أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - رمضان .. شهر الفقراء














المزيد.....

رمضان .. شهر الفقراء


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 20:56
المحور: المجتمع المدني
    


في اول يوم من شهر الصيام ، أراني متحمس لتسجيل لقاء مع فقراء بلادي ، حيث تلتقي في بيوتهم وعلى الواح سررهم البسيطة ، كل افرازات الحرمان ، لتضغط على كياناتهم الهزيلة ملامح من نوع جديد ، ملامح ترغمهم على اكتساب القدرة على المزيد من الصبر ، وهم يأملون حينما تصل هذه اللعبة بهم الى نهاياتها ، ويقفون امام منصة الحساب الختامي في الاعالي ، أن يكون لهم حسن المآل .
الفقراء في بلادي ، يصومون هذه الايام ، طمعا في الجنة ، والاغنياء يسافرون هربا من حرارة المناخ الى شمال الوطن ، حيث تنعم الوديان الخضراء ، بجو ربيعي منعش .. وحينما يحل موعد الافطار ، يفترش فقراء بلادي الارض ، وينثرون قطع الخبز المحمر في تنانير الطين ، ومعها ما يتيسر من رزق الله .. لينتهي يومهم بكلمات يوجهونها الى السماء ، بأن تتقبل سعيهم ، وتهديهم بركاتها مطرا ، ورغيف خبز لا يلونه لون الرماد .. انهم يتضرعون في خاتمة كل يوم من شهر رمضان ، وبتوسل غير منقطع ، كي تنزل عليهم رحمة الاحساس بالامان من الامراض الساريه ، وأن يبدأ يومهم الآت بشيء من الراحة ..
الفقراء في بلادي غير معنيين بما يفعله اسيادهم ممن يقال عنهم رجال الفضيلة والمراجع العظام ، بل هم في لهو عن ذلك حتى لا تحبط اعمالهم ، ولكي لا يطالهم غضب الرب لكونهم قد تدخلوا فيما لا يعنيهم .. فهم معنيون فقط بما يقدر لهم من حال .. ولا شأن لهم بسواهم ممن يمتلكون الفقه والدراية ويحملون راية المسؤولية ..
انها قسمة عادلة على ما يبدو ، تلك التي تبعد الرعية عن الراعي ، ولابد من معرفة درجة المقام قبل ان ينطلق المقال ..
الفقراء في بلادي ، يعلمون علم اليقين ، بأن دنياهم ما هي إلا دار فناء ، وبأن المستقر الابدي هناك ، حيث ينتهي عذاب البرزخ ، ويقفون وكل منهم يحمل كتابه باحدى يديه ، ساعتها سيحل موعد الحسم ، وتنطلق الاحكام لتقول كلمتها بلا ابطاء ، فالشهود حاضرون ، والسجلات معدة مسبقا ، وفيها كل صغيرة وكبيره .. لا مفر ساعتها من نيل عقاب الآخرة بعد نيل عقاب الدنيا ، وليس من أحد سيقف هناك ليفرز الناس على أساس ما بحوزتهم من مال ولا جاه ، غير ان للأغنياء ستكون الحضوة في كونهم كانوا قد أدوا فرائض دينهم وبكل أمانه ..
الفقراء في بلادي ، ليس فيهم من أدى فريضة العمرة عشر مرات خلال حياته كما يفعل سواهم .. ولم يقدر لهم أن يعمروا مساجد الله حتى يضمنوا الأجر العظيم ، ولم ولن يتمكنوا من امتلاك نعمة الوعظ من فوق المنابر .. انهم قاع الناس ومؤخرة الركب .. وهم بذلك لا زالوا في مرتبة العبيد ، فهل علم أحد بان للعبيد منزله ؟
الفقراء في بلادي ، ريحهم تزكم الانوف ، وثيابهم لا تؤنس الناظر من غير طبقتهم ، ينامون وتحت اغطيتهم روائحهم النتنه ، لا تتركهم ما دامت بطونهم تنفث ( الفسو ) المنطلق من اطعمتهم الرخيصه .. والقمل يعبث في ثنايا شعورهم المكتضة بالاوساخ .. أحلامهم يفسدها السوس المنتشر في اعماق اسنانهم فلا يجدون سبيلا لاصلاحها ، وهم في ذلك راضون .. تعم نفوسهم الغبطة حينما تلوح لهم طلعة بهية لمن يعضهم بالصبر والسلوان ، ويعدهم بجنات عرضها السماوات والارض إن أداروا وجوههم للدنيا وما فيها لأنها دار فناء ، وعليهم التشبث بدار البقاء .
الفقراء في بلادي سعداء بواقعهم ، ولا يحبون ابدا من يهبهم غير هذه السعاده .. لا يعرفون ما ترطن به السنة اولئك الذين يتمايلون وراء منصات الخطابة ، او ممن يسمونهم بالكتاب والمثقفين .. فهم لا يعلمون ، بل لا يفهمون ما يطنطن به هؤلاء من كلام لا يهديهم الى غير ما هم فيه .. ولديهم سواء جميع المسميات التي تزدحم بها قواميس السياسة ومعاجم اللغة ، ولا شأن لهم بغير ما لديهم من شجون ..
الفقراء في بلادي ، متمرسين بالبغاء وهز الارداف ، كما هم اكثر تمرسا باحياء طقوس دينهم في المناسبات .. لا قوانين تحكمهم ولا أعراف ، غير تلك التي ولدت معهم حيث وجدوها مكتوبة على مهد من يولد منهم في ظلمات الليل .. وجميعها تبيح لهم كل شيء عدا النفور من ظالم أو عدم تقبل إهانه .. فتجدهم يهبون هبة رجل واحد ، يموتون من شدة التدافع ليبلغوا اقرب نقطة تحت شرفات القصور ، علهم ينالون بركة تلويحة كريمة من ذراع ولي الأمر ، وهو يمن عليهم بتحيته المقدسه .
هؤلاء هم الفقراء في بلادي .. يصومون شهر رمضان المبارك ، على هدي أن فارسا سيظهر لهم ذات يوم ، ويقودهم في ساحات الوغى ، ليهدوا من حولهم معاقل ودول ، ويظهروا ما غاب عنهم من فضائل الاجداد ، وتسود راياتهم كل الدنيا ... لتنطلق من جديد ، احكام السلف الصالح .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تؤمن أمة ، بأن سكينا تنطق !! .
- مصير كادت أن تقرره حبة تمر
- إحكام العقل ، وما ينتظرنا في رمضان .
- للرجل ذكرى ، مازالت موقدة في ذاكرة العراق .
- لماذا نحن ( خارج منظومة العصر ) ؟؟
- تحريف المناهج التربوية في العراق ، لمصلحة من ؟ ..
- يوم في دار العداله
- أللهم لا شماته ....
- رغم ما يقال .. سيبقى النظام الاشتراكي هو الافضل .
- وجهة نظر من واقع الحال
- من قاع الحياة
- خطاب مفتوح لمؤسسة الحوار المتمدن
- لماذا يلاحقنا إخواننا في الكويت ، بديونهم في هذا الزمن الصعب ...
- ألقطة سيسيليا ...
- المرأة في بلادنا .. بين التمييز والتميز .
- من هو المسؤول عن مأساة ( منتهى ) ؟؟ .
- أنا والمجانين
- واحد من مشاريع التمرد ، إسمه ستار أكاديمي
- تشضي الشخصية العربية ، وفقدان وسيلة التخاطب .
- ألنفط وصراخ الكفار


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - رمضان .. شهر الفقراء