أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد جبر - سيكولوجية الانفعالات في أدب الثورة السورية -دراسة نقدية في نصوص إبداعية-















المزيد.....


سيكولوجية الانفعالات في أدب الثورة السورية -دراسة نقدية في نصوص إبداعية-


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


الإبداعية الأدبية لها مقوماتها ، وتركيبتها من اللاشعور المكبوت ، الذي يترجم بكلمات مشحونة على النص ، فتغدو لوحة متلألئة بأطياف قمرية نادرة الوجود ، وبقدر مساحة الانفعالات المبكوتة ، تكون الصورة المتفردة على النص الأدبي ، التي تشكل مداد قلم الأديب بأحاسيسه المرهفة ، وموكب أخيلته الاخاذه ، حيث يمتد منها شعاع يخترق الحروف والكلمات ، يعبر عن نبض الفكرة؛ التي هي ملكة أصيلة على السطور ، وكل ذلك قدمت لها تطبيقات موسعة في كتابي سيكولوجيا الأدب " الماهية والاتجاهات " ، ليس هنا موضع الاستطراد بشأنها .

فالأصالة الأدبية تتطلب أديباً جبل على الثورة على ما قائم فيما اعتاده الناس ، في ماهية الانفعالات التي يترجمها على النص الأدبي ، تشكل ما يعرف في سيكولوجية الأدب بالصدمة الاستنكارية ، حيث تشكلها حراك تلك الانفعالات على النص الأدبي ، هذا في حالة اللوحة الأدبية المنفعلة عن الواقع الساكن في مرأى جمعية الناس ، فكيف بواقع ثوري يحرك انفعالات الطفل والشاب والكهل والمرأة والحجر والطير وكل ما يخطر على بالك وما لايخطر ، فكيف بمنظومة وجدانات الأديب ، التي تشكل لوحة هندسية آخاذه ثائرة على السطور ، لها جرسها القوي ، في إحساس القارئ بالنص؛ حيث تجسد تلك النصوص الإبداعية منظومة من مشاهد سادية هستيرية في شكل القمع الهمجي الذي تمارسه الأنظمة الدكتاتورية على شعوبها ليل نهار ،ودائما تتشكل في نهاية اللوحة الأدبية مؤشرات تبشر بأن تلك السادية والهمجية السلوكية في حراك الأنظمة المستبدة مؤشر النهاية ، في ثورات الشعوب التي يزداد مداد ثورتها واشراقة شمسها مع المزيد من القمع والإرهاب السادي .

والنص الإبداعي ، يعبر عن تلك الصدمة السيكولوجية في حراك الحروف على السطور ، ويعبر عن حالة اللاشعور في الانتقام والقهر والتعذيب في سلوك الشاذين إنسانيا وأخلاقيا ، وهو في موضع البحث في مقالتي هنا ارمز به للنظام السوري الأمني المتهالك بإرهابه اللاانساني الذي صدم العالم كله ، بسلوكه السادي المقزز ، وإساءته الجنسية اللامحدوده ، وقتله الهمجي، الذي هو في سيكولوجية الانفعالات غير السوية تفريغ لرغبات الانتقام المكبوتة في عناصر أفراد عصاباته المحليين والمستوردين من كل من إيران ولبنان والعراق ، فهذا النظام الأمني الوحشي فقد كل ما يمكن أن يتصورة المرء من أخلاقيات حتى في ادني حدودها الإنسانية ، فكيف بتعبير الإبداعية الأدبية عن ذلك عبر النصوص الأدبية ، التي تشكل ماهية الصدمة الاستنكارية في النص الأدبي .

