أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خلدون جاويد - إهدأ يا اُستاذ ! ...














المزيد.....

إهدأ يا اُستاذ ! ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 03:17
المحور: المجتمع المدني
    



كتب كازنتزاكي في مذكراته " تقرير الى غريكو" الكثير من التجارب البالغة الروعة وتحدث عن تكوينه الإبداعي عبر السفر وفي وطنه أيضا ً ، وقد جسد بحق وحقيق روح الكاتب البانورامي الذي لايقتنع بمالديه " كل قوم بما لديهم فرحون "بل بالتجوال في الجغرافيا وتاريخ الفكر والدين والفلسفة . فغدا كونيّ الثقافة وسواء انتهى الى فهم مادي أو مثالي للحياة فهذا ليس مهما بالقدر الذي عليه تعدد زوايا النظر للحياة وإحترام أقيام الامم ومشارب الأقوام .
خص كازنتزاكي الهدأة بأقدس الأعتبار ، وغني عن القول أن أسمى مبادئ البوذية ـ على سبيل المثال ـ هو السلام الذهني وراحة البال . هناك بشر يفردون من نهارهم وقتا للراحة أو التأمل والخلوة الضرورية . لكن المبدأ البوذي هو ليس قيلولة موسيليني واسترخاءة أدولف هتلر ، وإستراحة أي محارب ديني أو دنيوي ! إنما هو مدرسة تريد لكل امرئ في الوجود أن ينعم بسعادة النفس في محبتها لذاتها ولسواها واستغراقها وتلذذها بالسكون لها وتوفيره لجارها من بني البشر . ولو توفر لكل إنسان في الوجود أن يمارس هذا السلام في تلافيفه واعتمده خلقا وسلوكا لما قامت الحروب ولو توفرت الثقة بين الناس لما بقيت سجون ولامعتقلات على حد التعبير المثالي لإفلاطون . لاتفكر بالتخطيط لشجار ، لاتراكم الحقد داخلك ، اكنس أدران الكراهية من أعماقك لاتعقد محاكمات للآخرين وأنت تضع رأسك على وسادة لاتدع الأرق يقتص من واهن جسدك . سامح وابدأ بتواضع جم من جديد . وأعد تفعيل قوانين الحياة والعلاقات بطريقة تضمن الحوار والسلام واللآعنف .
لاتراكم الصخب وتستمر في خطابك من دون أن تنتبه الى محيطك الراتع بهمسات الجمال . خفف من غلوائك . فقط إعط الفرصة لسواك كي يقول مالاتتوقع من درس الحياة العاشق للطراوة والبساطة والود والإخاء . تحدث للأطفال .. اُنظر للحجر لربما تنبت عليه زهرة ، إصغ للشجر لربما استمعت الى موسيقى .. فقط إعمل هدنة مابين الأشياء حجرا نباتا حيوانا انسانا إلخ . كتب كازانتزاكي :
" ذات يوم ربيعي مقدس فتحت النوافذ . كانت شجرة المندرين مزدهرة في الجانب الآخر من الشارع ودخلت رائحتها الصف . وتحول كل عقل من عقولنا الى شجرة مندرين مزدهرة ولم نعد نقوى على احتمال سماع اي شيء آخر حول الحركات والعلامات الحادة والمنحنية . وفي اللحظة ذاتها جاء عصفور وحط على شجرة الدلب في باحة المدرسة وبدأ يزقزق . عند هذا الحد كان تلميذ شاحب أحمر الرأس ، وصل من قريته واسمه نيكولويس، قد فقد السيطرة على نفسه ، فرفع اصبعه وقال " " اهدأ يااستاذ. اهدأ قليلا ودعنا نسمع العصفور " . ص 56
لمن نقول أهدأ :للأحزاب وهي متسلحة حد الأسنان بالدفاع عن ايديولوجياتها للحكام عن عروشهم للرأسمال عن جبروته وطغيانه واحتلالاته ، للأديان السياسية وميليشياتها في صراع دام ٍ وضروس ؟ لمن ؟ . لقد غدا الشعر طوباويا والغناء رومانسيا " القمر بـِيْضوي على الناس والناس بيتقاتلوا ـ فيروز " كل شيء غدا بلغة الرشاشات والعبوات والمجنزرات والشبيحة وطائرات الشبح . غدت حتى الثقافة نوعا من الشحاذة والتوسل والميوعة واللغو الفارغ . القوة القوة القوة وعداها لا . لم يقل لنا كازنتزاكي كم من صفعة تعرض لها خد الطفل نيكو لويس . كم من سجن شيد لعشاق الحرية كم مجاعة أنشبت أظفارها في أجساد الملايين . كم من ابتزاز واستغلال فاحش ينتظر أطفال العالم . كم من يوتوبيا استحالت الى جحيم .
لمن نقول إهدأ والصخب الى أعلاه وأقصاه . سعيد وبليد ذلك الذي يقوى على استراحة واسترخاء . ما أبقى الرأسمال للمحبة جزرة أو فجلة على قارعة الطريق يلتقطها أعظم شاعر عربي ـ بيرم التونسي ـ ليسد بها جوع جان فالجان التاريخي والملايين من المظلومين والضائعين اضراب مشردي جورج ارويل مابين لندن وباريس أو ديفيد كوبر فيلد أو نيلي وسونيا الجريمة والعقاب الخ .
لمن نقول إهدأ لأية فاشية وعسكريتاريا وثيوقراطيا وتناحر مذهبي . لمن نقول كفى لنجلس الى طاولة حوار عالمي الى حل كوني الى سلام يليق بالبشرية .
كم نحن بحاجة الى نيكولويس وعصفور على نافذة واذن وروح خاشعة لسماع أنغام الطيور وتغاريد الصمت . فالصمت في أحيان كثيرة : أجمل الألحان .
إهدأ إهدأ يااُستاذ إهدأ أرجوك .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيم الغالبي وعجالة الرحيل المفجع !!! ...
- قصيدة غزلية لم اُمزقها ! ...
- منحة لراحة وإستجمام العراقيين !!! ...
- مدخل ومخرج الى أدونيس والأدنَسة ...
- قصيدة مهداة الى الشاعرة البحرينية السجينة ...
- قصيدة الى شاعرة البحرين السجينة...
- بساطة أم تعقيد ، إستعلاء أم تقبُّل ؟
- - المستشار هو الذي شرب الطِلا - ...
- يوميّاتي 1 ...
- عشقتك يا أبا ذرّ الغفاري ...
- - خوطوا ولوطوا - السوناتا السابعة !!!
- - لستُ أنساكَ وقد أغريتني - ...
- قصيدة هزيمة النسر لكاظم جهاد ...
- عودة ترينتي الى مدن التيْ أنتيْ !
- إنتقل العراق الى رحمة الله !!!
- نتقل العراق الى رحمة الله !!!
- ثقافة الثريد ...
- كلمة - روسو - أعظم من مكتبة - ستندال - ...
- لايسألونك عن حال ٍ ...
- ظائية الحريري أم ضائّيتُه ُ ؟


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خلدون جاويد - إهدأ يا اُستاذ ! ...