أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل الشيمي - خطاب ديني يغدق تخلفاً















المزيد.....



خطاب ديني يغدق تخلفاً


محمد نبيل الشيمي

الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 16:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا تخلو كتابات بعض المفكرين والمجددين من الدعاه من نقد الخطاب الديني وهذا النقد في كل الاصوال لا يعني الخروج علي ثوابت الدين الاسلامي الحنيف ولا يمثل رده علي ما يتضمنه من أحكام منزلة ... وقبل أن نخوض في لب المشكلة وهي قصور هذا الخطاب فإننا بداية نلقي الضوء علي المعني .

يعرف د. يوسف القرضاوي الخطاب الديني بأنه كل بيان باسم الاسلام يوجه للناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لتعريفهم بالاسلام وقد يأخد هذا الخطاب شكل الخطبه والمحاضره والرسالة والمقال والكتاب والمسرحيه والاعمال الدرامية ... ومن ثم فإنه لا يحصر الخطاب الديني في خطبة الجمعه فقط ( أسلام اون لاين – القرضاوي يناقش الخطاب الديني ) (1) ... ومن هذا التعريف المبسط للخطاب الديني نجد أن أهميته تتعدي مجرد طرح النواهي والزواجر والدعوه إلي الالتزام والتهديد بالعقاب والتخويف من عذاب القبر ولكن تمتد هذه الاهميه إلي أن الخطاب الديني يلعب دوراً اساسياً ومحورياً في بناء وتشكيل فكر ووجدان ورؤي الانسان
... هناك رؤية أخري في مفهوم الخطاب الديني يطرحها إمام الازهر الراحل د.محمد سيد طنطاوي ولكن من الملاحظ أنه لم يستخدم ولا مرة واحدة – مصطلح تجديد الخطاب الديني لكونه يعرف الحساسية التي يثيرها هذا المصطلح الذي ارتبط برد الفعل الامريكي العصبي علي احداث سبتمبر , وكيف أنه مصطلح مراوغ يريد الدعوه للاسلام وُصف بأنه امريكي , معتبراً ان الخطاب الديني الاسلامي الصحيح هو المستمد من قيم القران والسنه ... وكما يقول ( الخطاب الديني له مقوماته السامية واثاره العميقة في النفوس ومكانته الراسخة في القلوب ومنزلته التي تهز المشاعر وتحرك العواطف نحو الخير متي كان مستمداً من القرآن الكريم ) ويري أن الخطاب الديني إذا تضمن ما يسعد الناس في دنياهم واخرتهم كان خطاباً له آثاره الطيبة وله ثماره الحسنه التي تجعل أبناء الامة يصلحون ولا يفسدون , ويبنون ولا يهدمون ويجمعون ولا يفرقون , ويتعاونون علي البر والتقوي لا علي الإثم والعدوان ويقول كذلك من المقومات الاساسية للخطاب الديني الحكيم اشتماله علي الاحاديث النبوية الشريفة , لأن السنة النبوية المطهرة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم .. وهي كالقرآن الكريم تدل دلالة واضحة علي أنها كالقرآن الكريم في وجوب اتباعها ويمضي ليقول إن الخطاب الديني إذا كان زاخراً بالاحاديث النبوية الشريفة ازداد قبولاً عند الناس , وازاد إقناعاً للعقول , وإرضاء للمشاعر , وشرحاً للصدور , لأنها أحاديث من لا ينطق عن الهوي وأحاديث من أعطاه الله تعالي جوامع الكلام .. ويمضي شيخ الأزهر فيوضح أنه من المقومات الاساسية والاركان التي لا غني عنها بالنسبة للخطاب الديني أن يكون مواكباً للأحداث , ومتأثراً بها ومعلقاً عليها , ومؤيداً لما هو حق منها ويؤكد علي أن الخطاب الديني الحكيم هو الذي يراعي فيه المتكلم والكاتب أحوال الناس فإذا كانوا في حالة سرور ونعمة ساق لهم من الايات والاحاديث ما يدعوهم للحفاظ عليها , وإن نزلت بهم المصائب والاحزان والمتاعب الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرهما ركز حديثه أو كتابته علي العلاج الناجح والدواء السليم الذي من شأنه أن يعمل علي تخفيف تلك المصائب أو أزالتها وعن مواصفات الخطاب الديني يري د.