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن انفعالات الأديب لها كينونة خاصة ، لأن يملك القدرة عبر حراك قلمه على النص ، بتكثيف انفعالاته وشحناته بحيث تكون متلألئة في نصه الأدبي ، لأنه في ماهية الإبداعية الأدبية ، يمكن القول بأن الأديب يقوم بعملية تجميع لمنظومة وجداناته التي هي كم من الشيفرات الانفعالية المشحونة في أعماق اللاشعور لديه ، ويترجمها في نصه الأدبي عبر صور فنية متنوعة ، وكذلك الحال يقال بشأن الفنان المرهف ، الذي يخزنها في اللاشعور المكبوت في الداخل ، ويترجمها عبر ريشته وألوانه وتناسقها على اللوحة الفنية ، فيما يعرف بالمدرسة التعبيرية في الفن ، التي سلطت ايضا الاضاءات حولها في كتاباتي النقدية حول الأدب والفن معا ، فهو هنا يكتنزها للوقت المناسب للإبداعية الأدبية أو الفنية ، التي نسميها لحظة الاستغراق الإبداعي الأدبي أو الفني ، حيث تتشكل تلك الإبداعية في أثواب أدبية سواء أكانت في عالم القص والرواية أو أنواع شعرية أو نثرية أو لوحات فنية تعبيرية .

ويمكن تقديم تطبيقات أدبية ، فيما سبق ذكره من خلال نصوص أدبية اشتهرت في معترك الثورة السورية الأبية ، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية ، وكان لها صداها في الثورة السورية ، منها تلك القصيدة التي أهداها الشاعر المبدع الدكتور عبد الرحمن العشماوي للشعب السوري ، بعنوان " إذا قيل المحبة والوئام " حيث تلبس الشام في سطور الشاعر المحبة والسلام ، السمو والعراقة ، عشق الطبيعة لها قبل الأنام ، وفي يمناها البركة والعطاء .

اذا قيل : المحبةُ والوئامُ == تلألأَ في خيال المجد شامُ
ولاحتْ في أصالتها دمشقٌ == ورفرفَ فوق غوطتها الحمامُ
بلاد بارك الرحمنُ فيها == وغرّد في مغانيها السّلام
يمدّ الفجر راحتهُ إليها == مُعطّرةً ، وفي فمه ابتسامُ

ويشرق في هذا النص الإبداعي تلك التجليات للانفعالات الساكنة التي تعبر عن رشاقة الشام ، في قوامها الحسن ، والقها المتجدد ، وطبيعتها الأخاذة ، في نص الشاعر المبدع عبد الرحمن العشماوي

لها وجهٌ صباحيّ جميلٌ = مُحالٌ أن يُخبئه الظلامُ
دمشقُ أصالةٍ في مقلتيها = حديثٌ لا يصوره الكلامُ
تظلّ دمشق نبراسَ المعالي = وإنْ طال السُّرى ، وجفا المنامُ
تهبُّ رياحها شرقاً وغرباً = بما يرضى به القومُ الكرام

وهنا تشتدد انفعالات النص مع تدفق الأحداث رويدا وريدا في النص ، فكيف لهذا الجمال البهي بعطره الزكي من خبث يهب عليها ، كالذباب القذر وهنا إشارة رمزية رائعة مبشرة بزواله ،فإن الخبث سيذهب جفاءً ، أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ، فالخبث هو ماهية النظام السوري السادي ، الناشز على كل معايير القيم الأخلاقية والإنسانية ، فهم تمادوا في الطغيان ، وهم في انفعالات الشاعر ماهية بضع وقت محله الزوال لا محالة ، لأن الأصالة باقية ، والأدعياء إلى زوال ، فالحرية باقية ، واللئام إلى زوال ، وان قتلوا وعذبوا ومارسوا كافة أشكال الإرهاب السادي اللامحدود .

