أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - كيف خسر المسلمون بإلغاء العبودية؟













المزيد.....

كيف خسر المسلمون بإلغاء العبودية؟


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وصلني إيميل من قارئة تعيش بأمريكا يحمل رابطاً لموقع "سودان أون لاين" حيث كتب فيه أحد الإسلاميين موضوعاً عنوانه "كيف خسر المسلمون بإلغاء الرق" وقد تحسّر الكاتب فيه على الحسنات الإلهية التي حُرِم منها المسلمون بإلغاء العبودية لأنه لم يعد في مقدورهم الآن إعتاق رقبة كفارةً عن ذنوبهم. لم أصدق أن شخصاً في القرن الحادي والعشرين يمكن أن يتحسر على تحريم العبودية، ولكن الأيدولوجية التي تربينا عليها قد ألغت فينا العواطف الإنسانية، مثل حب الإنسان لأخيه الإنسان، كما ألغت عقولنا. هذا هو الرابط الذي أتحدث عنه وأرجو من القاريء أن يزور هذا الموقع قبل أن يكمل قراءة هذا المقال حتى يتعرّف على نوعية العقول التي نتعامل معها
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1279130718

الإنسان والحيوان يولد بجينات تتحكم في صفاته الجسدية والعقلية وكذلك تسلحه بمقومات الحياة والحفاظ عليها. من مقومات الحياة المشتركة بين الإنسان والحيوان غريزة الخوف. عندما يتفاجأ الإنسان أو الحيوان بشيء يخيفه، مثل حيوان مفترس، فالجينات قد برمجته أن يتخذ واحداً من احتمالين: إما أن يهرب أو يقف مكانه ويتعارك مع الحيوان المفترس. علماء وظائف الأعضاء يسمون هذا التصرف الغريزي Fight or Flight. عند الخوف يفرز الجسم كمية هائلة من الأدرينالين لزيادة سرعة نبضات القلب ليزيد كمية الدم في العضلات لتساعد الحيوان أو الإنسان على الفرار أو التعارك، وكلاهما يحتاج إلى عضلات متغذية بالدم والأوكسوجين. الغالبية العظمى من الناس والحيوان تهرب حفاظاً على الحياة، وبذا تنجو من الأسر والسبي، والأقلية تصمد وتتعارك، وفي الغالب تفقد حياتها أو تؤسر ليصبحوا عبيداً. يقول استوكلي كارمايكل، زوج المغنية الأمريكية السوداء مريم ماكيبا: "الفرق الوحيد بين السود في أمريكا والسود في إفريقيا، هو أن أجداد السود الأمريكان وقفوا وحاربوا تاجر الرقيق الأبيض، فأسر بعضهم ونقلهم إلى أمريكا، بينما هرب أجداد السود الأفارقة فظلوا في إفريقيا". فالرقيق الذين يتحسر كاتب المقال على فقدانهم كانوا في الغالب أشجع وأقوى وأشرف من أسيادهم، ولكن الفقه الإسلامي جعلهم في درجة الحيوان. وفي بعض المواقف لا يستطيع الإنسان أو الحيوان أن يهرب لأن طريقه مسدود أو به عاهة تمنعه الهرب. في مثل هذه المواقف، إذا لم يمت الإنسان أو الحيوان، يتأقلم مع الوضع الجديد ويتعلم أن يقوم بأفعال تضمن له الاستمرار في الحياة. فمثلاً، الأسد أو الفيل، رغم قوته وضخامته، يتعلم في السيرك circus أن يقوم بحركات بهلوانية تسلي المتفرجين، مقابل أن يطعمه صاحب السيرك ويحافظ على حياته.
