أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت خزندار - حول الديمقراطية والاستقلال..!















المزيد.....


حول الديمقراطية والاستقلال..!


شوكت خزندار

الحوار المتمدن-العدد: 3479 - 2011 / 9 / 7 - 20:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ فترة ليست بالقصيرة يطرح الكثير من العراقيين وعلى وجه الخصوص من هم مقيمون في دول اللجوء وجهات نظرهم حول مفهوم الديمقراطية وكأن الديمقراطية عبارة عن وصفة جاهزة معلبة نقتنيها في سوبر ماركت وبالإمكان أقتنائها ! أو اختزال الديمقراطية ووصفها في حالة واحدة كالقول أنها وسيلة لإدارة الصراعات .؟
فالديمقراطية ليست لها هوية محددة ولا يمكن اختزالها أو حصرها في قالب محدد كوسيلة لإدارة الخلافات وحسب بل أن الديمقراطية هي عبارة عن الوعي الإنساني العميق وهي في ذات الوقت ثقافة وممارسة ترتبط ارتباطا وثيقا بالتطور الحضاري في البلدان الصناعية المتطورة نسبياً ، بداية سوف ألجأ إلى الحركة ( الشارتية ـ الميثاق) عندما كان الوعي الثقافي والسياسي متدنياً في بداية النهضة الصناعية في بريطانيا عند ذاك كان عمال المصانع يلجؤون إلى تحطيم المكائن وأدوات العمل معتبرين شقاؤهم قد جاء من خلال المكائن الصناعية وأدوات العمل وعند ظهور كارل ماركس ونظريته رأس المال كان من أعظم اكتشافاته هو الصراع الطبقي وفائض القيمة أي ساعات العمل غير مدفوعة الأجر، ومنذ ذلك الحين أعتبرت قفزة لتعميق الوعي لدى العمال من الناحية الثقافية و السياسية بين العمال المرتبطين بالصناعات الكبيرة وبدأت نشاطات العمال تتسع وصولاً إلى المطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وتعويض العامل عند الإصابة إثناء العمل في المصانع والورشات الصناعية، هكذا تطور النشاط الثقافي السياسي لدى جمهرة العمال ومصطلح البروليتاريا أرتبط بعمال في الصناعات الكبيرة وكان ماركس قد لخص وشخص الثورة الاشتراكية في إحدى البلدان الرأسمالية المتطورة كبريطانيا وألمانيا الصناعية .. إلا أن اندلاع الثورة الاشتراكية في روسيا القصيرية المتخلفة صناعياً وزراعياً كانت بمثابة مرض ( أنغوليا) منذ الولادة والطفل المصاب بهذا المرض لا يعيش أكثر من 34 عاماً وحتى بلوغ هذا العمر فالعقل ( الدماغ) لا يتعدى عقل الطفل في الرابع من العمر وهو بحاجة إلى الوالدين في الملبس والمأكل والتنظيف لقد أشرتُ في بعض كتاباتي وأحاديثي في السابق فقلت نصاً ، أن لينين كان أول من أنقلب على ماركس والماركسية واعتبرت أن ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا القيصرية كانت مصابة بمرض أنغوليا منذ الولادة هنا كانت النكبة والضربة القاضية عند سقوط الاتحاد السوفيتي السابق والمنظومة الاشتراكية قاطبة تعرضتُ إلى الهجوم الشرس من قبل بعض رفاقي السابقين حتى من الأصدقاء المقربين والمحبين للحزب الشيوعي والشيوعية فلم يزحزح إيماني وقناعاتي بما توصلت إليه من خلال المطالعة والدراسات والزيارات العديدة إلى السوفيت والكثير من الدول الاشتراكية السابقة ، زيارات مع وفود حزبية ورسمية وكذا الزيارات الشخصية الاستطلاعية كموسكو وبراغ وصوفيا وبخارست وبودابست وبلغراد ..الخ كنتُ أتجول في الشوارع والإحياء السكنية والباركات والمقاهي و التعارف مع المواطنين في تلك الأماكن والتحدث معهم في شتى المجالات وكان حديثي مع جالسي يدور حول الحالات الاقتصادية وظروف العمل والاجور وكل ما يتعلق في توسيع مداركي، تعرفتُ على الكثير من معاناة الشباب والشبيبة في البلدان الاشتراكية السابقة .. كنتُ في آخر زيارة إلى موسكو عام 1985 بعد العودة استخرجتُ بالنتيجة التالية : تحدثت مع الرفيق السابق وهو ( يوسف حنا القس ـ أبو حكمت) بأن السوفيت منهار ولابد من إعلان انهياره في السنوات القليلة القادمة وافقني العزيز أبو حكمت فقال ، نعم هذا صحيح كنتُ أيضاً لديّ زيارة إلى موسكو وخرجتُ بنفس النتيجة كما تقول .