وتعصف ريحها بدعاةِ وهمٍ = تمادوا في غوايتهم وهاموا
إذا ذكرت بلاد الشام طابتْ = بها كلماتنا ، وسما المقامُ
لأنّ الشام للكرماء رمزٌ = وإنْ أزرى بموقفها اللّئامُ

ويؤكد الشاعر عبد الرحمن العشماوي إلى انه لا يغرنك الزمن وما اعمل به النظام السوري من إذلال وتعذيب ، فنبض الحرية في القلب لا يزول ، ودم يجري في العروق ، وهو ماثل أمامك ، لا مفر منه ، يعبر عنه الجامع الأموي وجبل قاسيون كرموز شامخة ، وهو يشير فيما وراء السطور إلى ما يتراءى بين عينك من سهل وهضبة وبحر وطير وحجر وزيتون ، فأين المفر من الحرية والأحرار من قبل ملاحقات حثالة أمنية لااخلاقية .
كأن الجامع الأموي فيها == عظيمُ القومِ ، بايعهُ العظامُ
ويبرزُ " قاسيون " كشيخِ قومٍ == يحدّثهم وفي يده حسامُ:
لقد طال اغترابُ الشام عنّا == وغيّب وجهها الصافي القتامُ

ويعبر النص الأدبي هنا عن حالة اختطاف الشام عن نبض الحياة من قبل عصابة دموية ليست من الفصيل الإنساني بصلة ، وقد طال هذا الاختطاف ، وطالت معاناة الشام وأهلها منها من القتل والإجرام وقتل فلذات الأكباد ومداد الحسرات الذي لاينتهي مع كل ازهاقة الروح عند مطلع كل فجر ، في مشهد فرعوني متجدد ، ووحشية مستبدة تتفاخر بسفك الدماء .

لقد طال اغترابُ الشام عنّا = وغيّب وجهها الصافي القتامُ
رمتها الطائفية منذ جاءت = بقسوتها وأدمتها السّهامُ
بلادُ الشامِ مازالت تعاني = ومازالت بحسرتها تُضامُ

ويقدم الشاعر عبد الرحمن العشماوي عبر وثيقة شعرية تاريخية للإجرام الوحشي من قبل النظام السوري الأمني اللاانساني ، عبر مجزرة حماة ، وما أعملته أيدي الوحشية منها من ذكريات دموية ، وعبث بعقائد الناس ، واختطاف متعمد عن هويتها الإسلامية ، بزج عقائد دخيلة غرائبية ، وفرضها على الناس ، وغير ذلك من عبث امني أهوج هستيري أنى لذلك الشرخ المتوحش في الجسد الشامي أن يندثر من الذاكرة .

سلوا عنها " حماةً " فهي تبكي = وإنْ ضحكتْ وأسكتها اللجامُ
وإنّ ترابها مازال يشكو = وفي ذرّاتهِ دمها الحرامُ
نشازٌ أن تكون الشامُ داراً = لطائفةٍ سجيتها انتقامُ
يباعدها عن الإسلام وهمٌ = وينخرُ في عقيدتها السَّقامُ

ويسجل الشاعر عبد الرحمن العشماوي عبر انفعالاته المتوجعة لمجزرة درعا ، وما دك فيها من إجرام سادي يعبر عن تلذذ تلك السادية الأمنية بتعذيب الضحية ، ويقدم عبر أتون تلك الانفعالات الحارة المتدفقة على النص بشائر النصر ، بفك القيد ، والثقة بالشعب السوري الحر ، وحسمه للثورة ، ورفضه المذلة ، فالصوت الهادر ألان هو هبي من قيودك يا شام ، لأن الاقصي بانتظار عرس حريتك .

وفي محرابِ درعةَ ما يُرينا = شواهدَ من جرائمها ، تُقامُ
أيا أكنافَ بيت القدسِ إنّي = أرى غيثاً يجود به الغمامُ
لقد آن الآوان لكسر قيدٍ = فهبّي من قيودك يا شآمُ
لقد كان اختطافك باب ذلٍّ = ومثلك بالمذلةِ لا يُسامُ

