أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - علي الأسدي - خيانة الاشتراكية ... وراء انهيار الاتحاد السوفييتي..1917 - 1991















المزيد.....


خيانة الاشتراكية ... وراء انهيار الاتحاد السوفييتي..1917 - 1991


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 01:26
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


خيانة الاشتراكية ... وراء انهيار الاتحاد السوفييتي..1917 - 1991

كتاب من تأليف : توماس كيني و روجر كيران

نشرت الصحيفة الأسبوعية للحزب الشيوعي البرتغالي " أفانتي " حوارا أجراه مراسلها نابياس كارلوس مع توماس كيني وروجر كيران مؤلفي الكتاب الذي عنوانه ":
: " Behind The Soviet Collapse Socialism Betrayed : " ، وقد ترجمه عن البرتغالية للانكليزية بيل ميلر.
الكتاب من منشورات International Publishers , New York , 2004 ، وقد تمت ترجمته إلى اللغات الفرنسية والروسية والأسبانية والبرتغالية والفارسية والبلغارية والبلجيكية والهولندية ، وقد نفذت طبعته الأولى في الولايات المتحدة ، ويعاد طبعه هذا العام من قبل الدار نفسها التي نشرت طبعته الأولى. ترجم الحوار عن الانكليزية :
علي ألأسدي

السيدان توماس كيني وروجر كيران ، كانبان من أمريكا الشمالية. روجر كاتب ومؤرخ واستاذ جامعي ، وتوماس اقتصادي ، وتربط الكاتبين صداقة تمتد لعشرين عاما. لقد قالا لمحاورهما : لقد عملنا لمدة أربع سنوات ، قرأنا كافة ما نشر عن موضوع انهيارالاتحاد السوفيتي في الفترة 1999 – 2004 ، وهي السنة التي نشر فيها الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية. أن ما دفعنا لنشر الكتاب هو اعتقادنا بأن تحديد أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي لا تكمن في النظرية ، لأن النظرية لا تتيح لنا معرفة الأسباب. انهيار الاتحاد السوفييتي ناقض كل معتقداتنا ، حيث لم نفكر أبدا بأنه من الممكن أن تنهار الاشتراكية ، بل على العكس كنا نعتقد ان الاشتراكية ستتقدم وتتطور. تعرض الكتاب للنقد من قبل كثير من الكتاب ، وكانت حجتهم إلى جانب قضايا أخرى أن الكاتبين أعادا الاعتبار لجوزيف ستالين ، بتشديدهما على أن الانجازات الاشتراكية قد تمت في فترة حكمه ، بينما تغاضيا عن الجانب المظلم لسياساته. سيجد القارئ العزيز أن الكاتبين قد دافعا عن موقفهما من قضايا عديدة بما فيها موضوع ستالين والستالينية ، وبحسب وجهة نظرهما انهما تحاشيا التعرض لقضايا ساخنة كموضوع ستالين ، وما يهمهما من وراء الكتاب هو الوصول إلى الأسباب الحقيقية لانهيار الاتحاد السوفييتي والاشتراكية في أوربا.