إلا أن بعض رفاقي السابقين هاجموني بشراسة وقالوا ليّ ، ما هذه الاستنتاجات الفارغة ، إنك منهار سمعوني الكثير من تلك الكلمات الجارحة وأنا أضحك بعكس عادل إمام فهو كان يبكي ويعيط لأن حذاءه ضيق وأنا أسخر من تلك العقول المتحجرة هكذا كنتُ أضحك على الرفاق الذين يهاجمونني وعلى هذا المنوال في إحدى زيارتي إلى أربيل التقيت مع الراحل أبو حكمت أنذاك كان وكيل وزارة الزراعة في حكومة أربيل تحدثنا كثيراً ونحن نستعيد الذكريات السابقة تعرجنا إلى موقفنا حول توقعنا لانهيار السوفيت طال زيارتي وطال حديثنا في مكتبه الوزاري تجاوزنا مدة نصف ساعة عن الدوام الرسمي تململ أفراد الاستعلامات وموظفي الوزارة ، من هو هذا الزائر لدى أبو حكمت لقد أنتهى الدوام أطلع يا رجل أنا وأبو حكمت نضحك ثم نضحك عند الخروج من مكتب الوزير الكل يدققون النظر بيّ هامسين في القول ، من هو هذا العجوز رافقني ابو حكمت حتى الباب الخارجي للوزارة ثم عدتُ إلى مقام محافظ السليمانية ومكتبه في أربيل ثم تحركنا نحو شقلاوة هكذا قضيتُ نهار كامل في تلك الزيارة .
عند هدم جدار برلين على يد غورباتشوف ومن ثم سقوط الاتحاد السوفيتي السابق والمنظومة الاشتراكية قاطبة .. ياترى هل من سامع وأنا أروي بعض ذكرياتي ذكريات عبرت أفق خيالي .. أغنية لأم كلثوم وأنا معجب بهذه المطربة الرائعة التي أطربت الدنيا فما أحوجنا إلى مثل تلك القامات الفنية في أيامنا هذه حيث أصبح الفن ( كالفنون ) مجرد غلاف أجوف بلا لب ولا قلب !؟
كان كبار المفكرين والفلاسفة العظام يعتمدون منهجية ثلاثية المواضيع التالية ، الماضي البعيد والحاضر والمستقبل ، وكي نتفهم الحاضر لا مناص من العودة إلى الماضي وأن لم نستوعب الحاضر بصورة جيدة لا نستطيع رسم المستقبل الزاهر .. ثم أرى أن الثقافة كانت وسوف تظل سيدة الموقف وبدون مثل هذه الثقافة لا نستطيع أن نتقدم خطوة واحدة .
