أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد مهدي - فؤآد النمري يبحث عن سوبرمان (1)















المزيد.....

فؤآد النمري يبحث عن سوبرمان (1)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3385 - 2011 / 6 / 3 - 16:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


(1)

هو مفكرٌ شيوعي من " الحرس " البلشفي القديم، اليمين المحافظ في جبهة الفكر الماركسي العربي..
اشعر بكثيرٍ من الفخر والاعتزاز حين اقرأ سيرته واتابع باستمرارٍ كل ما يكتبه ويطرحه من آراء وتعليقات في الحوار المتمدن وبمختلف القضايا .
اقرأ ما يكتبه هذا المفكر بنهم باعتباري تلميذاً من تلامذته الذين هم من الندرة النادرة بين ابناء هذا الجيل الجديد ..
ما يميز كتابة الرفيق ابي ناظم ( فؤآد النمري ) هو تلك السلاسة اللغوية ، وجزالة المعاني المنطوية في تعبيراتها التي تتميز بقدرة وتنظيم رائع ومبسط في ايصال الفكرة لأي قارئ ..
مع ذلك ، وأمام هذا الصرح الكبير من الميراث النضالي السياسي والفكري ، بدأت في الفترة الاخيرة ادون بعض الملاحظات حول " نمطية " معينة تتبدى في جل كتاباته ، اخترتُ منها مقاليه الاخيرين بقراءة متأنية لوضع اليد على اهم اسباب اخفاقات الماركسية العربية بمختلف توجهاتها اليمينية واليسارية ..
من وجهة نظري كباحث " ماركسي " من ابناء هذا الجيل ، هذه النمطية تكشف عن تأخر كبير في الفكر الشيوعي العربي عامة وفكر السيد النمري خاصة بإدراك تطلعات هذا الجيل الماضي على خطىً حددتها مسبقاً حتمية التحول التاريخي الكبير لحقبة ما بعد المعلوماتية والعولمة ..
مقالي الرفيق فؤاد المنشورين في الحوار المتمدن بالعناوين ( حاجة العالم للينين مرة أخرى ) ، ( ماركسيون بلا ماركس) ، سيكونان موضوع بحثنا لهذه النمطية في موضوع اليوم ..

(2)