س1 : هل المادية التاريخية خطأ ، كيف حصل ما قيل عنه ؟
ج : توماس كيني : لا بالتأكيد ، المادية التاريخية باقية وصامدة ، لكننا نسأل أنفسنا ، لماذا لم يقال عن الانهيار إلا القليل؟ لقد احتاج منا أن نقرأ الكثير، وبعد أكثر من عام بدأنا نكتشف بعض الحقائق عما حصل ، وتفسير ما يسمى " الاقتصاد الثاني " في الاتحاد السوفييتي الذي أكد عاملا مهما في استنتاجنا.
روجر كيران : نعتقد أن اشتراكية القرن الواحد والعشرين تحتاج لمعرفة ما حدث لاشتراكية القرن العشرين. بعد ثورة أكتوبر ، كان الحدث المهم الذي حصل هو انهيار الاتحاد السوفييتي والاشتراكية في أوربا.
س2 : لعدد من الناس أن أزمة عميقة كانت وراء الكارثة؟
ج : روجر : أمر طبيعي أن يفكر الناس بذلك . أنها حدث فظيع ، هي انكفاء إلى الخلف ، ورد فعل الناس أن يعرفوا سبب ذلك. لم يكن هناك أزمة في الاتحاد السوفييتي ، كانت هناك مشاكل وليس أزمة.
س3 : هناك تفكير ، بأن البيروسترويكا جاءت نتيجة الأزمة وردا عليها في السياسة و الثقافة ، و الأيديولوجيا والثقة في الحزب. فهناك خللا واخطاء وتأخيرا في الانجازات ، تراكمت عبر السنين ، وهناك رأي يقول بأن الاشتراكية استنفذت قدراتها في التقدم إلى أمام وكانت تحتاج إلى اصلاحات.
ج : توماس : رأينا يتلخص في الآتي : بعكس ما يتصور البعض لم يكن هناك بطالة ، ولا تضخم ، ولا مظاهرات ، لكن هذا لا يعني أن ليس هناك مشاكل. نعم كانت هناك ، وخاصة في الاقتصاد ، واكثرها تفاقم في عهد بريجنيف ، حيث لم تسعى القيادة لحل تلك المشاكل. بهذا المعنى يمكن القول انه كان هناك ركود ، لكن ليس بمعنى أن ليس هناك نموا اقتصاديا. معدل النمو الاقتصادي بدأ في التباطؤ منذ عهد خروتشوف حيث هبط النمو من 10 % - 15 % إلى 5 % سنويا. كان هناك تباطؤ ، لكن الاقتصاد كان ينمو وفق المقاييس في الدول الرأسمالية. وكان ذلك النمو قد وجد تعبيرا له في مستوى حياة المواطنين السوفييت. في عام 1985 وصل مستوى المعيشة مستوى لم يصلها قبلا. ومن الناحية الاجتماعية لم يكن هناك توتر في العلاقة بين السلطة وبين المواطنين السوفييت. عالميا ، كان الاتحاد السوفييتي تحت ضغط الامبريالية الأمريكية. رونالد ريغن شدد من ضغوطه العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية على الاتحاد السوفييتي. كذلك كانت هناك مشاكل في الحزب ، حيث كان بحاجة إلى اصلاحات ، لكن المشاكل الرئيسية كانت في مكان آخر.
س4 : ما دامت لم تكن هناك أزمة اقتصادية ، فما الأسباب المدمرة التي بدأت في عام 1985؟
ج : توماس : خلال تاريخ الاتحاد السوفييتي كان هناك اتجاهان يحتدمان في الحزب الشيوعي السوفييتي ، اليمين المرتبط بطرق وسياسة وأفكار الرأسماليين ، واليسار المتضامن مع القوى العاملة والحزب الشيوعي ، ولا يساوم في قضية الدفاع عن قيادة الطبقة العاملة. كان هذان الجناحان موجودان فبل ثورة أوكتوبر ، المنشفيك والبولشفيك ، وفي مراحل لاحقة بين ستالين وبوخارين ، ثم بين خروتشوف ومولوتوف ، ثم بين بريجنيف وأندروبوف ، وأخيرا بين كورباتشوف وليغاجيف. في كل تاريخ الاتحاد السوفييتي يمكن ملاحظة التناحر بين الجناحين ، وفي النتيجة كورباتشوف واليمين حققا النصر.
روجر : سياسة بريجنيف كانت ترمي إلى الحفاظ على الاستقرار القائم ، وكان يخشى من موجة اليسار في الحزب ومجيء العناصر الشابة في حين كانت القيادة من الكبار في السن. لقد سبب هذا بعض المشاكل الاقتصادية ( نقص في السلع الغذائية ، اضافة إلى قلة النوعيات العالية الجودة وبعض المشاكل الاجتماعية. والأهم هو تنامي ( الاقتصاد الثاني ) الذي وجد له بعض المساندين من بعض قيادات الحزب الفاسدة التي سببت استياء شعبيا. عندما تعهد كورباتشوف بحل هذه المشاكل أيده الجميع على أمل أن يغير كل شيء إلى الأفضل. الرأي القائل بعدم وجود ديمقراطية في الاتحاد السوفييتي كان سائدا بين الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية والاصلاحيين والبرجوازية التي يعبر عنها مؤرخون وكتابا.
هناك 35 مليون عاملا يشاركون مباشرة في أعمال السوفييتات ، وهم يشتركون في مؤسسات ذات صلاحيات ، وتتخذ قرارات مهمة ضمن اتحادات العمال التي يبلغ عدد أعضائها 163 مليون عضوا. للديمقراطية مؤسسات أخرى مثل منظمة المرأة والشباب ، صحيح أن ليس لهذه المنظمات صلاحيات كثيرة ، لكنها ليست منظمات على الورق. بعض منتقدي كتابنا يقولون أن نقص الديمقراطية هو السبب في انهيار الاتحاد السوفييتي ، نعم هذا ما يطرحه البرجوازيون للاساءة للاتحاد السوفييتي ، وليس هذا بجديد ، فقد كان هذا الرأي سائدا فترة طويلة قبل كورباتشوف. ونعتقد أن من الخطأ اعتبار نقص الديمقراطية قاد إلى انهيار الاتحاد السوفييتي. فكل هذه الانتقادات تعود إلى المواقف البرجوازية من الديمقراطية ، فقد كانت البرجوازية تردد بان ليس في الاتحاد السوفييتي الديمقراطية السائدة في الدول الرأسمالية ، ولا توجد أحزابا متنافسة ، علما بأن الديمقراطية في الغرب ليست على ما يرام. الديمقراطية في الاتحاد السوفييتي كانت أغنى من الديمقراطية البرجوازية ، فهذه ليست الأفضل. المشاكل التي جرت في جورجيا تعطي مثالا. في الاتحاد السوفييتي كانت الأقليات تتمتع بحكم ذاتي ولها نظامها المستقل ، حيث كان لها مدارسها الخاصة وتدرس باللغة الخاصة بها وممارسة طقوسها ، لكن بعد الانهيار قامت جورجيا بالغاء الحكم الذاتي في اوساتيا ، وسببت أزمة في العلاقة بين مواطني المنطقة.