وفي لوحة إبداعية أخرى للشاعر المبدع احمد مطر ، وهو يهدي شيفرات انفعالاته الحادة الصارخة للثورة السورية الأبية ، من خلال قصيدة مهداه للثورة السورية ، حيث نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية ، فهو يوكد عبر لوحته الشعرية الإبداعية على حالة التناقضات التي تسجلها الحروف للشخصية الساكنة وراء السطور ، وهي موضع إسقاطات انفعالات النص ، حيث تتوزع عليها الانفعالات المتنوعة الحادة بإيقاعها العالي في أتون الرفض ، لتلك الشخصية العبثية المضللة التي تمثل النظام السوري المتهالك " بشار الأسد " وهي رمز لكافة بطانته الفاسدة المفسدة في الأرض ، فتلك الشخصية الكاذبة المضللة ، انكشف ما عليها من قشور التضليل والخداع ، بما تجعجع به في المنابر السياسية ، وقد أسقطه الواقع من أول قبع لأول ظفر لأول طفل في درعا ، يدعي الممانعة والمقاومة ، والجولان قابع بالقيود ،تحلم هضابه بالحرية واني لها ذلك مع هذا النظام المضلل الملتف على الحقائق ، المحترف للتزوير والكذب والتضليل ، والمفارقة هنا أن مخازن سلاحه هادئة ساكنة ، ومخازنه اللفظية تردح ليل نهار ، كصديقة احمدي نجاد يجعجع ليل نهار بالموت لأمريكا ومحو إسرائيل من الوجود ، وهم يتصافحون ويتعانقون مع أسيادهم الصهاينة ،ويقضون الليال الحسان فيما وراء الكواليس والناس نيام .
.

مقاومٌ بالثرثرة

ممانعٌ بالثرثرة

له لسانُ مُدَّعٍ..

يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة

... يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة

مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَ

لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ

لم يطلقِ النّار على العدوِ


ويعبر النص عن حجم الصدمة عند هذا النظام الامني المتهالك ، حيث تشكلت في حراك الشعب السوري لطلب حريته ، وإعلان هويته الإنسانية ، بأنه شعب يستحق الحياة والحرية ، حيث انطلقت سطوة هذا النظام المخنث ، على شعبه الحر الأبي ، واستيقظ من سكرة الممانعة والمقاومة الموهومة ، وانطلق بفرعنه لا مثيل لها ، ونسج تبريراته السياسية بأن مؤامرة تحاك حوله ، ولابد من إعدام الشعب علنا وأمام مرآي الناس بوقاحة ووحشية صدمت العالم كله ، لم يستثني فيها طفل ولا امرأة ولا كهل ، أعلنها حربا دموية على شعبه كله بلا استثناء .


لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ

صحا من نومهِ

و صاحَ في رجالهِ..

مؤامرة !

مؤامرة !

و أعلنَ الحربَ على الشَّعبِ

و كانَ ردُّهُ على الكلامِ..

مَجزرةْ

وهنا مساحة التهكم المعتادة في شعر احمد مطر ، في إسقاط تلك الشخصية العبثية المضللة الدموية على النص قبل الواقع السياسي ، في منظومة سياسته الوحشية عبر عصاباته الدموية ، حيث حول الوطن إلى مشرح جماعي لشعبه قتلا وتدميرا ، ليمارس هوايته المفضلة في الطب الدموي الجديد على العالم ، في ابتكارات دموية نقلت للعالم اجمع عبر عدسات المتظاهرين إلى الشرق والغرب ،.

مقاومٌ يفهمُ في الطبِّ كما يفهمُ في السّياسةْ

استقال مِن عيادةِ العيونِ

كي يعملَ في " عيادةِ الرئاسة "

فشرَّحَ الشّعبَ..

و باعَ لحمهُ وعظمهُ

وهنا تبرز مفارقة الشاعر المبدعة ، في التركيز على عبثية ومساحة التضليل اللامتناهية في شخصية بشار الأسد الساقطة أدبياً وسياسياً ،حيث تجلت إصلاحاته الموهومة في القتل والوحشية ، ثم لحس الذقون ، وتقديم الاعتذارات والتبريرات الباردة ، في لغة الإصلاحات والحوار الوطني ، الذي هو شكل من أشكال الدجل السياسي ، فالحقيقة لا يمكن أن تختفي ، في أن الدموي ابن الدموي ، يصعب أن يكون إنسانياً ، فالوراثة لها حقها في الجينات ، ويصعب تجاهلها ، فكيف لدكتاتور في الممكن والفعل ، ولدكتاتور في الجينات والوراثة ، أن يكون إنسانياً مصلحاً ، وكيف لدكتاتور أن يكون مقاوماً وممانعاً ، وكيف لعصابته التي هي على شاكلته أن تفهم مطالب الشعب وتحسن سماع صرخات حريته ، لا يمكن لها إلا القتل لذات القتل والإساءة الجنسية لذات الإساءة ، والشذوذ لذات الشذوذ .

