أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نبيل عبد الأمير الربيعي - قصر النهاية ...مثرمة اللحم البشري















المزيد.....

قصر النهاية ...مثرمة اللحم البشري


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 20:46
المحور: حقوق الانسان
    


في أواخر السبعينات من القرن الماضي احتدم الصراع في العراق بين السلطة والمعارضة اليسارية على وجه التحديد. وبالرغم من أن أساليب الخطف، والتعذيب، والقتل كان سائدة ومعروفة قبل هذا التاريخ، أي منذ الحقبة الملكية ولحين بزوغ نجم ثورة تموز 1958 , وقد استقر العراق سياسياً لفترة وجيزة ثم بدأ ا لحراك السياسي المعادي للجمهورية من القوميين والوحدويين وشركات النفط ورجال الإقطاع وبعض رجال الدين ومن تضرر من قانون الإصلاح الزراعي فبدأت تحاك بعض الانقلابات الفاشلة ومنها ما حدث في الموصل بقيادة الشواف ومن بعض الدول العربية ولم تنتهِ هذه الأساليب أو تخف وطأتها في الأقل إلا في نيسان عام 2003 عندما طويت مرحلة الحروب والغزوات مع الدول المجاورة وسلوك النظام الشمولي مع أبناء الشعب وخاصة من المعارضين للنظام الدكتاتوري في العراق من الخطف لأسباب سياسية أو معارضة لسلوكيات النظام من دخول العراق في دوامة الحروب مع الدول الجوار . السجن لم يكن سوى جزء للمعارضين من السياسيين وخاصة الجهات اليسارية إن ما يطبع الشباب هو تشكل الطبع والشخصية وخلق قاعدة للمعرفة وطريقة فهم العالم، وقد كان السجن جزءاً من هذا التشكل العام ليس إلا… قبل السجن كانت هناك تجربة كاملة في مجال الحياة السياسية والاجتماعية، كانت فيها فكرة السجن مُغيّبة أو مستبعدة، على الأقل، في تلك المرحلة كان الشباب الذين كانوا في الاساس مستعدين لتحمل دورهم في عالم السياسة ومحاولة ادارك كيفية تحمل هذا الدور في هذا المسار الذي شهدوه في بلدهم. إشتهرت بعض السجون والمعتقلات العراقية زاحمت شهرة مواقع المسارح العالمية الشهيرة أو الملاعب الرياضية التي تقام فيها دورات الأولمبياد. بعضها أصبحت مادة ثرية لأعمال أدبية ناجحة من رواية وشعر ومسرحية، وأخرى تحولت إلى أغان وأناشيد يترنم بها الضحايا كل من وجهة نظره. وصار الحديث عن بعض هذه السجون والمعتقلات في الصحافة العربية خلال السنوات الأخيرة متداولاً بحياء، لا لأن العولمة وصلت العالم العربي وطرقت أبوابه ففتحها له وانفتح على نفسه وعلى الآخرين، بل لأن معظم هذه السجون والمعتقلات العريقة كانت محطات استراحة أو تأمل أو حتى تدريب لعدد من الحكام والقادة والزعماء الذين ارتقوا برج السلطة فأعادوا تدويرها لاستقبال قادة وزعماء مقبلون يطلقون عليهم في السجون المعارضة.
في العراق من قصر الرحاب الى قصر النهاية.... سمي القصر بـالرحاب لأنه حين أكمل الأمير الراحل عبد الإله بناءه على نفقة العائلة المالكة عام 1937 أخذ يبحث عن اسم يطلقه عليه،فانتقلت فأوصاه أحد المسنين من العائلة تسميته بـقصر الرحاب نسبة الى قرية رحاب القريبة العائلة اليه بعد وفاة الملك غازي والد الملك فيصل الثاني الذي قتل مع جميع أفراد العائلة المالكة صبيحة يوم 14 يوليو. (تموز) 1958
صمم قصر الرحاب معماري مصري وأشرف على بنائه عام 1937. وكان يتكون من عدة غرف وصالون وغرفة طعام ومكتبة . وكان للقصر سرداب ينز ماء ولم تستطع العائلة المالكة معالجة تسرب الماء.
اتخذ انقلابيوا 8 شباط الأسود عام1968من قصر النهاية سجن للمعارضين من القوى الوطنية ويقع هذا القصر شرق العاصمة العراقية بغداد بين ضاحية المنصور الراقية (حي دراغ تحديدا) شمالا ونهر الخر جنوبا، يقابله، عبر الشارع الرئيسي قصر الزهور مقر الملك الراحل فيصل الثاني ، والذي تحول بدوره الى ما يعرف حاليا بفندق الرشيد. وقد تحول الى أشهر سجن في العراق، بعد سجن نقرة السلمان، بعيد انقلاب 8 شباط الأسود بعد ان اصبحت حاجة النظام الجديد لسجون إضافية شديدة نظرا لحملة اعتقالات واسعة جدا شملت مختلف الاتجاهات السياسية في العراق.

