أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين تملالي - عن الراحل محمد أركون ومحنة معتزلة القرن الواحد والعشرين














المزيد.....

عن الراحل محمد أركون ومحنة معتزلة القرن الواحد والعشرين


ياسين تملالي

الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 02:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محنة معتزلة القرن العشرين

يا ليُتم العقلانية العربية وهي تنظر إلى ثلاثة من آباءها يُوارون الترابَ في أقل من أربعة شهور: محمد عابد الجابري ونصر حامد أبو زيد وأمس، محمد أركون. يا لسوء حظ معتزلة القرن العشرين : هزمهم الموت دون أن يكسبوا معركة "التنوير" في بلدانهم. لم يفلحوا في لجم تزمت المتزمتين ولا في إقناع الحكام بأنهم بتأرجحهم الانتهازي بين أصالة غابرة ومعاصرة فجة، إنما يحفرون قبر شعوبهم ويمهدون الطريق لخلافة ليس لها من الرشاد سوى الاسم.
بدأ المعتزلة قلةً قليلةً لكن الزمن، على قسوته عليهم، كان أرق عليهم منه على خلفائهم المعاصرين. ظهروا في مرحلة كان فيها اللاهوتُ الإسلامي في طور التكون، فلم تبدأ محنتُهم حالَ "اعتزال واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري"، وتأخرت عن ذلك سنين. قالوا إن "القرآن مخلوق" (بل وذهب بعضهم إلى تحريم إطلاق سراح السجناء المسلمين لدى العدو ما لم يقولوا بقولهم). رغم ذلك لم "يجمع العلماء" على تكفيرهم. حتى ابن تيمية، على مقته لهم، لم يُخرجهم من "الملة" وامتدح حسن دفاعهم عن عقيدة التوحيد. وقبل أن تنقلب عليهم الأمور، حظوا بدعم الخليفة المأمون فأصبح فكرُهم إيديولوجية الدولة الرسمية في عهد ثلاثة خلفاء عباسيين.
معتزلةُ القرن العشرين، لم تحمهم كثرتُهم (النسبية) فبدأت محنتُهم حالَ تغريدهم خارج سرب التقليد، سرب الحفظة غير المفكرين. بعضهم، كأركون، غادر بلَده لمدة طويلة ولما عاد إليه (في منتصف الثمانينات) مدعوا إلى "مؤتمرات الفكر الإسلامي"، فهم أنه لم يؤت به إلا ليُسبغ عليها صفة الشرعية الأكاديمية (ويصبحَ هدفَ هجمات بعض ضيوفها ممن لا تهمهم الحصافة بقدر ما يهمهم التفاصح). البعضُ الآخر، كأبو زيد، أُجبر على اللجوء إلى المنفى بعد أن كُفر وطُلق من زوجته بحكم سوريالي من محكمة سوريالية. ومن لم يتعرض منهم للنفي، كالجابري، لم يسلم من ألسنة المتطاولين.
تسبب المعتزلةُ في "محنة ابن حنبل" وشارك بعض أقطابهم في "محاكم التفتيش" المأمونية فاستجوبوا الماثلين أمامها عن رأيهم في خلق القرآن وغيره من الأمور اللاهوتية. الجابري وأبو زيد وأركون، عكسَ ما يُروج له بعض من يخلطون بينهم وبين غلاة "التنوير" التسلطي، لم يتسببوا في محنة أحد : لم يعذب أحدٌ بسببهم ولم يضرب إمام بالسياط بتحريض منهم، كما جرى لابن حنبل في عهد المعتصم، لكن براءتَهم لم تحمهم من إهانات أهونُها اتهامُهم بأنهم في خدمة الحكومات الجاثمة على صدور أوطانهم.
عاش المعتزلة في أوج مجد دولة تمتد أطرافها من حدود الصين إلى المحيط الأطلسي. لم يكن فكرُهم، على أهميته، شرطا ضروريا لبقائها. لم يكن يحتاج إليه سوى "الخاصة" ممن يحسنون التفريقَ بين "الكفر الصريح" و"المنزلة بين المنزلتين"، ومع ذلك ما أعظم أثَرهم في تاريخ الدولة العباسية. معتزلةُ اليوم، ممن يغيبهم الموت واحدا بعد الأخر، نشأوا في بلاد مستعمرة، العقلانيةُ فيها شرط أساسيٌ لنهضتها. رغم ذلك، تبدو كتاباتُهم فيها ترفا بالغا إن لم يعدها البعض كفرا لا عقابَ عليه سوى الموت.
انتُقد المعتزلة أشد الانتقاد لكن بغداد في عهدهم لم تكن تحت سلطة بيزنطة فلم يُجابَهوا إلا نادرا بأن فكرهم "مستوردٌ دخيل". أما ورثتُهم اليوم، فما أن ينطقوا حتى يهبَ المتزمتون ليصفوهم بأنهم "رأسُ حربة الغزو الثقافي" ناسين أن لا أحدَ غيرهم انتقد الاستشراقَ حق الانتقاد وحجم تأثيرَه في مؤسسات أكاديمية ذات تأثير كبير في القرار السياسي الأوروبي والأمريكي.
هذه محنةُ معتزلة القرن العشرين، اجتهدوا فحوربوا وشردوا وقضى الكثير منهم في المنفى. لم يغفر لهم المستشرقون دخولَهم ساحة الدراسات الإسلامية دون استئذانهم ولم يَفهمهم أهلُهم. عاشوا ولا منبرَ لهم سوى جامعات معزولة (كثير منها خارج أوطانهم) ووسائل إعلام لا تفتح بابا لأحدهم إلا لتفتح العشرات لمن يريدون تكفيرهم. وماتوا غرباء. هذه محنةُ ميلادهم في زمن تُقهر فيه بلدانهم باسم الرقي وتقاد باسم العقلانية إلى المعتقل.