و قدَّمَ اعتذارهُ لشعبهِ ببالغِ الكياسةْ

عذراً لكمْ..

يا أيَّها الشَّعبُ

الذي جعلتُ من عظامهِ مداسا

عذراً لكم..

يا أيَّها الشَّعبُ

الذي سرقتهُ في نوبةِ الحراسةْ

عذراً لكم..

يا أيَّها الشَّعبُ الذي طعنتهُ في ظهرهِ

في نوبةِ الحراسةْ

عذراً..

فإنْ كنتُ أنا " الدكتورَ " في الدِّراسةْ

فإنني القصَّابُ و السَّفاحُ..

و القاتلُ بالوراثةْ !

ويبث هنا الشاعر انفعالاته الحادة المؤكدة على حقيقة التناقض والسخرية بهذه الشخصية العبثية المضللة الدموية " بشار الأسد " ، في تشخيص لتلك الشخصية في معترك الواقع والأحداث اليومية الدامية .

دكتورنا " الفهمانْ "

يستعملُ السّاطورَ في جراحةِ اللسانْ

مَنْ قالَ : " لا " مِنْ شعبهِ

في غفلةٍ عنْ أعينِ الزَّمانْ

يرحمهُ الرحمنْ

ويقدم هنا الشاعر وثيقة تاريخية لآلية الحكم لتلك الشخصية العبثية الدموية ، وبطانتها الفاسدة من العصابات الأمنية الوحشية

بلادهُ سجنٌ..

و كلُّ شعبهِ إما سجينٌ عندهُ

أو أنَّهُ سجَّانْ

بلادهُ مقبرةٌ..

أشجارها لا تلبسُ الأخضرَ

لكنْ تلبسُ السَّوادَ و الأكفانْ

حزناً على الإنسانْ

أحاكمٌ لدولةٍ..

مَنْ يطلقُ النَّارَ على الشَّعبِ الذي يحكمهُ

أمْ أنَّهُ قرصانْ ؟

ويشرق النص هنا بالبشريات بالنصر ، ومواساة الشعب السوري الحر ، فيما سفك منه من دماء عزيزة غالية ، تعبر عن حجم جرائم الحرب ضد الإنسانية التي ارتكبت في هذه الأرض الطيبة المباركة المعطاءة .


لا تبكِ يا سوريّةْ

لا تعلني الحدادَ

فوقَ جسدِ الضحيَّة

لا تلثمي الجرحَ

و لا تنتزعي الشّظيّةْ

القطرةُ الأولى مِنَ الدَّمِ الذي نزفتهِ

ويعلي النص أنفاسه الحرة ، بالحقيقة الشامخة ، بحسم الثورة السورية أمرها ، بالنصر والخلاص من الطغاة ، فهي ارض الإبطال والانتصارات ، ومهد الحضارات ، وهوية الأحرار ، الذي يشرق من وردك وسنديانك ، صرخات الحرية للأبد ، وزوال الطغاة للأبد .

ستحسمُ القضيّةْ


قفي على رجليكِ يا ميسلونَ..

يا بنتَ بني أميّةْ

قفي كسنديانةٍ..

في وجهِ كلِّ طلقةٍ و كلِّ بندقية

قفي كأي وردةٍ حزينةٍ..