طنطاوي إن الخطاب الديني إذا خالطه الكذب في ألفاظه أو فتاواه أو في تفسيره للنصوص الشرعية أو غيرها كانت مصائبه كبيرة وفتنته أليمة , لأنه يؤدي إلي اضطراب الأمور وإلي وضعها في غير مواضعها السليمة وإلي تحويل الحق إلي باطل والخير إلي شر والعدل إلي ظلم كما يجب أن يكون الخطاب الديني قائماً علي الاعتدال والتوسط , ويقصد بالاعتدال والتوسط أن المتحدث بالخطاب الديني عليه أن يتجنب الاسراف في فتح باب الامل في النجاح وفي النصر ولو دون عمل , وكما أن عليه أن يتجنب فتح باب اليأس والقنوط حتي مع العمل , وإنما المتحدث الحكيم العاقل عليه أن يكون بالاعتدال في كل أحكامها وآدابها وتشريعاتها ومعاملاتها . ويمضي فيقول ومن ألزم اللوازم للخطاب الديني , لكي يكون موفقاً ومقنعاً للعقول والقلوب , أن يراعي أحوال المخاطبين , وان يخاطب المثقفين والذين عندهم قسط من العلم في مختلف فروعه بخطاب يتناسب مع ثقافتهم وعلمهم , أما غيرهم فلهم خطاب آخر يتناسب مع فهمهم للأمور ومع تقبلهم لما يخاطبون به وأقتناعهم بما يقال لهم .
ويدعو شيخ الازهر المتخصصين في الدعوه إلي أن يتزودوا , إلي جانب ثقافتهم الدينية الاصلية الواسعة , بالكثير من الوان العلوم الاجتماعية كعلم النفس والاجتماع والتاريخ والاقتصاد وطبائع الافراد والامم كما يجب تحلي الخطاب الديني بالموضوعية والبعد عن التعصب والعنصرية , كما أن صاحبه عليه الالتزام بالاسلوب المهذب والخلق الرفيع والتواضع الجم , (2)
أما الدكتور محمد أبو الهدي الحسيني في محاضره القاها في مدينة حلب في 29/5/2009 تحت عنوان ( الدعوه ) في تجديد الخطاب الديني يحدد معني الخطاب الديني الاسلامي ( الخطابه ) ليست بمعني الخطاب لأن الخطابة شكل من أشكال الخطاب , والخطاب تندرج فيه المحاضرة والحديث الوعظي والمقالة والكتاب ... الخطاب الديني بأختصار هو تبيين يحمل في ألفاظه مضمونات يراد إيصالها إلي الملتقي , وحتي يكون الخطاب الديني إسلامياً عليه أن ينبثق من مقاصد الشريعة , وأن ينسجم مع روحها , وأن لا يتجاوز أصولها الثابتة ونصوصها القطعية التي لا يصح الخروج عليها . (3)
وتشير الدراسة المقدمة لمؤتمر كلية أصول الدين بالجامعة الاسلامية بغزة بعنوان (تطوير الخطاب الديني كأحد التحديات التربوية المعاصرة ) , ان الخطاب لغة : جاء في لسان العرب هو مراجعة الكلام , وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطاباً ... والمخاطبة مفاعلة من الخطاب ) ,
أما الخطاب أصطلاحاً : كل نطق أو كتابه تحمل من وجهة نظر محددة من المتكلم أو الكاتب , وتفترض فيه التأثير علي السامع أو القارئ . مع الاخذ بعين الاعتبار مجمل الظروف والممارسات التي تم فيها ومن ثم يعرف الخطاب بأنه إيصال الافكار إلي الاخرين بواسطة الكلام المفهوم واللغة في ذلك هي أداة الخطاب يعني وعاء الافكار وعليه فالخطاب الاسلامي هو الرسالة التي نزلت عن طريق الوحي , لتنظيم علاقات البشر مع خالقهم وأنفسهم وغيرهم , وهذا الخطاب الذي يحدد المصلحة من المفسدة , والصالح من الطالح , والمستقيم من المعوج , والمؤمن من الكافر , والصواب من الخطأ , ويقرر السلم من الحرب , وهو الميزان الذي يفصل في ميزان الخلق إلي الجنة أو النار وفي عرف الاصوليين فإن الخطاب الديني هو معني الحكم الشرعي وهو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء أو بالوضع أو التخيير(4) ... ومن هنا يأتي التساؤل ... هل الخطاب الديني الاسلامي بوصفه الحالي صالح لكي يسهم في تكوين إنسان واع متفتح مدرك يعمل من أجل الفضيلة من منطلق الاقتناع الواعي لا خوفاً من الردع والعذاب في الاخرة ؟ ... الواقع عكس ذلك فإن الراصد لمفردات الخطاب الديني يجد أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه خطيئة في حق الاسلام ذلك أن من الدعاه من يختزلون الاسلام في أساطير وخرافات وافكار بالية دست علي هذا الدين منذ قرون خاصة في فترات الاضمحلال فضلاً عن وقوفهم عند التقليد والتكرار وعلي مسافات واسعه من التفكير السليم والمنطقي الذي يقود إلي الحقيقه .
