|
زهره
غازي صابر
الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 21:05
المحور:
الادب والفن
زهره غازي صابر طوال الطريق وهو يتسائل مع نفسه ماالذي شدني إليها ، ليست هي الفتاة التي أحلم بها . هي سمراء والحبيبة التي أتمناها بيضاء ، هي رشيقة جداً والتي إفضلها اكثر ليونة ، لون عينيها بلون القهوه والتي أحلم بتعشقها خضراء أو زرقاء العينين . حتى فمها أكثر إستداره إنه كالخاتم وشفتيها مثل زهرة لا تريد أن تتفتح والتي أحلم بها زهرة تفتحت وهي تنتظر من يلثم وريقاتها النديه . المهندسة سهاد هي التي عرفته بها ، كانت تتندر عليها حين قالت : ــ إقدم لك المهندس الجديد عمار ، فهو الأخر مغرم بزراعة الزهور . ــ لايحلو خضار الحدائق إذا لم تأطره الزهور ومن كل الألوان . هكذا ردت . في البداية لم يتقبل إسمها عندما ذكرته سهاد ( أفنان ) . لكنه عندما ردده مع نفسه وتمعن معانيه أدرك قيمة الأغصان وجمال تدليها على جانبي كل شجرة مثمره . وأدرك أهمية الظل وقت الصيف وكيف تحمي هذه الإفنان ماتحتها من الزهور من حر الصيف ومن تساقط المطر . كانوا مجموعة من المهندسين في طريقهم لزيارة أفنان في المستشفى، فقد أعياها المرض وأقعدها هناك ، كان وحده يفكر ماذا يقول لها ومعرفته بها تجاوزة الشهر بقليل . صحيح هو دائم التفكير بها منذأن رأها أول مره . وكثيراً ما تحدث معها حول جمال الحدائق وروعة الزهور . يصغي لها كثيراً وهي تردد : الزهور كائنات رقيقه خلقت لتشّعر الإنسان بأهمية الجمال وروعة مافيه ، ولتغسل أنفاسه بشذى عبيقها الذي لاينتهي . لولا الزهور لما كانت هناك روائح تعطر الأرض والبشر .تنوع الزهور حكم تنوع البشر. كالحة هي الأرض بدون الزهور وتعدد الوانها . مرات عده شاركها الزراعه وكثيراً ما ركز نظره إليها وهي تزرع الورود برقة متناهيه ، وكثيراً ما سأل نفسه ، أي قلب تملك هذه الإنثى وهي بكامل كيانها مثل عصفورة تتنقل بين شجيرات الزهور والنبتات الصغيره .حتماً هي لاتعرف ماذا يدور في البلد ولافي العالم . عالمها لايتجاوز زراعة الزهور هذه . مرة سألها عن دورها ومكانها في الحياة ، فأجابته إنها جاءت لتزرع وستبقى تزرع حتى تموت وهي بين الزهور والرياحيين .وكثيراً ما حاول أن يصارحها بما في نفسه ، لكنها تضل تتحدث عن أهمية الجمال في تهذيب الحياة وعن السلام الذي ينبعث من شذى ووريقات الزهور . حين إجتازوا باب غرفتها في المستشفى شعر بقلبه يخفق ولسانه يحفظ الكلمات التي سيقولها لها بقلق وخوف . كان هو أخر من سلم عليها ، صافحها وشعر بحرارة يدها تلامس لب عقله ، ولإول مرة قرأ في عينيها شئ مختلف ، فقد غرقت عينيها بعينيه وشعر بدمعة محبوسة تحت جفنيها حين سألته هو فقط ـــ كيف حال زهورنا . اليلدز، وحلك السبع والكزانيا وخف الجمل وعين البزون ؟ المهندسه سهاد تعتبر زراعتنا للزهور بائسه . لإن العالم يملك زهور أكثر جمالاً وهذه وحدها التي تستحق الزراعه والهندسه لجمالها ولعطرها الجذاب . لكن أفنان كانت ترد عليها إن هذا قدرنا وكل الزهور جميله ، المهم القلوب التي تزرعها والأبصار التي تعشقها وتقدر قيمتها . خرج الجميع . وقبل أن يجتاز عتبة الباب وهو الذي بدون وعي منه كان يتمنى أن لاتأتي لحظة الوداع هذه . ندهت هي عليه ، صافحته مرة إخرى فشعر وكأنها تضع قلبها في كف يده ، كانت ساخنه ووديعه وبصوت هادئ خاطبته أن لا يهمل سقاية الزهور وأن لاينسى الشبوي الأبيض والذي زرعه معها ، وأوصته لاتنسى : ــــ الزهور مثل لغات العالم مختلفه الحروف لكنها تعود لإمها الأرض ، وأنا أتوسطها ، كانت تناديني ماما وهذه الكلمة هي الوحيده التي ينطقها كل سكان الأرض وبنفس المعنى . في طريق العوده كان لوحده يضم كفه الذي صافحها به الى قلبه ، ويشعر بالفرح وكأنه يخفي شيئاً ثميناً لايعرف ماهيته، لإنه يحتفظ برائحتها وسخونة قلبها قريباً من قلبه ، ويشعر وكأن دمها هو الأخر قد إمتزج مع دمه .
#غازي_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق وصراعات إسلام المنطقه
-
قصه قصيره اولاد عزرائيل
-
عبد الكريم بين عهدين
-
قصص قصيره معاناة
-
الطوق المحكم
-
قصة قصيرة المعلم الأول
-
التعميرو التخريب
-
عيد العمال وذكريات الطفولة
-
نجم والي وصحبه
-
الزياره المشؤومة
-
الحوار المتمدن إسم على مسمى
-
الصراعات الإقليمية والعراق
-
كركوك وقشة البعير
-
خال الحكومه
-
قصة قصيره الخشبه والمسمار
-
كوارث الفكر القومي والطائفي
-
قصة قصيرة المقابلة
المزيد.....
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش
...
-
أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا
...
-
الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود
...
-
“نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ
...
-
تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما
...
-
مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب
...
-
المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب
...
-
هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
-
“نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق
...
-
مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|