تطلعُ فوقَ شرفةٍ شاميّةْ

و أعلني الصرَّخةَ في وجوههمْ

حريّة

و أعلني الصَّرخةَ في وجوههمْ

حريّةْ


وفي قصيدة للدكتور محمود الدغيم التي أهداها لروح الشهيد حمزة الخطيب ، ونشرها في موقعه الرسمي ، حيث يعبر هذا النص الإبداعي عن مشاهد وحشية للأمن السوري ، من وحشية وفتك بالشعب السوري بكافة فئاته حتى ما لايخطر على بالك من الموجودات ، ليروض الشعب كما يريد ، ذليلا خانعا ، ولكي يسهل عليه سلبه ليل نهار .

طَغَىْ فِي الشَّاْمِ جَيْشُ الأُفْعُوَاْنِ
وَعَرْبِدَ بَيْنَ أَعْمِدَةِ الدُّخَاْنِ
لِيَفْتِكَ بِالشُّيُوْخِ؛ وَبِالصَّبَاْيَاْ
وَكُلِّ الْخَلْقِ مِنْ إِنْسٍ؛ وَجَاْنِ
وَيَغْتَاْلَ الطُّفُوْلَةَ فِيْ بِلاْدٍ
يُخَضِّبُهَاْ بِلَوْنٍ أُرْجُوَاْنِ
وَيَكْوِيْهَاْ بِنَاْرِ الْحِقْدِ حَتَّىْ
يُرَوِّضَهَاْ بِرُعْبٍ خُسْرُوَاْنِيْ

ويسجل النص هنا حجم الحقد الطائفي في تبرير تلك الوحشية اللاانسانية ، بنار الشعوبية المقيتة ، التي تبثها إيران إلى العالم ، ونفثت سمومها في سوريا بعنصريتها الفارسية المقيتة ، من خلال عصاباتها المتوحشة التي تنخر فسادا في سوريا ، وتقتل الأطفال ، وتقدم تجلياتها المسعورة المتفردة في الإرهاب .

وَيَحْقِنُهَاْ بِحِقْدٍ فَاْرِسِيٍّ
شُعُوْبِيِّ الْعَدَاْوَةِ؛ وَاللِّسَاْنِ
وَيَنْشُرُ فِيْ بِلاْدِ الشَّاْمِ قَمْعاً
رَهِيْباً مَاْ لَهُ بِالْقَمْعِ ثَاْنِ

ويجلي النص هنا النقاب عن حجم المجازر المرتكبة ضد الطفولة ويؤكد عليها النص الإبداعي هنا في أكثر من موطن ، لبيان حجم السادية في هذا النظام الذي يتلذذ بتعذيب الأطفال ، ويمارس شذوذه الجنسي وإساءته بطريقة مقززة تنفر منها الحيوانات قبل الآدميين .

وَيَجْتَاْحُ الطُّفُوْلَةَ وَالتَّآخِيْ
وَيَحْرِمُنَا الْجَبَاْنُ مِنَ الأَمَاْنِ
وَيَقْتَاْدُ الصِّغَاْرَ إِلَىْ سُجُوْنٍ
وَيَغْتَاْلُ الْبَرَاْءَةَ بالسِّنَاْنِ
وَيَرْتَكِبُ الْمَجَاْزِرَ فِيْ بِلاْدٍ
يَمُوْجُ بِأَرْضِهَاْ سَيْلُ الْهَوَاْنِ

ويؤكد النص الإبداعي هنا إلى حقيقة سياسية للواقع السوري إبان هذه الثورة المجيدة بأن من يحكم سوريا هو حفنة من عصابات محلية وعصابات مستوردة مشحونة بالشعوبية المقيتة من جهة ، والوحشية واللاانسانية من جهة أخرى ، حيث يفتك بالأطفال فتكاً سادياً ، ترفضه الإنسانية جمعاء ، وهو إن قتل الجسد ، المجسد في حمزة الخطيب ، فإن روحه محلقة في عليين الشهداء ، مزينة بآي الذكر ، في الجنان حيث مقام الشهداء .

