أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد جبر - نهايات السياسة في خريف اللحظات














المزيد.....

نهايات السياسة في خريف اللحظات


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 11:11
المحور: الادب والفن
    



قراءة نقدية في نص فنجان قهوة * لرشاد أبو شاور
في حياة السياسيين معترك صراعات، وقراءات، بين الواقع والقيم، ورحلة التغير، وبين المبادئ والثوابت والتشبث بها، فهناك الملتزم خط السياسة وخريطة المبادئ معاً، وهناك اللولبي حيث نقطة الارتكاز وربح الجولة ولا مكان للقيمة بينهما. وفي كلا المعادلتين هناك ألم الذكريات في خريف العمر عند الأول، وبرود الأعصاب ورحلة التنقل والتغيير من مبدأ لمبدأ ومن أيدلوجية لأخرى تواليك عند الثاني، دونما اعتبار لمقام الذات بين الآخرين وسرعة تحول المواقف. والأدهى والأمر إذا كان ذلك التحول لصالح حسابات خارجية عن الأمة وقيمها وأيدلوجيتها في الصراع السياسي. وهاتان المعادلتان في السياسة نشهدهما يومياً في كل قطر عربي، وعند مطالعة أعمدة الصحافة العربية السياسية، في مساحات التقدير والذهول، فهناك قراءات سياسية تتسم بالنزاهة والمبدئية، وهناك قراءات سياسية تعج بالفكر السياسي المشبع بالغرائزية والهوجائية، وخدمة مشاريع الفوضى الخلاقة في عالمنا العربي.

تلك المعاني العميقة يطالعنا بها نص فنجان قهوة للكاتب رشاد أبو شاور من خلف السطور، وفي ثناياها ألم وذكريات، من خلال هالة قصصية لامعة، تدور أحداثها في حياة شخصية سياسية حزبية، في خريف عمرها، وقد طلقت السياسة وما يعترك فيها من ضجيج حزبي وحراك الرؤى السياسية المحتدمة، والصراعات الحزبية بعد رحلة عمر دامية بالصراعات التي أودت بها إلى أن تفصل من وظيفة التدريس، وتركن إلى كرسي وجدار يجملهما في العين تراقص القهوة في مساحات الذكريات، حيث دقات ساعة نهاية العمر، وما تحمل من ذكريات في السياسة والوطن وحماسة الشباب، يطالعها ذلك السياسي المخضرم المعتزل مسرح السياسة، في فسيفساء اللحظات العاصفة.

ويقدم النص محاورة بين السياسي المخضرم وفنجان القهوة المسافر في آفاق الذكريات، وقد حملت له الأيام مفاجأة اللقيا مع دعوة تحمل الماضي وما يعج بالصراعات السياسية: "كأنما يقرأ طالعة في اللون، وخطوط راحته المتغضنة، متسائلاً عن سر (دعوتهم) له، ليشرب فنجان قهوة فقط."

ويقدم لنا السرد حكايته مع السياسة وما آل إليه: "رأسه اشتعل شيبا، يبدو وكأن حزن العالم هجم عليه وهدَّ حيله، وزاد ظهره تقوساً."

ويحمل النص تساؤلات صامتة حول ماهية الدعوة، وما ينتظره، وكل تلك التساؤلات ترسمها اتكاءته على الكرسي، وقد استسلم لمساحات السفر البعيد معها، وفي جواره زوجة محبة تحمل لغة الاتحاد الروحي، مع حكاية القهوة والذكريات، لكنها ذكريات الحب له ومساحات تواصله حتى نهاية العمر. تبادر الزوجة لإيقاظه: "ربتُ على ظهره لأوقظه، لكنه لم يستجب، فهززته بقوة، وقد توجست، فمال رأسه، وانزلق كوب الماء الذي أحضرته له ليشربه، عندئذ صرخت وصرخت ولم أتوقف عن الصراخ."

ويتابع النص في هالة الصمت التي تدور حول أبعاد الأحداث السياسية في معترك ذكرياتها التي أودت بذلك السياسي المخضرم إلى النهاية، في الزمان والمكان والسياسة، وكأن السياسة في جوهرها أحجية صامتة تقض مضاجع ساكنيها، تدور دواليبها بين الماضي والحاضر والمستقبل، وخط الصراعات والأزمات واختلاطات الرؤى الحزبية في خارطتها المتهالكة على الدوام.

وفي النص سرية خصوصيات السياسة، التي أبت حتى الحروف أن تكشفها على السطح في بحر السطور، ورومانسية حالمة معا، في قلب الزوجة الواقفة على أبواب الموت ونهاية أبواب الحياة: "صوته على الجدار في إطار اسود، عيناه حالمتان، وعلى شفتيه طيف ابتسامة، وجهه مستدير طفولي، على جبينه غرة شائبة تبديه وسيماً وقورا."

ويسدل النص نهايته الحالمة على تراقصات فنجان القهوة ومعها هالة الذكريات: "هذا فنجان قهوته الذي أحبه، وشرب قهوته دائماً فيه، إنني أغمض عيني، أتمدد كل ليلة، سائلة الله جلت قدرته، أن يلحقني به، وأن يقبض روحي برفق."

ويغلف النص نهايته بخيط ذهبي عنوانه: "ها أنا أنتظر،" حيث تنتهي الأعمار ولا تنتهي السياسة، وتوعدنا كل يوم بمزيد من الأيدلوجيات والصراعات، وحراك استنساخي في معدل أرقام الأحزاب، وبدايات انطلاقات قطارات السفر في معتركها، ونهاية رحلة مخضرمين على مسرحها، على فراش الاعتزال أو مقصلة الإعدام أو جنبات السجون المظلمة أو ميادين الترف الفاحش وبيع المبادئ والمتاجرة بالشعوب والأوطان، أو تدوين بالماس لذكراهم في لغة الحرية والإباء.
----------

*فنجان قهوة قصة قصيرة منشورة ضمن مجموعة الموت غناء، للكاتب الفلسطيني رشاد أبو شاور. الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان2003



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراعات العربية العربية في استراتيجيات السياسة الأمريكية
- هندسة الذات (11) :سيكولوجية الأتصال مع الأخرين
- المعرفة والمستقبل
- الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع
- هندسة الذات 10: سيكولوجية الألوان والتواقيع الشخصية
- سيكولوجية الحب في ثقافات الشعوب
- محمود نجاد بين السيكولوجيا والسياسة
- مستقبل النهوض المدني في المجتمع العراقي
- رؤية سيكولوجية في ثلاثية ( رايس ، ليفني ، معوض ) السياسية
- رؤية سيكولوجية في الجندي الصهيوني والمقاوم اللبناني
- استراتيجيات النصر ( السيكولوجية ) في الحروب
- منظومة التناقضات في الحرب على لبنان
- مقولات سيكولوجية في ضوء مجزرة قانا / مقاربات نقدية
- كونداليزا رايس بين نص السياسة ونص (انهم يقتلون الأطفال) مقار ...
- هندسة الذات (9) : سيكولوجية الحرب الدائرة على لبنان
- متطلبات الإدارة الإبداعية للحركة العمالية في العالم العربي
- ثنائية ( العشق ، الرفض ) للمجتمع في المشهد الأدبي
- ذاتية الكاتب والنص الأدبي
- هندسة الذات8: الذات والتغيير
- الأنسنة بين الواقع والطموح القصصي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد جبر - نهايات السياسة في خريف اللحظات