قطعت فيهما الحكومة شوطاً لابأس به عبر مجموعة من القرارات المتميزة و الشُجاعة التي أعادت الروح لأقتصاد البلد والمواطن على حد سواء وبين متطلبات العملية السياسية التي يجب أن تتمخض عنها أنتخابات وحكومة منتخبة تضع دستوراً دائماً للبلاد ضاع المواطن العراقي وأزدادت همومه التي من المفترض أن تمثل المطلب الأول والأهم الذي يسعى الساسة العراقيون سواء من هم في أجهزة الدولة أو من هم خارجها لتحقيقه.. وبالتالي نود أن نسأل هنا أيهما أهم توفير الخدمات الأساسية والضرورية التي تمثل شريان الحياة للمواطن العراقي والتي بدونها تصبح حياته جحيماً لا يطاق ؟ .. أم أجراء الأنتخابات الحكومية في موعدها الذي أصبح شبه مقدس لدى البعض والتي تصبح أمام الحالة المزرية لتلك الخدمات ترف فكري لا مبرر له في هذه المرحلة خصوصاً في ظل وجود حكومة تتكون أصلاً من شخصيات متميزة تمثل مساحة واسعة من الطيف العراقي ؟
يتمسك البعض بمسألة أجراء الأنتخابات من باب أنها ستؤدي الى أنتخاب حكومة شرعية للبلاد ولكن السؤال هو .. كم من العراقيين يتسائلون أصلاً عن شرعية أو عدم شرعية الحكومة الحالية خصوصاً أنها حكومة أئتلاف وطني ذات تمثيل شعبي قل نظيره في تأريخ العراق الحديث بل وفي التأريخ الحديث للمنطقة ككل ؟.. وهل أن من لا يعترفون اليوم بشرعية هذه الحكومة ويرفعون بوجهها السلاح سيعترفون في المستقبل القريب بشرعية الحكومة التي ستفرزها أنتخابات جرت كما يقولون تحت حراب الأحتلال وهل سيرمون السلاح جانباً ليتجهوا الى أسلوب الحوار ؟..
لقد أخذت الحكومة المؤقتة على عاتقها جملة من الألتزامات كان على رأسها توفير الأمن والخدمات الأساسية للمواطن العراقي ومن ثم التهيئة لأجراء الأنتخابات.. وبما أن الشرطان الأوليان لم يتحققا تماماً بعد ولنقل أنهما في طريقهما الى التحقق رغم بعض التلكؤ لذا لا معنى للأصرار على تحقيق الشرط الثالث الذي يعتبر مكملاً للشَرطين الأوليين والذي بدون تحققهما بالكامل لا يمكن تحقيقه أصلاً.. فلماذا لا تكون المطالبة بتثبيت الأمن وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية للمواطن العراقي من قبل بعض القوى السياسية وممثليها في المؤتمر الوطني المؤقت بنفس الحماسة والأندفاع اللذان نراهما في مطالبتها بأجراء الأنتخابات في موعدها المقرر باليوم والساعة والثانية ؟ .. ولماذا أستُفزّت هذه القوى والأحزاب بهذه القوة وهي تدّعي الديمقراطية حالياً عندما طُرح موضوع التأجيل من قبل أخوانهم في القوى والأحزاب الأخرى في حين لا يستفزها ما يحدث يومياً في الشارع العراقي من عمليات قتل للمواطن العراقي وتدمير لبنى دولته التحتية وتدهور مريع للخدمات التي تتوقف عليها حياة هذا المواطن ؟ .. وأخيراً وليس آخراً لماذا لم ولا تنشط هذه القوى والأحزاب في دعم العملية الأمنية في البلاد كنشاطها في فتح المقرات وخط اللافتات للترويج لأفكارها وآيديولوجياتها تحضيراً للأنتخابات ولماذا لم ولا تندفع هذه الأحزاب ومنتسبيها الذين تدّعي بعضها أنهم بعشرات الآلاف لحماية البلاد والقضاء على بؤر الأرهاب فيها من باب أولى كأندفاعها للتدخل في الأنتخابات بحجة حمايتها ؟
هل يُخفي هذا الأصرار على أجراء الأنتخابات في موعدها المقرر ورائه حباً بالديمقراطية و ولعاً بها من قبل هؤلاء ؟ .. أم أنها فرصتهم التي لن تعوض للوصول الى السلطة مستفيدين من الوضع النفسي القلق للمواطن العراقي ومن حالة الفوضى التي تعم البلاد ؟
كيف نريد للمواطن العراقي أن يمارس الحياة الديمقراطية ويشارك في الأنتخابات وهو يعيش منذ أشهر بل ومنذ سنين في دوامة لا تنتهي من شحة الخدمات الأساسية بدئاً بالكهرباء التي تمثل عصب الحياة للأنسان مروراً بالماء الذي يمثل أكسير الحياة لجميع الكائنات الحية وليس فقط للأنسان وصولاً لمشتقات النفط التي يعتمد عليها العراقيون في الكثير من نواحي حياتهم كالنقل والطبخ والتدفئة والتي تنذر شحتها وأسعارها الخيالية في هذه الأيام الباردة بكارثة ستفوق نتائجها في حال حدوثها كارثة تأجيل الأنتخابات بأضعاف مضاعفة وأنتهائاً بالأمن المتردي في أغلب محافظات البلاد والذي يذهب ضحيته يومياً هذا المواطن المسكين نفسه أو أحد أفراد عائلته أو أقربائه !
وكيف للمواطن العراقي أن يتوجه الى مراكز الأقتراع وهو لا يأمن على حياته وحياة أهل بيته من مجاميع الملثمين التي لازال بأمكانها الخروج في أية لحظة من باطن الأرض ونصب نقاط تفتيش وسيطرة تعترض طريق المواطن وتسبب له الرعب والهلع أو من الجماعات المسلحة التي هددت بتفجير مراكز الأقتراع بمن فيها في حال توجه أليها الناخبون في يوم الأنتخابات ! .. وكيف لمراكز الشرطة التي يفترض أن تكون قلاع حصينة بوجه المجرمين والمخلّين بالأمن وقوة ردع لكل من يتجاوز على القانون ويهدد حياة المواطنين الأبرياء أن تحافظ على الأمن في يوم الأنتخابات وكثير منها لا تزال حتى الآن عاجزة عن الصمود أمام عمليات الهجوم والأقتحام المتواصلة عليها بشكل يومي تقريباً من قبل مجاميع المسلحين الملثمين دون أن تتمكن من دحرهم وألقاء القبض عليهم بل وحتى الرد في بعض الأحيان ! .. بل يبدوا أن لعنة أنعدام الأمن قد بدأت تلاحق حتى عراقيوا المهجر بدليل ما أعلنته ألمانيا من عدم رغبتها السماح بتصويت العراقيين المقيمين على أراضيها في هذه الأنتخابات في مراكز أقتراع خاصة تهيّأ لهم في بعض المدن الألمانية خوفاً من هجمات محتملة لأرهابيين على هذه المراكز .
قد يرد البعض بالقول أن 60 الى 80 بالمئة من العراقيين وحسب الأستفتائات الأخيرة يؤيدون أجراء الأنتخابات في موعدها المقرر .. والجواب هو أن الكثير من المواطنين العراقيين وقعوا ضحية تضليل أعلامي لبعض الأحزاب السياسية التي تراهن على هذه الأنتخابات بالذات للوصول الى السلطة والتي صورت لهم بأن هذه الأنتخابات هي الوصفة السحرية التي ستنهي جميع مشاكلهم المتراكمة منذ أربعة عقود وستأتي لهم بالأمان والرفاهية والأستقرار التي حرموا منها طيلة العقود الماضية .. في حين أن مشاكل البلاد المتراكمة هي نتيجة طبيعية وحتمية للسياسات والممارسات التدميرية التي أتبعها النظام المقبور منذ توليه السلطة وحتى لحظة سقوطه في 9 نيسان 2003 وللأخفاقات التي صاحبت أداء الأدارة الأمريكية والأحزاب العراقية في داخل العراق بعد سقوط النظام .. ومن سوء حظ الحكومة المؤقتة أنها ورثت عن النظام السابق وعن سلطة التحالف كل هذا الحمل الثقيل الذي تنوء عنه الجبال لذا أصبح لزاماً عليها أن تكون بقدر المسؤولية وهي في ظني بقدرها بل وأكثر لكن عليها التعاطي بموضوعية مع المشاكل الأساسية وليس الشكلية في العراق وبالذات مشكلة الخدمات التي تقف ورائها عمليات التخريب المتواصلة أضافة الى الفساد الأداري المستشري في أغلب الدوائر الخدمية ومشكلة الأمن التي لها سببان أحدهما داخلي يجب التعامل معه بعقلانية وحزم والآخر خارجي يجب الأبتعاد فيه عن المجاملة مراعاة لمشاعر هذا الحزب أو ذاك ممن تربطهم علاقات وثيقة بهذه الدولة أو تلك خصوصاً أن بعض هذه الدول وعلى لسان أكبر مسؤوليها الحكوميين وقنواتها الأعلامية لا تخفي دعمها للأرهابيين الوافدين الى العراق عبر أراضيها بل وتدعوا لهم بالموفقية .
في ظني وقد أكون مخطئاً فأن العراقيين مستعدون للتساهل في الوقت الحاضر في موضوع الديمقراطية وبالذات في موضوعة الأنتخابات خصوصاً وأن الأجواء الديمقراطية التي يعيشونها الآن لا تقارن بأي شكل من الأشكال مع الأجواء التعسفية المرعبة والمخيفة التي عاشوها طيلة ثلاثة عقود في زمن النظام المقبور.. لكنهم في أعتقادي غير مستعدين البتّة للتساهل مع مسألة التوزيع العادل لثرواتهم ولخيرات بلادهم التي كانت نهباً لرأس النظام السابق ولحاشيته المقربة والذي تخطوا الحكومة المؤقتة خطوات حثيثة بأتجاه تحقيقه كما أنهم ليسوا مستعدين للتماهل مع مسألة التوفير العادل والممتاز للخدمات التي كانت حكراً على فئة معينة ومدن معينة طيلة فترة النظام السابق .. لذا فأن تأجيل الأنتخابات لبعض الوقت لن يستفز العراقيين بأستثناء المتحزبين منهم وخصوصاً أولئك المنضوين في أحزاب تتطابق أجندتها السياسية مع أجراء الأنتخابات في هذا الموعد وفي هذه الظروف بالذات كما سيستفزهم ويثير حنقهم بل ويدفعهم الى الأنفجار أستمرار تردي الوضع الأمني وتدهور الخدمات الأساسية في البلاد .



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما للملكية و رجالها أضعاف ما عليها وعليهم
- السلطة بين ثقافة النخبة و ثقافة العوام
- أبدلوا راية الظلم وشعار الموت .. وأتركوا لنا نشيد موطني
- المعركة الفاصلة في تأريخ العراق والمنطقة والبشرية جمعاء
- شعوب أم بذرة فناء
- الأنتخابات العراقية وحماية الديمقراطية
- عنصرية العروبيين تطال أكراد بغداد
- حرب العراق .. والحديث عن الشرعية
- برنامج كاريكاتير .. وبناء العراق الجديد
- 11سبتمبر.. وبذرة فناء الغرب
- مليشيات العراق الجديد وأشكالية العلاقة بين الماضي والحاضر
- مثقفون أبرياء لكنهم مع الأسف .. مذنبون
- العراق ما بين أرادة الحياة والمقدر والمكتوب
- فضائيات ام غرف عمليات
- العراق الجديد بين حكومة في العلن وحكومة في الخفاء
- ما الذي يحدث في العراق .. ديمقراطية أم فوضى و تسيّب ؟
- أقليّات العراق .. و رسالة الأحد الدامي
- مشكلة شعوب لا رؤساء
- 14 تموز ثم 17 تموز و مسلسل الأنقلابات
- ذكرى 14 تموز .. بين الأحزان و الأفراح


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - المواطن العراقي بين الخدمات والأنتخابات