أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نجيب الخنيزي - جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / حداثة وتنمية مبتورة( الحلقة الأخيرة )















المزيد.....

جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / حداثة وتنمية مبتورة( الحلقة الأخيرة )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 12:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



وفقا لتقارير التنمية العربية الصادرة عن الأمم المتحدة فان المنطقة العربية تحتل الدرجات الدنيا إلى جانب بعض الدول الإفريقية، من حيث معدلات التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية، ونوعية الحياة وتطور الموارد البشرية من قوى منتجة وإنتاجية عمل وتعليم وصحة وتوظيف، وفي مستويات توطين التكنولوجيا والعلوم ووسائل الاتصال ومراكزالابحاث، وعلى صعيد الشفافية والحريات العامة، إلى جانب ارتفاع معدلات المديونية والفقر والأمية والبطالة، ناهيك عن الوضع المتدني للمرأة، وتهميش حقوق الأقليات الدينية والطائفية والاثنية، مما جعلها مرتعا للحروب الأهلية، وتنامي العنف والتطرف والإرهاب. يعزو البعض سبب ذلك إلى عوامل خارجية تتمثل بنظرية المؤامرة ودور الاستعمار، والأمبريالية، فيما يعزو آخرون السبب إلى عوامل داخلية تتمثل في البنى الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة التي تتسم بالتخلف والانقسام والانفصام وهيمنة الفكر الأسطوري التأملي ورسوخ العادات والتقاليد وقيم القبيلة والعشيرة والطائفة، وشيوع اقتصاديات ريعية ونشاطات طفيلية وهامشية غير منتجة. هذا التخلف يتميز بخاصيتين هما غياب العقلانية في الرؤيا والممارسة، والشلل وعدم القدرة على الفعل وتحقيق الأهداف المستقبلية الموضوعية، ولدى التطرق إلى ماهية التخلف وأسبابه وسبل مواجهته وتجاوزه لا بد من استنبات رؤية وطريقة تفكير ولغة جديدة تقارب الواقع وتكون أداة كاشفة له مما يفترض بالضرورة الابتعاد عن طرق التفكير واللغة المجازية والمخاتلة التي تحجب وتغطي الواقع وتعمل على تعتيمه.
تحديث براني
ومع انه حدثت تغيرات مهمة في بنية المجتمع العربي خلال القرن المنصرم على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ألا أن ذلك لم يؤد إلى تفكيك بنية النظام الأبوي القديم والى تغير نوعي وحاسم لترسيخ بديل سياسي واجتماعي وثقافي، بل أدى إلى إضفاء نوع من التحديث المظهري (البراني) بتحويله إلى شكل نظام أبوي " مستحدث " يزعم انه استطاع المواءمة ما بين الحداثة والمعاصرة (الكونية) من جهة وبين الماضي والتراث ) الخصوصية) من جهة أخرى. وفي الواقع فان ما نراه هو نظام هجين ومشوه على كافة الأصعدة والمستويات السياسية والأقتصادية والأجتماعية والثقافية .
المجتمعات العربية عموما، تعيش حالة انفصام وتناقض يتمثل في عدم قدرتها على الاندماج والتفاعل مع معطيات ومنجزات الحضارة المعاصرة، وبالتالي انجاز حداثتها الفعلية، على الرغم من مظاهر التحديث الشكلي على مستوى التنظيمات الإدارية والتشريعية والدولتية والاقتصادية والخدماتية.
والواضح ان المجتمع والفرد العربي يستخدم منتجات الحداثة ويتعامل مع التقنية وما توصل إليه الغرب من منجزات علمية (كمستهلك لها) في مسكنه وتنقله واتصالاته ومشاهداته ومعاملاته التجارية والمالية ...... الخ.
غير انه في وعيه وذهنيته وممارساته يرفض الفكر والفلسفة (الغربية) الثاوية التي شكلت منطلق تقدمه ونهضته، حيث لا يزال يراوح مكانه بل يتقهقر وينزوي خارج العصر والتاريخ والزمن العالمي، لأنه لايزال يعيش في شرنقة زمنه الخاص، ومحكوما بروح ومفاهيم الماضي (حاضره وراهنه) وقيمه وانتماءاته الفرعية (قبلية وعشائرية وطائفية ومذهبية) التقليدية، ما افقد المجتمع لهويته وكينونيته وتماسكه الوطني ووعيه المدني واستقلاليته ازاء المجتمع السياسي (الدولة) على قاعدة المصالح والأهداف المشتركة ،والتوافق في الثوابت والأهداف الأساسية التي تعطي المجتمع ملامحه وقيمته وماهيته والتي هي من مستلزمات تبلور وتشكل الدولة الحديثة.
