|
شكراً للسيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم .. ولكن
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 13:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شكراً للزعيمين مقتدى الصدر وعمار الحكيم .. ولكن بقلم : حبيب تومي / عنكاوا [email protected] عام 1498 انطلق كرستوف كولومبوس باتجاه الغرب في بحر الظلمات ( المحيط الأطلسي ) وفي نيته بلوغ شبه القارة الهندية وآسيا وذلك لكي يثبت كروية الأرض ، وبأنه يمكن الوصول الى شبه القارة الهندية ليس بالتوجه نحو الشرق فحسب إنما يمكن بلوغها بالتوجه نحو الغرب ايضاً ، وحينما وصل في اكتوبر عام 1498 الى جزر بهاما وكوبا ، اعتقد ان وصل الى الهند عن هذا الطريق ، وهكذا اطلق على السكان ذوي البشرة السمراء المائلة نحو الأحمرار اطلق عليهم الهنود الحمر ، باعتبارهم هنود ولتمييزهم عن الهنود السمر المائلة بشرتهم نحو الأصفرار . ونبقى مع كولومبو والقارة التي اكتشفها وهو لا يدري بنفسه ، وسوف يغدو شمال هذه القارة في القرن العشرين دولة عظيمة يطلق عليها الولايات المتحدة الأمريكية ، وما يهمنا في هذه المقدمة الطويلة هو الهنود الحمر ( السكان الأصليين ) والذين اقرت الدولة الحديثة حقوقهم كسكان اصليين ، لهم حقوق اكثر من المواطن الأبيض الذي هاجر اليها فيما بعد ، فالسكان الأصليين ( الهنود الحمر ) هم الوحيدون الذين لا يترتب عليهم دفع ضريبة الأرض ، المترتبة على جميع المواطنين باستثناء السكان الأصليين . بعجالة ننتقل الى أرض النهرين العظيمين دجلة وفرات اي بلاد الرافدين ، ولكن الى حقبة زمنية تعود الى اواسط القرن السابع الميلادي ، حيث كانت القوات الأسلامية منطلقة من جزيرة العرب وهي في طريقها الى الفتوحات في ارجاء الدنيا ، ومنها ارض بلاد الرافدين ( عراق اليوم ) ، وفي مدن هذه الديار ، الحيرة والمدائن والأنبار والبصرة والموصل وتكريت وكركوك ... وغيرها من المدن شاهدت القوات الأسلامية مدن يسكنها الكلدان المسيحيون يتكلمون اللغة الكلدانيــة ، وتنتشر في تلك الأصقاع الكناس والأديرة والمدارس ، وفي اماكن دخول تلك القوات بالذات المدائن والحيرة والبصرة والأنبار وهي اليوم مدن العراق منها كربلاء والنجف والكوفة ، حيث كانت تنتشر في هذه الأصقاع الكنائس والأديرة التي كانت تقدم المساعدات الأنسانية للمسافرين على الطرق الصحراوية . إن واحداً من المساجد التاريخية اليوم وهو جامع براثا بجانب الكرخ ببغداد كان واحداً من الأديرة . وبعد 1400 سنة من دخول تلك القوات لبلاد ما بين النهرين ، فإن المحصلة النهائية كان اندثار المكونات الأصيلة ومحو ثقافتها ولغتها الكلدانيــة ودينها المسيحي ، واليوم شتان ما بين وضع السكان الأصليين في اميركا وما آل اليه مصير السكان الأصليين في العراق وفي البلاد العربية الأسلامية عموماً . من الحماقة ان نطالب بعودة الدولة المسيحية الى العراق كسابق عهدها قبل دخول الأسلام ، لكن من حقنا التمتع بحقوق المواطنة في وطننا العراقي وأن يكون لنا حقوق كاملة متساوية مع حقوق المسلمين الفاتحين لبلادنا ، ولا نطالب بزيادة الحقوق كما هي حقوق الهنود الحمر في اميركا والسكان الأصليين في استرالياً ، لكن من حقنا ان يكون لنا حقوق دستورية في الدولة العراقية الحديثة ، تضمن بأن يكون للمسيحي الحق في تسنم اي منصب في الدولة بما فيها وظيفة رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او اية مسؤولية سيادية أخرى ، وهذا سيكون شرفاً للعراق ان يكون لسكانه الأصليين مثل هذا الحق . السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم ( عذراً لاني لا اجيد استخدام الألقاب الدينية )، ولكن اعرب عن شكري وامتناني كمواطن عراقي مسيحي الدين ، كلداني القومية ، لموقفكما الأنساني