أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - إغتيال فأر عجوز















المزيد.....

إغتيال فأر عجوز


زين الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 21:11
المحور: الادب والفن
    


كان في منزلي فأر ... فأر عجوز لم يؤد أحد يوما ولكنه كان ينتظر حتى ساعة متأخرة من الليل فيخرج من جحره بحثاً عن الطعام مستغلا هدوء المنزل وكوننا ننام في حجرة بعيدة عن المطبخ الذي يرتع فيه روحة ومجيئا .. احيانا أستيقظ عندما تسقط ملعقة او اي من ادوات الطبخ .. واحيانا يثيرني ضحكا وانا اراه في بعض المرات يصارع من اجل رفع كيس القمامة الصغير والذي يمتلأ ببقايا الطعام ليصعد به الى السطح متحملا كل هذه المشقة في اناة وصبر ..
وذات يوم جاءنا صهري !!... وهو محترم و فقية وعالم دين سلطوي معروف !!.. وبقي الى وقت متأخر وصادف عند خروجه ان التقيا هو وذلك الفأر وجهاً لوجه .. تماما كما يلتقي الأعداء في ارض المعركه .. التفت الى وهو غاضب وقال بصوت آمر
_ اقتله !!!.. لا اعرف كيف تسمح لفأر ان يسكن معك تحت سقف واحد ... الم تسمع أحدهم يقول :
((تكاثر الفئرا ...ن

في الأوطان المهدمة

وتنمو على العقول
العطشى
لتجاهل الحقائق المهملة

وتقتات الأرضة
على هوامش
الضمائر الميتة))*
استوقفتني هذه العباره ...وقلت في نفسي .. هل هذا معقول ؟!
هل من المعقول ان تكون كل هذه الصفات السيئة في منزلي .. الذي يزخر بالفئران .. والنمل .. و ما لا تعلمون !!!
اذن لا بد من قتل هذا الفأر العجوز !!
هكذا قلت في نفسي .. فهو ضار.. خطير. واكثر من هذا فهو ي قد جاب لنا الكلام _ من اللي يسوا واللي ما يسواش _ !!
همهمت بذلك حتى لا يسمع صهري الحترم _ او هكذا يقولون _ !!) ..وبحثث عن ذلك الفأر في كل مكان .. ولكن ( قلب المؤمن دليله!! ) وكأنه فص ملح وداب .
بصراحه وكأنه اعطاني الوقت لمراجعة نفسي وحساباتي .. فهو مذ سكنت بجواره لم يؤذني ..
ثم من انا حتى احكم عليه وانفذ الحكم ...
ومع ذلك كل هذه المبررات لم تقنعني .. فالجميع يقولون ان الفئران ضارة وهاهو صهري يؤكد مقولتهم !.. الا الفئران انفسها والتي لم اسمعها يوما تدافع عن نفسها ..
اصبحت اكثر اصرارا .. وقررت العمل على اغتيال اول فأرعجوز بعملية مدروسه وكمين انصبه له في طريقه المعتاد .... حتى اذا هم بالمرور سعيا وراء الفتات او بقايا ما تكالبت عليه اسرة مكونه من بضعة بطون اطبق عليه الكمين وارداه قتيلا .
ولكنني تراجعت في آخر لحظه ... فلا يجوز قتل نفس بغير نفس !! لا أدري كيف فاتت هذه الفكره صهري العزيز!!
وهذا الفأر العجوز الحكيم .. لم اشاهده يقتل أي نفس بل لا اظنه يقوى على ذلك حتى لو اراد .
بصراحه احترت !!! احترت في امري ... فمن ناحية لا اريد ان تطلق الشائعات عن بيتي وذلك الكلام الجارح ومن ناحية أخرى لم ارد ان اقتل هذا العجوز الذي يعاني الأمرين حتى يصل الى قوت يومه .. كما اننا لسنا في زمن الطاعون حتى اتخلص منه بحجة الموت الرحيم ...
وأخيرا جاءتني فكرتي الشيطانيه ...
نعم ... سأستعين بقط ... حتى اذا قام القط بتنفيذ مهمته على اكمل وجه وقام بالتهام الفأر البائس ...اقوم انا عندئد بالقصاص من القط تنفيدا لمبدأ العين بالعين والسن بالسن ...
ولكن اي قطة هذه التي استطيع ان اتعرف عليها بهذه السرعة ... فتبادلني ابتسامة بإبتسامة وتأكل طعامها اللذيذ من يدي الحانيتين .. والأهم كيف اتقي مخالبها ..
اذن لا سبيل الا لشراء قط جاهز وان كان غالي الثمن ...وبالفعل اشتريت قطة جميله ذات شعر ناعم وابتسامة مرحة... بصراحة حتى لا تمانع زوجتي في بقاء هذا الوافد الجديد .
مر اسبوع ... وما زال الفأر يعربد كما هو .. وما زالت القطة كذلك تطالب بكل وجباتها ولا أراها الا نائمة هنا .. او مستلقية هناك ... او تتمسح بقدم طفلي الصغير الذي تعلق بها وهذه بحد ذاته كارثه .والأدهى من ذلك ان الفأر قد استطاع ان يحتوى هذا القطة الوديعة فأصبح يمر من امامها مرور الكرام وكأن هذا العداء التاريخي والغريزي قد انتهى الى غير رجعه ...
كنت استشيط غيضا ولكنني مع ذلك قلت في نفسي لماذا لا يتعلم المنظرون لحوار الحظارات وصراعها من هذه القطة وهذا الفأر اللعين ...
لم استطع ان اجعل الأسبوع الثاني يمر فلا بد من ان اتخلص من هذا الكابوس فذهبت الى ذات المتجر وطلبت منه ان يستعيد قطته ويبدلني بها قط آخر شرير ذو ملامح غليظة وسمات عدوانيه. .. ولكن صاحب المتجر رفض وتساءل عن سبب رد البضاعة فهو كما يقول لا يعيد اي بضاعة مباعة ولا يستبدلها
ولكنني اصررت فانا لا استطيع ان اتنازل عن مبلغ كبير بهذا الحجم لمجرد ان القطة المزعزمة اجنبية وان عينيها زرقاويين .. فما كان منه الا أن سأءلني عن العيب الذي من اجله اريد استبدال المبيع
فقلت له بغضب
_ .. انها غير قادره على القيام بواجباتها !!!...
لا أدري لماذا رمقني بنظرة ازدراء ...ولكنه اخذ القطة ولم ينس ببنت شفه .. وجاءني بقط تماما كما رغبت ولكنه قال بلهجة غريبة لم افهمها
_ هذا سيكون قادرا على اداء مهامه !!!
طلب مني باقي المبلغ .. اعطيته اياه وعدت الى منزلي فرحا ....
لم يمض يوم واحد حتى كان الفأر العجوز في عداد الأموات ... ولم يبق سوى الخطوة الأخيره وهي تنفيذ حكم القصاص العادل في هذا القط اللعين ...بدأت بتجهيز الترتيبات واعداد المحاكمة العادلة للقاتل المأجور _ اقصد المأجور من أمثاله من القطط _ ولكنني لم استطع الإمساك به فالقط كان يكرهني الى درجة لم اتصور ان تكون بين بشري وقط ذات يوم .. وألأدهى من ذلك انه كان يقوم هو ومجموعة من القطط الذين تعرف عليهم بهجمات على طريقة حرب العصابات فهم يتسللون لإختطاف قطعة من اللحم او حبة سمك .. حتى انني شككت بأنها ما هي الا حرب اقتصادية يشنها هذا القط التعس على منزلي المتواضع والأكثر رعبا بأنه يتصيد اوقات غفلتنا فيهجم على اعقاب اقدامنا انا او زوجتي او حتى اطفالي . فازددت كراهية له .. وصممت على معاقبته وانا مقتنع ان هذا من حقي .