الاستثناء هنا هو " الحداثة" أو التحديث النسبي للجهاز البيروقراطي العسكري / الأمني في البلدان العربية الذي تغول الى درجة تغييب والغاء المجتمع والإنسان العربي وفقدانه ابسط مقوماته وحقوقه المدنية.
كل ذلك افرز وضعا هجينا على المستوى الحضاري والاجتماعي والثقافي والنفسي ، الذي يعبر عنه في تكريس التسلط والاستبداد، وغياب أو تغيب مفاهيم وقيم انسانية (كونية) عامة، اصبحت الى حد كبير ملزمة وراسخة في معظم انحاء المعمورة كالحرية والديمقراطية والعدالة والتعددية وحقوق الانسان.
حيث لا تزال جل المجتمعات العربية تفتقدها وتفتقد معها الرؤية العقلانية ،النقدية، والتاريخية لصالح تكريس سلطة النقل والنص، وانعدام مبدأ الحوار والتسامح وقبول الآخر، وترسيخ النظرة الأحادية الشمولية، ومحاولة فرضها بمختلف الأشكال والاساليب وفقا لمفهوم " الفرقة الناجية " والتي تصل إلى حد التكفير والإلغاء المتبادل والتصفية المادية والرمزية (المعنوية) للآخر، والنتيجة هي تسطيح الفكر والممارسة وفقا لقالب ونسق جاهز معد مسبقا يفرض على الجميع الانتظام ضمنه ، وتستوي في ذلك الجماعات التقليدية والنخب " الحديثة " على حد سواء، إلى الدرجة التي تشكل معها ظاهرة اجتماعية / نفسية عامة ومشتركة.
كما يتجلى المجتمع الأبوي في الموقف من المرأة حيث تعيش الإقصاء والتهميش المادي والمعنوي ومصادرة حقها الانساني في المشاركة والفعل والتعبير عن ذواتها.
والأسئلة التي تبرز هنا : هل يمكن الحديث عن مفهوم التحديث ومفهوم التخلف بعيدا عن المسار التاريخي الذي اختطه الغرب الرأسمالي؟ وإذا كان التحديث والمعاصرة يتجلى أساسا بالغرب فكيف نستطيع أن نقيم ونعين موقع ودور رأسمالية تابعة ومتخلفة ومشوهة إزاء ظاهرة التخلخل والتخلف البنيوي على الرغم من مظاهر التحديث الشكلية؟ وبالتالي هل بالإمكان استعادة فكر النهضة وما هي عناصر المشروع النهضوي الجديد ضمن الشروط التاريخية والعوامل والظروف (الموضوعية والذاتية) السائدة وأين يتقاطع (يلتقي ويفترق) مع المشروع النهضوي المجهض؟
تنمية مجهضة
التجربة التاريخية والمعاصرة على وجه الخصوص للمجتمعات والشعوب كافة، تبين أن التنمية بأبعادها (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) الشاملة، هي عملية متداخلة ومتشابكة وان ابتسار وتجاوز أي من مكوناتها سيؤدي إلى فشل واجهاض العملية ككل.
لا بد هنا من معاينة وتحديد العوامل والأسباب التي ادت الى تعثر واجهاض المشروع العربي النهضوي منذ اواسط القرن التاسع عشر، والذي نجم عنه تحديث وتجديد التخلف وحال دون الوصول بالإصلاح بشقيه الديني والمدني إلى اختراق حقيقي، يمتلك القدرة على الفعل والتأثير العميق والشامل في انساق السلطة والمجتمع، من خلال تبني موقف نقدي / تاريخي / عقلاني إزاء منظومة التراث والفكر الديني (بما انه إنتاج بشري) باعتباره ينتمي إلى فضاء وحيز اجتماعي / تاريخي واقعي.
الحديث عن غياب وهامشية خطاب التنوير في الوعي العربي، يتطلب ويستدعي إثارة قضايا وأمور مفصلية مثل العقلانية ،الحداثة، والعلم، وما يتصل بها من مفاهيم مثل التفاعل مع الذات وقبول الاخر واطلاق حرية الاجتهاد والتفكير والتعبير.