هذه الحيوانات تتعلم الرقص أو القفز داخل حلقة تشتعل النار على جوانبها، بوسائل التدريب التي أتقنها ملاك السيرك، مثل الضرب إذا لم يقم الحيوان بالحركات المطلوبة، وإذا قام بها كما ينبغي، فإن المدرب يعطية حلوى أو قطعة لحم ويصفق له الجمهور، بمعنى آخر يُعطى جائزة reward عندما يفعل ما يطلبه منه المدرب. وعلى المستوى الأوسع نرى جميع الحيوانات المدجنة مثل البقر والحمير والإبل، تحمل الأثقال وتتحمل الضرب من الإنسان وتحرث الأرض، مقابل إطعامها والحفاظ على حياتها. هذه الحيوانات قبل تدجينها كانت متوحشة تعيش في حرية تامة وتفعل ما تريد. ولكن بعد مرور آلاف السنين على تدجينها أصبحت مبرمجة على عبوديتها للإنسان ولا تعرف حياةً غير حياة الأسر. وإذا أطلقت حيواناً أليفاً، ففي الغالب يسير عدة أميال ليتنسم نسيم الحرية، لكن الجوع والتعود على الحياة التي لا يعرف غيرها يضطرانه إلى الرجوع إلى سيده، فمثل هذا الحيوان قد فقد الخبرة التي تمكنه من العيش في الطبيعة القاسية.
الخوف قد يكون فعلياً، عندما نقابل شخصاً مسلحاً مثلاً، أو قد يكون معنوياً بأن نخاف من العذاب في الحياة الأخرى. وقد استغل رجالات الدين، منذ أن بدأت الأديان، هذا الخوف المعنوي ليحملوا العامة على القيام بأفعال معينة تعود بالنفع على رجالات الدين، الذين يتهددون المؤمن بالعذاب الأبدي إذا لم يفعل ما يقولونه، ويلوحون له بالجنة التي تمثل الحلوى، كجزاء على حسن تصرفاته.
ومنذ أن عرف الإنسان الاستقرار في المجتمعات الزراعية، عرف الحروب وأسر المهزوم واستعباده. أما في المجتمعات الرعوية مثل جزيرة العرب، فإن الحروب كانت لنهب الحيوانات للفائدة من ألبانها ولحومها لعدم توفر ما يسد رمق الحياة من مزروعات، وكذلك لسبي النساء لانتاج أكبر عدد من الصبيان لتقوية القبيلة. ولذلك كان الرق في جزيرة العرب قبل الإسلام محصوراً في العبيد المستوردين من إفريقيا مثل عنترة بن شداد الذي كانت أمه حبشية، أما بالنسبة للرجال العرب أنفسهم فالمهزوم إما أن يُقتل في المعركة أو يرجع إلى ديارة بعد أن يكون قد فقد كرامته ومواشيه ونساءه، ليستعد لمعركة قادمة. ولهذا استمرت "أيام العرب" أي المواقع بينهم مئات السنين.
وظّف رجال الدين في جزيرة العرب، قبل الإسلام، الخوف المعنوي من عذاب الآخرة مما جعل بعض الملتزمين بالأديان وقتها يتبرعون أن يكونوا عبيداً للآلهة علها تحنو عليهم وتعفيهم من عذاب الآخرة، فنجد بعض القبائل وبعض الأشخاص سموا أنفسهم عبيداً لتلك القوى الميتافيزيقة، وأصبحوا يعرفون بأسماء مثل: عبد شمس، عبد مناف، عبد العزى، عبد اللات، عبد القيس، عبد المطلب، عبد مناة، عبد الأشهل، عبد مدان، عبد الشهرى. ولكن غالبية الأشخاص والقبائل سموا أنفسهم بأسماء حيوانات مفترسة، تيمناً بأن يكون رجالهم مثل تلك الحيوانات المفترسة، مثل أسد، و نمر و فهد. ومنهم من تسمى بأسماء أشياء صلبة وقوية مثل حجر وصخر وسيف وقوس، أملاً في أن يكون كالمسمى صلابةً. وبعضهم سمى أولادهم بأسماء حيوانات وضيعة، في نظرهم، مثل كلب وضب وثعلب، علها تكف عنهم العين.
ثم جاء الإسلام واستعمل عامل الخوف في وصف جهنم وصفاً تقشعر له الأبدان، وجعل من الناس عبيداً لله بدل أن يكونوا مجرد مخلوقاته، فقال في القرآن: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم) (الحجر 49، 50). ولتفادي ذلك العذاب الأليم ارتضى المسلمون العبودية لله، وتأكيداً لذلك سموا أولادهم بأسماء العبودية، فأصبح أولادهم عبيداً ليس لله فقط وإنما لجميع أسمائه الحسنى. فنجد مثلاً: عبد الله، عبيد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم، عبد المعبود، عبد الملك، عبد المالك، عبد القدوس، عبد القيوم، عبد السميع، عبد العليم، عبد العالم، عبد الواحد، عبد الأحد، عبد الخالق، عبد النور، عبد السلام، عبد المؤمن، عبد المهيمن، عبد العزيز، عبد الجبار، عبد الباري، عبد الغفار، عبد الغفور، عبد الوهاب، عبد الرزاق، عبد الرازق، عبد الفتاح، عبد الباسط، عبد الحكيم، عبد الحكم، عبد اللطيف، عبد الحليم، عبد العظيم، عبد الشكور، عبد الحفيظ، عبد الحافظ، عبد الجليل، عبد الكريم، عبد الودود، عبد المجيد، عبد الماجد، عبد الحق، عبد الحميد، عبد الحي، عبد القيوم، عبد الصمد، عبد القادر، عبد القدير، عبد البر، عبد الرؤوف، عبد العاطي، عبد المعطي، عبد الهادي، عبد الباقي، عبد الصبور، عبد المولي، عبد المنعم، عبد الإله، عبد ربه، ، عبد الساتر، عبد الستار، عبد العال، عبد المتعال، عبد البر، عبد المقصود، عبد المحمود، عبد المطلب، عبد المحسن، عبد المنان، عبد الرفيع، عبد الناصر، عبد الرشيد، عبد الغني، عبد المغني، عبد الرقيب، عبد رب الحسين، عبد رب الرسول، عبد التواب.
كيف يمكن أن يسمي إنسان عاقل ابنه "عبد المهين" أو "عبد الجبار"؟ ونلاحظ هنا أن أسماء العبودية تنحصر فقط في الرجال، أما المرأة فلا ترقى إلى أن تكون عبدة الله لأنها شيطان يغري الرجال بارتكاب المعاصي، وكما قالت امرأة زكريا (وليس الذكر كالأنثى).
ولم يتكتفوا بالعبودية لله، بل تطوعوا أن يكونوا عبيداً لبشر مثلهم، فسموا أولادهم: عبد النبي، عبد الرسول، عبد الأمير، عبد الحسين، عبد الزهراء، عبد الإمام ، عبد السادة، عبد المهدي، عبد الرضا، عبد العلي. وهذه ظاهرة غريبة لا نجدها إلا في الإسماء الإسلامية، فلا نجد في الغرب مثلاً من سمى أولاده "عبد يسوع" أو عبد زيوس أو عبد أبولو، رغم أن الأوربيين مروا بمراحل الوثنية ثم التعددية ثم المسيحية. ومن الغريب أن بعض مسيحيي الشرق العربي قد تأثروا بهذه البيئة وسموا أولادهم "عبد المسيح"، رغم أن المسيح نفسه قد قال لهم إنهم أبناء الله، ولكنهم اختاروا العبودية تماشياً مع الروح العربية التي أدمنت العبودية. والغرب الذي عرف العبودية قبل الميلاد، سواء كانت ناتجة من الحروب، أو الناتجة من عدم سداد الديون، في أثينا وروما وغيرها، قد تخلصوا تدريجياً من الرق، إما طوعاً أو بالقوة كما فعل إبراهام لنكولن في أمريكا، واعتذروا عن ماضيهم، وأقاموا المتاحف التي تحكي قصة الرق، لإثبات خجلهم من ماضيهم
وحتى حيوانات السيرك المستعبدة أصبح لها في الغرب مدافعون عنها استطاعوا أن يجبروا المجالس البلدية في أغلب المدن على منع مالكي السيرك من استعمال الحيوانات في عروضهم. بينما نجد كاتباً إسلامياً لا يستحي أن يتحسر على إلغاء الرق الذي حرمهم من إعتاق رقبة لم يكن لهم الحق أصلاً في استعبادها.