حتى كان ذات يوم وكان في بيتي صهري المحترم ذاته امام المسجد والعالم سلطوي المشهور فدخل القط الى الغرفة بعد انتهاءنا مباشرة من وجبه الغداء .. وقبل ان تقوم الخادمة برفع بقايا الطعام .( للإمانه هذه كذبة بيضاء فبيتي لا يوجد به اي خادمة تذكر!!)
وعندها كانت فرصة العمر سانحة فاغلقت الباب وحاصرت القط حصارا لم تحاصره القوات الأمريكية لأسامة بن لا دن في جبال تورا بورا الشهيره .. وان كان قد نجا ذلك الأسامة .. فلا نجوت ان نجا هذا القط الآفاق .
وبدأ يحاول الفرارضاربا بجسدة في هذا الجدار وذاك مستشعرا المنية التي بدأت تقترب منه حتى اذا لم يجد امامه اي منفذ سوى مهاجمتنا انا وذاك العالم السلطوي المحترم !! .. أمسكت بهراوة غليظة كنت قد اعددتها وهممت بأن اضربه على رأسة فاشدخه واهشمه .
الا ان يد قريبي كانت اسرع الى اختطاف الهراوة مني وكان غاضبا .. وفتح الباب ليهرب القط .. تارت تائرتي وقلت بكل سخط الدنيا
_ لماذا ؟ .. لماذا تركته يهرب
_ اتق الله.. انه حيوان ضعيف ... وهل تجعل تفكيرك يرتد الى مستوى الحيوانية
_ الم يكن الفأر كذلك حيوانا .... بل ان له من الإنجازات الطبية والعلمية ما يفوق كل قططة العالم مجتمعين
ضحك بل وقهقه غير مبالي وهو يقول
_ الا تعلم ان الله ادخل امراة النار بسبب قطة . حبستها
_ حبستها ؟!! هل كانت في معتقل ؟!.. ربما كانت متطرفه ... ربما توقفت عن التمسح بالإقدام
_ لا هذا ولا ذاك.... الرسول يقول ( اكرموا الهرة والهر فانهم طوافون عليكم بالليل )..
انصحك بان تمتنع عن قتل هذه القطه .
_ وماذا افعل؟!! وقد اغتالت ذلك الفأر العجوز وشريدت عشرات الفئران ممن يسكنون الجحور خوفا منها
_ لا تقتل قطة بفأر!! ....
_ وما تقول في سرقاتها ...و مهاجمتها لنا
_ اطردها
_ تتسلل
_ حصن منزلك !!
_ بماذا ؟ وهل ينفع مع مثل هذه السبع الآيات المنجيات .. ام تراني اقرأ عليها العهود السليمانية السبعة .. ام ماذا .. البرهتية .. الجلجلوتيه .. قل لي ؟..... هاااا وجدتها ... آتي بكلب ؟!
_ أعوذ بالله .. انه نجس ...
_ لن يكون انجس من كثير ممن اعرفهم !( قلتها بصوت هامس بالطبع حتى لا يسمع !)
_ ماذا ؟!
_ لا.... لا شئ .
_ انتبه ... اياك ان تؤدي القطه والا غضب عليك الله . واذا تجرأت واتيت بكلب فسأقتله بيدي هاتين
_ انه وفي
_ ولكنه نجس .. ولا يجوز ادخاله الى منازلنا
_ هل اعتدى على نساء احدهم ؟! والا ما سر هذا التحامل على الكلب دون سواه ... هل يكون السبب هو التعصب الأعمى للقطط.. انا اعرف ان كلبا او كلبين سيدخلان الجنة .. ولكنني لم اسمع عن قط وصل حتى الى اسوارها الخارجيه ؟!!
_ كف عن الإستهزاء ... وما قولي الا نصيحة وذكرى .. فلا تجعلني اغضب منك واقرر ان آخذ اختي لتعيش معي بدلا من عيشها مع عاص مثلك
لم انم ذلك اليوم ... فهاهو القط سيتحول الى شهيد ... وهاهو سيحرمني حتى من زوجتي واولادي ...
لم اعرف ان الدين سيقف بكل هذه القوة دفاعا عن قط ... ولا أدري لماذا لم يساوي الدين بين الحيوانات .
اقترب آذان الفجر ... وكنت في فنائي الصغير طلبا لنسمة هواء طبيعية بدلا من هواء اجهزة التكييف الذي يملأ الحجرة ... سمعت صوتا اجش .. وما كان الا مواء ذلك القط و هو يعتلي الجدار ويحدق في بعينية القاسيتين .
رفعت يدى مهددا ... استدار فتناثر بوله على بعض ملابسي الملقاه في حوض الغساله .! وحتى على ملابسي التي البسها !!
تذكرت صهري .. هو ذاته ذلك المحترم والعااالم السلطوي المشهور .. وقلت في نفسي
_ قاتلك الله ...
لم اذهب الى الحمام ... ولم اغسل جسدي من قذارة القط اللئيم .. ولكنني دخلت الى حجرتي واستلقيت على فراشي حتى التصقت ملابسي بجسد الزوجة الحنون... اخت ذلك العالم السلطوي أمام المسجد المحترم
!!!



#زين_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعاً ايها القمر
- اللحظات الأخيرة في حياة عفه
- بائع اللبن
- اليك حبيبتي حيفا
- محاكمة افلاطون مسرحية فلسفية من فصل واحد
- خاتم سليمان والمارد
- لأن الملائكة لا يكذبون


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين الحسن - إغتيال فأر عجوز