س5 : هل غياب الديمقراطية دفع الشعب السوفييتي إلى عدم الدفاع عن الاشتراكية ومنجزاتها؟
ج : توماس :الحجة بان عدم وجود الديمقراطية هو الذي قاد الشعب إلى عدم الدفاع عن منجزاته الاشتراكية غير صحيح. لقد كان هناك استفتاء أجري عام 1991 حول الاشتراكية ، كانت نتيجته أن 75 % من الشعب يطالبون ببقاء الاشتراكية ، ولابد من الأخذ بالاعتبار ما يلي :
كان كورباتشوف قد وعد الشعب السوفييتي بالمزيد من الديمقراطية ، ومستوى أفضل من الاشتراكية ، لكنه خلال فترة قصيرة بعد ذلك ألغى المؤسسات التي كان الناس خلالها يعبرون عن آرائهم خلالها ، المنظمات الحزبية عطلت ، الصحف وضعت بيد المعادين للشيوعية ، وبذلك اختفت وسائل التعبير الأساسية.
س6 : بعض الآراء ترى أنه كان من الضروري الابقاء على بعض صور الملكية الخاصة ، والسماح لقوى السوق بالعمل ، لأنه قد جرى تجاهل مدى قوة قوى السوق في الاقتصاد خلال بناء الاشتراكية.
ج : روجر : لابد من النظر إلى مسألة لا تحتاج إلى خلاف : الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج سمحت بتطوير الصناعة بمعدل سريع لم يشهده التاريخ ، وهذا النمو حدث ليس فقط في الثلاثينيات ولكن بعد الحرب العالمية الثانية وحتى 1950 . خلال أربع أو خمس سنوات تمكن الاتحاد السوفييتي من الوقوف على قدميه بعد الخراب الذي سببته الحرب العالمية الثانية التي تركت 1/3 مدنه وصناعته تحت الأنقاض. بسبب ذلك كله لا نعتقد أن الملكية العامة لوسائل الانتاج والتخطيط المركزي كانت سببا في انهيار الاتحاد السوفييتي.
س7 : ربما ضخامة الاقتصاد السوفييتي كان قد خلق مشاكل للتخطيط المركزي؟
ج : روجرز : نعم بالتأكيد ، توسع الاقتصاد جعل مهمة التخطيط أكثر تشعبا وصعوبة ، مع هذا فالاستنتاج الذي خرجنا به ، هو أن هناك اتجاهات مناهضة وضعت الصعوبات امام المخططين وهي أتت من " الاقتصاد الثاني " الذي وضع العراقيل أمام النمو الاقتصادي.
س8 : بناء على هذا ، ألم تكن هناك قرارات لتوسيع اقتصاد السوق على حساب الاقتصاد الاشتراكي؟
ج : توماس : كافة الاقتصاديات الاشتراكية لها أسواق ، و في الاتحاد السوفييتي كذلك كان هناك سوقا للاستهلاك الخاص. ومع ذلك فان الاصلاح الاقتصادي الذي جاء به خروتشوف لم يباشر بلامركزية التخطيط فحسب ، بل سمح ببعض من ميكانيكية اقتصاد السوق ، وبعض صور المنافسة بين المشاريع الاقتصادية. بينما الاصلاحات التي جاء بها كيوسكين رئيس الوزراء عام 1964 و1980 شكلت تراجعا مهما لصالح الفكر الرأسمالي. ثلاثة من أهم وأكثر المؤسسات تأثيرا في اقتصاد الاتحاد السوفييتي وضعت في أيدي اقتصاديين من ذوي الميول الرأسمالية ، مثل فئة الانتلجينسيا وبصورة خاصة الاقتصاديون الذين شكلوا ضغطا وكان لهم تأثيرا على القرارات الحكومية. هذه العملية استغرقت عشرون عاما قبل أن يبدأ مفعولها ، ولم تحدث دفعة واحدة.
س9 : البعض يرى أن البيروسترويكا كانت فرصة ، لكنها فشلت . وفي كتابكم تذكرون أنه كانت فرصة لمناهضي الاشتراكية ليتقدموا ، فما هي مسئولية كورباتشوف؟
ج : توماس : بصرف النظر عما يقال عن فرصته لانعتقد بأن كورباتشوف قد عمل بوعي لخيانة الاشتراكية والعودة إلى الراسمالية ، فهو على عكس أندروبوف كان ماركسيا لينينيا حقيقيا ، لكنه كان ممثلا ممتازا وشخصا ضحلا ، وبدون استعداد نظري. عندما ذهب ناحية اليمين ، وبصورة خاصة تحت تأثير ياكوفيليث اكتشف بأن الامبريالية أجازته ، وافقت عليه ، الفاسدون الحزبيون أخذوا جانبه ، وبصورة خاصة أولئك الذين كانوا وراء "الاقتصاد الثاني " الذين دافعوا عن القطاع الخاص. وبسرعة ساعد هذا على التسريع في الاصلاحات بهذا الاتجاه ، وحل الوقت عندما اعلن كورباتشوف قراره بانه لم يعد شيوعيا ، بل اشتراكيا ديمقراطيا. منذ ذلك الوقت لم يعد يؤمن بالتخطيط والملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج وبالدور القيادي للطبقة العاملة والديمقراطية الاشتراكية ، فقد كان يتطلع أن يكون الاتحاد السوفييتي مثل السويد وما شابه. بعض قادة الحزب كان مستعدا للمقاومة مثل ليفاجيف ، لكنه كان ضعيفا ، مع انه أفضل من كورباتشوف. ليغاجيف كان مفاجئة ، وقد قال مرة ، أن هناك موجتين من الفساد ، أحدهما كان موجودا منذ فترة طويلة ويسمع عنه الناس كثيرا ، وكانوا يرغبون بالقضاء عليه عندما وصلوا إلى السلطة ( كورباتشوف وليفاجيف ) عام 1985. اما الثاني فقد ظهر بعد عام ونصف من وصولهما ، وكان تيارا قويا ومؤثرا وقد جاء من " الاقتصاد الثاني ".
س10 : كيف يمكن أن يظهر مثل هذا الاقتصاد وتكون له مثل تلك القوة في المجتمع الاشتراكي؟
ج : توماس : الاقتصاد الثاني وصل مرحلة هامة خلال فترتين من تاريخ الاتحاد السوفييتي.
الفترة الأولى : ، كانت خلال السياسة الاقتصادية الجديدة ( النيب ) لعام 1920 التي قادت إلى نمو الرأسمالية تحت سلطة الدولة بحدود معينة. لقد كانت تلك السياسة في وقت تطلبتها مرحلة الدولة الاشتراكية للتعامل مع الظروف الاستثنائية التي سببتها الحرب الأهلية. تلك السياسة كانت مرحلية لأجل التعامل مع تلك الظروف ، وفي فترة 1928 – 1929 تقرر الذهاب أبعد من (النيب ). كان بعض قادة الحزب مثل بوخارين ناقشوا ضرورة بقاء ( النيب ) معتبرينها الأنسب للوصول إلى الاشتراكية. هذا الاتجاه أفشله أكثرية الحزب بقيادة ستالين الذي بين أن تلك السياسة الاقتصادية كان قد وضعها لينين كونها تراجعا ضروريا ، وكانت استثناء ولهذا أوقفت. وجرى اعادة الأخذ بمبدا التخطيط المركزي على قاعدة الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج. لكن في تلك الفترة من القرن العشرين ازدهرت الرأسمالية على حساب تهميش القطاع الاشتراكي ، وهذا أدى الى انتشار واتساع الاتجاه اليميني المعادي لأيديولوجيا الاشتراكية.

الفترة الثانية : كانت نسبيا طويلة ومتزايدة ، حيث كان لها بداياتها في منتصف الخمسينيات بعد وفاة ستالين ، وكان خروتشوف القطعة الأولى في اللعبة ، فقد كان في بعض الحالات لا كلها قد قام ببعض الخطوات التحريفية ، وعندما كانت تذهب أبعد مما ينبغي يسارع لتصليحها. وعندما جاء بريجنيف الذي كان لا يحب التغيير ويسعى إلى الاستقرار ، استمرت المشاكل في الاحتدام بين اليمين واليسار وتتفاقم.
س11 : لقد كانت المشاكل تتراكم في عهد بريجنيف ، فهل يعني هذا أنها كانت وراء اجراء اصلاحات في الثمانينات؟
ج : توماس : في الثمانينيات كانت المشاكل واضحة لكل شخص ، ولكن السؤال المحوري الذي طرح حينها : أي الجناحان في الحزب ، اليمين أم اليسار هو الصحيح؟ لسوء الحظ نحن نعرف الجواب.
ج : روجرز : لكن لا تقع المسئولية عن الوضع السيء الذي كان سائدا على بريجنيف وحده. ففي الساحة العالمية عاد الاتحاد السوفييتي إلى التنافس العسكري مع الولايات المتحدة ، ومساعدة بعض الحركات الثورية في بعض مناطق العالم. مثل ذلك الدعم يحتاج إلى قدرات عسكرية والى موارد ستكون على حساب الوضع المعاشي للمجتمع في الداخل السوفييتي. ربما لهذه الأسباب أغمضت السلطات عيونها عن نشاطات القطاع الخاص غير المشروعة في الاشتراكية. مثل هذا الوضع المساوم مع " الاقتصاد الثاني" قاد بالضرورة إلى نشوء فئة من أصحاب الملايين أطلق عليهم " مليونيرات بريجنيف " الذين أقاموا شبكة من الفاسدين في الدولة والحزب بتجاهل كامل من قبل السلطات.
س12 : كان هذا واقعا لم يجري الحديث عنه إلا قليلا ، لكنه كان واسعا ومتغلغلا في المجتمع السوفييتي.
ج : توماس : نعم ، كان صناعة غير مشروعة ، ولهذا لا توجد عنها أي أرقام مما يجعل دراسة الظاهرة صعبا.
روجر : هذه الظاهرة كانت حقيقة ، ولم تتناولها الدراسات الماركسية. الاقتصاد الثاني ( النشاط الخاص غير المشروع) نظر اليه على أنه من بقايا الرأسمالية الذي أمكن انقاذه بعد أن تحقق النجاح للاشتراكية ، وهناك دراسات أثبتت أنه لم يكن بالامكان تجاهله. ولأخذ فكرة عن الاقتصاد الثاني يمكننا مقارنة عهد بريجنيف مع الأشهر القليلة من عهد أندروبوف في موضوع القضايا الاجرامية التي تم التحقيق فيها ، نجد أنه في عهد بريجنيف لم يدان أي شخص في القضايا التي تتعلق بهذا الصنف من النشاط إلاجرامي ، حتى بعد أن تصل إلى المحاكم. لكن مع أندروبوف ، تغير الوضع جوهريا ، فقد حوكم وأدين الكثير ممن تمت محاكمتهم في قضايا من هذا النوع من الفساد.
س13 : لم تخصصوا في كتابكم تحليلا لما اطلق عليه ( التقرير السري ) عن مجموعات الأشخاص الذين قدمت أسمائهم في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي من قبل خروتشوف, لكنكم أشرتم إلى الحاجة إلى تقييم الفترة المعروفة بالستالينية ، وما لم يكشف النقاب عنها ، يبقى الشيوعيون سجناء الماضي ، هل لكم من تفسير ؟
ج : روجر : عندما بدأنا الكتابة كان هناك سؤالا حتم علينا أن نتخذ قرارا بشأنه ، لقد قررنا عدم الدخول في موضوع ساخن كموضوع ستالين. فقد كانت هناك احكاما مسبقة ، و لم تكن لنا معرفة كافية حول كثير من الموضوعات التي تتعلق بستالين التي يجري تكرارها يوميا. الشيء الوحيد الذي قمنا به ، او الذي حاولنا القيام به هو فتح الباب أمام هذا الموضوع. ليس لنا أجوبة على كل التساؤلات عن ستالين وفترة حكمه ، ومن الخطا الاعتقاد بأننا نملك أجوبة عليها. هناك الكثير من الموضوعات التاريخية والسياسية التي نحتاج إلى فهمها او أخذها في الاعتبار.

