|
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 11:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بدأت ملامح ثورة علية ترتسم بإسقاط وجوه من الحكومة الإنتقالية ، وبدأ شبح سرقة ثورة يختفي تدرجيا من فكر التونسيين ، ولو ببقاء رأس الحكومة الذي هو ذات الشخص المغضوب عليه . ولعل هذه النقلة ستعيد للبلاد والعباد توازنهم ، أو أن القوم لا يهدأون ، ولا يتوقفون عن الإحتجاج حتى يسقط رئيس الحكومة ، فالزاحفون من ولايات الوسط والجنوب المعتصمون ، لا يتوقفون إلا بتحقيق الهدف الأسمى الذي من أجله تركوا ديارهم ومصالحهم وعرضوا أنفسهم للهراوات والعازات المسيلة للدموع . من جانبي فلن أتوقف ، ولن يهدا لي بال حتى يسقط آخر معقل للنظام السابق وتكوين مجلس تأسيسي شعبي يتولى مقاليد البلاد مؤقتا ، ليشارك الجميع في رسم آمال الشعب في التحرر والإنعتاق وإعداد دستور يتطابق ومأمل الجميع . *ثورة تونس الصغيرة بحجمها وشعبها ، الكبيرة بثورتها أحدثت لنفسها هالة من الكبر والعظمة ، في نفوس الأشقاء ، والأصدقاء ، وحتى الأعداء في بضع أسابيع ، وهو ما لم يقدر على خلقه لها نظام تأسيد على مقدرات البلاد ما يقارب ربع قرن ، لهذا فهي جديرة بأن تكون ثورة العظمة وصاحبة السبق والريادة .، وجوانب عظمتها مستمدة من أمور هي : 1) أنها ثورة عفوية من ا لشعب وبدون رأس حربة حزبية ، فهي ثورة المظلومين والمقهورين الذين يتطلعون إلى غد أفضل وأرقي . 2) حيادية الجيش التونسي ، وإدراكه لمهامه الدستورية أعطى زخما للثورة ، وهي سمة تحسب له ، مقارنة لما يجري عند الآخرين الذين جعلوه مطية لتحقيق أهداف سياسية طموحة أو الحفاظ على مغانم دنيوية محققة . 3) التدرج في المطالب المرفوعة ، يظهر مدى قدرة التونسيين على استغلال الظرف المناسب لتحقيق الحد الأقصى من المطالب ، وسايروا منطقا سائدا عند زعيمهم بورقيبة الذي كان له شعارا ( خذ وطالب ). 4)حجم الخسائر البشرية والمادية قليل مقارنة بثورات مثيلة سابقة ، وما يثلج الصدر هو تجاوب جميع الأطياف الفكرية والسياسية والثقافية و الإجتماعية مع الثورة ، فلم تظهر المعارضة إلا بصفة باهتة ، فحتى الشرطة المخطئة طالبت الصفح ، وشاركت في المسيرات . 5) انتقال إشعاعها الثوري التحرري إلى بلدان مشرقية ، فتماهت الشعوب معها في حراك احتجاجي في اليمن ومصر والسودان والجزائر وليبيا والأردن ،وما يقع هذه الأيام الأخيرة بمصر واليمن ينبيء بتكرار بجربة تونس على أوسع نطاق . 6) تصريحات الأمريكان والفرنسيين ، والإتحاد الأوروبي بالوقوف مع الشعوب في مسيرتها المطلبية ، (ولو هو من النفاق بمكان) ، أفقد الأنظمة الإستبدادية توازنها ، فإما أن تخضع سريعا لإرادة شعوبها في التغيير ، أو يبتلعها أتون الثورة المدمر . 7) الاستبداديون والظلمة من الحكام ، أدركوا ما ينتظرهم أخيرا ، قتل وشنق على المباشر ، أو انتحار محتوم، أو هروب بلا وجود مستقبلين لهم ، وما يلحقها من تجميد للأرصدة وحجز للمتلكات المنهوبة ، ومطاردة من الأنتربول ... فحكامنا هذه الأيام لا ينامون ..... فإن ناموا فكوابس ثورة تونس تلاحقهم وتنغص عنهم حياتهم اليومية وتلجم أفواههم ، حتى وسائل أعلامهم لا تتعرض لما يقع في مصر واليمن من عظيم الخبر خوفا من انتقال أمرها إليهم . 8)سياسة تخفيض الأسعار ( رشوة مبطنة ) ، وتحسين الخدمات الإجتماعية ، والليونة التي تبديها بعض الحكومات في التعامل مع مواطنيها هي كلها شواهد دالة على إدراك الأنظمة لأخطائها ومحاولة إصلاح ما أفسدته وهي مرغمة . 