وَيُؤْذِيْ أَهْلَهَاْ جَيْشٌ جَبَاْنٌ
خَبِيْثٌ مِنْ عِصَاْبَةِ أُلْعُبَاْنِ
عَلَى الأَطْفَاْلِ فِي السِّرْدَاْبِ يَعْوِيْ
كَمَاْ يَعْوِيْ عَلَيْهِ الأَحْمَقَاْنِ
فَبَشَاْرُ الْكُلَيْبُ لَهُ عِوَاْءٌ
كَمَاْهِرِ اِبْنِ تُجَّاْرِ الْقَنَاْنِيْ
لَقَدْ أَمَرَاْ بِقَتْلِ الشَّعْبِ غَدْراً
وَقَدْ فَرَّاْ مِنَ الْحَرْبِ الَعَوَاْنِ
وَقَدْ فَتَكَاْ بِحَمْزَةَ دُوْنَ ذَنْبٍ
فَحَصَّنَّاْهُ بِالسَّبْعِ الْمَثَاْنِيْ

ويقدم النص الإبداعي هنا وثيقة شرف للطفولة السورية ، يجسدها الطفل حمزة الخطيب سيد الشهداء ، الذي سيحسم الثورة السورية بدمه الزكي لا محالة ، لأن الصوت العالي الحي ، والكلمة الفاصلة ، وهي أكسجين الثورة ، التي تمدها بالأنفاس العالية ، في وجه الطغاة ، وهو الصورة المؤثرة الدامية التي عرت تلك العصابات الدموية ، وكشفت النقاب عما تخبئه من حقد دفين ، وسادية مقيتة ، ووحشية تأباها الطباع السوية ، نقلتها الكاميرا في كل حدب وصوب ، وأعلنت حقيقة صارخة للعالم اجمع ، تحملها جموع المتظاهرين في كل مظاهرة سلمية ، لكن تلك الصورة غطت على كل كلمات المتظاهرين وشعارتهم السامية ، لتبقى الكلمة الفصل الخالدة العالية، والنفس السرمدي الساطع ، ومرآة واقع الشعب السوري الدامية في العمر المنصرم مع هذا النظام السادي المتوحش اللاانساني .

وَصَاْرَ شِعَاْرُنَاْ فِيْ كُلِّ يَوْمٍ
يُرَدِّدُ إِسْمَهُ أَهْلُ الْبَيَاْنِ
فَهَذَا الطِّفْلُ رَمْزٌ يَعْرُبِيٌّ
وَفَخْرٌ لِلْبَلاْغَةِ وَالْمَعَاْنِيْ
وَحَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاْءِ اِسْمٌ
سَتَحْفَظُهُ الشَّآمُ مَدَىْ الزَّمَاْنِ
فَحَمْزَةُ ثَاْئِرٌ طِفْلٌ شَهِيْدٌ
تَمَرَّدَ ضَدَّ شَبِّيْحٍ جَبَاْنِ
وَعَرَّىْ بِالدَّلِيْلِ عَدُوَّ شَعْبٍ
وَصَاْحَ عَلَى الْجَبَاْنِ: أَلاْ تَرَاْنِيْ؟

وتعلو انفاس النص هنا بالحرية ، وعدم الخوف من الطغاة ، في انفعالات حادة متسارعة لا يوقفها مجازر العصابات ووحشية الساديين في اساليبهم الامنية المريعة ، لأن الحرية ثمنها غال ، وتاريخ الشام مشهود بالبطولة والفخار .

تَظَاْهَرْ؛ وَانْتَفِضْ فِيْ كُلِّ يَوْمٍ
وَشَاْرِكْ بِالْهُتَاْفِ وَبِالطِّعَاْنِ
وَخُذْ بالثَأْرِ لاْ تَعْبَأْ بِجَاْنٍ
عَلَىْ ثُوَّاْرِ أَرْضِ الشَّاْمِ جَاْنِ