(دور ميليشيا الحرس القومي في عام1963)
اما الاعتقالات فهي من الضخامة الى درجة يستحيل علينا الآن إعطاء رقم محدد عنها. الكثير من عمليات الاعتقال تتم لمجرد الشبهة أو الوشاية. ولقد جرى إنشاء معسكرات اعتقال جماعية كبيرة في وسط الثكنات العسكرية والملعب الأولمبي في الأعظمية وأينما أمكن، لإلقاء كافة المدنيين الذين اعتقلوا في غضون أيام الانقلاب المنصرمة ولم يعدموا بعد. لكن الإعدامات التي جرت لغيرهم هي بإعداد لا تحصى وبدون محاكمه.
ان عدد الذين قتلوا لم يتم الكشف عنه بعد. ففي وزارة الخارجية يقولون عن احتمال ان العدد هو ان الرقم لم يتحدد بعد على وجه الدقة لكن التقديرات الحقيقية الاكثر تواضعاً واتزاناً وتتحدث عن سقوط الف شهيد والواقع يقول اضعاف هذا العدد واغلبهم من الوطنيين الشيوعيين على اقل تقدير في العاصمة بغداد وحدها .
في يوم السبت 9 شباط كان، بإقرار الجميع المعاصرين للأحداث، اليوم الاكثر رعباً. لذا فقد حبس الناس انفسهم في المنازل، حيث حصل قطع في الكهرباء، كما إن أصوات رشقات الرشاشات كانت تسمع في أركان الشوارع. وبينما كانت الأوامر والأوامر المضادة تذاع من الراديو، وبمساعدة بعض اذاعات الدول المجاوره وبأسماء الوطنيين وعناوينهم كان شبان من حملة الأشرطة الخضراء على السواعد يمارسون ما يشبه لعبة الحروب الصغيرة .
لديهم قوائم باسماء جميع الشيوعيين ولن يتركوا أحداً منهم يفلت من المواطنين المسيحيين كما يقال، اصطفوا مع الشيوعيين. والقلق كبير جداً في اوساط المسيحيين الكلدان الذين، كما
ان الاضرار المادية اقل مما تم تخيله، اذ كانت وزارة الدفاع مركز الهجمات الجوية، ومن الواضح بداهة انها تعرضت للقصف بكثير من القذائف والتي بمعظمها لم تكن صواريخ انما قنابل صغيرة العيار، وان كان كلام راديو بغداد خلال الساعات الاولى بعد انقلاب يوم الجمعة المصادف 8 شباط، الذي اوحى بالاعتقاد بان الوزارة تعرضت لتدمير شبه كلّي. عموماً، ورغم آثار المعارك فيها، ليس لبغداد هيئة مدينة مهدمة تحت القصف بما في ذلك احياؤها الاكثر تعرضاً للاصابات.
ويذكر الباحث محمد علي محيي الدين في(محطات من حياة المناضل معن جواد)الحلقة الخامسة
وانتشرت عصابات الحرس القومي في المدينة،والقي القبض على الرفيق محمد موسى بوشاية من خالته التي تعرف مخبأه ،وقد قاومهم بضراوة الثوري البطل إلا أن الكثرة تغلب الشجاعة،فالقي القبض عليه وعذب تعذيبا وحشيا،فقد وضع رأسه في (المنكنة) وقام البعثيين الأوباش بدق مسمار في رأسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يلعن البعث ويهتف بحياة حزبه المجيد وشعبه البطل،وكان استشهاده البطولي مبعث عزم للآخرين للمقاومة الباسلة حتى النهاية.
وقد أعطى الشيوعيين الأبطال دروس رائعة في الشجاعة والتضحية والأقدام ومقاومة الجلادين،وقتل المئات منهم تحت التعذيب البشع لأزلام البعث في قصر النهاية والمعتقلات الأخرى،وقدموا دروسا رائعة في الصمود والمبدئية العالية لا تمحوها الأيام ولا زالت ماثلة في أذهان الشعب العراقي،الذي خبر البعث ومن سانده،وعرف مواقفهم الجبانة وأعمالهم الإجرامية التي يندى لها الجبين،وما قاموا به من أفعال لا تنسجم مع القيم الشريفة،رغم مساندتهم من أطراف تدعي الإنسانية والدين،وكان الموقف البطولي لقيادة الحزب وسكرتيره العام سلام عادل،وصموده البطولي في قصر النهاية وما قام به الجلاد محسن الشيخ راضي ألبعثي القذر من أعمال بشعة،جعلت الشيوعيين الآخرين يندفعون أكثر في المقاومة وعدم الاستسلام،والصمود حتى النهاية،وتشكيل الفصائل المسلحة التي أخذت على عاتقها القيام بأعمال بطولية في قتل عناصر الحرس القومي ومهاجمة المقرات.
نشر كتاب "المنحرفون" إفادة الدكتور علي الزبيدي, الأستاذ المساعد في كلية الآداب بجامعة بغداد, جاء فيها وصفاً لعملية التعذيب التي تعرض لها, كما تعرض لها معتقلون آخرون يقول فيها ما يلي:-
