أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زينب رشيد - دفاعا عن الله















المزيد.....

دفاعا عن الله


زينب رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3179 - 2010 / 11 / 8 - 07:33
المحور: حقوق الانسان
    


هناك نكتة متداولة في الشارع الفلسطيني ملخصها أن زوجة تتحدث مع زوجها وهو يؤدي صلاته فيرد عليها بعصبية بالغة قائلا: لا تتكلمي معي أثناء الصلاة، فأنا حتى الله لا أعرفه وأنا أصلي. هذه نكتة من مئات النكت المتداولة في الشارع الفلسطيني خاصة والعربي عامة، أفضلها لا تبقي لله و في الله شيئا محصنا الا واخترقته، أو مقدسا الا ودنسته، أو عاليا ساميا إلا وأنزلته الى مادون قاع الأرض وحطت من قيمته.

بعيدا عن مجال النكتة والابتسامة الساخرة، وقريبا جدا من واقعنا اليومي فان الله ورسوله وكتبه هم عنوان دائم للشتم واللعن والسب على لسان الكبار والصغار خاصة من الذكور، فمنذ زمن بعيد لم يعد لعن الله ورسوله يثير الدهشة والاستغراب. فهذا رب أسرة انزعج من ابنه فأنزل الله من ملكوته وهو يهوي على ابنه ضربا بلا رحمة، وهذا مواطن امتعض من قيام جيرانه بالتنظيف أمام منزلهم ورش المياه فأتت بضع قطرات ماء طائشة على سيارته فلم يجد بدا من استحضار الله ليكيل له اللعنة تلو الأخرى، وهذا عامل عائد بعد أن فشل في عبور الجدار العازل للعمل داخل الخط الأخضر، وبما انه ليس بوسعه فعل شيئ لمن بنى الجدار فان أسهل الأمور عنده هو لعن الله وكل ماهو مرتبط به.

فلسطينيا، لا أحد يحاسب قائل النكتة، بل على العكس نجد أن الجميع يضحك بعد سماعهم للنكت التي تسخر من الله ورسوله والاديان جميعها، كما أن لا أحد يتخذ موقفا من الأشخاص الذين يلعنون الله في ذهابهم وايابهم ولأتفه الأسباب، وان كان لا بد من اتخاذ موقف من كل من يلعن الله فان الجميع سيتخذ موقف من الجميع، لأن لعن الله هي ظاهرة فلسطينية بامتياز، ولا أعلم ان كانت ظاهرة عربية أيضا.

لو قررت السلطة الفلسطينية اعتقال كل من يتجاوز على الله ورسوله لكان لزاما عليها أن تعتقل أغلب الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم أركان السلطة ذاتها من وزراء ومدراء ادارات، ورؤساء أقسام وقبل هؤلاء قادة الأجهزة الأمنية وضباطها ومنتسبيها فهم أكثر من يلعن الله ورسوله جهارا نهارا، وعادة ما يقولون لمن يريدون اعتقاله أو التحقيق معه تعال معنا والا "بلعن ربك" أو اعترف والا "بلعن الهك" أو "سأريك الله بالألوان".

الشاب وليد الحسيني ليس من الصنف الاول ولا الثاني، فهو لا يردد النكت التي تسخر من الله ودينه، و لا يلعن الله لأتفه الأسباب. انه شاب متزن ذو أخلاق رفيعة وسمعة حسنة في محيطه، أو هكذا على الأقل يصفه من يعرفه من جيرانه وأبناء مدينته، قبل أن "يندهشوا" لما بدر منه من كتابات نقدية لموضوع الدين والله، ويطالبون بعد ذلك أجهزة السلطة بانزال اقسى العقوبات بحقه وأغلبهم طالب باعدامه حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر. جميع أو أغلب من يطالب بمعاقبته واعدامه هم من أبناء ظاهرة لعن الله كيفما وأينما وحيثما كان!!

مدونة الشاب وليد الحسيني يدل اسمها "نور العقل" على محتواها، فهو يسجل رحلته في البحث عن حقيقته، ويكتب مقالات عن الالحاد، ويقدم الله كما هو في الفكر الاسلامي، ويذكر ما يراها تناقضات وأخطاء في القرآن والسنة، ويتحدث عن شخصية نبي الاسلام وزوجاته، ويرد بقلمه فقط على ما يعتبره ادعاءات المسلمين وما يسمونه الاعجاز في القرآن، وهو لا يوجه نقده للدين الاسلامي فقط، بل للأديان بشكل عام، لذلك نجد في مدونته بضعة مقالات في نقد المسيحية، وهذه هي العناوين الرئيسية لما تحويه مدونته.

