شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 13:55
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
انتهينا في الجزء الثاني من النظريتين الجديدتين التي قال بهما ستالين , وبعد تطبيق الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي بالصورة التي تم عرضها لم تعد المسألة نظرية من أجل التأييد أو التفنيد بل أصبحت واقعاً .
من هذا الواقع كيف يمكن لنّا أن نستخلص التوافق أو التعارض مع الأفكار الأولى , وهذا لا يمكن بيانه إلاّ ببيان أثره على قواعد النظرية الثلاث :
التفسير المادي ( الاقتصادي للتاريخ ) .
فكرة الصراع الطبقي .
نظرية فائض القيمة .
على ضوء القواعد الثلاث , أين يكمن الخلل , في النظرية أم في التطبيق , أم في كليهما ؟
سوف نبدأ بالقاعدة الأولى – التفسير المادي - لكي يتبين هل تم تطبيقها على ضوء الأفكار الأولى أم أن هناك إنحراف ؟
التاريخ يجري في حتمية تحددها الظروف الاقتصادية للإنتاج , هذه الظروف هي التي أوجدت المجتمع الاقطاعي حيث كانت الزراعة أساس الإنتاج ولما تغيرت ظروف الإنتاج نشأ المجتمع الرأسمالي , طبعاً كنقيض للمجتمع الاقطاعي وحسب النظرية .
من تناقض الواقع بين المجتمع الاقطاعي والرأسمالي ينشأ المجتمع الجديد إلاّ وهو المجتمع الاشتراكي .
الاقطاع هو الموجب والرأسمالية هي السلب أو بمعنى آخر / التقرير والنفي / .
من التركيب الحاصل بين الإيجاب والسلب ( بين التقرير والنفي ) ينشأ المجتمع الاشتراكي .
أليست هذه هي القاعدة الأولى في النظرية , ولكن في التطبيق هل حصل ذلك ؟
أصل النزاع بين المنشفيك والبلشفيك هو على بيان الخطوة التالية للنظام القيصري .
المنشفيك يقولون أنه لابدّ أن تمر روسيا بمرحلة التطور الصناعي حتى تصبح مهيأة لقبول الاشتراكية وكما ذكرناه سابقاً , وأن المرحلة التالية هي مرحلة الديمقراطية السياسية .
أما البلشفيك فقد قالوا بعكس ذلك ومن هنا نستطيع ان نقارن وعلى ضوء النتائج , مّن كان معه الحق , المنشفيك أم البلشفيك بغض النظر عن إيماننا بالمباديء .
وقالوا أي البلشفيك يمكن لروسيا أن تتخطى النظام الرأسمالي ؟
ما معنى هذا ؟ هذا معناه أن روسيا تنتقل من الاقطاع إلى الاشتراكية دون المرور بمرحلة الرأسمالية .
السؤال ؟ هل خالف البلشفيك الأفكار الأولى أم لا ؟ أو ليس هذا غريباً أيضاً ؟ هي مجرد أسئلة نوّد ان نطرحها لغرض الوصول إلى رأي مقنع فيما نتبناه .
وكما جاء سابقاً تغلّب رأي البلشفيك وبدا تعميم الاشتراكية .
إذن الخروج عن الأفكار الأولى بدأ ومنذ الوهلة الأولى على مقتضيات الحتمية التاريخية .
سؤال ؟ كيف يمكن للواقع أن يخرج على ما هو محتّم عليه أن يسير فيه ؟
سوف نكرر أسئلتنا , اين يكمن الخطأ أو بمعنى آخر أليس هناك ثمة خطأ في النظرية أو إنحرافاً في التطبيق ؟
في النظرية أن العمال الصناعيين الذين يكثرون في المجتمع الرأسمالي هم الذين يكونوّن البروليتاريا وهم الذين يحملون الأفكار الاشتراكية , طبعاً من واقع تجربتهم ثم يطبّقونها من أجل إيجاد المجتمع الاشتراكي .
ولكن هل كان في روسيا طبقة البروليتاريا ؟
في روسيا لايوجد هذا المُسمى لذلك فإن الأفكار الاشتراكية لم تجيّ كإنعكاس طبيعي للواقع الاجتماعي في حركة مادية للتاريخ .
هل هذا القول صحيح أم لا ؟ ما الذي حدث ؟ الذي حدث أن الثوار وعلى رأسهم لينين وهم من أبناء الطبقة البرجوازية عملوا على إنشاء حزب يقود المجتمع إلى التحقيق الاشتراكي .
