أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - اختفاء جيفارا /فصل من رواية/الفصل الرابع














المزيد.....

اختفاء جيفارا /فصل من رواية/الفصل الرابع


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 16:44
المحور: الادب والفن
    


اختفاء جيفارا /فصل من رواية/الفصل الرابع

-4-

توجه في المساء الى مقر الاتحاد،شقة صغيرة في الطابق الأرضي من عمارة سكنية بالقرب من ساحة عرنوس،لم يركب أية مواصلات،كون لنفسه نظرية خاصة:"للمشي سبع فوائد تبدء بالرياضة ، معرفة شوارع المدينة وساحاتها،الفرجة والترويح عن النفس ،التعرف على الناس ،معرفة الأماكن والمحلات الرخيصة وأهم فائدة اختصار المصاريف".كان المقر مزدحما بالطلاب المتوزعين في الغرف والممرات والحديقة،سأل أحد الشباب:"اذا سمحت،أنا طالب جديد ولا أستطيع اكمال تسجيلي في الجامعة،أين أذهب؟".ابتسم الشاب ومد يده مصافحا ومعرفا عن نفسه،لم ينتبه لكلام الشاب من بدايته بسبب الضجيج والأصوات المتداخلة الصادرةعن مجموعة كبيرة من الشباب، لكنه سمعه يقول "أنا أدرس في كلية الهندسة الميكانيكية،السنة الرابعة،من سكان القدس،شرفت ونورت مقر الاتحاد،يمكنك الانتساب للاتحاد في مقر الهيئة الادارية"،طبعا لم يفهم ما المقصود بالانتساب والهيئة الادارية الا أنه ابتسم ومد يده مصافحا ومتسائلا عن مكان مقر هذه الهيئة،ابتسم الشاب وقال له:"اتبعني للداخل"، اتجها الى الغرفة المقصودة،غرفة كبيرة قليلا يتصدرها مكتب حديدي حوله بضعة كراسي مملؤة بالفتيات والشباب،الجميع يتحدثون في الوقت ذاته،ضجيج وصراخ وجدال ،لم يعرف مع من يتحدث ؟استغرب الحيوية المتدفقة من الجميع،لكنها أعجبته خاصة تشابك حديث الفتيات مع الفتية دون وجل أو خوف، فهم أن الحديث يدور حول التوتر المتزايد بين السلطة اللبنانية والثورة الفلسطينية،البعض ينتقد تصرفات المقاومة معتبرا اياها قد انزلقت في الصراع الداخلي اللبناني تدريجيا ودون أن تدري،ويدلل على ذلك بالقول:"منذ اغتيال القادة الثلاثة أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر في العاشر من نيسان 1973 والكلمات التي القيت في الجنازة ظهر كأن المقاومة الفلسطينية جيش المسلمين في لبنان،خاصة أن تلك الجنازة استعرضت فيها م.ت.ف. أسلحتها وقدراتها العسكرية الامر الذي أرعب بعض الأطراف المسيحية،وأن هذا الأمر ترافق مع ظهور شعار الدفاع عن الوجود الفلسطيني المدني والمسلح في لبنان محل شعار تصعيد ونقل الكفاح المسلح الى الأراضي المحتلة،وتزايد تجنيد أعداد كبيرة من الشباب اللبناني ضمن المقاومة.ولا بد أن ينعكس هذا سلبا على القضية الفلسطينية وسكان المخيمات الفلسطينية،خاصة ان تطور الصراع الداخلي اللبناني وتحول الى حرب أهلية،وأن هناك مؤشرات على أن هذه الحرب واقعة لا محالة،لهذا على المقاومة الفلسطينية أن تنأى بنفسها عن الوغول في وحول هذه الحرب ان وقعت".الطرف الثاني في النقاش كان الأكثر عددا بين الجالسين،لم يجد أية غضاضة في السخرية من وجهة نظر الطرف الأول لهذا حمل السلطة اللبنانية والقوى المتحالفة معها مسؤلية التوتر المتزايد،ساخرا من امكانية اعلان هذه الاطراف الحرب على المقاومة الفلسطينية حلفائها من الحركة الوطنية اللبنانية،مؤكدين أن مثل هذا الاعلان سيكون انتحارا ما دامت موازين القوى تميل لصالح المقاومة وحلفائها،.انتبه الى أن الشاب الذي رافقه قد أصبح طرفا في الحوار ونسيه تماما،كل هذا الصخب لم ينفره بل شده ،فهو لم يتعود مثل هذه الأجواء في منزله أو بين أفراد عائلته أو أصحابه أو حتى في مدرسته،ففي المنزل كان صمت القبور هو السائد،وكانت الحكمة:"اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".والده كان دائم السكوت لا يتحدث الا فيما ندر،وان تحدث يكون كلامه موجزا وعلى طريقة"ما قل ودل"،كان للبيت نظاما لا يخرق الا في حالات الطوارىء،الفطور والغذاء والعشاء بوقت محدد،الوالد من العمل للمنزل ،لا يذكر أن أباه ذهب يوما منفردا الى مقهى أو خرج للسمر مع أصدقاء له ،كان للعائلة مجموعة من العائلات الصديقة يتزاورون في أوقاتا متباعدة ،وعاما بعد عام تناقص عددها لتنتهي بأن باب منزلهم لم يعد يدق الا من الجارات وقت الصباح حين يكون والده في العمل .هذا الأمر انعكس على الجميع الذين عانوا من وحدة قاتلة الا الأب الذي انكفأ على نفسه واستعاض عن العالم الخارجي بالقراءة،حيث أصبح" دودة كتب" كما كانت تتندر عليه امه في غيابه ،ما أن يرجع من عمله ويتناول الغذاء حتى يأخذ قيلولة الظهيرة،يعقبها قهوة العصر التي يتناولها في سريره،يفتح التلفزيون الموضوع في غرفة النوم وفي الوقت ذاته يبدأ في القراءة حتى وقت العشاء.تتجمع العائلة في غرفة الوالدين حيث يوضع العشاء على مشمع على الأرض ويتسمر جميع أفراد العائلة أمام التلفزيون الذي بات المتحدث الوحيد في منزلهم،فهذا الجهاز كان مفتوحا دوما من الصباح الى الرباح،بعد العشاء يكمل الوالد على نفس المنوال وكثيرا ما غفى وعلا شخيره بينما التلفزيون قد أنهى ارساله ولم يعد يسمع الا وشوشة شاشته المضاءة دون أية صورة أو بث،والكتاب ملقى على الأرض،مما يدفع والدته الى اطفاء الجهاز وتغطيته وهي تبربر متذمرة.
أما أمه فهي الحاضر الغائب في المنزل ،لا تحس بوجودها الا حين وضع الطعام ،فهي صامتة دوما لا تتحدث الا مجبرة وحين الضرورة،وهو لا يتذكر أنه سمعها يوما تعطي رأيا بأي شأن سواء ما يتعلق بالبيت أو الأسرة أو الأصدقاء أو أي أمر أخر.كان يحسها أقرب الى الضيفة وليس صاحبة المنزل،كانت دوما مختبئة في صومعتها "المطبخ" كأنها تهرب من شيىء ما لم يستطع أحد معرفته.أخوته وهم أربعة كان كل منهم لاه بمشاكله ومنغلق على نفسه. أما أختلاطهم ببقية أفراد العائلة فقد كان معدوما،حيث لم يكن يسكن في هذا البلد الخليجي في السنوات العشرة الاولى لهم فيها أيا من أقاربهم، لهذا عانوا من عدم وجود أجداد وجدات وأعمام وعمات وأخوال وخالات وأولاد عم أو أولاد خال أوخالة،كانوا يشعرون أنهم نباتا شيطانيا نبت فجأة في هذه الصحراء القاحلة.أما الأصدقاء فلم يكن يدور بينهم الا التافه من الأحاديث التي كانوا يجدونها مهمة ككرة القدم والفتيات، لهذا وجد أحاديث السياسة التي يسمعها الأن أمرا غريبا لكنه أيضا ممتعا وشيقا ويجتذبه،رغم وصية والده الابتعاد عن السياسة وأهلها.