من الملاحظ أن الخطاب الديني المسلم يقع جزء كبير منه في إطار فكر معاد للعقل لحساب النقل ومخالفاً للحداثة لحساب الجمود ومن ثم فإن هذا الخطاب يرفض أحياناً كل الدعاوي المطالبه بالتحديث فهناك خطاب ديني يرفض مجرد فكرة الديمقراطية تحت دعوي أن الديمقراطية فكرة ابتدعها الكفار وهي تتعارض مع معايير وضعها فقهاء المسلمين الذين يرون أن مخالفة الكفار قاعدة شرعية بل أن فيهم من يري في الانتخابات بدعه يتعين محاربتها ... والاخطر أن هناك من يري الخروج علي الحاكم الظالم خروج عن ثوابت الدين .
في محاضرة ألقاها المفكر الراحل د.نصر حامد أبو زيد بعناون أزمة الخطاب الديني المعاصر ابان تواجده في هولندا عام 2009 أمام مجموعه من العراقيين تحدث عن أعراض الخطاب الديني المعاصر في العالم العربي ... , انه خطاب ضد الاخر , يرفض الاخر , انه خطاب يمتلك الحقيقة وأي اخر لا يوافق علي هذه الحقيقة فهو عدو , خصم هذا الاخر قد يكون الاخر الديني , قد يكون المسيحي أو اليهودي أو البهائي أو الملحد لكن هذا الاخر قد يكون هو الاخر في الملة , الشيعي , السني هذه الظاهرة لا نستطيع أن ننكرها ولست تخص مجتمع دون آخر لكنها موجوده في جميع المجتمعات العربية ... ويري د.نصر أن الخطاب الديني يعاني من أعراض المرض وهذا الخطاب خطاب ضد الاخر , والاخر هنا يتسع للاخر في الدين . الاخر في الملة , الاخر في الجنس , والاخر في الرأي , ويالتالي أصبحت مساحة الخطاب الديني الذي هو خطاب يمتلك حقائق كتيرة جداً , لا يستطيع أحد أو لا يجب علي أحد أن ينازعه في هذه الحقائق . (5)
كما أن من الملاحظ أن الخطاب الديني يركز علي قضايا لا تعد محورية في الاسلام والكثير منها قضايا فرعية مثل ارتداء النقاب والجلباب القصير والشورت الشرعي واطلاق اللحية ... فضلاً عن أن هذا الخطاب يكاد أن يكون محبوساً واسيراً في إطار الحدود وقصر دوره عند مجرد الخوف من النار وعذاب القبر وهذا يعني أن الخطاب الديني يعاني من عوار ويغدق تخلفاً وجموداً فكرياً والخطير في الامر أن هناك اتجاهاً تزداد وتيرته حده نلحظه في الوقت الراهن علي مفردات الخطاب الديني فهناك ضيق بالحوار واتجاه نحو الجنوح والتشدد مما يعطي صورة سيئة مشوهة عن الاسلام ومبادئه الساميه وكل هذه السلبيات تعد من أهم اسباب التطرف لدي الشباب بجانب الظروف الاجتماعية ... وهي أسباب تؤدي بالشباب إلي التطرف أو الخروج عن القانون والالتجاء إلي الجماعات الارهابية أو الجريمة المنظمة للخروج من المأزق الذي يعيشونه ... والجدير بالذكر أن هناك الكثير من الخطباء الذين يبتعدون عن الموضوعية ويبالغون في إبداء النصح منشغلين عن المقاصد والاهداف النبيلة للخطاب الديني ... ومنهم من لم يتوخ الدقه في استخدام الالفاظ ومدلولاتها ويبتعدون عن الواقع المعاش ... ومنهم ايضاً المنشغل عن قضايا الناس واحوالهم ويركزون فقط في استخدام المنمق من الالفاظ فارغة المضمون .... وهناك من الخطاب الديني بشكله الحالي ما يتضمن مفردات تنكر الفنون علي الرغم من أهميتها ودورها في تهذيب وصقل الوجدان الانساني وتقويم السلوك الاجتماعي ... ويقف بعض الدعاه موقفاً متعصباً ضد الحداثه في الفكر الديني ... فما معني ما يكررونه من قول كل محدثة بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار لا أعرف مدي صحة هذا الحديث المنسوب إلي الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) وقد يكون هذا الحديث صحيحاً ومقبولاً إذا كان القصد منه عدم النيل من ثوابت الاسلام ولكن أن يمتد هذا الحديث إلي التعميم فإن ذلك يكون اثماً في حق الاسلام والمسلمين ... وتعالوا بنا إلي قراءة المعني اللغوي لكلمة (محدثه ) ... نجد أنها مصدر من الفعل ( حدث ) وهي مناقض قدم والحداثة: عكس القدم واستحدثه : أحدثه وعده حديثاً والحادث : ما يجد ويحدث ضد القدم .
وجاء في الوجيز أن المحدث في الشرع هو ما لم يكن معروفاً في الكتاب والسنه والإجماع (6)
... ومعني ذلك أن الحداثة والتحديث والاحداث عملية تطوير لكل قديم وهو أمر أؤكد أن الاسلام لا يرفضه طالما لا يتعارض مع القواعد الشرعية وفي هذا الخصوص كان المجتهدون ومنهم الخليفه الراشد عمر بن الخطاب محدثاً عند ما أقر مبادئ جديدة استحدثها لم ينزل بها الوحي من عند الشارع الحكيم سبحانه وتعالي بالنسبة لأحكام المواريث ... كما توقف عمر عن قطع يد السارق في عام الرماده علي الرغم من النص القرآني القاضي بقطع اليد وكان سند عمر في هذا قاعدة جواز إحداث ما كان مستنده الجواز ( أي ما لا يخالف الثوابت وهو ما سار عليه عدد من الصحابه في الكثير من أحكام العبادات والمعاملات ) ... ومن ثم إن تعميم الدعاه علي اعتبار كل محدثه بدعه لا يعدو عن كونه عوار وترهات تلطخ وجه الخطاب الديني ثم أن التأكيد علي أن المحدثه بدعه تعني غلق باب الاجتهاد أمام الراغبين في تطوير الفكر الاسلامي دون الاجتراء علي قواعد الاسلام واحكامه ... وايضاً تعالوا بنا لنقف عند مفهوم البدعه ... بدعه – بدعاً : أي انشاء شئ ما علي غير مثال سابق فهو بديع وبَدعَ-صار غاية في صنعته فهو بديع و إبداع : اتي بالبديع وابتدع الشئ : أي اخترعه والابداع عند الفلاسفه : إيجاد الشئ من عدم والبدعه عند البعض : ما استحدث في الدين وغيره وتجمع علي بدع والبديع : المبدع ويوصف الله سبحانه وتعالي ببديع السماواتِ والارض ( الوجيز ص 40 ) (7) والمؤسف أم ما يستحدث أمراً ويبدع شيئاً يكون في نظر بعض الدعاه ضالاً والعياذ بالله ومن ثم فإن أستحداث شئ أو ابتداعه طالما يقود الناس إلي الفضائل والاخلاق ودون أن يخالف شرع الله وثوابت الاديان أمراً يجب تشجيعه والعمل علي تنميته ولا شك أن التعميم في هذا الامر ليس في صالح الخطاب الديني ويتعين معالجته خاصة وان الكثير من الناس يأخذ مفهوم هذا الحديث الذي أشك في صحته علي مجمل العموم نقطه اخري أو امثله اخري يعج بها الخطاب الديني .