السؤال المهم ؟ هل الأفكار هي التي أوجدت التطبيق الاشتراكي أم الواقع المادي ؟ مجرد أسئلة ؟
هل أدرك القادة الأوائل هذا التحريف الذي حدث للنظرية ؟
يقول لينين : بلا نظرية ثورية لا توجد حركة ثورية .
وهو قول يجعل للفكر الغريب عن واقع معين أثراً في هذا الواقع , بما ينبغي إنعكاس كل فكر عن واقعه .
جرى تسويغ ما حدث على تعبير لكارل ماركس يجعل من الفكرة مادة بترديد قوله أن :
الأفكار تصبح قوة مادية عندما تستولي على الجماهير .
إذن مُحِيّ الفارق بين الفكرة والمادة , بين المحمول إلى الواقع وهذا الواقع طالما أن الفكر ذاته ( متى استولى على الجماهير ) يصبح مادة .
ناتي إلى القاعدة الثانية : صراع الطبقات .
النظرية تقول أنّ التاريخ ليس صراعاً مستمراً بين الطبقات وإنما الطبقات تتكوّن تبعاً لإساليب الإنتاج .
في المجتمع الاقطاعي وكما هو معروف هناك طبقتان / ملاًّك وفلاحون / أما في المجتمع الرأسمالي فهناك أيضاً طبقتان / رأسماليون وعمّال / .
في المجتمع الاقطاعي الصراع بين ملاًّك الأراضي وفلاّحيها هو الذي أوجد المجتمع الرأسمالي .
أما في المجتمع الرأسمالي فإن الصراع بين الرأسماليين والعمال هو الذي يوجد المجتمع الاشتراكي
في روسيا هل حدث الصراع ؟ لم يحدث الصراع لعدم وجود النظام الرأسمالي .
الفلاحين هم الطبقة الغالبة لا العمال .
قام الحزب الشيوعي بدلاً عن الطبقة في إيجاد الصراع .
الحزب هو الذي خلق الصراع مع طبقة الملاًّك التي كانت قائمة في المجتمع وهو في نفس الوقت حلّه بإزالة هذه الطبقة والاستيلاء على مقاليد الحكم , لكي يحكم هو لا الطبقة العاملة ولكي يكون بعد ذلك ديكتاتورية الحزب لا ديكتاتورية البروليتاريا .
والآن القاعدة الثالثة : فائض القيمة .
كما جاء سابقاً أن فائض القيمة يعود للرأسمالي أو المالك في صورة فائدة عن رأس مال أو ريع للأرض أو شبه ربح , أي أن الرأسمالي يستفيد دون أي عمل . في حين أن العامل لا يحصل لقاء عمله إلاّ على أقل القليل .
الاشتراكية تهدف إلى التوزيع العادل .
في التطبيق هل حصل ذلك , هل تم تطبيق القاعدة الثالثة / فائض القيمة / كما جاءت في الأفكار الأولى ؟ هذا أيضاً من الأسئلة المهمة ؟
على العكس من ذلك هو الذي حصل , لقد استقلت الفئة الحاكمة بالحصول على فائض القيمة وتوزيعه تبعاً لما تراه من مصارف , ومن أهم هذه المصارف :
تعزيز سلطة الحزب .
رفع شأن الدولة .
إذن لم يعد فائض القيمة إلى العمل وإنما تم توجيهه وجهات آخرى تبعد عن الأهداف الحقيقية للاشتراكية – هي أغراض حزبية وأهداف وطنية .
ومن خلال ذلك انتفى أي تحقيق للاشتراكية , طالما أنها لا تقوم لمجرد أن الطبقة العاملة قد تولّت الحكم بل تقوم عندما تتجرّد هذه الطبقة من الحق الأول لأي طبقة حاكمة ألا وهو حق التصرّف في فائض القيمة .
هناك مثل انكليزي ينطبق حسب ظنّي على ما حصل في ثورة أكتوبر بالنسبة للبلشفيك ألاّ وهو :
إذا أردت أن تختبر إنسان فإعطه سلطة أو مال ..
عند ذلك سوف يتبين ما يقدمه , وهل سوف يستطيع أن يُطبّق ما يؤمن به على أرض الواقع ؟
مجرد رأي .
التطبيق الاشتراكي في روسيا قد عمل على إحلال ملكية الطبقة الحاكمة محل الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج , ثم استبقى قانون القيمة قائماً بحصول النظام الحاكم على كل فائض القيمة الذي كان يحصل عليه الرأسماليون والملاّك واستقلاله بالتصرّف فيه .
للحديث بقية .
/ ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