أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رويدة سالم - دين الإنسان البدائي و سيوف التوحيد الإبراهيمي















المزيد.....


دين الإنسان البدائي و سيوف التوحيد الإبراهيمي


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تدّعي ديانات التوحيد الإبراهيمية أن أيمان الإنسان البدائي بقوة عاقلة غير مشخصة ساكنة في كل ما يحيط به يمثل خطوة فطرية نحو الإيمان بخالق للكون هو الإله الواحد. أدرك الإنسان الأول وجوده سريعا و خشيه حالما امتلك آليات التفكير. يقدم الباحث فراس السواح في كتابه دين الانسان إضافة تأكد ما ذهبوا إليه حيث يقول (بان الانسان هو كائن متديّن لانه بعد ظهور الادوات الحجرية ترك الانسان الاول الى جانب ادواته شواهد من وسطه الفكري تشير الى بوادر دينية لا لبس فيها ) .
لكن إذا درسنا تاريخ النظم فسنجد ان اولى القوانين استمدت سلطتها التشريعية في عصر جامعي القوت في الحضارات البدائية (ماقبل الكتابة ) من سياسة القوة او الانتقام الفردي او القضاء الخاص. حيث كان الثأر و الانتقام الشخصي الوسيلة الوحيدة المتاحة والسبيل الوحيد لحماية الحق او لإنشاء حق الفرد او الجماعة. حيث يحدد الفرد نوع العقاب على من اعتدى عليه دون وجود أي اثر لقوانين عقائدية او ذات منحى روحي تحكم الجماعة. كان قانون الانتقام الشخصي ينبني على نزعات غريزية او مجرد إحساس و شعور بحقوق و واجبات لأفراد المجموعة نظراً لما اقتضته المرحلة بسبب عدم الاستقرار و الصراع المتواصل مع الطبيعة و الصيد المحفوف بالمخاطر في ذاك العصر البدائي الذي لم ينأى فيه الإنسان عن المرحلة الحيوانية كثيراً حيث كانت حاجته تنحصر في تأمين الغذاء و التكاثرالذي يؤمّن استمرارية النوع الذي يقف دونه الموت متحدياً بسفور لا محدود نظراً للعوز المعرفي الكبير.
عندما لاحظَ الإنسان البدائي في صراعه مع الطبيعة و مع الآخر ان الامر ينتهي به مهما كانت قوته إلى الفناء افترض وجود كيانات مخالفة للمادة : قوى ما وراء الطبيعة قائمة الذات ، فخلق العقل البشري البدائي تصورات لقوى ما ورائية من الطبيعة ذاتها لانه رأى أن أنفاس الميت تخمد او يكف دمه عن السيلان او يتوقف قلبه عن الخفقان ثم أن طيف الموتى يزوره اثناء نومه كما يزوره طيف الحيوان الذي يعاشره هذه الملاحظات جعلته يفترض وجود الروح ، ككيان لا مادي مقابل للجسد الذي يتحلل مع الموت ولا يبقى بعد ذلك سوى أشياء لا مرئية و لا مادية تتجاوز الزمان و المكان و تلازم الفرد و الجماعة كلها حيث يثبت علم النفس الحديث انه بامكان المعتقََد ان يؤثر بالجماعة ليجعلها ترى انعكاسات لكيانات مادية لا وجود لها بالواقع في تأثير نفسي جمعي يغدو قناعة راسخة و رخاء سلبي .
إنطلاقا من مسألة الموت هذه ولأنه يعتقد أن هذه القوى المؤثرة به عظيمة كان شديد الحذر منها و حاول حماية نفسه و تجنبها و هذا أدى الى ظهور التابو . و التابو هو حسب تعريف التحليل النفسي (فعل محظور يوجد إليه ميل في اللاشعور) كما يعرفه فونت بأنه أقدم مجموعة قوانين غير مكتوبة لدى البشرية ..و أقدم من الآلهة و الأديان..لا يعرف لها مصدر.