فمازل البعض يؤكد علي حقيقة حديث الذبابة علي الرغم مما أكده العلم من أن هذه الحشرة سيئة السمعه مسئولة عن عدد كبير من الامراض الفتاكه والادهي من هذا كله أن بعض الدعاه يتحدثون عن أن بعض مراكز الابحاث في العالم تؤكد صحة الحديث وهم عندما يتناولون ذلك الحديث ينسون تماماً حديث الرسول (ص) ( النظافه من الايمان ) وهذا ما يتعارض ويتناقض تماماً مع كل ما تحمله الذبابه من قذارة هناك من الدعاه من يرغي ويزيد ويتكلم عن هدهد سليمان وحوت يونس وأصحاب الكهف وغير ذلك من معجزات ساقها القرآن الكريم ولكن هناك حالياً الاهم كحقوق الانسان والعدل الاجتماعي ... إلخ .
كما أن من الدعاه من يقول أن بول الابل شاف وعاف من المرض خاصة الامراض الجلدية وبعض الامراض الفيروسية والغريب أن من يتناول هذا الحديث والمنسوب في رأيي كذباً وافتراءً إلي رسول الله عدد من رجالات العلم والفكر وينشر في بعض المحلات وقد سمعت أحد خطباء المساجد للاسف ينهي عن قتل البراغيث ... لماذا ؟ لأن البراغيث تلدغ النائمين وتوقظهم لأداء صلاة الفجر يا للأسف ويا للحزن علي ما وصلت إليه عقول بعض الناس وعجزها عن الفهم أو حتي التفكير في عدم منطقية هذا والخطباء في ذلك يتوسعون في أستخدام أحاديث ضعيفه أو موضوعه وواهيه تخالف النهج الاسلامي السليم الذى وجد من يستمع اليه بل من اعتبر قوله حقيقة لا تقبل النقد والمراجعة ... فهل هذا يتوافق مع حققة الخطاب الدينى الاسلامى الصحيح؟ ... البعض يخطب وكأنه في وصف لمبارايات كرة قدم أو كأنه يقص أجزاء من الف ليله وليله ,
لا شك ان قصور الخطاب الدينى يعود بعضه الى مناخ الاستبداد والطغيان الذى يسود فى الكثير من الدول الاسلامية والناتج عن غياب الديمقراطية والتقييد علي حرية الرأي طالما كانت تمس النظم الحاكمة وهذا القصور ليس وليد اللحظة ولكنه كما يشير بعض المفكرين بدء منذ حكم الخليفة عثمان خاصة بعد ما توالت الفتوحات واندمجت بعض المفاهيم الغريبة على المجتمع المسلم من قبل الفرس والروم وغيرها من الثقافات الاخري ولا يمكن أن ننكر الدور المشبوه الذي لعبه اليهود في الدس علي التراث الاسلامي في هذا السياق يري د.نصر حامد أبو زيد أن الفكر الديني الذي هو المصدر الرئيسي للخطاب الديني ليس منفصلاً عن السياق الاجتماعي الذي يدار فيه , يعني إذا كان المجتمع في مرحلة من التاريخ مجتمع ناهض ومتقدم , نجد الفكر الديني فكر ناهض ومتقدم إذا كان المجتمع في حالة انتكاس ونكسه , الفكر الديني يعاني من نفس النكسه , الفكر الديني ليس ظاهره وحدها تتسم بالتخلف وقياساً علي ذلك يري د.نصر أنه عند النظر إلي المجتمع المصري سنجد أن الفكر المسيحي في الكنيسة المصرية هو فكر متخلف أيضاً لأن الحقيقة أن مجمل المجتمع المصري في حالة تخلف ومن ثم نجد الاصوات المنادية بالتقدم أصوات ضعيفة وخافته ومضطهدة ومهشمة ...الخ .