في رؤيته للحاجة إلى " لينين " جديد للعالم المعاصر ، يكشف لنا الرفيق فؤاد عن التدريجة الزمنية التي تعطلت عندها ساعة الماركسية الجيبية التي حملها طيف واسع من الماركسيين العرب معهم في حلهم وترحالهم ..
ساعتهم تلك متوقفة فعلاً ، لكنهم يصرون بان الساعات المتحركة الاخرى ساعات مزيفة عليها ان تواكب توقف الماركسية ( التي فسرها اليمين الشيوعي ) فوراً ... !
ففي مطلع مقاله (حاجة العالم للينين مرة أخرى ) يذكر بان ماركس اقر بأن النظام الرأسمالي حقق إثراءاً للبشرية ووفر الحاجات الإنسانية بدرجة لم تتحقق من قبل ، وهو ما يؤكد برأي الكثيرين ومنهم ماركس بأن الرأسمالية مرحلة طبيعية في تطور اقتصاد الحضارة الإنسانية ، وهي بكل تأكيد ليست نهائية ، ما اتاح للماركسية ان تطرح نفسها كمرحلة تالية لها..
ما رآه ماركس بكون هدف النظام الرأسمالي الحقيقي هو " الثروة " وليس تلبية حاجات الإنسان المتزايدة ، يؤشر بأن البشرية تستفيد من " حافز " جمع الثروة رغم إنه حافز لا أخلاقي في مديات معينة ممثلة بالجشع الذي عليه رأسماليو العالم الكبار ، إذ يقول النمري في حديثه عن ماركس :
{ رأى هدف النظام الأول والأخير هو الذهب وليس تلبية احتياجات الإنسان المتزايدة }
رؤية ماركس على هذا الأساس ارتكزت على إن البشرية بحاجة لهذا النمو والوفرة لكنها ليست بحاجة للثروة و الأموال في المقام الأول.. وقد استخدم عبارة { تحويل الدماء البشرية إلى ذهب } في موضع آخر من المقال ... كترميز عن جهد وتعب الكادحين الشاق جداً بمقابل إثراء جيوب الرأسماليين..
حاول ماركس كما يشرح لنا النمري أن يعيد تصوير دينامية المشهد باستبقاء المنتوجات ووفرتها .. لكن بإزاحة قوى التحكم بالثروة المحركة للإقتصاد العالمي ، الممثلة بالرأسماليين ، والقضاء على حالة تحويل جهود البشر الفائضة عن حاجاتهم إلى ثروات فائضة في جيوب الرأسماليين ..
ماركس إذن ، أزال " الحافز " الدينامي الأساس لجمع الثروة وتوفير الإنتاج .. بوضع حافزٍ بديل يعتقد بانه اقوى ..
ما هو الحافز البديل ؟
يقول السيد النمري في نفس المقال :
{{ لذلك أقترح ماركس برنامجاً لتحرير الإنسانية من وحشية النظام الرأسمالي و الانتقال إلى الحياة الشيوعية حيث سيتضاعف الإنتاج المادي أضعاف ما يوفره النظام الرأسمالي، وينتهي هدر دماء بني البشر، وينتفي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. }}
تجري العادة طبعاً ان يتم تجاوز تفاصيل بناء نفس الفرد الشيوعي ، ربما يعتبرها اغلب الماركسيين غير مهمة لكونها تحصيل حاصل علاقات الإنتاج وتطور وسائل الإنتاج .. حيث يجلب النظام الاشتراكي معه قوالب نمطية لسيكولوجية موائمة للنظام الاشتراكي تخلق افراداً اشتراكيين ، وهكذا بقية مراحل الوصول للشيوعية ستخلق إنسانها الشيوعي الخاص ..
اي إن النظام برمته مسئول عن خلق سيكولوجية افراده ..!
لكن الحقيقة تقول إنه كلما تعقدت وتطورت وسائل الإنتاج تعقدت وتطورت " فرادة " النفس البشرية كما نشهده اليوم في اجيال القرن الحادي والعشرين بمختلف بقاع العالم ، والفرادة ( الشخصانية Personality) حين تتأصل تشكل حاجزاً منيعاً وسداً بوجه تطور النظام الاشتراكي نحو مراحل متقدمة .. ! ... ( نناقشها بعد قليل ) ...
هنا ، في هذا الموضع تحديداً ، يمكنني ان اقول بان عقارب الساعة الشيوعية اليمينية توقفت واصابها الغرور بمنجزها التاريخي في تأسيس الاتحاد السوفييتي في مطلع القرن الماضي ، مما جعلها تغفل مسالة بالغة الاهمية كانت السبب في كل التداعيات اللاحقة التي انتهت بالانهيار المدوي للاتحاد السوفييتي وتفكك المعسكر الاشتراكي العالمي من ثم ، وما تشكل من هوة عميقة فصلت اجيالاً عربية مختلفة عن الفكر الماركسي ..
فالشيوعية في حقيقة الأمر ، لم تقدم أي حافز " موضوعي " مادي بديل للنفس البشرية عن حافز الربح وجمع الثروة لاستمرارية دينامية الاقتصاد العالمي ..
حافز الشيوعية كان " أخلاقياً " ، فكرة العالم المثالي كانت الدافع لبناء الاتحاد السوفييتي شأنها شأن الديانات البشرية التي اعتمدت على لجم جماح النفس وتساميها الأخلاقي بالإيثار والعطاء ..لتحقيق المجتمع الفاضل والمدينة الفاضلة ..
نجح الإتحاد السوفييتي ودول شيوعية أخرى قامت في العالم بتجاوز الإنتاج الرأسمالي بالفعل بمدة قياسية ، بدافع الحافز القيمي الاخلاقي للاشتراكية ..
(( ناقشنا الاعتقاد ومستوى نشوئه الدماغي – السيكولوجي في مقال الاول من ايار العام الماضي بعنوان : لماذا نعتقد الايديولوجيا بمنظور عصبي ، بمناظرة الماركسية مع الديانات رغم التناقض المعروف بينهما ، لكنهما ( الماركسية والديانات ) تقومان اساساً على الحافز الاخلاقي القيمي وليس على حافز مادي شخصي بحت كالرأسمالية )).
فما أنجزه الإتحاد السوفييتي من بناء خلال عقدين كان مكافئاً لما أنجزته الولايات المتحدة خلال قرنين ، اللاحمة الاساسية في بنيان المجتمع السوفييتي كانت " القيم الاشتراكية " كبديل عن لاحمة " الربح " الفردية الشخصية في اوربا والولايات المتحدة .. حيث الرأسمالية العالمية ..
فهل إن اللاحمة القيمية المؤسسة للمجتمع السوفييتي العظيم ، تمكنت من الاستمرار طويلاً ؟
ام انها ذوت وتلاشت كما تلاشت وذوت اللاحمة القيمية لمجتمع المدينة ( يثرب ) التي ارساها الإسلام بعد فترة وجيزة من تفشي الاستبداد والفردية في عهودٍ إسلامية تالية ..؟
هل حقاً تحققت العدالة وما جرى من إنجاز لم يعتصر الدماء البشرية لتحويلها إلى " سلع " و " منتجات " ، و هل حقاً زال استغلال الإنسانُ لأخيه الإنسان في الإتحاد السوفييتي ؟
الجواب " نعم " بشرط ان يكون " الجولاج " والملايين من المعتقلين الذين اجبروا في عهد ستالين على العمل قسراً كذبة اطلقها الرأسماليين كدعاية مضادة ، وتعزف على اوتارها قناة " روسيا اليوم " هذه الايام كي تضفي الشرعية لسلطانها القومي دون الاحزاب الشيوعية في روسيا المعاصرة .
نعم ايضاً ، في حالة إن اعداد الملايين الذين اعدموا في هذه الحقبة الذهبية الستالينية من العهد السوفييتي مجرد تضخيم لتشويه صورة الشيوعية في العالم ..
حينها ، يكون ماركس ولينين وستالين ومن على نهجهم قد حققوا حلماً لم يدم إلا لجيلٍ واحدٍ أو جيلين بتحقيق دولة العدالة الاجتماعية الكبرى ، سرعان ما تفكك وتبدد هذا الواقع ليعود إلى عالم الأحلام من جديد لزوال " اللاحمة القيمية للخلق الاشتراكي " في اجيال مدللة جديدة تعالى في داخلها صوت الانا ، ونفرت بالتدريج من " كلية " اجيالٍ سبقتها لأنها نشأت حرة كريمة في ظلال الاتحاد السوفييتي ، حيث التنشئة الكريمة تنمي الشعور بالفردية كثيراً ..
( هو نفس واقع الفردية الذي يتميز به جيل ( 1980 ) في الصين الشيوعية اليوم ، حيث تحول كل فرد من ابناء هذا الجيل إلى امبراطورٍ صغير كما يقول علماء السيكولوجيا والاجتماع الصينيين من شانه ان يغير ملامح خريطة العالم حين يبلغ هذا الجيل عمر الاربعين فيستلم قيادة الصين كقوة اقتصادية اولى في العالم بعد العام 2020 .. )
هذه هي سنة التاريخ الاجتماعي الذي ليس بإمكان لينين أو ستالين ( أو عشرة من اللي خلفوهم ) أن يدركوها بسهولة لعدم تطور علوم الإجتماع كفاية في ذلك العهد ...
وهو ما يفتقر له ، أو لنقل بتعبير اكثر تهذيباً ، ما لا يبالي به عموم مفكري الحرس البلشفي القديم ومن بينهم استاذنا ومعلمنا الرفيق فؤاد النمري ، حيث المجتمع يكون بعد تطور اساليب الرفاهية والعيش الرغيد اصيل الفردية التي تتداخل مع تكوينه الثقافي التاريخي كثيراً ..
بالتالي ، الاشتراكية والشيوعية تحتاج إلى اعادة نظر على غرار توجهات اليسار والماركسية في اوربا ، رغم تحفظي الشخصي على مهادنة الرفاق في اوربا للرأسمالية والمشاريع الكولنيالية إلى درجة الخنوع والتسليم المطلق .

