أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - أبي وأنا وإلهي.... وأيضاً إله القنابل...














المزيد.....

أبي وأنا وإلهي.... وأيضاً إله القنابل...


جورج فارس

الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 13:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الوقت الذي كنت فيه شاباً في سن المراهقة كان أبي مغترباً يعمل من أجلنا - أمي وأخوتي وأنا - فكان يأتي إلينا على فتراتٍ غير منتظمةٍ قد تطول أو تقصر وذلك تبعاً لظروف العمل. وأذكر أني وفي تلك الفترات وباعتباري الشاب الأكبر في المنزل كنت أحمل شعوراً من عبء المسؤولية عن العائلة على الرغم من أن أمي الرائعة كانت تقوم بجميع ما يلزم من أجل الإهتمام بنا ورعايتنا في فترات غياب أبي. لكن هذا الشعور كان ملازماً لي فكنت لا أنام قبل أن أطمئن أن الجميع قد ناموا وأن الأبواب مقفلة بإحكام وحتى بعد أن أنام تراني أستيقظ عند أي حركة أو صوت للتأكد من أن كل شيء يسير على ما يُرام وكان هذا حال أمي أيضاً.
في تلك الفترات تعلمت كيف أتعامل بمسؤولية مع الكثير من المشاكل والطوارئ التي تحدث، وقد تعايشت مع هذا الإحساس (عبء المسؤولية) الذي في كثير من الأحيان كان جميلاً وفي أحيان أخرى كان مؤرقاً.
ولكن عندما كان أبي يأتي في إجازته كانت كل هذه الأمور تتغير فكنت أنام دون الإكتراث بشيء وإن نمت لا يمكن لشيء أن يوقظني ويختفي ذلك الشعور بعبء المسؤولية وكأنني أنا من في إجازة وليس أبي وكم كنا نفرح بمجيئه فتنقلب حياتنا ومشاعرنا في تلك الفترات ولكن سرعان ما تعود الأمور كما كانت عليه بعد سفره مجدداً.
لقد كان وجود أبي يعطينا الأمان والضمان والسلام والفرح والإستقرار والثقة والراحة وطبعاً هذا لا يعني أنها كانت مفقودة في غيابه ولكنها تتراوح بنسب مختلفة في تلك الفترات، فأبي كان يأخذ المكان الذي لا يمكن لأحد أن يكون فيه سواه.


إن الإيمان بوجود إلهٍ ما يهتم ويعتني بنا لهو أمر متفاوتٌ ومختَلفٌ عليه بين البشر، فما يراه البعض دليلاً على وجود إلهٍ ما يكون بالنسبة للبعض الآخر دليلاً وإثباتاً على عدم وجوده.
إن موضوع الإيمان بالإله هو موضوع شخصي وأعتقد أنه مرتبط بالخبرات الشخصية لهذا الإنسان، ورغم ذلك قلّما تجد من يتحدث عن خبرته الشخصية في هذا المجال لأنها غير مقبولة عند البعض أو بالأحرى إن الخبرات الشخصية في هذه الأمور ليست مصدراً للثقة وستتفاوت مستويات قبولها باختلاف المستمعين وسيرافقها تحليلات نفسية وعلمية وفكرية.

ما أريد قوله هنا أنه ورغم قراءتي واطلاعي على الكثير ممن يكتبون عن وهم الإله واختراع الإنسان لفكرة الإله ورغم أني احترمهم وأحترم كتاباتهم وأوافقهم في الكثير مما يقولونه إلاّ أني لم أستطع أن أقتنع بعدم وجود هذا الإله وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن إلهي قد أخذ مكاناً في حياتي لا يمكن لأحد أن يأخذه وهو ببساطة مرتبط بالأمان والسلام والضمان والفرح والراحة والإستقرار في داخلي والتي انعكست في حياتي. فما وضعه هذا الإله في حياتي هو أقوى من أن يتم نكرانه بتلك البساطة تماماً كما كان أبي يفعل بمجرد وجوده بقربنا.
وأنا هنا لا أدافع عن فكرة وجود الإله في العموم لأني متأكد أن هناك الكثير من الآلهة التي اخترعها البشر ولكني أتحدث عن إله شخصي لي أراه حقيقياً، فهو نبع المحبة ورئيس السلام ومصدر الراحة ومعطي الفرح الداخلي والتي برأيي لا يمكن أن تأتي من فراغ.


أنا لا أطالب أي أحد أن يصدّق بإلهي لكني أطلب ألاّ نجعل من آلهتنا عائقاً أمام إنسانيتنا وتفاضلاً للبعض على الآخر، فليكن كن إلهٍ في قلب من يحبه ولتكن الإنسانية والمحبة والإحترام هي وجهنا الذي يعامل فيه أحدنا الآخر، فأنا أصدّق أن الإله المحترم ستجد الإحترام في محبّيه وأما إله القنابل والتفجيرات فهو إله آخر لا أؤمن به ولن أصدّق بألوهيته يوماً لأني أساساً لا أحترمه.

وفي النهاية فإن تصالحي مع نفسي ومع الآخرين أراه انعكاساً لإلهي الذي أدعوه أبي، تماماً كما أرى أن حلقات الموت ما هي إلاّ انعكاساً لذلك المنتقم الجباّر والذي لا أعرف لماذا يدعونه إلهاً ولكن ربما لأنهم يرون فيه طريقاً لإشباع رغباتهم الغير مشبعة.



#جورج_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلهٌ من صُنعِ العبيد...
- وجود الإله... هل يعني عدم حدوث كوارث؟
- كل شيءٍ يبدأ من الداخل...
- الإيمان بالغيبيّات...
- الوجود الأزلي... ما بين المادية والألوهة
- حول وجود قوة ماوراء كونية واعية...
- إلهٌ ما... وحقائق...
- قصة الحياة والموت...
- الصليب... وأفكار...
- يسوع المسيح... ومجرد تساؤلات...
- أيها الإله.... أين أنت من زلزال هايتي؟
- صورة إلهك...!
- المعتقدات...(الخروج من الزنزانة)...
- المعتقدات...(النسر الحر)...
- المعتقدات...(القطار البشري)...
- إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى
- لماذا لا نحيا معاً؟...!
- ما بين المحبة والموت...
- صلاة أم شريط مسجل....!
- منطق الإله... وعقل البشر


المزيد.....




- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - أبي وأنا وإلهي.... وأيضاً إله القنابل...