قضية الحداثة تطرح مسائل وأمور راهنة ، حيوية وجدية ما تزال تراوح مكانها ولم تحسم بعد، كالحداثة السياسية ، بما هي دولة القانون والمؤسسات ، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية . الحداثة الاقتصادية التي تشمل تطوير قوى الإنتاج (تعليم، مهارات، تدريب) وتوسيع وتنويع وتوازن القاعدة الاقتصادية وبما يستجيب مع أسس العدالة ومصالح العمال و الكادحين الذين يشكلون أغلبية المجتمع . الحداثة الاجتماعية ، التي تدفع باتجاه تبلور المجتمع المدني بمؤسساته وتشكيلاته وتنظيماته المستقلة ، و ترسيخ فكرة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات للمكونات الاجتماعية كافة، و التي تتضمن نبذ وتجريم الممارسات والإجراءات التميزية مثل القبلية والعشائرية والمناطقية والطائفية باعتبارها مظاهر متخلفة وتتناقض مع الجوهر الأخلاقي اوالديني والانساني، ومع محتوى ومتطلبات الدولة المدنية الحديثة (الدولة / الأمة) .
كما إن تحرير المرأة وممارستها لحقوقها الإنسانية كافة هو احد المؤشرات الحاسمة الدالة لقياس مستوى الحداثة والتقدم الاجتماعي والحضاري لأي شعب، وعلى الصعيد الثقافي فان الحداثة تشمل القضاء على الأمية وتطوير وتحديث المناهج التعليمية والعملية والتربوية وبما يحقق حرية البحث العلمي والأكاديمي والفكري ، واصلاح وتجديد الخطاب الديني والإعلامي من خلال احترام التنوع والقبول بالآخر كشريك كامل الأهلية وهذا يتطلب إطلاق حرية التعبير والتفكير والنشر وترسيخ الشفافية والانفتاح والتسامح والتنوع المعرفي والثقافي والحضاري.
إن تجاوز المعيقات التي تحكمت في خطاب النهضة يستدعي تجاوز الرؤيا والممارسة التلفيقية بين الثنائيات المتقابلة مثل القديم والجديد، الأصالة والمعاصرة، النقل والعقل، المحلي والوافد، الأنا والآخر، الوطني والقومي، الخصوصية والكونية.
السؤال هنا: كيف تستطيع المجتمعات العربية أن تؤصل وتبيئت حداثتها، وتنقد وتعصرن موروثها؟ ان حل وانجاز هذه القضايا والمهام يمثل نقلة تاريخية حاسمة باتجاه التحديث والإصلاح والتنمية المستدامة، ومن شانها وضع المجتمعات العربية على عتبة التقدم السياسي والاجتماعي، والمشاركة الندية الفاعلة ضمن الحضارة الكونية المشتركة.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان تضامني مع - قافلة الحرية- وإدانة للمجزرة!
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية/الثابت والمتغير ( 4 )
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية .. مركزية غربية ومركزية مع ...
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية/ الأنا والآخر ( 2 )
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / البعد الأيديولوجي ( 1 )
- 10 سنوات على رحيل المشري .. الغائب الحاضر!
- رحيل أحد أعمدة التنوير العربي في عصرنا الراهن
- التسامح كقيمة دينية ( 1 )
- تجديد الخطاب الديني .. ضرورة الراهن!
- العنف الرمزي كحالة ثقافية – مجتمعية (1)
- البوح.. هموم ذاتية.. مسرة خاصة ( 1 )
- احتفاء بالشخصية الوطنية البارزة عبد العزيز السنيد ( 1)
- - ماراثون - القطيف في معرض الكتاب في الرياض
- ماراثون - القطيف - .. وحراس - الفضيلة -
- عوامل التغير الاجتماعي.. وفكرة التقدم
- نجمان مشعان غابا عن سماء بلادنا - 1 -
- المنتديات الثقافية الأهلية والحراك الثقافي في المملكة
- 8 مارس وحقوق المرأة المستباحة
- من اجل وطن حر وشعب سعيد!
- علي الوردي وطبيعة المجتمع العراقي


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نجيب الخنيزي - جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / حداثة وتنمية مبتورة( الحلقة الأخيرة )