والعراقي الأصيل حيال ما تعرض له اخوانكم في كنيسة سيدة النجاة في منطقة الكرادة بقلب بغداد . وهذا الموقف الأنساني عكسه ايضاً الأستاذ مسعود البارزاني حينما فتح ابواب اقليم كوردستان امام المهاجرين المسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين وكذلك موقف مام جلال وكثير من المسؤولين العراقيين . السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم إن المقدمة التي كتبتها في هذا المقال المتواضع هي مدخل للمطالبة بحقوق الأنسان بأبسط وأوضح صورها بعيداً عن التفسيرات الدينية ، فمن بديهيات حقوق الأنسان مفهوم ( حق الحياة )، فمن حقوق الأنسان الذي خلقه الله ان يعيش حياته ولا يحق لشخص آخر أن ينهي تلك الحياة وفق مزاجه ومتى ما يشاء . لكن ماذا شاهدنا على الساحة السياسية العراقية ؟ في الشهر الماضي شق مسلحون ( مسلمون ) طريقهم الى مذبح كنيسة سيدة النجاة وقتلوا بدم بارد 58 من المصلين الأبرياء وأصابوا عشرات آخرين بجروح مختلفة ، وبذلك تمكنوا من ايصال رسالة بأن المسيحيين في هذه الديار حياتهم مهددة إن هم استمروا بمزاولة حياتهم الأعتيادية في بلدهم العراق . ان اكثر من 46 دير وكنيسة قد تعرض للاعتداء منذ نيسان 2003 م . صحيح ان المسيحيين ليسوا الضحايا الوحيدين للأرهاب وعمليات العنف ، لكن تبقى الهجمات التي تستهدفهم اشد إيلاماً ، فهذه الهجمات ليست متناسبة مع حجمهم الديموغرافي ، فحينما يتضاءل تعدادهم الى النصف في العراق ، فإن المكون السني او الشيعي لم يتضاءل الى تلك النسبة الخطرة ، وثمة مسألة أخرى وهي ان المسيحيين ليس بينهم رابطة القبيلة او العشيرة كما هي الحالة عند العرب والأكراد ، كما انهم يفتقرون الى ميليشيات مسلحة تدافع عنهم ، وفوق ذلك فإن الحكومة لحد اليوم لم تثبت جدارتها وقدرتها على الحفاظ وحماية المكونات غير الأسلامية بما فيها المكون المسيحي الأصيل . لقد عكست كلمة الأستاذ عمار الحكيم في كنيسة مار يوسف ببغداد ، في حفل تأبين شهداء كنيسة سيدة النجاة ، عكست مشاعر إنسان عراقي وطني مخلص ، إن مثل تلك الكلمات النابعة من القلب والضمير ، تغرس الأمل في النفس ، وتعكس الوجه الناصح للاسلام بعكس المسلم الذي يدخل الى الكنيسة بغية القتل والأرهاب ، إن هذه الصفحة الناصعة عكسها ايضاً الأستاذ مقتدى الصدر حينما اعلن عن استعدادهم لتشكيل فرق مسلحة لحماية الكنائس . إن مساعدة الأقليات الدينية من الأيزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين بتكويناتهم القومية من كلدان وسريان وأرمن وآشوريين ، إن مساعدة هذه المكونات للبقاء في الوطن العراقي سيعكس الوجه التاريخي الناصح للعراق ؛ حيث بقيت هذه المكونات تساهم في بناء حضارات العراق على مدى التاريخ ، واليوم يجب المحافظة وحماية هذه المكونات في وطنها العراقي ، وهو واجب وطني امام كل مسؤول عراقي رفيع او مثقف اوشخصية عراقية او حزب سياسي عراقي ، إنها مسؤولية وطنية يتحملها رئيس الجمهورية مام جلال والأستاذ مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان والأستاذ نوري المالكي والدكتور اياد علاوي والأستاذ اسامة النجيفي ، والسيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم لما يملكان من مكانة رفيعة بين جماهير الشيعة في مدن العراق . إن كل الأطراف حريصة على إبقاء المكون المسيحي في الوطن العراقي ، لكن نزيف الهجرة ما زال مستمراً ، والسبب برأيي المتواضع لا يقتصر على العمليات الأرهابية فحسب فأقليم كوردستان بعيد عن تلك العمليات لكن نلاحظ مع ذلك استمرارية الهجرة ، والسبب هو عدم توفر وظائف ملائمة ، وعدم الألمام باللغة الكردية ، فإن شاء المسؤولون ايقاف الهجرة ينبغي فتح جامعة للطلبة في منطقة بعيدة عن سطوة الأرهاب ، وتوفير اعمال ملائمة ، ومعاملة هذا