إنهم يربطون يد الموقوف وراء ظهره ثم يربطونها بحبل يتدلى من بكرة في السقف ويجذبون طرف الحبل الآخر فيرتفع جسم الإنسان .. إن اليدين المعلولتين ترتفعان مع الحبل إلى أعلى من الجهة الخلفية وما أن تصل إلى مستوى قريب من الكتف حتى تشعر الضحية بالآم هائلة وتزداد هذه الآلام كلما ازداد الجذب وتصل إلى غايتها عندما يرتفع الجسم كله .. وكانوا لا يرفعون الجسم إلى ارتفاع عال بل إلى الدرجة التي تظل القدمان تلامسان الأرض بأصابعه ... ويعلو صراخ الضحية وهي تتوسل بهم أن ينزلوها ... ولكنهم يستمرون في التحقيق والصراخ: تكلم .. اعترف أنك قد .. وتتوالى الكلمات البذيئة والسب الرخيص فإذا أصر على عدم الاعتراف كما يريدون يجذبون الحبل أكثر فأكثر فيشتد الصراخ والاستغاثة ... ثم ينهالون عليه بالضرب بالعصي الغليظة .. أو بأنابيب المطاط (الصوندات) .. وعندما تصل ألام المتهم إلى حد لا يطاق يحشون فمه بالقطن فإذا أغمي عليه أنزلوه وسكبوا عليه سطلاً من الماء أو حقنوه بإبرة خاصة ليعاودوا تعذيبه حتى يخبرهم بما يريدون .. وإذا قصر أعادوه إلى مكانه بعد أن يتعبون من تعذيبه ويتركونه في غرفة التعذيب أو يحملونه ويعيدونه إلى مكانه السابق في القاعة... وهكذا كان .. يأتي الحرس إلى المكان ليأخذوه مرة أخرى .. لن تتجاوب أرجاء القصر المشؤوم بصراخ المعذب ... لقد شرعوا بتعليقه مرة أخرى ويستمر هذا الصراخ مدة تطول أو تقصر ثم تخمد فجأة .. وما أن تمر فترة ربع ساعة أو أكثر من خمود الصوت حتى يأتي الحرس ثانية يقود رجلاً آخر إلى جحيم التحقيق والتعذيب وجمد الدم في عروقنا .. كان كل منا ينتظر أن يأتيه الدور ولكن متى؟
جاء في هامش الكتاب الذي أصدره الدكتور والمؤرخ الراحل علي كريم سعيد بشأن تعذيب أعضاء قيادة الحزب الشيوعي العراقي ما يلي:-
الأساليب التي مورست في تعذيب المناضل الراحل حسين الرضي (سلام عادل) السكرتير الأول اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بعد أن اعتقل في التاسع عشر من شهر شباط/فبراير 1963 وأعلن عن إعدامه وإعدام رفيقيه محمد حسين أبو العيس وحسن عوينة في السابع من آذار/مارس من نفس العام. وكان القادة الثلاثة قد قتلا تحت التعذيب, ولم يكن إعلان الإعدام سوى ذر الرماد بالعيون وإخفاء حقيقة التعذيب القاتل.
وبعد أن فشلت كل أساليبهم في النيل من إرادته الفولاذية ضربوه بالهراوات حتى أدموه, علقوه من رجليه مشدوداً إلى السقف, أوقعوه مغشياً على الأرض, ... قطعوا كسروا عظامه ...طوحوا به في سراديب مياهها الآسنة الباردة مقيداً عارياً ... حرموا عليه الأكل والشرب والمنام, لم يبقوا في جسده مكاناً تمتحن فيه بطولة وإرادة الإنسان الشيوعي إلا وسلطوا عليه آلات تعذيبهم الجهنمية. وامتدت أيديهم الآثمة إلى عينيه الجريئتين رغم كل هذا العذاب ... ضغطوهما بالأصابع حتى ينزف منهما الدم وسال منهما ماء الرؤية ... وأخيراً طرحوه أرضاً .. مهشماً .. مشوهاً .. بقية إنسان كبير كان بالأمس مليئاً بالحيوية والحب للخير .. لكل البشرية ... للشعب العراقي .. وسيروا فوقه عجلة حديدية ضخمة (حادلة, ك. حبيب) سحقت جسده النحيف..."
"يقول الضابط محمد علي سباهي الذي كان عضواً وأحد مؤسسي المكتب العسكري لحزب البعث العربي الاشتراكي قبل 8 شباط: "في عام 1963 زرت في قصر النهارية عمار علوش وكان مشرفاً على التحقيقات, فرأيت عنده عبد الكريم الشيخلي (وزير الخارجية فيما بعد)وأيوب وهبي وخالد طبرة, وفوجئت بالصحفي عبد الجبار وهبي ممدوداً على الأرض وكان على وشك الموت ويطلب الماء, ويجيبه خالد طبرة (مدير عام فيما بعد): "ها گواد (قواد) تريد مي (ماء)!!", ولم يعطه. وكان الدكتور فؤاد بابان قد أخبرني بمدينة السليمانية عام 2001 قائلاً: كنت معتقلاً في قصر النهاية "فرأيت عبد الجبار وهبي (أبو سعيد) منشور الرجل من تحت الركبة بآلة نشر خاصة, وكان إلى جانبه شخص آخر لديه يد واحدة معلق منها"0
وبصدد أساليب التعذيب التي مارسها البعثيون ضد المعتقلين كتب المحامي خالد عيسى طه في مقال له حول تجربته مع المندائيين أثناء وجوده في المعتقل كتب يقول:
".. أدخلونا ذات ليلة في غرفة .. و في الصباح التالي رأيت منظرا لن أنساه ما حييت إذ رأيت شخصا كهلا ، شيخا مسنا قد وثقت يديه ورجليه بكرسي وكان هناك رجل من الحرس القومي يمسك بيده شمعة ويريد بها حرق لحية الشيخ بينما كان شيخنا يصرخ و يصرخ. فكرت في داخلي إذ لم أكن أتخيل يوما أن يكون هناك حزبا بكامله يحمل السلاح ويهدد لحية رجل مسن بريء!!!! فبدا لي أن حرسا قوميا يمثل حزب البعث قد ترك كل الأهداف المعادية وركز على لحية الشيخ المندائي" الصابئي.





