أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الدستور!















المزيد.....

الدستور!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدستور ما الدستور وما أدراك ما الدستور..

وإنَّ أوَّل ما ينبغي لنا قوله في أمر الدساتير هو ضرورة أنْ نتحرَّر، عقلاً وفكراً وشعوراً وممارَسةً، من "الأوهام الدستورية"، وأهمُّها وَهْم أنَّ الدستور نصٌّ خالد، مقدَّس، وكأنَّه الكِتَاب أُنْزِل علينا، منه آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ.

وليس من دستور مستقل، بنصِّه وروحه وتفسيره وتأويله والأفعال التي يُتَرْجَم بها، عن العلاقة، وعن جوهر وخواص العلاقة، بين "الحاكم" والمحكوم"؛ فإنَّ الدستور هو دائماً وأبداً، ولو "أقرَّه" الشعب، "الإرادة العليا للحاكم، مُعبَّر عنها بلغة قانونية"؛ والحاكم لا يريد إلاَّ كل ما تقتضيه مصلحته في البقاء حاكماً، وفي توطيد حكمه.

والحاكم هو وحده الذي يحقُّ له خَرْق وانتهاك دستوره، فتَناقُض مصالحه (الواقعية) قد يجعله في تَناقُض مع بعضٍ من دستوره، فَتَغْلُب مصلحته الجديدة مبدأ "التزام الدستور"، نصَّاً وروحاً؛ ولقد رأيْنا الدكتاتور حسني مبارك، المُسْتَخْذي لمصلحته في تأبيد حكمه، وفي توريثه لنجله جمال، يَمْسَخ الدستور، ويعيث فيه، بما يوافِق ويَخْدُم تلك المصلحة.

وويلٌ للدستور، وعبيده وعَبَدَتِه، في "جمهوريات مبارك العربية"، وما أكثرها، إذا ما ثَبُت وتأكَّد للسيِّد الرئيس أنَّ دستوره، على نفعه الجزيل له، لا يفي بالغرض، ولا يَخْدُم مصلحته على خير وجه؛ فإنَّه، عندئذٍ، يحيل الدستور على التقاعد، لِيَشْرَع ويَسِن لحكمه قانوناً جديداً، وكأنَّ البلاد قد حلَّ بها (أو يوشك أن يحل بها) من الكوارث والمصائب والنوازل ما يشدِّد الحاجة إلى نبذ الدستور في إدارة شؤونها وأمورها، وإلى الاستمرار في هذه الإدارة (المنافية للدستور، والمضادة له) زمناً طويلاً (عشرات السنين).

وكثيراً ما سَمِعْنا محكومين عرباً من ذوي النيِّات الحسنة، ومِمَّن ابتلاهم الحاكم وكهنته بـ "البلاهة الدستورية"، يقولون في ألم وحسرة إنَّ الدستور (بحدِّ ذاته) جيِّد وحَسَن لو عُمِل به، أي لو التزمه الحاكم (نصَّاً وروحاً) وأتاح للمحكوم التمتُّع بالحقوق التي كفلها له الدستور؛ أمَّا التجربة، أي "المغامَرَة"، فكثيراً ما جاءت بما ينبغي له أنْ يُقْنِع "ضحيتها" بأنَّ الطريق إلى جهنَّم مبلَّطة بالنيَّات الحسنة؛ فإنَّ الدساتير العربية لا تقوم لها قائمة إذا لم تسلبك بيسارها ما أعطتك إيَّاه بيمينها؛ وهذا ما نراه دائماً في العبارات الدستورية "القَيْدِيَّة"، فالمواطِن له "الحق في..؛ على أنْ..، أو شَرْط أنْ..، أو بما لا يتعارَض مع..".

الحاكم العربي ما عاد (والحمد لله) يستمد شرعيته في الحكم من السماء، وإنْ ظلَّ بعض الحُكَّام مُفَضِّلاً "شرعية أرضية يخالطها نزر من الشرعية السماوية". إنَّه يستمدها الآن من "الدستور"؛ أمَّا الدستور نفسه فيستمد شرعيته من "الشعب"؛ لكن هل من "شرعية شعبية" إذا ما كان الشعب نفسه "غير حُرٍّ"؟!

إنَّ "المجتمع الحُرُّ" هو وحده الذي فيه، وبه، يوجد "الشعب الحر"، فيحظى "الدستور"، من ثمَّ، بـ "شرعية شعبية"، ويحظى "الحاكم"، من ثمَّ، بـ "شرعية دستورية".

وهذا إنَّما يعني، وعلى ما أوضحت وأكَّدت الثورتان التونسية والمصرية، وسائر الثورات الشعبية الديمقراطية العربية، أنَّ غياب "المجتمع الحر" يُغيِّب، حتماً، "شرعية" الدستور والحاكم معاً.

ولن ينال من قوَّة هذه الحقيقة أنْ نرى "أعراساً انتخابية" تضم الأكثرية، أو حتى الأكثرية الساحقة، من الناخبين العرب؛ فهذه "الأكثرية الشعبية" هي خير دليل على أنَّ "الشعب"، أو "المجتمع"، ما زال "أقلية سياسية".

