أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرات محسن الفراتي - ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم















المزيد.....

ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 08:57
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ليس هنالك اتفاق منطقي على الموقف من اسلوب بعض القراء (وخاصة المحترفين منهم) عندما يقومون بترك ملاحضات او خطوط او علامات ترميز او ربما اشارات، يثبتونها على اوراق الكتب التي يقرأونها.. البعض يعتبر من يعلق بالكتابة على النص الذي يقرأه حال من الابحار والتعمق بالنص لدرجة نقاشه.. والاخر يسمي كاتب الملاحظات بين سطور الكتب (بالقارىء المحترف)، واخر يصف من يترك تعليقاته وانتقاداته على ما يقرأ بأنه (عربي بأمتياز) بالغمز بأن القارىء العربي وفق خلفيته الجذورية القبلية لابد ان يفرض رأيه دون احترام لآراء الاخرين.
ومما لاشك فيه فأن القارىء العراقي تعود على قرأءة واقتناء الكتب المستخدمة ربما لآكثر من عقد من الزمان.. بسبب انقطاع العراق النسبي عن العالم الخارجي بين الاعوام 1991 و2003، ولآرتفاع تكاليف المعيشة والفقر المدقع الذي الم بالعديد من القراء والمثقفين واجبرهم على بيع كتبهم مقابل توفير الغذاء لعوائلهم.. ولن يفهم احد كم هي قاسية ان يبيع قارىء كتابه الذي اعتز به.. حيث وصف البعض انهم كانوا يبيعون اجزاءاً من كيانهم الانساني وليس مجرد اوراق كانت مركونة في زوايا غرف منازلهم..
وبالعودة لآصل الموضوع فتفشي ضاهرة الكتاب المستخدم وتداوله الدائم بين القراء الذين ما يلبثون ان يعيدوا بيعه ليقتنوا اخر (فما لديهم من مال لا يسمح لهم بعيش هواية الاحتفاظ بالكتب او صناعة المكتبات الفخمة التي كانت معظم الدور العراقية تزدان بها قبل عقود قريبة).. تفشي الكتاب المستخدم جعل القراء يعثرون بين الحين والاخر على تعليقات لقراء اخرين تركت على صفحات الكتاب.
ولسنوات عديدة وقعت بأيدينا العديد من الكتب التي مرت على قراء عديدن قبلنا.. كتب وبغض النظر عما ترك عليها من ذكريات وخطوط والوان.. ترك على بعضها العديد من التعليقات حول موضوع الكتاب او نقداً لآراء الكاتب.. وبطريقة تجعل القارىء الجديد يضيق من شدة عشوائية الصفحة التي امامه وما ضمته من تعليقات وضعت بشكل غير منضبط على بقايا البياض في الصفحة الواحدة.
وعلى الرغم من كوني من الاشخاص الذين يتضايقون من وجود التعليقات والملاحضات المتروكة قرب النص.. واعتبرها مشوشة لآصل الموضوع ومضياع لترابط افكار النص.. بل انني نادراً ما اقرأء هذه التعليقات او اعيرها الاهتمام، الا ان بعض هذه التعليقات يجبرك على الانتباه عليه وخاصة عندما يكون ترك بخط واضح وكبير وبموضع يكاد يتصل او يتداخل مع سطور الكتاب الاصلي.
قبل مدة اهداني احد الاصدقاء (وهو قارىء مميز) كتيب عن الاديب الشهير (غابرييل غارسيا ماركيز) عنوانه (رائحة الغوافة) وهو مجموعة من الاحاديث واللقاءات مع ماركيز الحائز على نوبل للاداب وصاحب الاعمال الكبيرة.. وبطبيعة الحال فالكتيب الذي اقتناه صاحبي من احدى المكتبات التي تبيع الكتب المستخدمة، كان شبه ممزق وقد خسر بعض اوراقه كما بانت علامات التلف على غلافه واهم من هذا وذاك ان باطنه مليء بالتعليقات والملاحضات لقارىء سابق ليس صديقي.. ربما مقتنيه الاول، صديقي الذي اهداني الكتاب ووجهه متعذر لردائة شاكلته الخارجية.. كان يشير (وقد اصاب) ان فقر الشاكلة لا ترتبط مع غنى الجوهر في ما يحتويه الكتيب من معلومات مميزة عن ماركيز وكتاباته.
ومنذ الصفحة الاولى للكتاب فاجئتني تعليقات القارىء الاول وهو يترك ثلاث مقاطع بثلاث الوان قرب عنوان الكتاب، اول التعليقات باللون الازرق ويقول فيها (ان عام 1991 لايشبهه عام مر علينا فلعنة الله عليه الى قيام يوم الدين وارجو ان لا يكون عام 92 على شاكلته) مذيلاً تعليقه بتاريخ (16.10.1991)، وتحت هذا التعليق مباشرتاً.. خط تعليق اخر باللون الاحمر يقول فيه (لقد كان عام 92 العن من سابقه) دون ان يؤرخ لتعليقه.. وتحت هذا التعليق جاء تعليقه الثالث باللون الاخضر كاتباً (اما الان ونحن في عام 1998 فهو اسوأ مائة مرة من عام 91 فكم كان تفكيري محدوداً فلعنة الله على هذه السنين جميعها وما يليها) مذيلا التعليق الاخير بأسمه (الذي لن اذكره احتراماً لخصوصية رجل لا اعرفه) وتوقيعه.
بلا شك فهذه التعليقات المتشائمة لقارىء يفترض بكونه مثقفاً والا ما باله وبال اديب كماركيز ليلاحق كتبه وما يدور بها من اراء.. ولعل تعليقات الغلاف شجعتني لمتابعة التعليقات الغزيرة للقارىء داخل متن الكتاب.. والتي ان دلت على شيء فهو مدى تشاءم ذلك القارىء الذي ربما يكون لسان حال الطبقة المثقفة العراقية على محدوديتها.. كما تنم معظم تعليقاته على تهجمات واتهامات لاديب كماركيز بالكذب واللا منطقية والشتائم احياناً والسخرية احياناً اخرى.
ان قارءنا استخدم عبارة (كذب و كاذب و كذاب) كثيراً في وصف ماركيز.. كما انه كحال العراقيين عموماً يجيد السخرية والاستنقاص من الاخر وبطريقة فجة احياناً.. وخاصة بسخريته من تطير الاديب من بعض الاشياء وتفائله بأشياء اخرى.. وقد علل قارءنا ذلك بأنه خرفات كما هي الخرفات لدى العرب.. وهنا انا اقول برأي ان قارئنا اصاب بتحليله.. ولكن بمواضع اخرى عبر عن نفس القناعات ولكن بلغة الشتائم والاستهجان متسائلاً ان كان مثقفاً كما ماركيز الذي كتب اعمالاً عظيمة (كمائة عام من العزلة) بهذه العقلية فكيف سيفكر الاخرون البسطاء.. وبفيض من عبارات الاساءة.
قارئنا اشتاط على ما يبدو من علاقة ماركيز ببعض زعماء الدول خاصة في امريكا اللاتينية موطنه.. ولا يخفى ان انزعاج قارئنا بسبب كونه مواطن عاش في ضل الدكتاتورية بالتالي فأنه ليس من المتعاطفين معها فتراه وهو يعلق على رأي لماركيز بالدكتاتورية يقول.. لدينا العديد من الكتاتوريين (كحافظ الاسد وعلي عبد الله صالح وصدام حسين ومعمر القذافي ) تاركاً اسم صدام محاط بخطوط وشخوط كي لا يقرأ بوضوح.. انه يعيش وسط دولة المنظمة الامنية خائفاً ان تشتكي صفحة الكتاب التي خط بها اسم الرئيس على كاتبها.. وهنا ليت قارءنا يقرأ هذا المقال ليجد ان التفائل موجود (رداً على تشاؤمه) فكل اسماء الدكتاتوريات التي ذكرها قد زالت اليوم.
عشرات علامات التعجب والسؤال تركها قارئنا على اسطر الكتيب معترضاً ومستعجباً ومزدرياً لآراء ماركيز.. وللقارىء حريته برأيه تجاه ما يقرأ ولكن لماذا هكذا القارىء العراقي (المثقف العراقي) قاسياً بالاحكام.. لا اعلم انا على قناعة دائمة بأن المجتمع الثقافي العراقي مأزوم.. وربما تكرست لدي هذه القناعة من خلال حادثة تعليقات القارىء هذه.. فالسخرية والامتعاض والاستنقاص من اراء المقابل.. والعجيب ان المقابل حامل لنوبل بالاداب.
بالواقع انا لا ادافع عن الكاتب ماركيز.. ولا اهاجم اراء القاؤىء وتعليقاته.. ولكني استغرب الاسلوب الحكمي المتبع لدى هذا القارىء وهو لسان حال العديد من المثقفين العراقين.. وهو عمومية الاساءة والتشائم وهالتهجم وهذا بطبيعة الحال غير عقلاني.. فكما ترد طروحات البروفسور ادوارد سعيد حول موقفه الرافض للتعميمات المطلقة تجاه ثقافات الاخر. ان كان غربيا او عربيا.
اضن ان القارىء ايا كان بحاجة لنسبة كبيرة من الانفتاح والتقبل والتروي عند القرأة لتتسع مداركه لآراء الاخرين.. ولا ننسى .. التفاؤل