يُجمع الكل على ان التابو هو ما يُمنع المساس به كالطوطم الذي يمثل أي كيان يؤدي دور الرمز للقبيلة ، وأحيانا يقدَّس باعتباره المؤسس أو الحامي . ثم يعتبر أي مساس بالطوطم او الحدود الروحية الجمعية اثما وتدنيسا يستوجب تدخل الساحر حيث كان يعتقد أن خلاص الإنسان المصاب بتأثير التابو هو السحر فقط. هذا الوسيط الروحي بين العالم المادي و عالم القوى الخفية يوهم الجماعة باحداث خوارق بطرق خفية متصلا بالاسلاف عبر شعائر و طقوس تعتمد أدوات خاصة لا يمتلكها العامة بل يحتكرها وحده فيقوم بالتنبؤ و يدعي الوقوف على اسرار الغيب و يشفي المرضى و يدعي تعطيل بعض الظواهر الطبيعية و القوانين الازلية. يقول شفيق مقار في كتابه (منشأ السحر و الدين) :-}أن الانسان القديم حاول النفاذ الى الغوامض التي واجهته لدرء شر قوى خفية و فوق طبيعية تتربص به ثم حاول استرضائها و منع أذاها بضمها الى صفه لتكون عوناً له على تأمين بقائه في عالم غير محايد بل عدائي الى ابعد الحدود { هذا الدور الثاني اغتصبه الكُهّان مُعلنين ظهور عصر التقاليد الدينية او ما يسمى بالوحي الالهي الذي تجاوز فيه الانسان عبادة الظواهر الطبيعية و الاجداد و الحيوان الرمز في ما يسمى بعبادة الطوطم الى عبادة الارواح النصف مادية ثم الآلهة المتعددة.
يتضّح مما سبق أن الدين لم يكن فطريا بقدر ما كان نوعا من انواع التفاسير التي ركن اليها العقل البشري بعد ان انهكه البحث. ففى المراحل الحجرية الاولى ظل الانسان اسير المحيط المادى الذى عجز عن فهمه وتفسيره واستيعابه فوقف امام قوى الطبيعة المحيطة به خائفا و عاجزا عن السيطرة عليها و اخضاعها لسلطته ، فاستخدم وعيه لايجاد التفسيرات والتعليلات التى تحيط بالقوى الطبيعية فنسب الى كل جانب من جوانبها المؤثرة فى حياته قوى لا مرئية ما وراء طبيعية , واعتقَدَ ان هذه القوى الخفية تستقر فى الاشياء و الكائنات المحيطة به ثم في السماء كرمز للعلو و الرِفـعه عن ادران الارض و ما تحتويه من معاناة لا تنتهي ، و ميّز تلك القوى عن البشر الفانين بخلودها ، وملحمة جلجامش و سعيه فيها للحصول على نبتة الخلود العجيبة ابلغ دليل على ذلك .. يقول جلجامش لانكيدو// الآلهة وحدهم هم الخالدون في مرتع الشمس اما البشر فايامهم معدودة على هذه الارض.//
ثم جسّدها الانسان بهيئات حيوانية كرسوم كهوف الانسان البدائي وبهيئات بشرية ذكرية او انثوية كالدمى العشتارية و التماثيل و بهيئات مركبة من صفات بشرية وحيوانية كما منحها صفاة خاصة عندما مر الى مرحلة التوحيد الاولى مع الفراعنة، جاء في الموسوعة البريطانية ، المجلد الأول ، صفحة 401:" أن أخناتون كان أحد أعظم المصلحين الدينيين في التاريخ . وأنه أحدث في عهده تغييرات ثقافية جذرية . وقام بانقلابات في المفاهيم الدينية ، لذلك اختلف المؤرخون فيما بعد في تحديد شخصيته ، فمنهم من قال: إنه كان مثاليا نبيلا وأول من أسس أركان التوحيد، ومنهم من قال إنه كان من أسوأ الحكام في التاريخ.".