9) الترسانات العسكرية والأمنية في دولنا ، والمقدرات المالية المقتطعة لها في السر والعلن ، تظهر أنها موجهة قصدا لحماية الأنظمة ضد شعوبها ، فهي أذرع فولاذية عصية لجلد الشعوب وكبتها واضطهادها وتخويفها لا لتحريرها واستقلالها . 10)الأنظمة الغربية تكيل بمكيالين ، فهي مع الأنظمة الإستبدادية سرا بما تقدمه لها من دعم لوجيستي وعسكري نظير تنازلات لصالحها في مجال نهب الثروات الطبيعية في بلداننا ، وعندما تلحظ بأن الثورة في طريقها إلى التتويج والنجاح تعلن تأييدها لها ، وهو ما وقع مع فرنسا والولايات المتحدة تجاه ثورة تونس ، وهو ما صححته فيما يبدوا تجاه ما يقع في اليمن ومصر في الأيام الأخيرة . 11)المملكةالمغربية هي البلد الوحيد الذي لم تؤثر فيه ثورة تونس حسب ما يبدوا ، إما لأن شعبها لا يعاني ما يعانيه الأشقاء ، أو لأن الأيام تخفي ثورة هادرة تكنس ما فيها من نظام مخزني فاسد يدعمه حسب الإستقلال الذي هو صنو لحزب جبهة التحرير الجزائري ، وحزب الإستقلال التونسي ، اللذان رضعا النفاق معا منذ منصف القرن الماضي .
خلاصة القول أن ثورة تونس بشعبها أحدثا رجة عميقة في نفوس الأنظمة الإستبدادية في العالمين العربي والإسلامي ، وانفتحت أعين الشعوب على أن إرادتهم من إرادة الله ، وأصبحت تونس و نشيدها ( إذا الشعب يوما أراد الحياة ) على كل لسان من المحيط إلى الخليج ، لهذا يمكن عدها من الثورات الرائدة المؤهلة بجدارة بالتتويج والتوشيح بعبارة ( صاحبة الجلالة )، ولا شك بأن نجاحها سيكون حافزا قويا للشعوب المظلومة في انتهاج نفس الأسلوب ، وكثيرا ما قيل بأن النجاح في أمر سيبحث الشوق للمتابعة وتكرار الفعل لجني نفس الثمار .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
-
ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .
-
السبي في الإسلام ...رذيلة منكرة ( ردود وحدود).
-
السبي في الإسلام ... رذيلة منكرة .
-
هوية الأمازيغ ،التأصيل والتشريق .
-
جودا ، أكبر (الإستهجان والإستحسان).
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ( أرقام ودلائل )
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، ( الغزوة الثامنة، 85 للهجرة) .
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، (الغزوة السابعة، 74 للهجرة)
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، (الغزوة السادسة ، 69 للهجرة)
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ، (الغزوة الخامسة ، 62 للهجرة)
المزيد.....
-
لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار
...
-
حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب
...
-
جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي
...
-
السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي
...
-
قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل
...
-
-يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في
...
-
-تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن
...
-
الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود
...
-
-بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز
...
-
هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|