س14 لقد أشرتم في مقدمة الكتاب إلى أن الانجازات الاشتراكية قد تمت تحديدا في الثلاثينيات تحت قيادة ستالين.
ج : توماس : أنها حقيقة. لقد كان علينا أن نختار بين أن نتعامل مع أي موضوع ، أو فقط في مانعتبره موضوعا أساسيا. الحقيقة أن اكثر الهجوم الذي وجه لكتابنا جاء من ماركسيين أو من منتحلي الماركسية ، ومن الاشتراكيين الديمقراطيين ومن شيوعيين اصلاحيين ، ركزوا بصورة خاصة على ستالين. انهم لم يجادلوا أي شيء عن كورباتشوف ، أو عن " الاقتصاد الثاني "، وكنا تعرضنا للنقد فقط لأننا كنا ناعمين مع ستالين ، ولأننا لم نعتبره جزارا أو وحشا كما يصفوه هم ويتحدثون عنه.
س15 : اذا كانت أطروحة كتابكم صحيحة فان السياسات والوسائل في عهد ستالين كانت الأكثر صوابا ، وهي الوحيدة التي كانت ستضمن بناء الاشتراكية والدفاع عن منجزاتها.

ج : روجر : الموقف تجاه ستالين متطرف وأعمى ، وان بعض منتقدي كتابنا قالوا أننا على خطأ ، ويصرون على أن ستالين كان السبب في انهيار الاتحاد السوفييتي.