بعد أن صنع الإنسان البدائي التماثيل التي ترمز لآلهته وضعها فى كهوف و معابد، أسبغ عليها الكثير من القداسة و صار عبدا لها. بيد أن ايمانه بهذه القوى المقدسة لم يكن له أي تأثير اخلاقي بحياته اليومية المتصلة باسباب كسب الرزق و العمل كما لم يكن لها تاثير بالقوانين المنظمة لعلاقاته الاجتماعية بالشكل الذي صار اليه الحال مع ظهور الديانات الإبراهيمية وقوانين حمورابي التي لا تحوي أي ذكر للمعتقد و أو اية بنود قانونية مرتبطة به خير دليل.
بعد أن عرف الإنسان الاستقرار واعتمد على الزراعة فى حياته تغيرت علاقات الافراد و الجماعات و تغير نظام العقاب حيث صار كل اعتداء يمثل اثماً او معصية تلوّث الجماعة و لا تزول الا بعقاب ترتضيه الآلهة. فنبذ الاحتكام للقوة و بدء عهد جديد يحتّم على الفرد الخضوع الى أحكام رئيس الجماعة التي ينتمي إليها. صار هذا الاحتكام واجبا مفروضا على كل افراد الجماعة مما ضمن سلطة هؤلاء الممثلين للآلهة على الارض الذين يستمدون قوانينهم منها مباشرة و منح تشريعاتهم القوة القدسية و الالزامية. لكن هؤلاء الملوك انصاف الآلهة و ان استغلوا معتقدات شعوبهم لضمان سلطتهم و استمرارها إلا أنهم لم يمثلوا الشر و الفساد في الكون بقدر ما كانوا ابطالاً اصلاحيين حاولوا بناء حضارات متميزة واستعملوا قواهم السحرية الوهمية و تميزهم كابناء للالهة لتحسين ظروف معيشة شعوبهم . خلدتهم الاساطير الانسانية و جعلت منهم ابطالا لقدراتهم الخارقة كرومولوس و رموس مؤسسا روما إبني الكاهنة ريا سيلفيا والأب مارس إله الحرب او بناة الصين فوخي ونوّ و شينّونج او سرجون الاكدي .. و ما جلجامش بطل الملحمة السومرية الا رمز للبطل الاسطوري النصف الاله في سعيه لنشر المعرفة و الحكمة بين عموم الناس. فبعد فقدان جلجامش لنبتة الخلود التي اكلتها الافعى و بعد كل البحث يحصل على المعرفة و الحكمة التي يطرق بها الانسان ابواب المستحيلات لا من اجل خلود الذكر الفردي بل من اجل اهداف انسانية شاملة على حد تعبير فراس السواح في كتابه جلجامش....
كل الرموز الروحية و العقائدية التي تقدمها لنا النصوص الادبية القديمة في الشرق القديم هي من صَنعَ الكون و اعطى الحياة قيمتها واسس المدن و بنى الحضارات. مع هذا الدور السيادي المطلق الذي يجرد الانسان من كل دور فاعل و يقدمه على اساس انه مُستقبل سلبي و عاجز، كانت هذه الرموز مسالمة حيث يقتصر دورها من ناحية أخرى على التقرب من الانسان و رعايته و تقديم التفسيرات و شرح الغموض و تخفيف الاعباء كما كانت حساسة لما يصيبه و حامية له و لا تفرض تربية دينية خاصة و لا تدعو الى العداء كالديانات الابراهمية الثلاث التي اقتبست جُل الأساطير و اكتفت بتغيير المسمّيات دون المساس بجوهر الخرافة. كما كان جل دور تلك الآلهة هو توفير الأمن و الطمأنينة للمجموعة فبحكم الحياة البسيطة و الغير معقدة للانسان البدائي كان سد الحاجات اليومية للقبيلة يقتصر على الخبرات العملية التي تتطلب قدرات جسدية تنميها التدريبات و كانت التربية الروحية تعتمد على المحاكات و التقليد العبودي الصرف في ما يتعلق باقامة الحفلات و الطقوس الملائمة لعقيدة المجموعة و نواحي حياتها الروحية و كان الساحر و شيخ القبيلة والملك ابن الآلهة و الكاهن و إن استغلوا سلطتهم الروحية لضمان مصالحهم السيادية، هم مَن يقوم باسترضاء الالهة و التقرب منها و التودد إليها لضمان الخصب او للحماية من الكوارث الطبيعية. مطالب بسيطة لا تقارن بما مكنت منه الاديان الابراهمية الثلاث رجالاتها من سلطة على النفوس و الرقاب و إحلال للقتل و الاستعباد و اغتصاب كرامة و إنسانية الإنسان.