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية
- كذبة الديمقراطية
- التعليقات في عالم الانترنيت
- الحريات و الحقوق و الخصوصية .. في ضوء ظاهرة رسائل الهاتف الج ...
- دوافع الاختراقات الامنية المسكوت عنها
- في ذكراه الثانية و الاربعين .. بين جيفارا و ساسة العراق الجد ...
- دقائق لن انساها .. عندما وقفت امام (منظار غاليلو) الذي عرض ل ...
- من داخل متحف النوبل في استوكهولم .. و في ظل الاجواء الحالمة
- المعارضين الأجانب في العراق .. العراق و أزمة الحوثيين انموذج ...
- قضية لبنى الحسين .. تفتح ابواب الحريات و الحقوق في العالم ال ...
- العراقيون و مشاريع اوباما
- السجارة التي احرقت روما .. تحرق بغداد
- ذكرى 14 تموز .. و ثمار الحرية
- مع قرب الانسحاب .. التناقضات تفتضح
- كنت استاذاً و صديقاً .. فليرحمك الله يا سلام الحيدري
- بين رفع الحصانة و سحب الثقة .. لا محاكمة للوزراء و النواب
- الإجابة على السؤال التقليدي .. المصالحة مع من ؟
- بخطوة متأخرة الحكومة العراقية توجه بإقامة تمثال للراحلة نزيه ...
- في الذكرى السادسة للتغيير في العراق


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرات محسن الفراتي - ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم