أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - جرائم بلا عقاب















المزيد.....

جرائم بلا عقاب


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 20:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت “إسرائيل” قد ارتكبت في تاريخها الذي يربو على 62 عاماً جرائم كثيرة، وانتهكت بصورة سافرة قواعد القانون الدولي بشن الحرب واحتلال الأراضي وضمّها وارتكاب مجازر ضد الانسانية وأعمال إبادة جماعية، إضافة الى جرائم الحرب، فإن حربها ضد غزة أواخر العام 2008 اوائل العام 2009 والتي دامت 22 يوماً بعد حصار لا إنساني لثلاثة أعوام، كانت الأكثر جدلاً ونقاشاً، لاسيما بشأن مسألة الإفلات من العقاب، خصوصاً لحجم الانتهاكات الصارخة من جهة، وارتفاع حساسية المجتمع الدولي من جهة أخرى، والذي تجلّى بصدور تقرير عن لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، والذي عُرف باسم تقرير غولدستون، حيث اتهم “إسرائيل” بارتكاب جرائم ترتقي الى جرائم حرب، وبالتالي فإن هذا التقرير كان إضافة جديدة الى مسؤوليات المجتمع الدولي بشأن ملاحقة المرتكبين “الإسرائيليين” للجرائم وعدم جعلهم يفلتون من العقاب .



لقد أقرّ ميثاق الأمم المتحدة مبادئ العدالة وأكدّ احترام الالتزامات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، باعتبارها أحد أهم مصادر القانون الدولي المعاصر، الاّ أن رقعة الانتهاكات للقانون الدولي لا تزال مستمرة، وأن حجم الارتكابات مثير للقلق، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة وجدّية أمام المجتمع الدولي بشأن نظام العدالة السائد، ويضع أمامه تحديات بخصوص استخفاف “إسرائيل” وتنكّرها للقواعد والقرارات الدولية، لاسيما تلك التي تصدرها الأمم المتحدة .



وكانت ردة الفعل الحقوقية على عملية الرصاص المسكوب أو المنصهر هو قيام منظمات محلية ودولية لجمع معلومات وتقديم تقارير وتوصيات وتحديد مهمات لملاحقة المرتكبين من خلال لجان تقصي حقائق، ولعل أبرز المنظمات كانت منظمة عدالة وجمعية حقوق الإنسان في “إسرائيل” ومنظمة الحق الفلسطينية والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان . وقامت هذه المنظمات بالتعاون مع الفيدرالية الدولية في توثيق الجرائم والانتهاكات في عمل مهني حقوقي - إنساني .



ولعل مسألة الجريمة والعقاب وملاحقة “إسرائيل” والمتهمين بارتكاب جرائم، لا تتوقف عند حدود، فما أن تنتهي قصة، حتى تبدأ أخرى . وقد كشفت عملية اغتيال محمود المبحوح حجم الإرهاب الدولي، الحكومي، الرسمي الذي تقوم به “دولة” عضو في الأمم المتحدة، وكانت “الدولة” الوحيدة التي اشترطت عليها المنظمة الدولية تأمين احترام حقوق الإنسان، لاسيما لعرب فلسطين والإقرار بحق اللاجئين بالعودة بالقرار 194 الصادر عام ،1948 لكن هذه الجريمة أعادت مطالبة المجتمع الدولي وهيئات حقوقية ودولية ملاحقة المرتكبين “الإسرائيليين” وتوجيه لائحة اتهام ضدهم .



لقد أصحبت مسألة إفلات “إسرائيل” من العقاب مثار جدل فقهي دولي، قانوني وسياسي، لاسيما أن العديد من المنظمات الدولية، خصوصاً الحقوقية أخذت تضغط على المجتمع الدولي للتمسك بمبدأ عدم إفلات المرتكبين من أيدي العدالة، خصوصاً إذا ما عرفنا أن حماية السلم والأمن الدوليين هو أحد أبرز الأهداف السامية للأمم المتحدة والتي لا يمكن تحقيقها دون بلوغ احترام حقوق الإنسان وتأمين مبادئ العدالة، خصوصاً ضمان حق الحياة والعيش بسلام ودون خوف، فالعدالة ضمان للسلام على المستويين الوطني والدولي .



وأظهرت الحرب المفتوحة على غزة مدى استهانة “إسرائيل” باتفاقيات جنيف لعام 1949 وبقواعد القانون الدولي، وهو ما يؤكده حجم الدمار الذي حلّ بالبشر والعمران والمرافق الاقتصادية والحيوية والبيئية، وارتفاع نسبة الوفيات بين المدنيين التي تجاوزت حسب بعض التقارير أكثر من 80 % من الضحايا البالغ عددهم أكثر من 1400 قتيل، وأكثر من 5 آلاف جريح وهدم وتدمير كلي أو جزئي لنحو 20 ألف منزل .



إن بحث مسألة الجريمة والعقاب لا يتعلق بجانبها النظري فحسب، بل بالجوانب العملية، حين يتم بسطها على طاولة الدراسة والتحقيق والفعل، بما له علاقة بالضحايا وجبر الضرر والتعويض، ناهيكم عن معاقبة المسؤولين وإصلاح نظام العدالة، ف “إسرائيل” على مدى أكثر من ستة عقود من الزمان كانت تعفي نفسها من أية مسؤولية سياسية أو جنائية أو مدنية أو أخلاقية، تجاه خرقها للقوانين الدولية والانسانية .



وهكذا فقد أقدمت على اغتيال محمود المبحوح بدم بارد متجاوزة سيادات عدد من البلدان، منتهكة بكل استخفاف قواعد القانون الدولي، غير عابئة بردود الفعل الدولية، خصوصاً استخدام جوازات سفر دبلوماسية لعدد من البلدان الأوروبية، وقد كشفت التحقيقات أن طاقماً زاد على 26 عنصراً أسهم في هذه الجريمة . لقد أصرّت دولة الإمارات العربية المتحدة على ملاحقة المرتكبين وكشف خيوط الجريمة، ووضعت بذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤولياتهما، وكذلك كشفت حجم التواطؤ الدولي، سواءً بتسهيل المهمات أو السكوت أو عدم اتخاذ إجراءات جدية إزاء تزوير جوازات سفر عدد من البلدان الأوروبية حيث قام الموساد بتزويد المرتكبين بجوازات سفر دبلوماسية لتنفيذ مهمتهم .



لقد أولت بعض المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية مسألة العدالة الدولية أولوية في نشاطها، الأمر الذي جعل تقاريرها محوراً جديداً للنقاش الداخلي والدولي بشأن الانتهاكات وسبل ملاحقة المرتكبين، خصوصاً وقد قدّمت بعض المنظمات الفلسطينية، لاسيما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان معلومات الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الى القضاء الإسباني لملاحقة المرتكبين “الإسرائيليين” بمن فيهم بن أليعازار وستة آخرين من رفاقه، وقام القضاء الإسباني بتوجيه مذكرة اعتقال بحقهم .



وللأسف فقد أدى الضغط “الإسرائيلي” الى تبنّي البرلمان الإسباني قراراً يحدّ من التشريع الإسباني المتعلق بالولاية الدولية، لكن ذلك لا يمنع من تكرار مثل هذه المحاولات في إسبانيا، وفي غيرها من البلدان التي يأخذ نظامها القضائي بالولاية الدولية، حيث لا يزال الطريق سالكاً، حيث تسمح قوانين نحو 47 دولة باتباع هذا الطريق رغم الضغوط “الإسرائيلية” والأمريكية، وذلك بغض النظر عن مكان وزمان وقوع الجريمة وجنسية المرتكبين أو الضحايا، طالما هي جرائم دولية يحاسب عليها القانون الدولي .



وبخصوص ملاحقة المرتكبين في إطار القضاء “الإسرائيلي”، كما تقتضي قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 ونظام محكمة روما الأساسي لعام 1998 والذي دخل حيّز التنفيذ العام ،2002 فإنه من النادر أن تتكلل الشكاوى المُقامة في المحاكم “الإسرائيلية” على قلتها أية إدانة تُذكر، إذ لا يُعقل أن يصدر المتهم قراراً بإدانة نفسه وتجريمها، خصوصاً وهو من استخدم الأسلحة المحرمة دولياً ومن قام بالإرهاب والعدوان والاحتلال، ويستمر في بناء جدار الفصل العنصري ويحرم الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه وبناء دولته الوطنية المستقلة .



إذا كانت “إسرائيل” تستخف بالمجتمع الدولي، لأنها في كل مرة تفلت من يد العدالة، الاّ أن ما قامت به دولة الإمارات من ملاحقة وإصرار لكشف جريمة، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، لاسيما أن “إسرائيل” عادت وارتكبت جريمة جديدة عندما هاجمت قافلة الحرية السلمية، وقتلت 9 من ركابها المدنيين الذين جاءوا بمهمة إنسانية ينقلون مواد غذائية ودوائية ضرورية إلى سكان قطاع غزة المحاصر .



ولعل موقف تركيا الحازم إزاء جريمة “إسرائيل” بقتل مواطنيها ومن دعم سكان غزة المحاصرين، قد دخل كعنصر جديد في مقاضاة “إسرائيل”، بحيث لا ينبغي على هذه الجرائم أن تمرّ بلا عقاب، لا على المستوى الجماعي ولا على المستوى الفردي، إذ بإمكان الضحايا أو عوائلهم التقدم الى المحاكم الوطنية في الدول التي تأخذ بالولاية القضائية العالمية، بغض النظر عن جنسية المرتكبين ومكان وقوع الجريمة، لإقامة دعاوى لمحاكمة الجناة فضلاً عن طلب التعويض المادي والمعنوي .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات قمة نتنياهو أوباما نووياً
- ثلاث سلطات تلاحق المثقف
- الثقافة رؤية والسياسة تكتيك
- سلطة المعرفة وتفتيش الضمائر
- صدام الأصوليات وحيثيات التبرير!
- هرطقات ديمقراطية صهيونية
- نصر حامد أبو زيد ومحنة التفكير والتكفير!
- الثقافة والابداع من أجل التنمية!
- عن النقد والمراجعة الفكرية
- هل لا تزال الماركسية ضرورية؟
- حين يرحل المفكر مطمئناً
- أسئلة التنوع الثقافي
- استحقاقات برسم تسليم الحكومة العراقية الجديدة
- الاغتيال السياسي : مقاربة سسيو ثقافية حقوقية
- سلطة العقل.. السيد فضل الله حضور عند الرحيل!
- الثقافة والتغيير
- ظلال غورباتشوف في صورة أوباما الأفغانية
- النيل والأمن المائي
- الانتخابات ومستقبل العراق!
- الأزمة الكونية وحلم التنمية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - جرائم بلا عقاب