المكون معاملة انسانية كما هي في اقليم كوردستان . حينما يهاجر المسيحي او غيره من المكونات غير المسلمة الى بلد اوروبي ويصادف امامه تلك المعاملة الأنسانية ، سيحث اهله وذويه واصدقائه على اللحاق به ، إننا نفتقر في بلدنا الى معاملة انسانية تضمن للأنسان كرامته الأنسانية . نحن نتطلع جميعاً الى بناء وطن عراقي مزدهر يلعب دوره التاريخي في التقدم والتطور الحضاري ، وهذا يتطلب من الجميع تظافر الجهود والتعامل الديمقراطي ، إن جزءاً كبيراً المسؤولية يقع على عاتق المجتمع المسلم ، ويتجلى امامنا في المشهد العراقي عنف وظلم اجتماعي ، فالمسيحي او المندائي يصله العنف من جاره المسلم ، وهذه الحالة لا يمكن تعميمها ، فهنالك جار مسلم وفي وأمين يحترم بل ويحمي جاره المسيحي او المندائي . إن رجل الدين المسلم يستطيع ان يلعب دوراً كبيراً في هذا المضمار ، فله كلمة مسموعة لدى الأنسان المسلم البسيط ، ولهذا على رجل الدين المسلم ان لا يزرع الضغينة والحقد وروح الأنتقام ، إنما يترتب عليه ان يغرس بذور المحبة والوئام والتسامح بين ابناء الوطن الواحد إن كان مسلماً او مسيحياً او يزيدياً او مندائياً . إن الأستاذين الجليلين مقتدى الصدر وعمار الحكيم وكل الخيرين يستطيعون ان يلعبوا دوراً هاماً في غرس الوعي وتسييد ثقافة التسامح والمحبة بين المكونات العراقية كافة . نحن نتطلع الى وطن عراقي ديمقراطي يكون واحة خضراء تزدهر فيها كل المكونات والأطياف العراقية الدينية والمذهبية والسياسية والعرقية والأثنية والقومية . حبيب تومي / القوش في 20 / 11 / 2010
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقابلة اكانيوز مع حبيب تومي اجرتها رنا زيباري
-
هل يفلح الرئيس البارزاني في إخراج العراق من عنق الزجاجة ؟
-
المذبحة المروعة في كنيسة سيدة النجاة هل هي جزء من التسامح ال
...
-
مصرف الوركاء وحكومتي العراق وأقليم كوردستان والمواطن الضحية
-
توما توماس جسّد وحدة العراق في القوش
-
هل تشكل عملية التعداد السكاني تهديداً للكنيسة الكاثوليكية لش
...
-
القوش كجبلها سوف تبقى شامخة عبر الزمن .. ولكن ؟
-
الكلدانيون والمندائيون اصول تاريخية مشتركة وقومية كلدانية وا
...
-
الكوتا لا تحمل صيغة قومية بل دينية مسيحية وتطبيقها كان مجحفا
...
-
اين يقف اقليم كوردستان من مشروع تكريم توما توماس ؟
-
نهج الحركة الديمقراطية الآشورية يهدف إخضاع الكلدان وليس شراك
...
-
الأستاذ هوشيار الزيباري هل يفعلها القادة العرب ويجتمعون في ا
...
-
مغالطات ترجمة الكوتا المسيحية على انها قومية
-
نقل طاقم حكومة اقليم كوردستان الى بغداد لتتولى امور العراق
-
اين يقف كلدانيو اميركا من الفعل السياسي والقومي الكلداني ؟
-
الحزب الآشوري والأسلوب الدكتاتوري بل الديمقراطية مع الشعب ال
...
-
السيد وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين لا نقبل بتهميش شعبنا الكل
...
-
دماء شهداء الشعبين الكوردي والكلداني تمتزج في صوريا الكلداني
...
-
ماذا بعد المؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي الكلداني ؟
-
الى منظمة الأقليات العراقية ..نرفض إجحافكم بحق شعبنا الكلدان
...
المزيد.....
-
بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة
...
-
أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية
...
-
الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2
...
-
صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير
...
-
الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط
...
-
تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
-
-بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
-
بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|