اقتصرت الزعامة الدينية في عصر الوحي الالهي على الملك ابن الآلهة باعتباره ممثلا لها و معبوداً حيا يحكم وفق نظرية التفويض الألاهي وهو يمثل الكاھن الأكبر للمدينة. لكنه كان المسئول أمام الآلھة إذا لم يحقق الخير والعدل . فالفرعون كان كبير الكهنة و المسئول المباشر عما يصيب البلاد من خير أو ضرر وكذلك ملوك العراق القديم الذين اشتهروا بالقوانين التي وضعوها كأور– كاجيتا نحو 2375 ق.م أحد ملوك سلالة لكش الاولى و الملك لبت عشتار خامس ملوك اسرة ايسن ثم حمورابي الممثل لسلطة الآلهة و الذي تميز قانونه الشهير بعدم وجود احكام دينية او عقوبات اخروية و عدم تعرضه للعبادات و الكهان على عكس النظم العربية الحالية في عصر العولمة و التكنولوجيا. و مع تنامي الدول و اتساع الامبراطوريات كلف الملوك كهنة ينوبون عنهم في خدمة الآلهة و اداء الطقوس و الشعائر اللازمة للإبقاء على النظام الطبيعي و ضمان خصوبة الأراضي و عودة الشمس بعد غيابها كما تجدر الاشارة ان الناس لم يكونوا يسعون الى الكهنة من اجل الهداية الاخلاقية والبحث في تفاسير لرغبات الآلهة.
لكن مع ظهور العبرانيين الاوائل بدأ مفهوم الدين يتغير، فالكاهن الذي يلبس اردية السحرة و الكُهّان كإرث بشري مقتبس عن كل الحضارات السابقة و الذي يستخدم عدتهم و طقوسهم ، احتكر اسرار الاتصال بالالهة المتعددة في سفر التكوين ثم الاله الواحد مع التوحيد في النصوص التالية. هذا الاحتكار و التقدير جعل الكهنة و من بينهم الانبياء يلبسون ثوب القداسة و يضعون الحدود للجماعة البشرية في ما يتعلق بالشعائر الدينية المفروضة و ممارسة الطقوس و تقديم القرابين و تقديم صكوك الغفران التي لا تجدي نفعاً الا اذا نطق بها الكُهان او بشّر بها النبي والرسول . بعد ان كان الكهان في الحضارات السابقة مجرد خُدّام في المعابد صاروا طبقة مميزة سرعان ما تصدرت قمة الهرم الاجتماعي وارتبطت سلطتهم بالنبي السياسي المُنَّظر و بالسياسيين ومصالحهم الخاصة من بعده . فصاروا يقفون جنبا الى جنب مع الحكّام و صار الدين بالتالي مُسَيَّس و السياسي رجل دين مُهاب.
ظهر في التراث الديني الإبراهيمي المنقول في النصوص المقدسة عدد مهول من الإصلاحيين ادعوا النبوءة و الوقوف على ارادة الاله و اقتنع اتباعهم و مؤيديهم بان الوحي ياتي حصراً لاشخاص ذوي استعدادات خاصة فقدسوهم الى درجة التأليه كما حدث مع يسوع ابن الرب او انصار اليهودية و الاسلام الذين يقدسون التعاليم الدينية و الانبياء أكثر من الإله في حد ذاته و يؤمنون بما جاء في نصوصهم حرفياً دون مراعاة التغييرات في تركيبة الفكر الإنساني .