والذي يدمن العبودية لا يرى تناقضاً في استعباد غيره، مثل اليهود الذين عانوا الأمرين من النازية عندما كانوا مستضعفين، فأصبحوا يمارسون نفس أساليب النازية على الفلسطينيين لأنهم الآن في موقف القوي، ولا يرون عيباً في تعذيب وقتل واغتصاب الفلسطيني. وفي العالم العربي الذي أدمن العبودية خوفاً من الله ومن سيوف محمد، أصبحوا في موقف القوي عندما فتحوا البلاد المجاورة وشمال إفريقيا، فأباحوا لأنفسهم استعباد المهزومين. وجاء فقهاء الإسلام فيما بعد، عندما كثر عدد العبيد والجواري في دولة الإسلام، وشرّعوا للعبودية والخوف والطاعة العمياء، وجعلوها في مراتب:
تبدأ الطاعة العمياء في الطفولة للأب أو زوج الأم، الذي يضربهم على الصلاة في العاشرة، ثم في المدرسة التي يُطاع فيها المعلم طاعة عمياء ويُسمح له بضرب الأطفال لتعليمهم الطاعة الكاملة (لك اللحم ولنا العظم)، ثم عندما يكبر المسلم يطيع ولي الأمر طاعة عمياء لأن ولي الأمر هو ممثل الله في العباد، وقد أوصى القرآن بطاعته عندما قال (أطيعوا أولي الأمر منكم). وقمة هرم الطاعة العمياء هي طاعة الرسول وطاعة الله.
وقال القرآن (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار) (النساء 80). أي أن العبودية جائزتها الجنة. وكذلك (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء 59). ثم قال محمد "من علّم عبداً آيةً من كتاب الله صار له عبداً" (كشف الخفاء للإمام العجلوني، حديث رقم 2543). وأصبح المسلم عبداً للأيدولوجية الإسلامية، وعبداً لله ولأوليائه. وبعد أن استمرأوا هذه العبودية بدءوا غزواتهم المباركة واستعبدوا رجال ونساء البلاد التي فتحوها، فصار لعبد الله عبيدٌ كُثر.
وحاول عبد الله تبرير امتلاكه عبيداً وإماء، فزعموا أنهم يعاملونهم معاملة الحر، وجاؤوا بأحاديث تزعم ذلك. (لا فضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأسود على أبيض ولا لأبيض على اسود إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب) (الفتاوى الكبرى لابن تيمية، ج11، ص 195 (. ولكن كعادة الإسلام في تناقض نصوصه، ألّف نفس الفقهاء مجلدات في فقه العبيد حشوها بآيات من القرآن والأحاديث ليضعوا كل القيود الممكنة على العبيد. فمثلاً نجد في القرآن آيات تبيح ملك اليمين من السبايا وتبيح للرجل المسلم أن ينكح ملك يمينه دون أي شروط، حتى وإن كانت الأمة قد أسلمت. ويزيد على ذلك ويجعل الإماء أقل درجة من الحرة، فيقول (ومن لم يستطع منكم طَوْلاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فنياتكم المؤمنات) (النساء 25). فالمؤمن الذي لا يستطيع مادياً أن يتزوج الحرة المحصنة، فليتزوج واحدةَ من الإماء المسلمات. فالأمة المسلمة أقل مرتبةً من الحرة المسلمة. ونفس المعنى نجده في الحديث "أطيعوا أولي الأمر منكم حتى وإن كان عبداً حبشياً رأسه كالزبيبة". فكلمة "حتى" هنا للمبالغة في الأمر وللتبخيس، ومحمد كان يعلم أن الذي رأسه كالزبيبة لا يمكن أن يكون ولي أمر المؤمنين لأنه قال في حديث آخر "سوف يظل هذا الأمر في قريش حتى وإن بقى منها اثنان". وقال كذلك "كل عبد أبق من سيده لا تُقبل صلاته حتى يعود إليه". فكيف يمكن أن يصبح هذا العبد الذي لا تقبل صلاته إن حرر نفسه، ولياً على أمور المؤمنين؟

من الناحية العلمية وخاصةً وظائف الأعضاء، ليس هناك أي فرق بين امرأة عربية وامرأة رومية سبتها جيوش المسلمين وباعوها كأمة في سوق النخاسة. والقرآن يقول (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) (البقرة 234). والغرض من عِدة الأربعة أشهر وعشرة أيام هو التأكد من خلو الرحم من الجنين. ولكن عندما جاء الأمر للأمة أي ملك اليمين، أخرج مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، قالا: عِدة الأمة إذا توفي عنها زوجها شهران وخمس ليالٍ. وعن ابن عمر قال: عِدة أم الولد إذا هلك سيدها حيضة واحدة (الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطي، ج1، سورة البقرة 281) وأم الولد هي الأمة التي يعاشرها سيدها وتلد له طفلاً أو أكثر. وبالطبع ليس هناك أي سبب لتقصير عِدة الأمة إلى نصف عِدة الحرة غير العنصرية العربية. فمدة الحمل متساوية في كليهما.
وتستمر العنصرية العربية حتى في العقاب، فالحرة المتزوجة إذا أتت بفاحشة تُرجم، أما الأمة المتزوجة إذا أتت بفاحشة، تُجلد فقط لأن القرآن يقول عن الإماء (فإذا أُحصن فإن أتين بفاحشةٍ فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) (النساء 25). فما هو الفرق بين أن تزني امرأة عربية مسلمة وأخرى جلبوها من شمال إفريقيا وأسلمت وتزوجت؟ وحتى عورة الأمة تنحصر بين الصدر والركبة، بينما عورة الحرة كل جسمها. فالأمة هي نصف الحرة في كل شيء، وهي مسلمة مثلها، تماماً كما جعل الإسلام المرأة نصف الرجل وأباح له استعبادها برأي فقهاء الإسلام من أمثال الغزالي.

مسلمان، أحدهما عربي حر والآخر فارسي أسروه وجعلوه عبداً فأسلم وظل عبداً. إذا قتل الفارسي عربياً، يُقتل الفارسي، ولكن إذا قتل العربي العبد الفارسي لا يقتل بدمه. يقول القرطبي (أجمع العلماء على أن قوله تعالى "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطاً" إنه لم يدخل فيه العبيد وإنما أريد به الأحرار دون العبيد، فكذلك قوله عليه السلام: المسلمون تتكافأ دماؤهم، أريد به الأحرار خاصةً، والجمهور على ذلك) (الجامع لأحكام القرآن، ج5، سورة النساء، آية 92). ويقول المتقي الهندي (عن الأحنف بن قيس عن علي عن عمر في الحر يقتل العبد، قالا: فيه ثمنه ما بلغ) (كنز العمال، ج5، كتاب القصاص والقتل، حديث 40176).
هل يسمح ضمير إنسان سوي، حتى إذا امتلك جارية، أن يضاجعها وتحمل منه وتلد له ولداً، أن يبيعها؟ يقول ابن رشد القرطبي: (كان أبو بكر الصديق وعلي رضوان الله عليهما وابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري يجيزون بيع أم الولد، وبه قالت الظاهرية من فقهاء الأمصار. وقال جابر وأبو سعيد: "كنا نبيع أمهات الأولاد والنبي عليه الصلاة والسلام فينا لا يرى بذلك بأسا" واحتجوا بما روي عن جابر أنه قال "كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم نهانا عمر عن بيعهن") (بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، باب أمهات الأولاد، ص 120).
الرجل المسلم الحر يجوز له أن يجمع بين أربع زواجات، أما العبد المسلم فلا يجوز له (قال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز له الجمع إلا بين اثنتين فقط. وسبب اختلافهم هل العبودية لها تأثير في إسقاط هذا العدد كما لها تأثير في إسقاط نصف الحد الواجب على الحر في الزنا، وكذلك في الطلاق عند من رأى ذلك. وذلك أن المسلمين اتفقوا على تنصيف حده في الزنا: أعني أن حده نصف حد الحر، واختلفوا في غير ذلك) (بداية المجتهد لابن رشد، ح2، ص 367).
ومع ذلك يردد المسلمون أن الإسلام أكرم العبيد وأوصى بعتقهم، كما أكرم المرأة وأعزها. وهم يعرفون حق المعرفة أن مقابل كل عبد أعتقوه، جلبت جيوشهم آلاف العبيد الجدد. وفي النهاية، وبعد مرور أكثر من ألف عام على آيات عتق العبيد كانت حصيلة الأمة من العبيد والإماء أضعاف أضعاف ما أعتقوه. ورغم أن العالم كله قد حرّم الرق ما زال الرق ممارساً في اليمن وموريتانيا. أما دول الخليج، بما فيها السعودية والكويت، ما زالوا يمارسون الرق الحديث عن طريق الكفيل للعمالة المستوردة، نساءً ورجالاً. وما زالوا يعاملونهم معاملة لا ترقى إلى مستوى الإنسانية، ناهيك عن إدعائهم بأن لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى.
وبما أن الإسلام كله مبني على التناقض، لم يقف أي مسلم ليسأل نفسه عن المقولة المشهورة المنسوبة إلى عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" وما زالوا يرددونها دون أي تفكير. فكيف يُعقل أن يقول عمر هذه المقولة وهو الذي كان يملك ثمانية من العبيد، وقد اشترى عبده "أسلم" سنة إحدى عشرة بمكة من ناس من الأشعريين (الكامل في التاريخ لابن الأثير، ج2، ص 204، والمنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج4، ص 47)). وهو الذي أرسل جيوشه لغزو فارس والشام ورجعوا بمئات الآلاف من السبايا، وزعهم عمر على المسلمين.
فالأمة التي تنازلت عن عقولها لفقهاء الإسلام، وفقدت عاطفة حب الآخر المختلف عنها وتسلحت بفقه الولاء والبراء، وبررت لأفرادها الذين هم عبيد الله وعبيد الأوياء أن يمتلكوا عبيداً مسلمين مثلهم ويبيعونهم في سوق النخاسة بيع الحيوان، لا نستبعد منهم أن يحنّوا إلى تلك الأيام الخوالي التي كانوا يغزون فيها بلاد تبعد عنهم آلاف الأميال ليسبوا نساءهم ويستعبدوا رجالهم، ويسخروهم لخدمتهم بينما يتفرغوا هم لنكاح الإماء.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخاريف رجال الأزهر - الحلقة الأخيرة
- تخاريف رجال الأزهر 3
- تخاريف رجال الأزهر 2
- تخاريف رجال الأزهر 1
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين - تعقيباً على القراء 2-2
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين: تعقيباً على القراء 1-2
- الدكتور سيد القمني وتخلف المسلمين
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 2-2
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 1-2
- نساؤهم ونساؤنا
- لماذا يزداد تخلفنا
- مقارنة بين البوذية والإسلام
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 2-2
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
- البطريرك إبراهيم وميثولوجيا الشرق 2-2
- البطريرك إبراهيم وأساطير الشرق 1-2
- طول اليوم الإلهي
- القرآن وبنو إسرائيل 4-4
- القرآن وبنو إسرائيل 3-4
- القرآن وبنو إسرائيل 2-4


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - كيف خسر المسلمون بإلغاء العبودية؟