أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رويدة سالم - دكتاتورية الحكام وارادة الشعوب















المزيد.....

دكتاتورية الحكام وارادة الشعوب


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 17:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حكامنا العرب المبجلون ومنذ زمن بعيد أتقنوا فنون التحكم بالشعوب وقهرها متبعين عن جدارة ما قاله مكيافيل: "أيّها الأمير يتعيّن عليك أن تكون ثعلبا حتّى تستطيع أن تتعرّف مواقع الفخاخ وأن تكون أسدا حتّى يكون في مكنتك أن تخيف الذئاب.... من أجل الحفاظ على الدولة / عليك/ أن تسلك ضد الإيمان وضد الرحمة وضد الإنسانية بل وضدّ الدين ذاته"
سياساتهم أنتجت في كل البلاد العربية تخلفا سياسيا مثيرا للتساؤل وشعبا خانعا مستسلما لضربات أسياده المسيطرين والمتسلطين عليه بقسوة مفرطة والمستهينين بآدمية الفرد. هذا الخضوع التام للحاكم خدمته أسباب عدة. فإلى جانب التراث الديني والذي اغرق العرب في عبودية تامة لولي الامر. هذا الولي الذي أخذ المشعل من النبي الممثل لسلطة الله على الارض والناطق بكلمته المقدسة والتي لا تقبل جدلا، سبغ على نفسه كل صفاة القداسة فهو خليفة الله المتمتع ب"الحق الالهي". ما إدعاء حكام كصدام حسين او القذافي او ملوك الاردن والمغرب والسعودية وغيرهم الانتساب الى السلالة النبوية الشريفة المصطفاة لأبلغ دليل على استغلال المقدس في خدمة الأجندة السياسية للدكتاتور وقابلية المقدس خدمة الإرهاب الذي يمارسه السياسي دون مساءلة قانونية أو تشريعية. التجاوزات على الأملاك العامة والخاصة في كافة الدول العربية والتي فضحتها ثورة الشعب التونسي والتي نجد ذكرها المفصل بالإحصاءات والوثائق الداعمة في موقع ويكيليكس مثال بسيط عما يحدث في قصور وحرملك حكامنا العرب سواء كانوا ملوكا أو رؤساء في دول تدعي النظام المدني واحترام الحريات. هذا الميراث من القهر بدأ حتى قبل تأسيس الدولة الإسلامية وما ممارسة الرسول محمد للتعذيب بحق القوم من عيينة إلا دليل بليغ على مدى تسلط السياسي إذا ما امتلك زمام الأمور والحق المطلق في العمل بالرأي الواحد والاستبداد في اتخاذ القرار. ما حفظه التاريخ من تسلط الحكام منذ الدولة الأموية والعباسية والى حد التاريخ المعاصر من توحد في القرار لا يُنكره أحد. سجلاتنا الثقافية التراثية تحمل كما مهولا من تعدي الحكام على المخالفين لهم بالتعذيب وفي هذا الباب نذكر كتاب "من تاريخ التعذيب في الإسلام" لهادي العلوي. أعمال وحشية تنم عن عدوانية وعنف أصيل في الإنسان المتسلط وعدم اكتراث بحقوق المحكومين بل امتهان لكرامتهم مما أثر سلبا على نفسية الإنسان العربي وعمق خنوعه ورهبته من الحكام.
في عصرنا، عصر التقدم العلمي والتكنولوجي والحريات، حيث تغيرت القيم القديمة التي يجب أن نتعامل معها كتراث له ظروفه الموضوعية التي زالت بزواله لازال حكامنا العرب يمارسون ساديتهم بأبشع صورها. يسعون في كل الدول العربية بدون استثناء إلى إبقاء الشعب في حالة فقر وعوز دائمين حتى يكدح الشعب وينشغل بطلب العيش عن المطالبة بحقوقه السياسية كما يسهلون نشر الرذيلة والعهر في المجتمع وبلداننا العربية هي الأكثر براعة في هذا المجال فالمغرب الأقصى يمثل إلى جانب إسرائيل اكبر سوق تجارة للرقيق الأبيض في العالم كما أن الإمارات وسورية والاردن أيضا من الدول العربية الاسلامية السباقة في الاتجار بالجسد البشري //دون اعتبار للجنس// لتوفير المتعة في اسواق النخاسة التي يرتادها اثرياء العرب وامراءهم الموقرون. في هذا الباب يجب أن لا ننسى القنوات الإذاعية التي يمتلكها أثرياء عرب والتي يوجهونها للمنطقة لإغراقها في مشاغل تتدنى بها إلى المستوى ألهوسي الحيواني فتهمل قضاياها المصيرية.
أمر آخر ذو أهمية وهو دليل بين على سعي الحكام العرب الى استغلال شعوبهم باغراقهم في قضايا عاطفية تغيب دورهم الفاعل في شؤونهم السياسية او مطالبتهم بحقوقهم الدستورية. يتشدق حكامنا في كل المحافل الوطنية والدولية بمساندة للشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة في حين أن الكل يعلم أن العمل الجاد على حل هذه القضية هو من آخر الاهتمامات للكل بدون استثناء بل من مصلحة النظم الدكتاتورية القائمة في البلاد العربية أن تستمر هذه الاسطوانة المشروخة في إطار سعيها لشغل الشعب بعدو يهدد أمنه وتحميسه ضده ليسهل بالتالي تشكيل الشعب عبر امتلاكه عاطفيا ثم تدحينه وفق إيديولوجية معينة يقف فيها مع توجهات الحكومة ويتحول إلى سيف بيدها توجهه إلى رقاب المثقفين والمناطقة الذين ينقدون النظم وينادون بالإصلاح