اذا هي افكار مكتوبة تحتاج لافكار اخرى تواجهها وتنقضها، وليس الى حبل مشنقة، أو زنزانة أو دعوات قمعية أخرى، واذا رأى من اعتقله ومن يدعو الى معاقبته، بأن اسلوب العقاب هو الأسلوب الوحيد الذي يفيد في مثل حالة وليد الحسيني، فان أفكار وليد تكون قد وصلت الى مبتغاها، وهو ان النص الديني عاجز عن مواجهة من ينتقد هشاشته الا بالسيف والحرق والنفي والمطاردة قديما، والقمع والسجن والاعدام حديثا. هل تتذكرون الراحل محمود محمد طه الذي أعدمه رئيس السودان المؤمن جعفر نميري بعد فتوى واعظه حسن الترابي؟

المثير للدهشة والغرابة في آن واحد، ان سلطة علمانية تقودها حركة علمانية أو هكذا يُفترض بها أن تكون تلقي القبض على شخص بتهمة الالحاد والتعبير عن أراءه بمسألة الأديان، في نقض واضح وفاضح وصارخ لدستورها العتيد ولبيان الاستقلال الذي حض وشدد على حرية المعتقد وحرية الرأي والتعبير طالما انها تتم بوسائل سلمية، أم ان هذه الخطوة جاءت لتحشيد الناس؟ في مجاراة لسلطة الأمر الواقع القابضة على أنفاس أهل قطاع غزة والتي لا تجد دائما ما يغطي عوراتها ونقائصها وعيوبها وجرائمها إلا المتاجرة بالدين، وتكفير كل من ينتقد سياستها "الرشيدة".

سيارات الشرطة التي اعتقلت الشاب، مقدمة كمنحة للسلطة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وبقية الدول المانحة، وكذلك رواتب عناصر الشرطة ولباسهم ومقراتهم، والسجن الذي يقبع به وليد الحسيني يتلقى مصروفاته من تلكم الجهات، وكذلك فان المحكمة "العسكرية" التي ستحاكم وليد الحسيني قائمة بأموال الدول المانحة، ولاني على ثقة بأن الاتحاد الاوروبي لا يقدم المساعدات لسلطة تقمع مواطنيها وتكمم أفواههم ولا تحترم حريتهم في الاعتقاد وحريتهم في التعبير عن أراءهم وأفكارهم، فاني أطالب الاتحاد الاوروبي أولا بوصفه المانح الأكبر وكذلك الولايات المتحدة واليابان بالضغط الفوري على السلطة لإطلاق سراح الشاب وليد الحسيني.

كتابات الحسيني كلها نقدية مسالمة لا تتجاوز حدود حق التعبير عن الافكار والأراء الذي كفله ميثاق حقوق الانسان والمواثيق الاخرى ذات الصلة، أما اذا أرادت السلطة ومن وراءها جماهيرها التعامل مع تلك المقالات على انها تمس ما يؤمنون به وتخدش أحاسيسهم الايمانية، فعليهم أولا اسكات كل مكبرات الصوت في مساجدهم التي لا تبقي ولا تذر للأخرين وأديانهم والدعاء عليهم. يبقى ادعاء الحسيني للألوهية في صفحته الملغاة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فهو لا يعدو كونه ادعاءا أدبيا مباحا، وهو ان كان قد أحدث تلك الضجة فانه تاليا يطرح مليون سؤال وسؤال حول امكانيات وقدرات الاله "الحقيقي" العظيم العزيز القدير الذي ترتعد فرائصه من اله شاب لا حول ولا قوة له إلا قلمه مثل وليد الحسيني.



#زينب_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين حملة كاميرون أطلق الأمير سعود؟
- هنيئا للتمدن بجائزة الحوار المتمدن
- اوباما..لا تطلق حميدان
- الأصل في الاسلام هو العنف
- لا يحدث إلا في ديار الاسلام
- نعم أنا فلسطينية
- كاميليا زاخر..حتى لا يكون مصيرها كمصير وفاء قسطنطين
- مسجد قرطبة النيويوركي..مسجد ضرار
- تنويعات على هامش الاسلام وتخلف المسلمين
- سوريا..الطغيان ما زال في صباه
- اسرائيل ونحن...بلا تشابيه
- هل أٌغتيل نصر حامد ابو زيد؟
- لسنا ملك يمينكم ولا يساركم
- عن سوريا وحاجتها الملحَة لأساطيل الحرية
- أردوغان..لعله يكون آخر الأنبياء
- حماس..نكبة النكبات
- لتكن القدس كما مكة قبل الاسلام
- أَيُّهُمَا العصر الجاهلي؟
- ماذا يعلمونهم في المساجد؟
- الى متى تبقى المملكة أسيرة للمافيا المقدسة؟؟


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زينب رشيد - دفاعا عن الله