أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية















المزيد.....

العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 09:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قبل البدء بكتابة بقية مقالنا في الأسبوع الماضي (ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟) أود أن أكتب كلمتين بالمناسبة الثالثة عشرة لرحيل الشاعر العراقي العظيم عبد الوهاب البياتي في 3/8/1999، الذي عرفنا العراق به في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وليس بحزب البعث أو بصدام حسين. لقد كان البياتي صديقي المحب، رغم اختلافنا في التوجه السياسي والفكري. ولكنه كان يحتضنا ويحبنا نحن الشباب – آنذاك - رغم اختلاف أفكارنا ومشاربنا السياسية. عرفت البياتي شخصياً في عمَّان في بداية التسعينات من القرن الماضي. وقرأت أشعاره ودواوينه في الستينات والسبعينات. وزدت به حباً وشغفاً بعد قراءتي للدراسة النقدية الجادة التي كتبها الناقد والأكاديمي الفلسطيني الراحل إحسان عباس عن شعر البياتي (عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث، 1955) وفيها توّج عباس (الناقد الفذ) الشاعر العظيم، بأنه أثمن ما في العراق الآن بعد بدر شاكر السيّاب (ولعباس كتاب نقدي مهم عن السيّاب "بدر شاكر السياب: دراسة في حياته وشعره"، 1969). ولكن هذه الجوهرة الشعرية الثمينة، قد أنكرها العراق الجديد الآن الذي انشغل فيه السياسيون على التسابق في نهب العراق، وسرقته، وعلى الصراع المحموم على السلطة، ولم يفطنوا إلى إقامة تمثال عظيم، أو احتفالية لائقة، في ذكرى رحيل البياتي العظيم في الماضي والحاضر. ولم يفطن لهذه الذكرى الشعرية الثمينة، غير الإخوة المصريين الكرام، الذين أصدروا بهذه المناسبة ديوان (المختار من شعر البياتي). وكانت مصر بذلك – كما هي دائماً – الحاضنة الأم، للثقافة العربية، في ماضيها وحاضرها، وما عداها زبد، وهبوب ريح.



عود على بدء

قلنا في الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأمريكية لم تكن تعلم ما هو العراق على الأرض؟ كانت تعرف صدام حسين فقط. وكانت تعلم ما هو البعث، وكيف يحكم في العراق، وربما في سوريا أيضاً. ولو علمت أمريكا ما علمه علماء الاجتماع العراقيين كعلي الوردي وحنا بطاطو وفالح عبد الجبار، وما علمه المؤرخون العراقيون كعبد العزيز الدوري، وجواد علي، وسيّار الجميل وغيرهم، لما ارتكبت أخطاءً عسكرية وسياسية وإدارية قاتلة.

وبيّنا في مقالنا السابق بأن غزو أمريكا للعراق كان من بين دوافعه، دوافع دينية مسيحية، وأن تلفّظ الرئيس بوش بعبارة "حرب صليبية" إشارة إلى غزو العراق لم تكن زلة لسان، كما تمَّ تفسير ذلك في وقتها. وسقنا الكثير من الأمثلة على لجوء الرئيس بوش إلى "الإلهام الديني المسيحي" في قراراته بشأن العراق، أكثر من لجوئه إلى "العقلانية الواقعية السياسية". وكان ذلك من الأسباب التي جعلت الرئيس بوش يستعجل في غزو العراق، بحجة نشر الديمقراطية الغائبة في العالم العربي انطلاقاً من العراق، الذي كان بعمقه الثقافي والاستراتيجي مهيئاً لأن يكون قاعدة انطلاق للديمقراطية في العالم العربي مع الحاجة للوقت الكافي والأخذ بالاعتبارات الجغرافية والتاريخية والسياسية.. الخ. التي لم تأخذ بها الإدارة الأمريكية عند غزوها للعراق وتحقيقها لحملة "حرية العراق". وتحويل العراق من صندوق مغلق على الآخرين، إلى عش لدبابير الإرهاب المنتشرة في العالم العربي قبل 2003، والتي وجدت في العراق بعد 2003 المناخ الملائم لعملياتها الإرهابية.