صوَّرت الاديان الابراهمية الآخر المختلف عقائديا على اساس انه كائن همجي وجاهل اقرب الى الحيوانية و دون المؤمن انسانيةًًًًًً في مقابل قداسة الأنا و كل مكتسباتها المادية و الروحية و أحلت دمه و عرضه. إيمان مَرَضي هَوَسي فكل من يدينون بديانتهم هم الأفضل و الأقرب للإله مقابل وثنية معتقدات الآخرين الكفرة المارقين على الشريعة و الناموس. ثم حاولوا إستغلال سلطتهم المادية و الروحية على جماعتهم لتطويعها بالنص المقدس لخدمة مشاريعهم السياسية و من ثم السيطرة على المجموعات البشرية المحيطة بهم لاستعبادها و اذلالها بدعوى امتلاك السبيل الوحيد نحو نعيم الرب و غفرانه و التاريخ العبراني و اليهودي ثم المسيحي و الاسلامي مليء حد التخمة بالحروب الدينية التي لن ينكرها الا مُكابر، ادعى فيها كل فريق انه الأصدق و الاقدر على فهم غايات الإله و تحقيق أحكامه على الأرض . و نقدم هنا على سبيل الذكر لا الحصر امثلة قليلة هي غيض من فيض
1/ كل الحروب التي خاضها اليهود ضد الآخر هي مقدسة و غايتها السيطرة على البشر نساءا و رجالا وأطفالا ومالاً قاموا أثناءها بالاستيلاء على كل شيئ ثمين و حرق الممتلكات الاخرى.
2/ حروب فرنسا الدينية (من 1562 إلى 1598) بين الكاثوليك الفرنسيين والبروتوستانت وتضمنت كلا من الحروب المدنية والعمليات العسكرية المسلحة.
3/ حروب الرّدّة (11هـ. – 13هـ./632م. – 634م.) التي حدثت بعد وفاة رّسول الإسلام محمد بسبب امتناع بعض القبائل تسليم شخص ابو بكر الزكاة والتصرف فيها بانفسهم . و اعطى ابو بكر لنفسه الحق رغم معارضة الأغلبية من الصحابة ان يدخل في حرب مع المسلمين الذين لم يعطوه الزكاة كما أعطوها للرسول .
4/ ثم الفتنة الكبرى التي ذهب ضحيتها ألاف من البشر فقط بسبب اختلاف لا يمس جوهر الدين و له خلفيات لاختلافات فردية بين بعض الأفراد الذين أطلقت ايديهم بوفاة النبي المؤسس للدولة.
5/ ضحايا الحرب الأهليه بلبنان التي أتخذت طابعاً دينياً سياسياً ، وفتاوى أئمة السلفيين و الوهابيين التكفيريين التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء العراق ..
في عصر التكنولوجيا وبسبب الصراعات السياسية في هذا العصر الذي بدأت فيه بوادر التحرر الفكري تظهر متحدية السيف و الجلاد أصبح موقف رجل الدين اكثر من أي وقت مضى حرماً مقدساً فهو بدعم من يقف ورائه من ساسة يتصور أنه ممثل الاله على الارض و المُفسِّر للغامض من نصوصه. لهذا صار مع ازدياد قوته الروحية على الجماعة التي تقدسه ينفي و يصادر و يُكفِّر معتبرا ان رأيه هو الصواب و مُقنعا الجميع بذلك فيما يعتبر رأي المختلف عنه هو الكفر المطلق.
لهذا كثر عدد الانتحاريين الراغبين في الجنة التي زينها لهم أئمتهم فوجدوا بيئة خصبه بغياب الأمن في مدن العراق. اطفال و شباب مُغيَّبين فكرياً تمت صناعتهم كأي سلاح آخر يُرْمَوْنَ في اتون و يدمرون الحياة في سبيل حياة يوهمهم المتلاعبون بعقولهم الذين افقدوهم كل الطهر و البرائة انهم واجدوها في جنان عدن التي حلم بها الانسان منذ فكر فيما بعد الموت قبل أي تواصل مباشر له مع الاله. يعدونهم بالحور العين و الغُلمان و كل الملذات التي يحرمون منها بتضحيتهم بأرواحهم من اجل قتل آخرين ذنبهم الاختلاف العقائدي ورثوه عن أسلافهم كما ورث غيرهم عقيدته.