(3)

ليس من السهولة اقناع السيد النمري ولا أياً من الحرس البلشفي القديم بانهم يناظرون الاصولية الإسلامية بتمسكها بثوابت تاريخية و شخوصاً قدوة .. أو " اسلافاً " صالحين يمضي الاخلافُ على خطاهم خطي النعل بالنعل ..
كنت اتردد دوماً في توصيف المقاربة بمثل هذه الحال ، لان القارئ العادي لا يمكنه رؤية المشتركات المستترة بين الفكرين بسبب كثرة الاختلافات الظاهرية التي تباين بينهما ..
إلا إن كتابة السيد النمري الاخيرة في هذين المقالين قيد دراستنا بموضوع اليوم ، شجعتني لما فيها من صوت عاطفي يعقد النجاحات والإخفاقات في امبراطورية العدالة البروليتارية السوفييتية على ايدي شخوص ٍ تاريخيين لم يكن لوفاء بعضهم نظير ، ولم يكن لخيانة وخسة الآخر من بينهم نظيرٌ ايضاً ..!
فخلاف ما يؤمن به السيد النمري بان وسائل الإنتاج هي التي تغير التاريخ ، يضع نفسه دوماً في تناقض كبير في نقاشاته مع بعض الرفاق في الحوار المتمدن الذين يمقتون تعويله على شخصية لينين او ستالين أو نيكيتا خروتشوف في مجريات الاحداث التاريخية في القرن الماضي .. ( نتطرق لتناقضه الفكري بعد قليل ) ..
فحين نعيد بإحدى عيون افكارنا قراءة الماركسية بعلوم الإجتماع ، والعين الاخرى نقرأها بها بعلوم الاقتصاد .. تتمخض امامنا صورة جديدة متممة للقراءة اللينينية تكشف بان الاسباب الحقيقية لانهيار الاتحاد السوفييتي ليست قراءات شخصية وقرارات ، سواء لخروتشوف أو سواه ممن سبقوا بليخانوف أو تروتسكي أو برنشتاين ..
الفكر الشيوعي كثقافة عانى من تآكل القيم الجمعية ، التي خلقتها الفاقة ما قبل الثورة ، على حساب تنامي القيم الفردية التي اصبح صوتها عالياً وراء اسوار العدالة الكلية في الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية ، ناهيك عن ارتفاع هذا الصوت اصلاً ومنذ البداية في اوربا والولايات المتحدة وإلا لما فشلت الاممية الاولى في القرن التاسع عشر و الثانية التي انتهت مطلع القرن العشرين في اوربا حيث نشأت اصلاً الافكار الاشتراكية ، فليست الفاقة في اوربا الغربية كما هي في شرقها او الشرق الاقصى كي تبني رصيداً تاريخياً موائماً لتأسيس دولة مثل الاتحاد السوفييتي .
فوجه التماثل الاول بين الاصولية الإسلامية واليمين الشيوعي هو الادعاء بان الخلل ليس في النظرية وإنما في التطبيق ..
فيما وجه التماثل الثاني هو اسناد الفضائل والامجاد إلى " شخوص " تاريخيين ، وتحميل الاخطاء والإخفاقات لأشرار وخونة خرجوا عن جادة الصواب واضلوا قومهم بعد ان كانوا مهتدين !
اما وجه التماثل الثالث والهام ، هو فقر المجتمع والاستبداد والتناقض الطبقي الحاد فيه قبل الثورة ، حيث تخلق الفاقة والاستبداد على مدى طويل ديانات وخيالات بالمجتمع الفاضل تحرث الارض الفكرية للناس وتسمدها فتحيلها خصبة لقبول الاشتراكية ..
والوجه الرابع والاخير في هذا التماثل هو تآكل رصيد هذه القيم الجمعية بمرور الاجيال ، حتى تفكك الاتحاد السوفييتي ، وانتهاء عصر الراشدين في الخلافة الإسلامية ووقوع الامة تحت نير فكر الخلافة الوراثي القومي العروبي في عهد بني امية .. ومن ثم العهد الفارسي التركي المتناقض المستبطن للقومية التركية الفارسية في العهد العباسي ..