ويؤكد الشاعر هنا إلى أن حكايات الثوار من أطفال ونساء ورجال ستحفظها الأيام ، ولن تندثر ، وفي مقدمتها حكاية حمزة الحرية والشمس والبرق والصباح وكل ما هو نور على نور في الحياة .
فَلِلثُّوَّاْرِ؛ وَالأَحْرَاْرِ عَهْدٌ
سَيَرْوِيْهِ فَلاْنٌ عَنْ فُلاْنِ
مَدَى السَّنَوَاْتِ لَنْ يَنْسَاْهُ شَهْمٌ
يُحَرِّرُ شَعْبَنَاْ مِمَّاْ يُعَاْنِيْ
وَيُعْلِنُ: إِنَّ حَمْزَةَ صَاْرَ نُوْراً
يُنِيْرُ الشَّاْمَ كَالْبَرْقِ الْيَمَاْنِيْ

ويعلي الشاعر المبدع هنا أنفاس الصمود ، من خلال صورة تعبيرية لأمهات الشهداء ، تجسدها أم حمزة ، حيث تبرز حجم الثبات الذي يعتلى أنفاس أمهات الشهداء حرية وإباء وثقة بالنصر ، فأعراس الشهداء تمد الثورة بمداد الحياة ، وهي مواكب تزف بعضها بعضا ، وهي قادمة للميلاد والحرية ، واندثار الطغاة ، وميلاد العدل في الشام ، بعد اختطافه دهرا من الزمان .

وَتَهْتُفُ أُمُّ حَمْزَةَ: أَلْفُ شُكْرٍ
وَلاْ تَجْرِي الدُّمُوْعُ بِعَيْنِ عَاْنِ
وَتَزْدَاْنُ الشَّآمُ بِظِلِّ عَدْلٍ
يُجَسَّدُ فِي الزَّمَاْنِ وَفِي الْمَكَاْنِ
وَيَحْتَفِلُ الْكِرَاْمُ بِكُلِّ شَهْمٍ
غَيُوْرٍ لَمْ يَخَفْ مِنْ أَيِّ شَاْنِ

فالإبداعية الأدبية تجلت في أدب الثورة السورية ، وما تناقلته لنا مواقع التواصل الاجتماعي من نصوص شعرية إبداعية ، لا بد أن تخلدها الذاكرة الأدبية ، في نسجها الماسي الالق ، وانفعالاتها الزنبقية ، وأزاهيرها الرائقة التي غرقت في الدماء الحمراء ، واخيلتها التي تحلق بعيدا في عليين الكلمات ، وعنفوان فكرتها في الالهام المتفرد ، فبين الإبداعية الأدبية والثورة السورية وشيجة قربي هي الانطلاقة من الواقع والنص إلى الحرية والإبداع ، فعاشت سوريا حرة أبية ، وتحايا الفخار للأحرار ، وكما قال يحلو لي دائما ان اختم بقول الشاعر الفذ محمود درويش تصبحون على وطن وحرية .



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف ضد حرائر سوريا والعقلية الأمنية اللاانسانية
- ثورة الغضب الأحوازية الآم وآمال
- حلب الشهباء مؤشر الحسم في الثورة السورية الابية
- العنف ضد الطفولة في ربيع الثورات العربية
- المحرقة الصهيونية : الواقع والدلالات
- الحوار المتمدن الواقع والتطلعات
- العنف ضد المرأة العربية في النزاعات المسلحة (1)
- تقييم واقع حرية التعبير عالمياً
- الواقع السيكولوجي للحرب العالمية على غزة
- الأسلام والغرب/ رؤية سيكولوجية
- هندسة الذات والتجرد لله تعالى
- سيكولوجية الواقع العراقي في ضوء متطلبات المجتمع المدني
- ثقافة الحوار في مواجهة الفتنة المذهبية والاقتتال الداخلي – ا ...
- نهايات السياسة في خريف اللحظات
- الصراعات العربية العربية في استراتيجيات السياسة الأمريكية
- هندسة الذات (11) :سيكولوجية الأتصال مع الأخرين
- المعرفة والمستقبل
- الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع
- هندسة الذات 10: سيكولوجية الألوان والتواقيع الشخصية
- سيكولوجية الحب في ثقافات الشعوب


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد جبر - سيكولوجية الانفعالات في أدب الثورة السورية -دراسة نقدية في نصوص إبداعية-