ويتساءل د.نصر في ظل هذا الخطاب الديني المعاصر عن موقفنا في العالم وقبول التحليل السياسي والعولمة والتطور الهائل في المعرفة وهذا العالم الذي يموج بالتطورات أين نحن منه؟ ونحن نتمتع بمنجزه , لكننا لسنا جزء منتج فيه , وحينما تتحول الحداثه ويتحول الفكر والتقدم العلمي إلي موضوع للمتعه , ممكن أن يجعل البعض يقول أن الله سخر لنا الغرب حتي نتفرغ للعبادة , هذه صورة . الاستبداد طبعاً سبب , الاستبداد عامل مهم جداً لا يستبعد ,وهو ليس صناعة فرد , انه صناعة ثقافة , والمطلوب النضال لتغيير هذه الثقافة , وتغيير هذا الفكر , كي نحارب الاستبداد , الذي أصبح محاطاً بهالة من سحب هائلة تغطيه من الفساد , يعني الدكتاتور العادل , المستبد العادل , هذا أنتهي , أصبح المستبد اللص . اللص علنا . والذي يحتمي بمجموعة من اللصوص , ويري د.نصر أن الخطر من هذا الفساد حينما يكون جزء منه المثقفين , فتتلوث الثقافة وطبعاً تتلوث المؤسسة التعليمية لأن المؤسسات التعليمية بالكامل يكاد يكون أصابها الفساد ونخرها , وأي فرد داخل المؤسسة التعليمية يحاول أن يكون نظيفاً ليس له مكان ويضيف د.نصر ان المجتمعات ( يقصد الاسلامية والعربية ) خرجت من العالم , وداخل هذه البنية , الاستبداد عنصر مهم , لكن داخل الاستبداد هو إلي أي حد تسرب الخطاب الديني إلي الجذور داخل المجتمع . الاسلمة نجحت , في أنها تحول ليس الدولة فقط بل نحول الناس إلي انها اصبحت ضد الفكر .
ويؤكد الكاتب علي ضرورة فصل الدين عن الدولة أو كما يسمي هذا التوجه بالعلمانية (8) ... وأود من وجهة نظري أن أؤكد للقارئ أن قصور الخطاب الديني ليس قصراً علي الخطاب الاسلامي ولكن من الملاحظ أن هناك قصوراً وتشوهاً في الخطاب الديني المسيحي واليهودي وغير ذلك من الملل فماذا تري في التحريض والمطالبة في الوقوف أمام وفي مواجهة الدوله من جانب الكنيسة المصرية وكيف يلقن الشباب المسيحي في مدارس الاحد وفي الحجرات المغلقة في الكنائس كره المسلمين والتأكيد علي أن المسلمين أغتصبوا الحكم وانهم غرباء علي الوطن وكيف أدي ذلك إلي جانب ما يروجه البعض من أقباط المهجر من أكاذيب وأفتراءات ضد المسلمين بتحريض غير مباشر من جانب القيادات الكنسيه في الداخل والواقع الحالي في مصر يشهد حده متصاعده في الخطاب الديني المسيحي والذي وصل إلي مرحلة خطره من خلال قيادات الكنيسة خاصة مساعدي البابا شنوده وعلي رأسهم الاسقف بشوي الذي قال في تصريح له أن الاقباط أصل البلد والمسلمين ضيوف عليهم بل وتحدي سلطة الدولة عندما قال إن ما يحدث داخل الكنيسة لا يحق لاحد التدخل فيه وفي رأي أن هذا الخطاب الديني المسيحي يمثل خطراً محدقاً علي المجتع المصري ونسيجه الوطني حيث وصل الاحتقان إلي درجة تهدد بأنفجار لا يعلم أحداً مداه ويذكرنا بحداث الزاوية الحمراء ... ولا شك أن الخطاب الديني المسيحي الموجه يسهم في زيادة ظاهر العنف وظهور الفتن الطائفيه وهو المبرر الذي يدفع بالمغاليين من المسلمين إلي تبني خطاب ديني متزمت تحت دعوي حماية الاسلام ... حتي علي مستوي العالم يتعرض الاسلام لهجمات شرسة يغذيها خطاب ديني مسيحي متعصب حتي وصل الامر لأحد القساوسة في الولايات المتحده الامريكية بالمطالبة بحرق نسخ من القرآن الكريم – أما عن الخطاب الديني اليهودي فحدث ولا حرج والامر يحتاج إلي مجلدات لسرد مفردات هذا الخطاب المتعصب الدوجماطيقي الشوفيني (9) .... وإذا أنتقلت إلي بلدان أخري كالهند لرأينا كم يعاني المسلمون من وحشية الخطاب الديني الهندوسي ... وهكذا .
اعود فاقول ان الفهم غير الصحيح للدين يعد تجربة صالحة لنمو الفكر المتطرف ذلك أن الخطأ فى فهم الدين والترويج لاراء وفتاوى تتضمن مفاهيم باليه انتهي مبرر بقائها يفسح المجال امام المتطرفين لملء الفراغ بافكار يغلب عليها الجمود والتزمت ورفض الاخر بل وتكفيره احيانا بل ومناصبته الكراهية والعداء والعمل على اقصائه ومن ثم نحن فى حاجة الى اعادة النظر فى مجمل الخطاب الدينى الاسلامى وان لا يقتصر دور هذا الخطاب عند مجرد الخوف من النار وعذاب القبر بل يجب ان يتعدى ذلك بان يفسح المجال لكل ما يتعلق بشئون الحياة والعمل على النهوض بالانسان من حيث رفع الظلم والغبن عنه ومساندته فى مواجهة المتغيرات التى هى سمه الحياه العصرية ... وتمكينه من الحصول علي حقوقه ولابد ان يرتكز الخطاب الدينى على الدعوة الى اعلاء قيم الحوار وتعميق حق الاخر فى ابداء الرأى والتأكيد على العدالة الاجتماعية كطريق لنبذ الصراعات المجتمعيه ايضاً كثيراً ما يتبني الخطاب الديني السني هجوماً ضارياً يشنه بعض الخطباء علي الشيعه دون إدراك أو إلمام بالمذهب الشيعي الذي لا يختلف في ثوابته عن المذهب السني وهؤلاء الخطباء يزيدون النار اشتعالاً ويرفعون من وتيره الاحتقان الطائفي بين السنه والشيعه والذي يجده تشجيعاً من الغرب لتأجيج الصراع افلطائفي بين المسلمين بما يخدم مصالحه هذا الغرب الذي نجح في ان يجعل من الشيعه فزاعه للسنه ومن السنه فزاعه للشيعه في الوقت الذي يغض بصره ويصم اذانه عما تقوم به الدوائر المسيحية واليهودية في العالم من تشكيك في الاسلام والقرآن الكريم وتترك الباب مفتوحاً امام كل من يهاجم الاسلام فضلاً عن السكوت علي ما تتعرض له الاقليات المسلمه في بورما وتايلاند والفلبين وقبل ذلك البوسنة والهرسك من قتل وترويع وحرمان ونفي واقصاء ... وماذا عن تكريس ثقافة الخنوع والرضا بالحال علي الرغم من أن الاسلام دين المقاومة والممانعه ورفض الظلم .
نحن في حاجه إلي خطاب ديني يدعو باستمرار ويؤكد علي تكريس القيم الاخلاقية والدعوه إلي الاجتهاد في أمور الدنيا (فقه المعاملات ) وأن يكون لمكافحة الفساد بكل صورة نصيباً في مجمله ,
اعود الى رؤية الاستاذ / الدكتور يوسف القرضاوى ... هلى هناك حدود لتطوير وتجديد وترشيد الخطاب الدينى وازالة ما علق به من تشوهات ؟
يرى د . يوسف ان فكره التجديد ليست مرفوضة اسلاميا وذلك على ذلك بان القرن الكريم غير من اسلوب خطابه الدينى من مكان لمكان ومن وقت لاخر وهو ما يشار اليه الاختلاف بين القران الذى نزل فى مكة والقران الذى نزل فى المدينة - وقد اكد على ان هناك قاعدة فقهية تنص على ان الفتوى تتغير بتغيير الزمان والمكان والعرف والحال والبيئة
ويرى ان تجديد الخطاب الدينى هو العودة الى منهج الوسطية التى يؤكد عليها الاسلام بعيدا عن تسمية الاحوطيات والتشديدات التى اضيفت الى الفقه الاسلامى وهى بذلك تحالف جوهر الدين القائم على التسيير . (10)
نحن فى حالة ماسة الى خطاب دينى عاقل تنويرى يخرج الانسان من القصور ويعلى من شأن الفكر والعقل ... خطاب يعمل على تعليم الانسان كيف يبلغ الرشد العقلى ويحرر فكره من الوصايا المفروضه عليه والتى يقبلها دون تمحيص ومراجعه على الرغم من ان بعضها يحمل الكثير من الافكار التي تحمل الانسان على الطاعة العمياء والانقياد دون إعمال لعقله على الرغم من أن القرآن الكريم يحوي الكثير من الآيات التى تدعو الى التفكر والتدبر .