#ياسين_تملالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصاعب نجيب ساويرس في الجزائر قد تعطل انتشاره العالمي
- حديث عن اللغات والقبطية والمصرية القديمة مع الكاتب المصري يو ...
- الراحل الطاهر وطار : بين فضاء الإبداع ودهاليز السياسة
- الجزائر : -حماية الاقتصاد المحلي- أو نهب الريع النفطي -محليا ...
- -الصبار-، رواية رشيد بوجدرة الأخيرة عن جزائر أدمت نفسها وهي ...
- عن المونديال والببغاء ماني والإخطبوط فيفا
- سيد طنطاوي:من كراهية -بني إسرائيل- إلى الدفاع عن -السلام مع ...
- دعم إسرائيل في قلب خطاب اليمين الراديكالي الأوروبي الجديد
- قمة نيس -الفرنكوإفريقية- : الثابت والمتحول في علاقات فرنسا و ...
- هل الرقابة على الأفلام -المزعجة- اختصاص فرنسي ؟
- برنارد هنري ليفي : بؤس الفلسفة في خدمة بنيامين نيتانياهو
- تعليق على مقال -الأمازيغ أو الدولة المجهولة من مرسى مطروح إل ...
- الجزائر : -حكومة- فرحات مهني وأسطورة -الشعب القبائلي-
- -على الجبهة المصرية-، شهادة جزائرية على حرب الاستنزاف
- النقابات المستقلة الجزائرية : حدود تجربة واعدة
- قراءة في -على الجبهة المصرية- مذكرات الجنرال الجزائري خالد ن ...
- عن قانون جزائري افتراضي -يجرم- الاستعمار
- الكاتب وتمثاله : حديث عن -تصنيم- كاتب ياسين
- مسيحيو البلدان الإسلامية : حوار مع القرضاوي وهويدي عن المساو ...
- عن مكافحة الفساد في الجزائر أو «الأيادي النظيفة» الوسخة


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين تملالي - عن الراحل محمد أركون ومحنة معتزلة القرن الواحد والعشرين