أيُّهما أوَّلاً، "الدستور" أم "الديمقراطية"؟

الديمقراطية أوَّلاً؛ فأوَّلاً، وبادئ ذي بدء، يتمكَّن (أقول "يتمكَّن" ولا أقول "يُمكَّن") الشعب (أفراداً وجماعات) من ممارَسة حقوقه الديمقراطية والسياسية والمدنية كاملةً غير منقوصة؛ وهذا إنَّما يعني بدء مرحلة انتقالية (ليست بالقصيرة) فيها من الحرِّية والديمقراطية والحراك والجدال والتفاعل والانحلال والتركيب.. ما يكفي لولادة المجتمع الحر؛ والحاجة إلى هذه المرحلة لا تنتفي مهما خالطها من أخطاء وخلال وسلبيات، فالناس لا تتعلَّم إلاَّ من تجاربها، ومِمَّا انطوت عليه هذه التجارب من أخطاء وخلال وسلبيات.

ولا بدَّ للأفكار والآراء والمقترحات الدستورية من أن تكون مدار الجدل الشعبي والحزبي في المرحلة الانتقالية؛ فمن هذه الطريق يأتي الدستور الديمقراطي الجديد العصري.

قد يزدحم "الشارع السياسي"، في المرحلة الانتقالية، بالأحزاب والمنظمات والجماعات السياسية، فـ "يتعرقل السير"؛ لكنَّ هذه الحال لن تدوم طويلاً؛ فإنَّ ما يشبه قانون "الانتخاب (أو الانتقاء، أو الاصطفاء) الطبيعي" سيَفْعَل فعله، محوِّلاً هذا الشتات الحزبي إلى نقيضه.

مشروع الدستور الجديد لن تتولى كتابته إلاَّ لجنة، أو هيئة، من خبراء القوانين والدساتير؛ وينبغي لهذه اللجنة، أو الهيئة، أنْ تُنْتَخَب انتخاباً شعبياً؛ وينبغي لها، بعد انتخابها، وفي أثناء عملها، أن تُظْهِر انفتاحاً على ما تمخَّض عنه الجدل الدستوري الشعبي والحزبي من أفكار وآراء ومقترحات.

وبعد انتهائها من كتابة مشروع الدستور الجديد، يُدْعى الشعب إلى الإدلاء برأيه فيه، فإذا أقرَّه بدأ الإعداد لانتخاب برلمان جديد، تنبثق منه حكومة، تَعْدِل وتساوي "السلطة التنفيذية" في البلاد، وتأتي ممثِّلةً للغالبية البرلمانية؛ على أنْ يُنْتَخب هذا البرلمان وفق نظام التمثيل النسبي؛ فهو وحده الذي في مقدوره تسييس الحياة الانتخابية والبرلمانية في مجتمعاتنا العربية؛ أمَّا رأس الدولة فلا يملك إلاَّ ما يملكه عَلَم البلاد من أهمية رمزية.

والدستور الجديد، الديمقراطي والعصري، إنَّما هو الدستور الذي لا يضيق بأيِّ خيار سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي جديد للشعب الحر، والذي يتَّسِم بكل ما من شأنه أنْ يجعله "السُّلَّم" بمعنييه: "سُلَّم للصعود (إلى قِمَّة السلطة)"، و"سُلَّم للهبوط (منها)"، والذي فيه من الديمقراطية والحرِّيَّة ما يجعل حتى المتطرفين في معارضتهم السياسية (والفكرية) منحازين إلى مبدأ "التداول السلمي للسلطة"، والذي يجعل كل أقلية، وكل معارضة، تَشْعُر بأهمية وجدوى وضرورة أنْ تكون، أو أنْ تظل، جزءاً لا يتجزَّأ من هذا الكل المجتمعي.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصانة دولية للثورات العربية!
- مصر.. أكثر من -انتفاضة- وأقل من -ثورة-!
- الطاغية المُطْلَق!
- البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر!
- -نصف انقلاب-.. و-نصف ثورة-!
- شباب اكتشفوا الطريق.. واخترعوا الوسيلة!
- -الثورة الناقصة- هي الطريق إلى -الثورة المضادة-!
- انتصرنا!
- لِنَعُدْ إلى جريمة -كنيسة القديسين-!
- سِرُّ -الجمهورية شبه المَلَكِيَّة-!
- لولا مخافة الشرك بالله لأمَرْتُ مفتي السعودية أنْ يسجد للصبي ...
- لِتَحْذَر الثورة -الحل البونابرتي- و-لصوص الثورات-!
- أمْران لا بدَّ من توضيحهما!
- ما رأي الطبِّ النفسي في الخطاب وصاحبه؟!
- من حقِّه أنْ يُخْلَع لا أنْ يَرْحَل!
- نصفه فرعون ونصفه نيرون!
- قصة موت غير مُعْلَن!
- قنبلة -الوثائق-!
- لا تسرقوا منها الأضواء!
- هل يقرأ الحاكم العربي سورة -افْهَمْ-؟!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الدستور!