الدواء العنيف للجسم الضعيف

دعونا نجيب بسرعة على سؤال عنوان مقالنا (ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟)

في البدء يحمد كثير من المثقفين العراقيين الليبراليين والمستنيرين للحملة الأمريكية على العراق. ويرون (عبد الخالق حسين مثالاً) أنه رغم أخطاء أمريكا الكثيرة القاتلة في العراق، إلا أنه لولا أمريكا لظل العراق يرزح تحت ديكتاتوريات مختلفة. وأن ما تم في العراق حتى الآن ومنذ 2003 "ليس بالإمكان أحسن مما كان". وأن العراق بواقعه الاجتماعي وبتركيب سكانه – الذي لا يختلف كثيراً عن تركيب سكان الجزيرة العربية خاصة – ما كان له أن يشرب كأس الديمقراطية جرعة واحدة. كما أن هذه الجرعة دفعة واحدة، غير صحية، لأية أمة وأي شعب، على غرار الشعب العراقي الذي هو جزء من الشعب العربي، الذي لا تتوفر فيه حوامل وروافع الديمقراطية من علم، ومعرفة، وتقدم اقتصادي، ونهضة صناعية، ونخب ثقافية علمانية، كما كان عليه الحال في اليابان 1945 مثلاً، والذي استنسخت أمريكا تجربتها هناك، وحاولت تطبيقها حرفياً على العراق، دون ملاحظة ومراعاة الفروقات المختلفة بين يابان 1945 وعراق 2003. فنجحت أمريكا في اليابان حيث فشلت في العراق. وحيث وضعت صيغاً ملائمة للواقع الياباني بينما لم يتم ذلك في العراق.







الغزو السياسي والثقافي بدلاً من العسكري!

سوف يسخر كثيرون، وخاصة جهابذة السياسة العرب من هذه الأفكار. ولكن لا بأس. فقد كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق قبل غزوه عام 2003 أن تتم "حملة" سياسية وثقافية من الخارج قبل غزوه عسكرياً. فإسقاط الدكتاتور صدام حسين لم يكن يعني إسقاط الدكتاتورية المتأصلة في العراق. وكما شاهدنا بعد 2003 والآن، فإن كثير من السياسيين يطمعون إلى لعب دور صدام في دكتاتوريته. فقد مضى حتى الآن على الانتخابات التشريعية العراقية قرابة خمسة أشهر، ولم يتم تشكيل الحكومة العراقية بموجب الاستحقاق الديمقراطي.وستطول هذه المدة في ضوء الصراع المحموم الآن على السلطة.

كذلك كانت "الحملة" السياسية والثقافية الأمريكية المطلوبة من الخارج، هو أن تقوم أمريكا بوسائلها الخاصة بتكوين جيل من السياسيين العراقيين الديمقراطيين - حيث أفنى صدام ومن قبله النخب السياسية الليبرالية - وطرح أكبر عدد من نسخ الكتب التنويرية المترجمة الحاثة على النظام الديمقراطي، والمبينة للآثار المدمرة للدكتاتورية. فالشعب العراقي والنخب السياسية العراقية، شأنهم شأن بقية العرب الآخرين بحاجة إلى مزيد من التربية الديمقراطية والتدريب على ممارسة الديمقراطية. وهو ما نطلق عليه تهيئة الأرض الصالحة للزراعة الديمقراطية. أما أن تتم زراعة فسائل الديمقراطية في الصحاري القاحلة، دون رعاية وعناية وإشراف مباشر، فسيكون حال هذه الفسائل الموات السريع كما تم الآن في العراق، وكما نشهد من خلال إنبات العراق لدكتاتور جديد، بدل إنبات نخلة الديمقراطية الجديدة.

فهل كل ما فعلته أمريكا في العراق، انتقاله من دكتاتورية صدام العسكرية إلى دكتاتورية الأفندية الحالية؟!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟
- ما فعله الساسة في العراق لم يفعله الاجتياح العسكري!
- ما فعله العرب في العراق لم يفعلوه في إسرائيل!
- (إماتة العراق عطشاً بعد تدميره بالمتفجرات)
- صادق العظم مثالاً: الليبراليون وحل الأزمة العراقية
- انهيارُ المجتمع المدني قتلَ الديمقراطية في العراق
- هل قرأ بوش العراق من الداخل؟
- التقييم الاستراتيجي لديناميكيات النزاع في العراق
- خسائر العراق والعرب من تلاعب الدكتاتوريين الجُدد
- العراق هو الشغل الشاغل الآن للإعلام والسياسة
- العراق: من دكتاتورية البعث إلى دكتاتورية الملالي
- من عراق الدكتاتور إلى عراق الدكتاتوريين!
- الدبلوماسية والاحتلال الإيراني بقفازات إسلامية
- المائدة العراقية: أمريكا طبخت وإيران أكلت!
- هل يُصلِحُ العطار الأمريكي ما أفسده الدهر في العراق؟
- لماذا خابت آمالنا في العراق الجديد؟
- هل عَلِمْنا بعودة المماليك للعراق؟!
- الديمقراطية كُرة النار التي تتقاذفها النخب العراقية
- سقط صدام لكن سلوكياته ما زالت فاعلة
- العراق: لماذا من جمهورية الخوف الى جمهورية الفساد؟!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية