أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر إبراهيم الجهماني - المريض رقم مليون / مونولوج داخلي














المزيد.....

المريض رقم مليون / مونولوج داخلي


ثامر إبراهيم الجهماني

الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


((من يطلب الحياة تلفظه الحياة))
و((من يحب الحياة،يصبح مجنونها))

كم كانت جميلة،حين يلف الخوف خديها،وتجثم الأنفاس حبيسةً في رئتيها،كم كانت عذراء!.
ـ من قال لك؟.
ـ وأنت من قال لك عكس ذلك؟ولم تحشر أنفك في الموضوع.دعني وشأني؟!
ـ كلا....أنا خلقت لأبقيك يقظاً...وحزيناً.لا بل دائم التفكير والشك...متوجساً قلقاً..
ـ "الله يجيبك يا طولة البال".تنهدت ملئ رئتيّ وزفرت.وعدت أفكر فيها..
ـ قاطعني سائلاً:لكن قل لي:هل هي فعلاً جميلة؟.
ـ قاطعته مباشرةً وبلهفة جمة..نعم جميلة كشعاع الشمس،جميلة كالقمح لون شعرها وعيناها كخضرة اللوز الداكن وقت القطيف،القد ميال والخصر دالع!
ـ هيه....على هونك،تمهل...سألتك جملة وتجيب تفصيلاً.
- أترك فرصة لبقية الأسئلة.
- ماذا تريد أن تسأل،تفضل هيا؟.
- ما اسمها؟
- لا أدري!!
-حسناً ربما لمحتها في الجامعة بين زميلاتها، أو في دكان الحاج تشتري عطراً جديداً،أو عند مدخل القرية على موقف الباص وأنت عائد،أو.....
- تمهل يا هذا "صحت "ثم لم تتدخل في أمور لا تعنيك؟.ما عليك إلا معرفة الأمور التي ألقنك إياها ..لا تلك التي ترغب
معرفتها أنت .
أغرب عن وجهي .. أغرب يا هذا . أغرب .
-انكفأت على السرير أنوح كطفل يفتقد شيئاً ، لا أحد يعرف ما هو ... ونمت .

* * *
- ها هي الشمس تغمر أرجاء الغرفة طولاً وعرضا ً.تطرد منها رائحة العفن المتسرب إلى الأحشاء .
ها هي الشمس تفضح أسرار العشاق الذين باتوا ليلتهم يتحدثون عبر النوافذ ، يسترقون الدقائق واللحظات والقبلات ، وأشياء أخرى .
تفصد العرق من جبهتي بفعل الارتخاء والشمس ، أصبحت كالمطبوخ هكذا كانت تقول أمي العجوز لأخي عندما ينام على سطح الدار وتطلع عليه الشمس .
نهضت متثاقلا ، تثاءبت ملء فمي ، أعب الهواء عبا ً كسبع يزأر ملء فاه . نظرت في المرآة عن كثب وضحكت بصوت مجلجل .
-لماذا تضحك ؟ أتريد الهروب من الحقيقة ؟ جاء الصوت فجأة !! .
- اللعنة عليك أما زلت هنا ؟ ألم أطردك البارحة ؟ أجبته .
- وهل من الضروري الامتثال لأوامرك .
-قلت لك أنا خلقت لأجلك .!
- أنا خلقت معك .
- أنا نفسك .
- أنا أنت ، ولن اذهب وحدي ، سنذهب سوية ً .
- " تفو عليك " طارت التفلة إلى المرآة وانزلقت بهدوء .
" اغرب عن وجهي ، الله لا يسيئك " .
- إنك هارب ... إنك جبان !! .
- كلا أنت الجبان .
- بل جبان وستين جبان كمان !! لماذا ؟لماذا تركتها هناك وحيدة حزينة ؟ وأنت هنا تتغزل بها عن بعد !! .
- وما شأنك أنت .. إنها لي . أنا وحدي ، وليس سواي .
- حسناً حسناً أين هي الآن ؟ .
- إنها هناك ، ذهبت إلى الله ! ناداها فصعدت إليه .
قالت : انتظرني سأعود .
وما زلت أنتظر ، وسأنتظر إلى آخر الشمس . أو حتى يسقط القمر في حضني تعباً .
" انهمرت الدموع سيّالة وانفعلت كعاصفة هائجة ".
- نظرت إليه شزراً وصحت به " ويحك ، أتشمت بي يا أنا ؟
- نظر إلي غاضباً وعروقه تفصدت ، جحظت عيناه ، تصبب العرق من كافة أنحاء جسده ، وانتفض عليً كمجنون هارب من قدره .. هارب من ربه ... ومن الأرض والبشر ، ومن رجال الإسعاف الذين يحيطون بالدار ويصيحون ....
- قال لي : هيا البس هذا القميص الأبيض ، هيا انهض .
- لماذا يا أنا ؟ " تساءلت باستغراب مفتعل " !!
- سنذهب سويةً " أجاب " .
- إلى أين ؟
- صحت كلا أنا قابع هنا ، اذهب لربك واخبره أنني مازلت انتظرها .
# # #
تعالت الضربات الهمجية فوق الباب الخشبي المكسر إلا قليلاً ، وأنا أنظر هلعاً متسمراً في مكاني ، كأنني أعيش كابوساً ربط لساني وأعصابي ... فدخلوا عليّ . نعم ... أقسم بالله أنهم دخلوا ... كانوا ثلاثة بألبسة بيضاء وقبعات بيضاء . ليس لها شكل إلا أنها بيضاء ، ألبسوني رداءاً أبيضاً بأكمام طويلة ، لم استغرب كثيرا ً لأنني لبسته سابقاً ، اقتادوني إلى أسفل ، حيث سيارة الإسعاف تنتظر .... وقتها صاح بي " أنا " :أين يا نفسي ؟
- صحت به فرحا ً سأتخلص منك الآن سأذهب إليها .
- لا ... لا تنتحر أرجوك من أجل " هي " .. لقد ماتت !!
- أجبته بغضب وهيجان ، وبكاء يصعد إلى السماء .
" أين يسكن الله " . كلا يا أنا !!
الحياة خضراء جميلة ، الحياة عذراء ... والعذراء لا تموت . !! .
-صمت أنا وتنكر لي ... لوى بوزه وقلب شفته السفلى مع تحريك ذراعه متعجباً من نفسي وولى ظهره لي .
فتحت التلفاز .. المصادفة كانت كبيرة حين أعلنت المذيعة خبراً هاماً قائلة :
- جاءنا الآن ما يلي :
" إلى الأخوة المواطنين الكرام .. أيها السيدات والسادة : تم قبل قليل ، وحسب برقية لوكالة الانباء أنه ألقي القبض على المريض رقم مليون وتمت إعادته إلى غرفته المحروسة في " المرستان " ، بعد مطاردة هذا المريض الخطير مدة ثلاثة ايام متوالية ... انتهى "
شكرا ً لاستماعكم والقائمة مفتوحة .



#ثامر_إبراهيم_الجهماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثالوث المقدس في المعادلة السورية !! النظام ... المتظاهرون ...
- النصيحة بجمل
- الدراق .... الشاطر حسن ..... زورو وأشياء أخرى !!.
- بطاقة هوية // شعر
- هل كان قمراً ؟
- القرار ..!!!! أو الرجل الصغير
- ضربة حظ
- الصلاة الاخيرة
- أين صديقنا حسن


المزيد.....




- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر إبراهيم الجهماني - المريض رقم مليون / مونولوج داخلي