إنه أحياناً كان يؤتى بإنسان يراد قتله، فيربط على الحائط، ثم يؤمر جماعة ممن عندهم السلاح، أن يجربوا (على اصطلاحهم) سلاحهم فيه، فكانوا يضربونه بالبنادق والمسدسات حتى ينهكوه جسدياً، كسراً وجرحاً وهو يستغيث ثم يطلقون عليه الرصاص حتى يموت.
وأحياناً يترك بعد التعذيب يوماً أو أكثر في حالة الغيبوبة وما أشبه، ثم يقتل.
وكانوا أحياناً يحرقون بدن المقتول بإلقاء مواد حارقة عليه ثم إشعال النار فيه.
وأحياناً كانوا يثقبون بعض أجزاء جسم من يراد إعدامه كاليد والرجل وما أشبه ثم إدخال حبل غليظ فيه، وجرّه من الطرفين كالمنشار حتى يقطع اللحم والجلد.
قال: وذات مرة مات المعذَّب بعد دقائق من إجراء هذه العملية عليه..

ثم إن من الجدير بالذكر، أن قصر النهاية لم يكن مركزاً للتعذيب وحده، بل كانت مراكز الأمن في كل العراق كذلك وكانت السجون فيها محلاً للتعذيب، وقد سيطر البعث على أكثر من مأتي مركز في بغداد، وكانت هي دور السجن والتعذيب، وأحياناً كان يصل عدد السجناء إلى مائة ألف ونحوه، كما كتبت عن ذلك بعض صحف لبنان.