كما ازداد تشدد انصار الحركة التدبيرية من اليهود و المسيحيين الانجيليين الاصوليين الذين ينادون بهر مجدون نووية ليبعث المسيح من جديد بعد القضاء على البشرية العاصية الكافرة. لانهم ببساطة يؤمنون ان ما جاء في سفر حزقيال و سفر الرؤيا و سفر يوحنا نبوءات واضحة حول الوصايا التي يحدد فيها الله كيفية تدبر الكون و نهايته. يقول الكاتب التوراتي الامريكي هال لندسي في كتابه العالم الجديد القادم // إن المسيح سوف يضرب اولا اولئك الذين دنسوا مدينته القدس. ثم يضرب الجيوش المحتشدة في ماجيدو او هرمجيدون. فلا غرابة ان يرتفع الدم الى مستوى الجمة الخيل مسافة 200 ميل من القدس...و هذا الوادي سوف يملئ بالادوات الحربية و الحيوانات و جثث الرجال و الدماء... عندما تصل الحرب الكبرى الى هذا المستوى بحيث يكون كل شخص تقريبا قد قتل تحين ساعة اللحظة العظيمة فينقذ المسيح الانسانية من الاندثار الكامل و في هذه الساعة سيتحول اليهود الذين ينجون من الذبح الى المسيحية//
الاسلام بدوره لا يبتعد كثيرا في نفسيره لعودة المهدي المنتظر عما تتغنى به اليهودية و المسيحية و ما سيلحق بالبشرية من دمارثم يستقيم العدل بعده.
أيُعقَل ان يتحول الأله الى كيان عدائي سادي دموي الى هذا الحد بدل اللين و اللطف و الأمن و الطمأنينة التي من المفترض انها رسالته الاولى و الاخيرة ؟؟؟
لماذا كل هذه العدائية في الاديان الابراهمية و الى متى ستأسرنا بعنفها و آيات القتل و القتال فيها والموجودة بدون استثناء في مختلف النصوص المقدسة ؟؟؟
لماذا لا نعود للدين بنشأته الأولى ؟؟؟ لنقارن بين أن يفكّر الأنسان برب على تصوره هو يجد به كل ما يحلم به من سمو و اخلاق و احترام للذات و للآخر المختلِف و بين أن يُفرَض عليه رأي آخر يحدد ايمانه و يقوده في طريق يقال انه طريق الحق لكن بعد ان يُغيّب فكره و تُعْصَب عيناه كثور الدالية و يمنع من التفكير و السؤال؟؟؟
هل أن التماثيل التي صنعها البشر الأوائل كرمز للقوة العاقلة المسيّرة للكون كان يقصد بها تجسيداً للرب نفسه بحيث كانوا يخشون هذه التماثيل التي صنعهوها بأيديهم أم أنها مجرّد أشياء ترمز لألــه يُناجونه ليشعروا بالأمان بوجودهِ كحامٍ لهم و ليطمئنوا معرفياً لتفسيرات إفترضوها ؟؟؟
الأنبياء الذين ادعوا امتلاك قدرات خاصة للتكلم مع الإله متغنين بصلصلة تصم الآذان (هكذا وصفه النبي محمد نزول الوحي عليه)هي اقرب الى الأمراض النفسية منها الى الوحي الرباني ، لقد ضللونا و أتهموا الأنسان القديم زوراً فصوروا لنا أنه يعبد هذه التماثيل ثم فرضوا آرائهم بشتى السبل فكان القتل و القتال من اسس الديانات الابراهمية الثلاث. غَيَّبوا العقول و أعدموا كل من تجرأ و فَكَّر. داسوا الكرامة الانسانية و استعبدوا البشر بأسم الإله القوي الجبار القهار المتكبّر .
