أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الأستاذ محمد خضير














المزيد.....

الأستاذ محمد خضير


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3041 - 2010 / 6 / 22 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


يُقلق صانع السرد، قبل كل شيء، أمران/ سؤالان؛ ماذا يكتب؟ وكيف يكتب؟. واليوم، عند كتّاب الحداثة، بات السؤال الثاني أكثر أهمية من السؤال الأول. أسوق هذا الكلام بمناسبة صدور كتاب جديد، لأستاذ كبير في صناعة السرد هو محمد خضير، عنوانه؛ ( السرد والكتاب/ كتاب دبي الثقافية/ 2010 ). وفيه يحتفي بالسرد وبالكتاب.. يصوغ لنفسه نوعاً من سيرة نظرية هي خلاصة وجهة نظره ( رؤيته ) المستمدة من خلال تجربته في الكتابة الإبداعية، وقراءاته الجادة للأعمال السردية. وتبقى كتاباته غير السردية ( مقالاته ) هوامش وتعليقات ليس إلاّ، على كتاباته وكتابات غيره، السردية. فما يهمّه، في النهاية، هو السرد.. إنه سارد المدينة بامتياز. قصصه تمثيل لروح المدينة في تحوّلها.. يلتقط ذبذباتها الخفية ليحيلها إلى حركة متموجة في قلب النص السردي، وعلى سطحه.
لطالما تخيلت محمد خضير وهو يشتغل بدأب نملة، لكنه، وباستعارة اصطلاحات من فن التشكيل والسينما، ينظر إلى العالم، بالتعاقب، بعين النملة وعين الطائر. إنه واحد من أكثر قصاصي العرب إدراكاً لتقنيات صنعته.. إنه يعرف ماذا يفعل.. إن لكل قصة من قصصه خريطة سرّية مرسومة بدقة وحذاقة. ولعل هذا يفقده ( أحياناً ) بعضاً من تلك التلقائية والطراوة التي يتطلبها العمل المبدع، ويقرِّبه من المجرد، والإيغال برسم الأشياء، على حساب الحسّي والإنساني.
لقصصه أناقتها الارستقراطية، وبناؤها المهذّب، وهندستها المفرطة.. إنه السارد المهندس، أكثر من كونه السارد الشاعر ( لاسيما بعد مجموعتيه: المملكة السوداء. وفي درجة 45 مئوية )، ولهذا فهو في نصه نسيج وحده. ودوماً بقي على مسافة من أقرانه ومجايليه ـ أقصد كان يبتعد عنهم بخطوة على الأقل. ولا أجزم هنا، حكماً معيارياً تفضيلياً إلاّ على مقلديه، وهم كثر للأسف. وباشتغاله الصبور في السرد، وفي التعقيب على عمليات إنتاج السرد، شيّد لنفسه برجاً خاصاً، معزولاً وغير معزول في الوقت نفسه.. إنه هناك يطل عبر نافذته الواسعة على مشهد العالم، ويتوه في بطون الكتب، وفي ممرات السرود العظيمة. هاجسه فنه، رقي فنه، لهذا لا يريد أن يسهو.. إنه يراقب وينقّب ويتقصى ويستجوب.. إن نصّه الوقور يجعل الآخرين يتقبلونه بشيء من الرهبة، حتى وإن لم يعجبهم. فإبداعه موضع احترام حتى عند أشدّ خصومه الأدبيين.
إن الجيل التالي من كتّاب السرد العراقيين مدينون لمحمد خضير، وقد تعلموا منه، حتى وإن أنكر بعضهم جميله.. إنه، وكما يعتقد أغلبهم، أستاذ صنعة السرد، ولا يمكن تجاوزه. وأفضل هؤلاء هم الذين عملوا جاهدين ليكونوا مختلفين عنه.. فهموا درسه جيداً؛ ( كن نفسك ولا تقلّدني ).
السرد إنشاء، ومحمد خضير أستاذ إنشاء من طراز فريد.. صانع تحف ماهر، تحف من كلمات وعبارات وجمل؛ تحف سردية. مهارته في الإنشاء، ولذته المستحصلة من العملية تقوده، أحياناً، إلى الإفراط فيها. وفي هذا الخضم يظل يتساءل عن أشياء كثيرة، ذاهباً إلى أبعد نقطة يستطيع الوصول إليها، مدركاً جوهر وظيفته الإبداعية؛
( الحياة والزمان والحب والحرية والموت، الخ، ليس إلاّ موضوعات وعناصر سرد، وما عليه سوى أن يهتم بإنشاء نصوص سردية، كي يمثّل تلكم الموضوعات الكبرى في عالمه السردي، ويضفي عليها الحيوية والقيمة والمعنى ).
إنه الراصد المراقب.. إن حاسته الأولى هي عينيه، لذا نجد تشبيهاته ومجازاته وصوره بصرية، في الغالب. محمد خضير هو السارد التشكيلي.. إنه يرسم وينحت بقدر ما يسرد.. إن العالم كله في منظور صانع السرد ليس سوى مادة أولية لماكينة سرد عملاقة.. هيولى غير متشكلة تنتظر مهارة السارد كي تتحول إلى مادة قابلة للفهم، وتكتسب صلابة ونظاماً؛ أي شكلاً مفعماً بقيم جمالية.
محمد خضير، في كتاب ( السرد والكتاب ) هو قارئ الكتاب قبل أن يكون صاحبه، وبعد أن يكون حامله. إنه يُخرج الكتاب من عتمة الدرج والمخزن إلى النور.. إن الكتاب بين يديه شيء يجب أن يُلمس ويُشم ويُبصر بعناية. وتجيء شروحه وتنظيراته حول فعل السرد وإبداع النصوص والعلاقة الحميمة مع الكتاب ( الورقي ) غنية بالأفكار، تفصح عن طريقته الباهرة في بناء النص السردي، وفي قراءته.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجابري في مكتبة مؤيد
- محنة اللغة واضطراب البناء في رواية ( سرير الأستاذ )
- الكتابة عن المكان العراقي
- قصة قصيرة؛ ( غداً ربما )
- قراءة في ( ذاكرة الكتابة )؛ خفة المهمل وثقل التاريخ
- مذكرات تنيسي ويليامز: بين الانشداد للحياة والانجذاب نحو المو ...
- الكاتب والمكان: قراءة في تجربة أورهان باموق
- -اسطنبول- أورهان باموق: سيرة حياة ومدينة
- ماركس وأنجلس: صداقة في نور الفكر والحياة
- ماركس صديقاً
- مصادر ماركس
- مكنسة الجنة رواية ضد سياسية في سريالية عراقية خالصة
- يوميات القراءة لألبرتو مانغويل: انطباعات قارئ
- أطلقوا سراح المعلومات
- قيامة العنف
- -خيال ساخن- في خريطة السرد المصري
- في -ثغرها على منديل- تحسين كرمياني يحتفي بالحب
- أسماؤنا
- نحو استشراف مستقبل ثقافتنا
- بعقوبة التسعينيات: ثقافة تعاند حصاراً مركّباً


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الأستاذ محمد خضير