بعد اسقاط حكومة البعث في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 من قبل عبد السلام عارف، الحق جزء كبير من القصر بمعرض بغداد الدولي كاستثمار سياحي يرتبط بمصلحة السياحة والمعارض العراقية.
واعيد كسجن مرة اخرى بعودة حزب البعث العراقي الى السلطة اثر الانقلاب على حكومة الرئيس عبد الرحمن عارف، الذي اعقب شقيقه الرئيس عبد السلام عارف بعد مقتله في حادث طائرة، في 17 يوليو 1968، ليمتلئ مرة اخرى بالمعتقلين من خصوم العهد الجديد وبينهم رؤساء وزارات سابقين مثل عبد الرحمن البزاز، الذي كان يجبر على السير على اربع نابحا كالكلاب وطاهر يحيى الذي كانوا يضعونه في كيس من الخيش مليء بالقطط، وغالبا ما يجري ذلك بعد انتهاء التحقيق للترفيه والتسرية عن نفوس السجناء، ووزير الدفاع عبد العزيز العقيلي وشخصيات حكومية ومدنية وجماعات سياسية متنوعة غير متجانسة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، بعدما جرى توسيعه واضافة ملاحق وزنازين جديدة تحت الارض بمساهمة المانية شرقية. و ان صدام حسين احد ابرز المشرفين والمنفذين لعمليات التحقيق والاستجواب الخاصة، ولما عرض منصب مسؤولية الامن الداخلي على عدد من اعضاء مجلس قيادة الثورة تطوع صدام لتسلم المنصب من بين رفاقه فتأسس «مكتب العلاقات العامة» برئاسته على ان يرتبط الجهاز برئيس مجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية للحزب.
وكان صدام ومعاونوه المقربون يمضون اوقات استراحاتهم من عناء العمل في قصر النهاية يتناولون طعامهم في مطعم مقابل له اسمه مطعم الفاروق.
اتخذ ناظم كزاز مدير الامن العام من قصر النهاية مقرا ثابتا له، ويقال ان مؤامرته المزعومة على النظام القائم قد طبخت هناك وقام بموجبها باختطاف ابرز رموز السلطة مثل حماد شهاب وزير الدفاع وسعدون غيدان وزير الداخلية والاتجاه بهما الى الحدود الايرانية. وقد قاد صدام حسين نفسه عملية تعقبه خارج بغداد، حيث تم القبض عليه ومقتله، الامر الذي عزز من موقعه الذي قربه اكثر فأكثر من البكر الذي اصبح يخافه ويثق به في الوقت نفسه، حتى سنحت لصدام ازاحته عن المركز الاول في الدولة بظروف غامضة توفي بعدها بفترة قصيرة، ويروي ان صدام حسين سقاه السم ليموت بشكل بطيء في ما بعد.
كانت مؤامرة كزار التي تتلخص بقتل البكر في مطار بغداد الدولي بعد عودته من زيارة رسمية لبلغاريا، لكن عودته تأجلت بعد اكتشاف ما سمي بمؤامرة ناظم كزار، وكان ذلك بمثابة الفرصة الذهبية المؤاتية لالقاء كل تبعات القمع السياسي والتعذيب الوحشي التي عرفها العراق عامة، وهذا المعتقل خاصة على عاتق ناظم كزار واتخذ القرار بعدها بتصفية المعتقل وتهديمه عام 1973، ودعيت الصحافة والتلفزيون لزيارة الانقاض وشاهد الحاضرون ما يدل على آثار التعذيب وشعارات وذكريات تزين جدرانه وزواياه.
ولكن شهود عيان ذكروا ان ما جرى تهديمه لم يكن الا جزءا من المعتقل المذكور، بينما بقي الجزء المتبقي سليما، وهو اكثره، ليجري تطويره مرة اخرى واستخدامه كمعهد تدريبي للطلاب الذين يجري اعدادهم كضباط مخابرات «معهد مديرية المخابرات للتدريب» ليصبح احد اهم المراكز الامنية والمخابراتية لحفظ المعلومات الذي يرجح امر قصفه بالطائرات الاميركية «عاصفة الصحراء عام 1990



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزن العراقي ...يخيم على بلدي الجريح
- هادي الهلوي.... المثقف القطباني
- عقيل علي... ومأسات شاعر
- ناظم حكمت والنزوح للحرية
- المغني والشاعر والمعلم فيكتور جارا
- دعوة لدراسة ظاهرة الزواج المبكر


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نبيل عبد الأمير الربيعي - قصر النهاية ...مثرمة اللحم البشري