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يهجر أهل اليسار منازلهم/الحلقة3
- عندما يهجر أهل اليسار منازلهم/الحلقة 2
- اختفاء جيفارا/فصل من رواية/3
- اختفاء جيفارا/فصل من رواية/2
- المثقف الفلسطيني ما بين التهميش والالغاء والنواح من غياب الم ...
- حكاية اللصوص والفقير/ حكاية من حكايا ستي اليافاوية اللي لسه ...
- القروش الستة/حكاية أطفال من حكايا ستي اليافاوية اللي لسه ما ...
- العنزة العنزية/حكاية اطفال من حكايا ستي اليافاوية اللي لسه م ...
- النعامة والحوت/حكاية اطفال من حكايات ستي اليافاوية اللي لسه ...
- اختفاء جيفارا/فصل من رواية/1
- ابريق الزيت/قصة التعجيز الابدي/قصة اللي ما عنده قصة على رأي ...
- اعتراف
- القط ذو الشاربين/ اقصوصة قصيرة جدا
- رثاء متأخر
- كوابيس
- مدينة
- صديقتي المومس/قصة قصيرة
- اعترافات سرير احمق/اقصوصة قصيرة
- حروف التاريخ
- دعاء الاستسقاء


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - اختفاء جيفارا /فصل من رواية/الفصل الرابع