أتفق أيضا مع طرح "سلام عبود" الذي يقول في كتابه "الإنسان البسيط مأخوذ بجريرة السياسي" أن الديكتاتور "لم يحقق سماته الفردية الاستثنائية من دون وجود جيش من المثقفين والكتاب قاموا بصناعة صفات الديكتاتور، لأن الديكتاتور لا يصنع صفاته كلها بنفسه، بل صنعها له جهاز ارتزاقي، متحجر القلب، لا هدف له سوى تلفيق صورة كاذبة وخادعة عن الديكتاتور ومآثره السياسية والاجتماعية والعقلية، لتكون الصورة الوحيدة المعروضة أمام المجتمع... جيش كبير من المعاونين ميتي الضمير، يمتهنون مهناً مختلفة، متنوعة، تبدأ بقيادة فرق الإعدام وتنتهي بالمنشدين الشعبيين من مروجي ثقافة العنف ومنظري ثقافة الموت والحرب والخراب " ويكون على الشعب الذي يجعله قهره يتقوقع على نفسه ويخفي وجهه في أفكار سلفية تشده إلى الماضي في أمل في خلاص يوفره الله في عالم آخر أن يتقبل واقعه بل يصل به الحال إلى تمجيد حاكمه والانبهار بقوته كسياسي فذ في زمن "يشكل زمن الاستكانة أو الفترة المظلمة من تاريخ المجتمع، عصر الانحطاط، وتكون قوى التسلط... في أوج سطوتها وحالة الرضوخ في أشد درجاتها. تكون الجماهير في حالة قصور واضح في درجة التعبئة التي تأهلها للرد والمقاومة فيبدوا وكأن الاستكانة والمهانة هي الطبيعة الأزلية لهذه الجماهير" الد. مصطفى حجازي. هذه المهانة تعمقها السلطة الحاكمة في نفسيات شعوبها بقطع رقاب المثقفين والحقوقيين وبوأد كل محاولات الانتفاضة أو حتى الأمل في الوقوف بوجهها والتمرد عليها.
هبة الشعب التونسي من أجل الكرامة والحرية والتي تحولت إلى ثورة لا يتبناها أي حزب أو تنظيم فكري ذو أجندة سياسية تزرع الأمل قويا أمام الشعوب العربية. فالواقع اثبت انه لا حاجة لتنظيمات سياسية لتقود الشعوب في سبيل الحرية والديمقراطية. صرخة محمد البوعزيزي الجامعي الذين أهينت كرامته لم تكن من اجل الخبز كما يحلوا للبعض القول. لم تكن ثورة جوع وجياع. لأنها لو كانت كذاك كانت رضيت بالفتات. لكنها صرخة كرامة من مثقف سانده فيها كل المثقفين من محامين ورجال تعليم ومجازين... خرجوا للشارع منادين بحقوقهم في العدل والمساوات في الفرص والكرامة وبحقوقهم الدستورية وحريتهم في التعبير وإلا ما كان النظام ليعتقل المدونين الذين انتقدوه. هذه الهبة التي ساندها شعب واع بقضاياه المصيرية حركت الماء الآسن في البؤرة السياسية التونسية. تحرك لها الشعب، كل الشعب ووقف الكل في الشارع منادين بالإصلاح. لم يتبنى تلك الثورة لا الأحزاب الخانعة والفاقدة لكل وزن ولا حتى النقابة العامة ذات المواقف المتذبذبة بين المهادنة والمعارضة للسلطة. كان الشعب وحده دون قيادات من واجه الرصاص والاعتقال ومن صمد لأنه آمن في أعماقه أن الخنوع له حدود والدكتاتوريات يجب أن تنتهي. أكيد أن النظام الدكتاتوري التونسي كان هشا بحيث كان التداعي كبيرا والسقوط سريعا. لكن ما لا يجب إهماله هو أن المقهور لما تستوي أمامه الخيارات تصير الكرامة أجدى من كل شيء آخر وان كان الموت هو البديل.ما نراه الآن في كل مدننا وقرانا من تكافل اجتماعي رائع ومن لجان أحياء نظمها الأهالي لحماية المواطنين دليل على أن الشعب التونسي بلغ من الوعي الدرجة التي تأهله لاتخاذ القرار الصائب في ما ينتظره من تحديات. شعبنا لن يغرق في برك الأحزاب المتسلقة ولن يغرق في برك السلفية بل سبيني مجتمع ديمقراطي علماني حر. لما تبلغ الشعوب هذا المستوى من الوعي تهون عندها الدماء وتضحي بكل شيء في سبيل السير إلى الأمام والإنعتاق ويضحى ضروريا أن يتحمل المواطن مسؤولية الاختيار الواعي لممثليه الذين يلتزمون بأن لا يستغلوا اللعبة السياسية من اجل الحزب الواحد ويلتزمون بان العملية السياسية يجب أن تجري داخل النظام المدني على عكس ما هو موجود بكل البلاد العربية. من الطبيعي ان نلاحظ كل التعتيم الإعلامي الذي تقوم به الإذاعات العربية حول الثورة التونسية وأن لا نستغرب سلوك الجهاز القمعي المصري لثلة من الذين أرادوا الإعراب عن فرحهم لما يجري بتونس أمام السفارة التونسية سلميا فتوقهم عدد يفوقهم بأربعة أضعاف من زبانية النظام وأن نُقر أن خطاب ألقذافي الذي يبدو مرعوبا مما يجري بدولة هي الشريان المغذي لبلاده خاصة في مجال الصحة يفضح الخوف العام الذي يسيطر على الحكام العرب في هذه الفترة الحالية. رغم ذلك فثورة شعبي تزرع الأمل في أن الكل قادر على الإطاحة بالنظم الدكتاتورية التي تتغنى بالفكر السياسي والعقائدي الواحد مجردة كل القوميات الأخرى والأديان الأخرى من حق المواطنة والعمل السياسي في بلاد هي ملك للجميع. الجرائم ضد البهائيين والأرمن والأكراد والمسيحيين عار على جبين الإنسانية
لن تقبل الشعوب بعد بارقة الأمل التي بزغت في تونس الاستكانة وقبول مصير هو الأشد هوانا في كل التاريخ ولن يرضى أحفاد السومريين وحمورابي واضع الشرائع العلمانية قبل أربعة ألاف سنة هذا القهر الديني والدماء التي تسيل هباء بسبب التعصب والجهل والفقر كما لن يقبل نسل الفراعنة بناة أرقي الحضارات البشرية وأعظمها كل ما يعانونه الآن من نظام حسني مبارك الذي يسعى بكل السبل إلى توريث سلطته وإفقاد مصر لكل ما حققه شعبها بدمه أثناء سنين طويلة من الصراع مع المستعمر وبناء الذات داخليا وخارجيا كما لن يخشوا زبانيته وأبواقه من الأزهريين والمعممين الذين يبيحون بكل سفور ووحشية دم أشقائهم المسيحيين أبناء الوطن دون أية محاكمة أو حتى تأنيب.

