أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - [طعام، صلاة، حب].. بهارات صالحة لتذوق الحياة














المزيد.....

[طعام، صلاة، حب].. بهارات صالحة لتذوق الحياة


سوزان خواتمي

الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


لست من النوع الذي تستهويه العناوين (الطنانة)، ينطبق هذا على الدعايات المغرية، والعبارات الإعلانية التي تُكتب على بعض الأغلفة متباهية بأنها الأكثر مبيعاً، فالانتشار بفعل الأغلبية ليس الأفضل بالضرورة. لكن بطريقة ما، دُفعت لشراء رواية [طعام، صلاة ، حب ] للكاتبة اليزابيث جيلبرت، والتي بيع منها أكثر من 4 ملايين نسخة حول العالم، كما تحولت إلى فيلم قامت ببطولته جوليا روبيرتس ذات القوام الرشيق، إضافة لظهور الكاتبة في حلقة من برنامج أوبرا وينفري الأشهر، والمفضل عندي. رواية اليزابيث جيلبرت التي ترجمت من قبل مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ونشرتها دار العربية للعلوم ناشرون، حازت على كل تلك الشهرة وذاك الاهتمام، بل وطبعت على غلافها الأخير شهادات خاطفة لشخصيات لامعة بعضها أعرفه كهيلاري كلينتون، وميغ رايان، وبعضها لا أعرفه، لكني وضعت اسمه على غوغل كطوني كوليت، وميني درايفر ،واستر فرويد.. بالله عليكم أي موضوع أثير هذا، الذي يجعل العالم يحتفي به، ويدفعني لقراءة 400 صفحة، بل وبجعلني أشاهد فيلم رشيقة القوام جوليا!



إنها قصة ليز؛ صحفية تبلغ من العمر 31 عاماً مقيمة في نيويورك، ومتزوجة منذ 8 أعوام، تفتقد شيئاً ما، لا تعرفه، لكنه يدفعها إلى طلب الطلاق من زوج اختارته عن سابق حب متعلق بها ويتوقع منها أن تنجب. درامياً لا يحدث هذا في واقع مجتمعاتنا، لكن ذلك لم يمنعني من متابعة الأحداث التي تبدو في بدايتها متلاحقة فبعد الانفصال مباشرة يظهر الشاب ديفيد في حياة ليز فتدمن، كعادتها، حبه. هذا بالضبط ما يودي بعلاقتهما إلى الفشل. ليز المحاصرة بالخيبات وعدم الرضا،فبعد ما يقارب الـ 50 صفحة من الرواية، تعاني خلالها من عوارض الاكتئاب وأدويتها زانكس وزولفت، تقرر أن تترك أريكة بكاءها اليومي، وتسافر في رحلة طويلة إلى ايطالية والهند وأندونسيا، في اختيار دقيق لأماكن وحدتها التي فرضتها على نفسها.


ومن هنا تبدأ الرواية الحقيقية، لنكتشف مع ليز صفحة بعد صفحة، خليطاً ممتع من العالم الخارجي للأمكنة والعالم الداخلي للذات، ففي ايطالية تتعلم ليز اللغة، ومابين (الطعام والكلام) تقضي أيامها في أحضان ثقافة تمجد الحب والكسل واللذة والجمال. وأثناء تنقلها مابين بولونيا وفلورنسا والبندقية وصقلية وسردينيا ونابولي، تحاول أن تصبح أكثر صلابة وقدرة على مواجهة ذاكرتها، ومقاومة خسارات الحب. فتتعلم من ( أغوستيوم) المكان الأكثر هدوءاً ووحدة في روما، والذي تحول من ضريح، إلى قلعة، إلى مستودع، إلى حلبة مصارعة، بأن حياتنا أيضاً ترضخ للتقلبات الهائجة والتغيرات المضطربة، ورغم ذلك نحن نبقى نحن.


المحطة الثانية في رحلة الهروب والبحث عن الذات، هي الهند؛ بلاد التقشف، والتأمل، حيث تقيم ليز في المعتزل، وتخضع لطقوس التعبد، فتمارس التأمل، ودروس اليوغا، في محاولة للوصول إلى الكمال، وللتخلص من الشعور بالذنب فهو بحسب رأي البطلة ( ليس إلا خدعة من الأنا لجعلك تعتقدين بأنك تحرزين تقدماً أخلاقياً) .