... نحن فى حاجة الى خطاب دينى يغدق تقدماً ويسهم فى بناء الانسان الواعى الملتزم المفكر لا خطاب يغدق تخلفا وينتج تطرفاً خطاب كما يري د. حسن حنفي لا يتعارض مع المصالح العامه وحقائق الواقع وقوانين التاريخ ... وايضاً لا يتعارض مع بداهات العقول .
هوامـــــش
1. د.يوسف القرضاوي – شبكة الانترنت – اسلام أون لاين – القرضاوي يناقش الخطاب الديني .
2. د. محمد سيد طنطاوي – كتاب الازهر – الخطاب الديني وكيف يكون – مطبوعات الازهر .
3. د. محمد أبو الهدي الحسيني – الدعوه في تجديد الخطاب الديني – محاضرة القيت في مدينة حلب 29/5/2009 .
4. د. أشرف يوسف أبو عطايا , يحيي عبد الهادي أبو زينه تطوير الخطاب الديني كأحد التحديات التربوية المعاصرة – مؤتمر كلية أصول الدين – الجامعه الاسلامية – غزة.
5. د. نصر حامد أبو زيد أزمة الخطاب الديني المعاصر – محاضرة ألقيت في وفد عراقي في عام 2009 .
6. الوجيز صـ138ـ .
7. الوجيز صـ40ـ .
8. د. نصر حامد ابو زيد ( سبق ذكره )
9. الدجماطيقية تعني أعتقاداً جازماً لدي فرد أو طائفة أو جماعه بأمتلاك الحقيقه دون براهين مع انكار للآخر وعدم قبول أرائه باعتبارها باطلة ... وهي عند البعض تعني التعصب وهي لا تمثل مذهباً سياسياً أو تياراً له صبغه دينية ومن ثم فهي تحديداً تمثل أسلوب تفكير لفرقه أو مذهب يدعي أصحابه بأمتلاك الحقيقه دون غيره من الناس وأصحاب هذا التوجه عادة يضيقون بالحوار ولا يؤمنون بأن يناقشهم أحد ... أما الشوفينية فهي تعني التحزب بل التعصب الشديد لما ينتمي إليه شخص أو جماعه ما وأصل الكلمه تعود إلي اسم نيكولا شوفان الجندي الفرنسي الذي خلد اسمه كأحد المقاتلين الاشداء الذين حاربوا من أجل فرنسا وقد تستخدم للتعبير عن حب الوطن .
10.د. يوسف القرضاوي ( سبق ذكره )



#محمد_نبيل_الشيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخبة في العالم العربي دراسة وصفية نقدية
- نعم للدين .... لا للدولة الدينية
- مفيش فايدة
- هل يكفي الفصل بين السلطات في العالم العربي ؟
- العنف السياسي في العالم العربي...دواعية وتداعياته
- تطور الحياة السياسية في مصر منذ نشأة الدولة الحديثة
- المعارضة السياسية في العالم العربي تأصيل وتقييم
- ماذا بعد رشوة مرسيدس ؟
- الشركات المتعددة الجنسيةوالدول النامية منافع ...... ومآخذ
- الدولة بين الحياد والتدخل
- تعافى اليسار
- ليته لم يتكلم
- جماعات المصالح الاقتصادية خصوصية الأهداف وقصور الرؤى
- الأحزاب السياسية .... واقعها في العالم العربي
- جمال عبد الناصر لم يمت ... ولن يموت
- الطائفية
- عبد الناصر في ذكرى مولده
- ابن سينا ورسالة في التربية والاخلاق
- في المسألة اليمنية
- الفارابى ... ومدينته الفاضلة ورؤيته فيمن يستحق ان يحكم


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل الشيمي - خطاب ديني يغدق تخلفاً