س16 : بناء على انطباعكم عن أهمية الموضوعية في الاشتراكية ، وطبقا لهذا تقولون بأن دور القادة يحتل أهمية في بناء الاشتراكية أكثر مما في الرأسمالية ، لماذا؟
ج : توماس : " كانت الرأسمالية متطورة ، بينما كانت الاشتراكية في طور البناء. " في كتابنا استخدمنا أمثلة مجازية صورنا الرأسمالية كطوافة تنحدر مع تيار النهر ، وقدرتها على المناورة محدودة ، فالتيار يجرفها نحو المنحدر ، وليس لقيادتها غير القليل من التأثير على مسارها. الاشتراكية بالمقارنة هي كالطائرة ، فكونها وسيلة نقل متقدمة تتطلب للتحليق بها بأمان طاقما مؤهلا تقنيا وعلميا ويفهم بقوانين الفيزياء ليتحكم بها. بكلمة أخرى ، الطائرة برغم كونها نظاما متميزا تتعرض لمخاطر لا تتعرض لها الطوافة ، لكن هذا لا يعني أنه يجب علينا ترك الطائرة والعودة إلى الطوافة النهرية . وبناء على هذا لا يمكننا العودة إلى السكن في الكهوف ، لأن البيوت تتعرض للانهيار. القوانين التي تحكم الرأسمالية تختلف عن القوانين التي يقوم عليها بناء الاشتراكية ، قوانين عمل الرأسمالية عمياء وبدون وعي تماما مثل قانون الجاذبية الذي يسحب الطوافة نحو المنحدر بصرف النظر لما يفعله ربانها. لكن قوانين الاشتراكية تعمل بوعي كامل من ربانها ووفقا لما أرادها لها مصممها.
علي ألأسدي



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تتحول ليبيا إلى ... عراق فاشل آخر...؟؟
- نظام القذافي ... من الداخل ... بعيون عراقية ...(الأخير) ..
- نظام القذافي ... نظرة من الداخل ... بعيون عراقية ... (2 )... ...
- نظام القذافي .. نظرة من الداخل .. بعيون عراقية....( 1) ..؛؛
- هل نحن أمام موجة جديدة من حروب الأفيون في العالم العربي. ..؟ ...
- ليحفظ الله أمريكا .... فهل يفعل ... ؟؟
- الاشتراكية واليسار .... ونظرية نهاية الرأسمالية ... (العاشر ...
- الاشتراكية واليسار .... ونظرية نهاية الرأسمالية .... ( التاس ...
- الاشتراكية واليسار ... ونظرية نهاية الرأسمالية ..... (8) ... ...
- الاشتراكية واليسار ... ونظرية نهاية الرأسمالية ... .(7 )...؛ ...
- الاشتراكية واليسار … ونظرية نهاية الرأسمالية … (6)..؛؛
- الاشتراكية واليسار ... ونظرية نهاية الرأسمالية .... ( 5) ..؛ ...
- الاشتراكية واليسار .... ونظرية نهاية الرأسمالية .... (4)...؛ ...
- الاشتراكية واليسار... ونظرية نهاية الرأسمالية.... (3) ..؛؛
- الاشتراكية واليسار... ونظرية نهاية الرأسمالية....(2) ...؛؛
- الاشتراكية واليسار... ونظرية نهاية الرأسمالية.... ( 1) ..؛؛
- الوقود الحيوي ... محنة جديدة تواجه فقراء العالم... ( الأخير) ...
- الوقود الحيوي ... محنة جديدة تواجه فقراء العالم ... ( الجزء ...
- اليسار .. في الحركة الشيوعية العالمية ... ( الأخير - وملاحظا ...
- اليسار في الحركة الشيوعية العالمية .... ( الجزء السابع) ...


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - علي الأسدي - خيانة الاشتراكية ... وراء انهيار الاتحاد السوفييتي..1917 - 1991