بعد سقوط نظام صدام الدموي وحزبه النازي أعتقد الكثير من المثقفين والسياسيين العراقيين وصولاً إلى الكيانات السياسية المنخرطة في العملية السياسية الجارية في العراق الجديد تصوروا أنه قد انتهى كل شيء والطريق سالك للسير إلى أمام ناسين أو متناسين أن صدام لم يهبط من المريخ إنما هو نموذج للعقل الجمعي العراقي فيكررون في قولهم أن صدام شنق ومات والبعث أندثر أو تشتت وإني أتسأل هنا كم صدام انبثق بعد موته فالبعث وصدامهم شنوا حرباً لا هوادة فيها بدءاً من إلغاء الآخر ومن ثم الالتجاء إلى الإعدامات بالجملة وإقصاء خيرة المفكرين والسياسيين البارزين فمنذ بداياته شنت حرباً سياسية بدءاً بالقضاء على خيرة رجالات البعث نفسه ثم التفت إلى الحزب الشيوعي العراقي حتى في حالة الجبهة والتحالف معهم وبضمنها السنوات الخمس للحوار وسنوات الخمسة عند الجبهة والتحالف لم يوقف آلة النظام البوليسي تجاه الشيوعيين من سجن وقتل وأغتيالات والإسقاط السياسي ثم ألتفت إلى حركة القوميين العرب وإقصائهم في الحياة السياسية بل ولجأ إلى إعدام عدد غير قليل منهم كل ذلك تحت يافطة أن البعث يقود الحركة القومية العربية على غرار بينباشي ( عميد ) جمال عبد الناصر ثم شن حرباً لا هوادة فيها تجاه الكورد وكوردستان ومسح من على الأرض أكثر من أربعة ألاف قرية وقصبة في كوردستان كما قام بعملية إجرامية في طمر عيون المياه العذبة بالكونكريت المسلح وقطع الأشجار المثمرة في الجبال والوديان وتدمير بساتين الحمضيات والفاكهة وكروم العنب كأنه يبعث برسالة مفادها أن العرب ضد الحياة والحياة كما نعلم عبارة عن المياه والخضار والوجه الحسن هل هنالك أكثر من هذه الرسالة الواضحة تحت ستار القومية العربية والإسلامية، تباً لكم أيها الوحوش الأوغاد ناهيكم عن الإقدام على العمليات الإجرامية والتي عرفت ب( الأنفال)؟ وحرق حلبجة الشهيدة بالأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً ومن المقابر الجماعية شملت الكورد والعرب معاً .. أن ما أريد التطرق له هو أنه ، خلال 35 عاماً من حكم البعث الفاشي لابد لنا أن نعود ونتفحص كم هم من الذين ولدوا منذ تموز عام 1968 وحتى يوم 9/4/2003 فلو تمعنا بعيون فاحصة كم صدام ظهر من خلال حكمهم الإجرامي هل هم ألف أم الألوف من الصداميين الذين ظهروا على الساحة السياسية العراقية نعم مات صدام ولكن أصبح لدى العراقيين الألوف من صدام والصداميين، أيها العراقيون أنظروا إلى هذا الكم الهائل من الذين يشبهون صدام وأساليبه في الفكر والممارسة دققوا حساباتكم بدقة متناهية .. لا تنسوا قول المقبور صدام حيث قال ، أن من يأتي بعدنا سوف يستلم أرضا بلا شعب بل والأرض محروقة وها هو اليوم تحترق الأرض والبشر والشجر من خلال بقايا أيتام صدام!؟
فعلى هذا المنوال أعود إلى إني أرى منذ تأريخ الكورد العريق كانت مشكلتنا دوما مشكلة ثقافية وإلا بماذا نفسر الصراعات الصبيانية ( هنا أقصد صبيانية الثقافة ) كي لا يشرد ذهن القارئ العزيز بأنني أريد النيل من بعض القيادات من أخوتي الكورد .. كم أنتفاضة كوردية مسلحة قامت وأجهضت وكم ثورة كوردية انطلقت وانتهت بفعل العدو من جهة وبفعل الصراعات الكوردية _ الكوردية من جهة أخرى .. وهذه الأيام نلاحظ ونشتم تلك الروائح الكريهة من خلال العدوان والعدوانيين في تركيا الكمالية والطاغية أوردغان والملالي في طهران فالحذر واليقضة يجب أن يكون سيد الموقف لدى القيادات الكوردية وسياسيها فإن وحدة شعبنا الأبي وحدها كفيلة بدحر العدوان !؟
هكذا علينا أن نتفهم الثقافة الديمقراطية والنهج الديمقراطي عبارة عن وعي الإنساني العميق وهي عملية سياسية معقدة ومتراكمة للإنسانية جمعاء ، ولا يمكن نقل التجربة المتراكمة للشعوب بصورة ميكانيكية من مجتمع إلى آخر .
فكما هنالك الديمقراطية السياسية ، هنالك الديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية الاجتماعية ، فأي نوع من الديمقراطيات نحتاج في هذه المرحلة التاريخية . لنأخذ على سبيل المثال الديمقراطيات في أوربا الغربية كما يطالب بها ويراد تطبيقها في عالمنا الثالث من خلال المثقفين والسياسيين الجدد.. هل حقاً تطبيق الديمقراطية إن كانت في أوربا الشمالية أو الغربية ونقوم بتلك التجارب و مقارنتها مع الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر .
هنا أحاول إيجاد مثلين بارزين حول مفهوم الديمقراطية لدى الدول الاسكندنافية ، السويد الدنمرك والنرويج ، وهذه الدول تعرف بأوربا الشمالية بالمقارنة مع بعض الدول في أوربا الغربية ، بريطانيا كمثال آخر .
منذ سنوات أجرت التلفزيون الدانمركي مقابلة مع أحد أبرز مفكري الدانمرك في الشؤون الاقتصادية وقد كان سابقاً رئيس حزب سوشيال ديمقراط كما كان خبير اقتصادي مشهور في الدنمرك ويعتبر أيضاً من وراء الرخاء الاجتماعي في الدنمرك . تطرق الضيف وضرب مثلاً حول المفهوم الديمقراطي كثقافة والتربية الديمقراطية الثقافية قال :
الديمقراطية تبدأ من البيئة العائلية بداية ذكر مثلاً بارزاً وقال ، هناك بعض المزارعين في أطراف المدن والطرق الخارجية بين مدينة وأخرى عندنا فيعرض المزارع على حافة رصيف الشارع العام بعض ما ينتجه من مزرعته كأكياس من البطاطة سعة كيلوين أو أكثر ويضعه على خشبة (مسطبة) ثم يضع علبة معدنية ويحدد سعر كيس البطاطة،والمزارع غائب عن بضاعته أما يكون داخل حقله أو في البيت. فأصحاب السيارات المارة في الشارع العام يقفون بجانب " المسطبة " ويضع ثمن كيس البطاطة في " الدخل " ويأخذ كيس البطاطة بأمانة وصدق ... وضرب مثلاً آخر حيث قال لو حدث تلك العملية في أحدى المدن في الولايات المتحدة الأمريكية . فيشحن المواطن الأمريكي سيارته بما تستطيع من حمل دون أن يضع قرشاً واحداً في العلبة المخصصة للنقود على الخشبة ثم يذهب ، وان أعترضه أحدهم على فعلته فيتلقى عدة رصاصات قاتلة .. ثم قال هنا لا أعمم هذه الحالة على جميع المواطنيين الأمريكيين وهو أيضاً ليس استثناء لما يحدث هناك. ثم أضاف، ولكن أطلاقاً ، لا يحدث مثل هذه الحالة في الدول الاسكندنافية كما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية .
المثل الثاني ، كما تحدث المفكر الاقتصادي الدنمركي وقال : الوزير عندنا ، وعند إيفاده إلى الخارج بمهمة رسمية يصرف له مخصصات السفر مع ثمن تذكرة الطائرة ذهابا وإياباً ( المصاريف على حساب الدولة كما هي الحال في جميع الدول) وشركة الخطوط الجوية عند قطع التذكرة للوزير الموفد ، تخصم نسبة مئوية للمسافر لحساب الوزير ، والشركة تحتفظ بمبلغ الخصم لديها ، أي رصيد خاص للوزير .
الضيف المتحدث قال ، حدثت الحالة التالية : عند تكرار أحد الوزراء لرحلاته خارج البلاد ، موظف شركة الطيران قال للوزير لديك توفير حساب عندنا بما يساوي ثمن تذكرتك للطائرة ، الوزير استلم تذكرته دون أن يدفع كروناً واحداً .
لاحقاً الرقابة المالية اكتشفت العملية واعتبرتها اختلاس لمال الدولة ، لأن ثمن الرحلات السابقة للوزير مدفوع من الدولة لذا أن المتراكم من المبالغ يعود للدولة في الأساس ، وأعتبر سيادة الوزير مخلا بالأمانة ثم مختلساً ، فاجبر على إعادة ثمن التذكرة وثم قدم استقالته عن الوزارة .؟!
أما عندنا في العراق مثلاً رئيس الدولة والوزراء وحتى حاجب الوزير ، بل أذهب أبعد من ذلك ، فالفراش لا يسمح للمواطن الدخول إلى مقام المسئؤول إلا لقاء رشوة ... لا أريد التطرق لما يحدث في العراق إن كان في السابق قبل التحرير أو بعد سقوط صدام ، فالوزراء والمسؤولين عندنا هذه الأيام لا يقبلون إلا ببضعة ملايين من الدولارات الأمريكية ، ولقد تراكم رصيد الكثير من المسؤولين إلى حد المليارات من الدولارات الأمريكية ؟
لنأخذ مثلاً آخر في الولايات المتحدة الأمريكية ، ديك جيني نائب الرئيس لجورج دبيلو بوش نقل ليّ أبن العم والمتواجد في أمريكا منذ عام 1955 وهو ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الأمريكي الخبر التالي فقال ، ديك جيني نائب الرئيس الأمريكي السابق حصل على 250 مليون دولار من خلال صفقة واحدة ( كومشن ) من أحدى الشركات الصناعية للأسلحة تابعة ل( المجمع المالي الصناعي كونسرسيوم)عند بداية الحرب وإسقاط نظام صدام والبعث الفاشي .
وإني أسئل العراقيين المتواجدين في الدول الاسكندنافية الثلاث ، هل وجد أحدنا مواطناً دون شقة سكنية أو يحصل على وجبة طعامه في براميل الزبالة كما يحدث في العراق الحالي أو في الولايات المتحدة الأمريكية ؟
مثال آخر زار نيكتا خروتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ورئيس وزراءه زار الدنمرك في عام 1962 وإثناء جولاته التفقدية سئل من قبل أحد الصحفيين الدانماركيين قائلاً له كيف وجدت بلادنا ؟ أجاب خروتشوف ، نحن نعمل من أجل أن نصل إلى ما توصلتم إليه (!!؟) في الولايات المتحدة الأمريكية ، هناك 20 مليون مواطن أمريكي يحصلون على وجبات طعامهم اليومي من خلال المؤسسات الاجتماعية الإنسانية .
وهكذا سوف أستمر في طرح الأسئلة ،هل وجد أحدنا في الدول الاسكندنافية مواطناً دون الرعاية الصحية بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية ففي الانتخابات الرئاسية يكون أحد أبرز شعارات المرشح الرئاسي ، هو الوعود المجانية الكاذبة على أنه يحقق عند انتخابه رئيسا سوف يحقق توفير البطاقة الصحية لجميع المواطنين ، وكما نعلم جميعا هناك ملايين من الأمريكيين الذين يفتقرون إلى البطاقة الصحية ..!؟
مع هذا هل يستطيع أحدنا اتهام الإدارة الأمريكية بأنها لا توفر الديمقراطية للشعب الأمريكي ؟ فهكذا نستطيع فصل الديمقراطية السياسية ، عن الديمقراطية الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى ما يتعلق بتوزيع الدخل القومي في المجتمع لنضرب مثلاً آخر على العراق الفيدرالي ونتفحص ماذا أنجز في السنوات الآخيرة القليلة في جنوب كوردستان الفدرالي والكل يلاحظ التطور الحاصل في اقليم جنوب كوردستان من توفير مياه الشرب والأعمار والكهرباء والسكن والطرق والجسور والجامعات المنتشرة وتخصيص الرواتب لعوائل شهداء البيشمركة وضحايا الأنفال والمدراس..الخ . وأرجو أن لا يفهم من هذا السرد الموجز في الإقليم بأنه لا يوجد افسادا ماليا وأداريا، بل نستطيع القول ونؤكد بأن هنالك مافيات تستولي على المال العام بل أصبح لدينا أصحاب المليارات وأصحاب الغنى الفاحش باختصار شديد لدينا الحيتان مقابل شرائح واسعة نسبياً بحاجة ماسة للسكن أو الوظيفة أو العمل بل نجد من يفتقر إلى الحد الأدنى من المعيشة اللائقة بالإنسان ..!
لجأت لهذه المقارنة بما عليه الوضع في الوسط والجنوب ومعاناتهم الجمة لأبسط مقومات الحياة والمعيشة من البطالة وشحة مياه الشرب والكهرباء والمدارس والمستشفيات والأدوية ناهيك عن المستنقعات المنتشرة في الأحياء الشعبية والمدن فمعاناة العراقيين لا تعد ولا تحصى .. لذا نرى ونسمع من المطالبات بالفدراليات السنية والشيعية في البصرة أو الأنبار على سبيل المثال هذه المطالبات ما كانت تطرح لولا حصول التطور الحاصل في أقليم كوردستان من خلال 17% من الدخل القومي للعراق فمن حق المواطن العراقي أن يتسائل أين حصة الجنوب والوسط والفرات الأوسط من 83 % المتبقية من الدخل القومي ..!؟ والسؤال الأبرز هو ، مع وجود كل هذه المعاناة لماذا يدلي الفرد الجنوبي والوسطي بأصواتهم المهمة لهذا الفاسد وذالك الحرامي ؟
من هنا أيضاً نجد تصريحات السيد النجيفي رئيس البرلمان الاتحادي يطالب الفدرالية السنية أو حتى الانفصال كما تفضل ! وهكذا تكررت مطالبة البصرة بالفيدرالية والحبل على الجرار إنني أقول سوف لن تستقر العراق إلا من خلال تعميم الفدراليات على أساس قومي كما هو في كوردستان والإداري أو الجغرافي في بقية أقسام العراق كما إنني أرى وأتفهم أن الكثير من الصيحات والتجاوزات الجارحة تجاه أقليم كوردستان واتهام الكورد بالانفصال والأنفصاليين ناتجة عن قلة الوعي السياسي والقانوني لمفهوم الفدرالية أو اعتبار الفدرالية تعني التقسيم كما يقولون إن لم أقل الحقد الدفين لدى أوساط واسعة من العراقيين تجاه الكورد وكوردستان إنهم يفتقرون إلى أبسط المفاهيم للثقافة السياسية ، هنا أقصد الشريحة المتعلمة والكثير منهم من أصحاب الدال المزور المشترى من سوق عورة ؟ وفي هذه المرحلة التأريخية تحديداً فالكورد بأمس الحاجة بل المطلوب إلى رفع شعار الاستقلال وليس الانفصال كما تروج من قبل السياسيين الناقمين على التطورات الحاصلة للجزء الجنوبي لكوردستان كتحصيل حاصل من خلال النضال وتقديم قوافل من شهداء الأبرار وكقرابين في طريق التحرير والاستقلال الناجز والتام منذ أن تم تقسيم وطن الكورد وفق اتفاقية سايكس_ بيكو إلى أربعة أجزاء لذا وفي هذه المرحلة التاريخية التي تمر به وطننا وشعبنا الكوردي تقع المسؤولية الأولى على عاتق القيادة السياسية في القسم الجنوبي لكوردستان فعلينا أن نستوعب دروس التأريخ فالفرص التأريخية تأتي مرة واحدة ولن يتكرر مرة أخرى كما لا يستطيع المرء أن يعبر النهر مرتين في الزمان والمكان .. فإن لم نستفيد من هذه الفرصة التأريخية سوف لن يرحم أحداً منا إن كانت القيادات أو جماهير الشعب فهبوا أخوتي الكورد وشددوا الحبل على رقبة العدو ففي إرخاؤه ضرراً لنكن ونترقب عند نضوج الظرف الإقليمي والدولي بعدم التردد لحظة واحدة في طرح شعار الاستقلال منذ الآن .. فعلينا أن نتفهم جيداً ونراجع الماضي البعيد كيف تم تقسيم كوردستان حدث ذلك بالإرادة الدولية ( سايكس_ بيكو ) والاستقلال مرهون بالإرادة الدولية أيضاً وفي المقدمة القطب الأوحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية وفي ذات الوقت طموح جماهير الكورد مرهون بوعي القيادات السياسية الكوردية وكما تقال أن مسيرة ألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى لذا مطلوب من القيادات الكوردية في طرح شعار ، استقلال كوردستان ، كمطلب آني وهو طموح كل مواطن كوردي ومن يتأخر عن هذه المطالبات سيتأخر عن الركب والمسيرة شاء من شاء وأبى من أبى إن كانت القيادة أو من المثقفين المناضلين من الكورد.. فهل من سامع من صرخات الشعب الكوردي أيتها القيادة الكوردية في أنحاء كوردستان المقسمة وهنا أريد تذكير الجميع أن جميع الاتفاقيات الدولية الاستعمارية تكون عادة مرهونة بمدة 99 عاماً فأتفاقية سايكس_ بيكو تنتهي في عام 2020 فعلى القيادة السياسية الكوردية إدراك هذا التأريخ وأن تتخذ الخطوات الجادة في هذا الطريق فثماني السنوات المتبقية من سايكس_ بيكو عبارة عن رمش العين في عمر التأريخ فهل أنتم جادون أخوتي في القيادة أم أن المال والجاه قد جعلكم أن لا تلتفتوا إلى التأريخ ..!؟



#شوكت_خزندار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالرزاق الصافي وزيرا متقاعدا ضمن فاتورة التصافي ,,!
- الموقف عن مجزرة بشت آشان 1/ آيار 1983 ..!
- الموسيقى إيقاع الروح ولغة الشعوب قاطبة ..!
- الجهل عدو الإنسان ..!
- سردشت الشهيد ، ليس شهيد كل العراقيين .. انما شهيد لكل أصحاب ...
- الأول من أيار .. هل يحق للعمال أن يحلموا!
- الأول من أيار .. ذكريات وشجون !
- الأمثال والحكم !
- الفوضى الخلاقة تتفاعل وتدخل صفحتها الثانية !
- محاولة اغتيال الزعيم
- عن سيناريو الانتخابات البرلمانية الأخيرة !
- كفاك وكفانا يا أخي إبراهيم البهرزي !
- الدكتور بدرخان السندي ضيفاً !
- الخارطة السياسية للأنتخابات البرلمانية القادمة !
- شيئ من التاريخ
- الحركة الانقلابية الفاشية في 8 شباط 1963 ما لها وما علينا / ...
- الحركة الانقلابية الفاشية في 8 شباط 1963 ما لها وما علينا
- اليسار الجديد
- انها مقولة الفوضى الخلاقة .. وداعاً يا دولة رئيس الوزراء نور ...
- هل لمؤامرة ناظم كزار ، علاقة بأنبثاق الجبهة


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت خزندار - حول الديمقراطية والاستقلال..!