ألا تشاطرونني الرأي أن ذاك الرمز المسالم هو أفضل للحياة البشرية من الإلـه المُرعب الذي يتوعدنا بالجحيم ان نحن تكلمنا او ناقشنا او احترنا. بل ان نحن تجرأنا و خالفنا حُكّامنا و قلنا للفقيه انك قد اخطئت فما هكذا تورد الأبل يا سعد ؟؟؟
أن كان حتما لا مناص لنا كبشر من دين فلماذا لا نعود لدين سكّان الكهوف الذي لم يدعوا لأراقة دماء و لا الى تحديد أخلاقيات عدائية ضد الآخر تُسيئه و تجرده من كل انسانية وفكر؟؟؟
بعد هذه القرون من الكشف العلمي و التقدم التكنولوجي و ثبوت أخطاء فادحة في النصوص المقدسه كإدعاءات الاعجاز العلمي و كساء الاله العضم لحماً الا يحق لنا ان نختار ما يريحنا فكرياً و روحياً بعيداً عن الفرض و الإجبار الذي يقوم به ادعياء يتغنون بتمثيل الاله و تطبيق قوانينه و اقصاء الآخرين ( الكفار و المارقين و الملحدين والاشقاء الاعداء) الذين و إن كانوا على ذات الدين و يختلفون في التطبيقات ؟؟؟
كيف علمت كل فرقة من الفرق السنية او الشيعية و ما أكثرها و كم هي عميقة اختلافاتها رغم انها ترد من ذات النبع ، كيف علمت كل منها انها هو من فهم نص محمّد المقدس اكثر من الآخرين و انها الأجدر بتمثيل كلمة الأله على الارض و إقامة حد الردة و اتهام الآخرين بالكفر و الخروج عن الجادة ؟؟؟؟
لنترك الفرق و التفرقة جانبا و لتكن العقيدة و المُعتقد حرية خاصة لا دخل لأحد فيها و لا يحق لأحد أيّاً كان ان يفرض قناعاته على الآخرين و لا ان يحدد طريقهم . لماذا لا نعلم أطفالنا القراءة ثم نتركهم أحرارا في اختيار ما يقرؤون دون ان نسمح للغيربالتأثير عليهم فينشئون سليمي النفوس بعيداً عن الدعوات الإرهابية والعنف و الشغف بالدم و الاستعباد
لنردد مع السيد محمد حسين فضل الله (: "أحبّوا بعضكم بعضاً، إنّ المحبة هي التي تُبدع وتؤصل وتنتج .. تعالوا إلى المحبة بعيداً عن الشخصانية والمناطقية والحزبية والطائفية .. تعالوا كي نلتقي على الله بدلاً من أن نختلف باسم الله") في انتظار ان يتحقق السلام يوما حين تنحسر ميادين الاديان الى داخل حدائقنا الخاصة لا تتجاوزها قيد انملة و نكون احرار في اعتناق ايها نختار مع الحفاظ على دورنا كمواطنين صالحين على قول فولتير :- لا نضر بالاخر و لا نعتدي عليه بل نحترم انسانيته كما نحترم انسانيتنا و لا ندوس حديقته كما لا يعتدي هو علينا و لا على معتقدنا



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام رهن الاعتقال/ خيبة الاله
- أحلام رهن الاعتقال : هكذا رأيت الإله
- القطيع العربي : كرة القدم نموذجا
- أحلام رهن الاعتقال/ الحرية شمس يجب ان تشرق
- القطيع العربي و ثور الدالية
- أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه
- شفير الهاوية [الجزء 3 و الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 3 الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 2]
- شفير الهاوية [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 6 ] 
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 3]
- ضحايا [ الجزء 5]
- ضحايا [ الجزء 4 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 2 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 3]
- ضحايا [الجزء 2 ]
- ضحايا [الجزء 1 ]
- الذكورة البدائية و السوط المقدس


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رويدة سالم - دين الإنسان البدائي و سيوف التوحيد الإبراهيمي