سيبقى الأمل لأن الشعوب بعد ما حدث بتونس تحتاج الكثير منه إلى جانب الكثير من الإرادة والعزيمة على المغامرة. أمل كبير في الغد وفيما يحمله وإرادة وعزيمة في تحرك مشروع لأنه لا مناص أمامنا وأمام كل الشعوب المقهورة من رسم مصيرنا مهما كان الدم الذي سيخضب جنباته.

دمتم بخير



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس تُسقط حائط برلين العرب ... شعب يصنع الامل .
- بعيدا عن أوهام القداسة: الإسلام. المبحث 5 الجزء 2
- ثقافتنا العربية بين عدائية التراث ومتطلبات العصر
- بعيدا عن أوهام القداسة : المسيحية. المبحث 5 الجزء 1
- أباء مقدسون أم بحث عن أصالة (المبحث4 )
- العشيرة المُصطفاة و وهم القداسة : المبحث 3
- المبحث 2 : الله: خالق قدسي او مخلوق ميكافيلي
- حضارات الديانات الابراهيمية بين العقيدة و السياسة (جزء1)
- دين الإنسان البدائي و سيوف التوحيد الإبراهيمي
- أحلام رهن الاعتقال/ خيبة الاله
- أحلام رهن الاعتقال : هكذا رأيت الإله
- القطيع العربي : كرة القدم نموذجا
- أحلام رهن الاعتقال/ الحرية شمس يجب ان تشرق
- القطيع العربي و ثور الدالية
- أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه
- شفير الهاوية [الجزء 3 و الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 3 الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 2]
- شفير الهاوية [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 6 ] 


المزيد.....




- سفارة الإمارات بإسرائيل تعبر عن حزنها في ذكرى -المحرقة- اليه ...
- رابط نتائج مسابقة شيخ الأزهر بالرقم القومي azhar.eg والجوائز ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رويدة سالم - دكتاتورية الحكام وارادة الشعوب