ما يغيب عن منهجية القرن التاسع عشر في تفسير حركة التاريخ تلك هو إن الاشرار ما كانوا ليملوا على المجتمع كله املاءاتهم لفترة طويلة من الزمن لو لم تكن هناك ارضية اجتماعية قابلة لهذه الإملاءات .. ومثالهم نيكيتا خروتشوف وعثمان بن عفان ..
ففي كلا الحالتين استلمت اجيال جديدة للقيادة والتحكم بمفاصل اقتصاد وسياسة الامة التي تتمتع بمنهج تقدمي يميزها على سائر الامم ويعزز روحاً فردية عالية لدى ابنائها الذين ابهروا بعدالة عمر بن الخطاب الذي قتل ابنه امام مرآى الناس عندما اقام عليه الحد ..
وكذلك الشيوعيين الاوائل الذين بذلوا حياتهم ووقتهم في بناء الاتحاد السوفييتي ، اصبحوا مفخرةً للأجيال ..
وفي كلا الحالتين ايضاً ، فان هذا لا يلزم بالضرورة ان يصبح الشعب نسخاً سيكولوجية مكررة من ستالين أو عمر بن الخطاب دون ان ننكر تأثيراً واضحاً لكل حاكم في سيكولوجية أي فردٍ من افراد شعبه ..
بل إن الحاكم هو الذي تأثر بالمجموع الشعبي وحاول ان يحقق امالهم وتطلعاتهم .. اذا كان حاكماً ناجحاً طبعاً .. فاذا مال إلى فئة دون اخرى ، مال الميزان في عموم الدولة فإما ان يثور عليه شعبه كما في حالة عثمان ، او تضطر السلطة لقمع الشعب وارغامه على السير بخطى مرسومة مسبقاً ليتضاءل الجهد ويقتل الابداع .. مثل الاتحاد السوفييتي في اواخر ايامه وعموم الانظمة القومجية الاشتراكية العربية ..
كذلك الحال بالنسبة للأخيار ، ما كانوا ليفرضوا الإصلاح لو يكن هناك شعبٌ يتطلع له ومستعد لتنفيذه كمثال النبي محمد و فلادمير لينين ..
في علم الاجتماع ، التغيرات التاريخية سببها صناعة اجتماعية ثقافية ، لا يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الاساس إلا المجتمع نفسه وما تحيطه من ظروف جيوسياسية , دون ان ننكر دور الافراد في تقديم او تأخير الحوادث التاريخية ، لكن تبقى صناعة التاريخ قائمة على اكتاف عموم تكوين شرائح وطبقات المجتمع بنسب متفاوتة يتحمل البسطاء الكادحين حملها الاكبر ..
وعبر المناقشات والتعليقات بين السيد النمري وآخرين في عموم المواضيع في الحوار المتمدن فإنه يصر على إن الاتحاد السوفييتي لولا لينين ما كان ليكون ، ولولا نيكيتا خروتشوف والتآمر الغربي .. ما كان ليضيع وينتهي به الحال إلى التفكك والانهيار المطلق ، وكذلك الاممية كان من الممكن ان تعم العالم كله بثورة عالمية في اعقاب الحرب العالمية الاولى لولا برنشتاين و تروتسكي ..
إذن ، فالنمطية التي نود مناقشتها في مقالنا القادم عن فكر السيد النمري هي ذات النمطية الجدلية " العصمة " او " القائد التاريخي الفذ " بمقابل الشر والشرير ... نمطية السوبرمان النيتشوي الالماني ودوره الاساس في صناعة التاريخ ..
وهي نمطية " بورجوازية " تعول على الفرد الاصيل وتحتقر العامة الكادحين بما يشكل تناقضاً صارخاً مع دعوى السيد النمري جهاراً نهاراً لديكتاتورية الكادحين ( البروليتاريا ) وعدائه الواضح البين للبورجوازية المتكبرة المتعالية عليهم ..
لا اشكك ابداً بإخلاص السيد النمري لقضيته ، لكن ، وكما يقول فيلسوف المانيا العظيم هيجل ، التناقض اصيلٌ في طبيعة الاشياء ، فإن المحتوى الفكري للسيد النمري صقلته الايام وشكلت جِبـلّتــهِ الوقائع على اساس هذا التناقض الكارثي .. الذي يؤمن في طموحاته بمجتمعٍ لا طبقي ، لكنه في طريقة تفكيره و ربما اسلوب حياته ينحو بنحو الارستقراطيين الطبقيين المعولين على السوبرمان لا الامة ...!
مؤكدٌ باننا لن نقنع السيد النمري واليمينيين بهذا الكلام ، لكننا كجيلٍ جديد .. قلنا كلمتنا في الثورة العربية الكبرى هذه الايام ، لن نعيش في جلباب أي حزب يميني او يساري , علماني او ديني ، لأننا قادة مستقبل البشرية ..
وللحديث بقيــة ..

يتبــــع



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوسترداموس برؤية تفكيكية (2)
- وفاء سلطان ودروسٌ في الحرية !
- نوسترداموس برؤية تفكيكية (1)
- الإنسان و الروبوت (2)
- الإنسان و الروبوت (1)
- ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (2)
- ولادةُ عالمٍ جديد : تعقيباً على قراءة الرفيق عذري مازغ (1)
- التجسس السايكوترونكي وتقنياته الخفية
- السيطرة على العقول ( السايكوترونك ) : توضيحات
- انظمة تشغيل المخ ...مدخل لعلم السايكوترونك ( السيطرة على الع ...
- الوجه الآخر للجنون ..
- 2 - جبرائيل والشيطان
- 1- قراءة الطالع بالفنجان والاصداف والتوراة والإنجيل والقرآن ...
- امتنا العظيمة تستفيق : حان وقت تمزيق ( الباسبورت ) وعبور الا ...
- رموز الأحلام والدين : تحليل في خبايا رموز الأعماق النفسية ال ...
- الحداثة والدين : إشكالياتٌ وتوضيح لبعض الاخوة
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _3_
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _2_
- نحن والدين : مقاربة سيكولوجية _1_
- الجاذبية الجنسية : رؤية ٌ ماركسية


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد مهدي - فؤآد النمري يبحث عن سوبرمان (1)