أما المحطة الأخيرة للرحلة، فكانت أندونسيا، تلبية لنبوءة عراف سبق أن قال لها: ستعودين إلى بالي. الناسك كيتوت الذي بدا أنه نسي تماماً ما قاله حين قرأ كفها، يمدها بحكمته وعلاجاته لتصل إلى طريق التوازن المفقود، في الوقت نفسه تستمتع ليز بقضاء الوقت في أحضان طبيعة رائعة، برفقة مجموعة من أًصدقاء ظرفاء.


تبدو الرواية حافلة بعوالم مختلفة، متناقضة، انفعالية، هدفها تحقيق الذات عبر تنوع الرغبات. فمن أجواء الحياة والصخب، إلى دنيا الروحانيات، إلى التورط بالمشاركة والاهتمام بالآخرين. تقدمه لنا كخليط من البهارات، ففي مطاعم المدن الايطالية حيث يقدمون الـ [بيتزا الأرق واللينة بطعم الجبن الكثيف]، وفي الهند إذ يتحتم عليها أن [ تتعلم إطلاق سراح كل المسائل القديمة] ، أما في بالي فترضخ لعلاج القلب المفطور [ بفيتامين E وكثير من النوم، والسفر إلى مكان بعيد عن المحبوب، التأمل وتعليم القلب أن هذا هو القدر].


تم تقسيم الفصول على طريقة مسبحة الـ " جابا مالا " الهندية، وأتوقع أيها القارئ أن تكون مثلي، فلا تعرف شيئاً عن حبات المسبحة الـ 108 والتي تعتبر بحسب الفلاسفة الشرقيين رقم السعد، ولتحقيق التوازن(مرة أخرى) قسمت الرواية إلى 108 حكاية من خلال ثلاثة أقسام لثلاثة بلدان.. إنها معلومات تتبرع بها المقدمة التمهيدية للكتاب، لكنك بعد قراءة الرواية سترضي فضولك بمعرفة أوسع عن الطقوس الروحية التي تقام في معابد يؤمها الناس على مختلف مللهم وانتماءاتهم، للوصول إلى الراحة والسكينة، فيصومون عن الكلام، ويساهمون بنصيبهم من الخدمة العامة.


الكتاب مدهش في توصيفه لمشاعر الحزن والإحباط التي تشبه بدقتها ما ينتابنا عموماً، ورغم أن الكاتبة/ الراوية/ البطلة تركت كل شيء خلفها لتهرب من الحب، فهي لا تفاجئنا كثيراً في الخاتمة حين ترفع راية الاستسلام أمام أقدار العاطفة، فتقرر أن القلب الذي يخوض في الألم، لا يمانع في الوقوع بالحب المرة تلو المرة. وسواء رفضنا ذلك، أم اقتنعنا به، تبعاً لتجاربنا الخاصة، إلا أني شخصياً استمتعت بالرواية ومنطقها. وحسدت كاتبة ليست من أعضاء اتحاد الكتاب العرب، ولا أي اتحاد آخر، وليست تحت وصاية ناشرينا، فقد كان إمكانها، ومن تمويل كتابها الذي لم تكتبه بعد، أن تسافر لعام كامل في جولة الخاصة تلك.! وتعلمت أيضا، وللمرات المقبلة، أن أكون أكثر ثقة بالعناوين الطنانة، والدعايات الرنانة..



#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلب.. المدينة النائمة
- منع منع النقاب.. وفلسفة الخيبة
- الشرف بين فخذي رئيفة
- انا رومانسي اذن انا موجود
- لنتحدث ياصديقتي
- في قاهرة المعز : الحكم في غرق العبارة ومؤتمرات الشعر
- المهاجرة التي اطاحت بوزير اعلام
- جدتي زينب
- جدتي زينبس
- الدخول في النسيان: لاتعتذر
- ضمي الليل ونامي
- الرجل كائن لايمكن ارضاءه
- ماذا يعني يوم المرأة العالمي
- ياله من وطن
- مصطلح الأدب النسائي يحتاج إلى مراجعة
- طعم الزبد
- المرأة بين الواقع والصورة: الكأس فاضي أم مليان
- (وعي الحكاية: قراءة في مجموعة (وأدرك شهرزاد الملل
- أتهجى الحب ولا أبكي
- حادثة قيدت ضد مجهول


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - [طعام، صلاة، حب].. بهارات صالحة لتذوق الحياة