أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الرديني - انقذوني سأنقلب الى امرأة















المزيد.....

انقذوني سأنقلب الى امرأة


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3010 - 2010 / 5 / 20 - 10:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل من شهم يساعدني في محنتي .. هل من مجيب لتوسلاتي ، فانا ايها السادة سأصبح امرأة عن حق وحقيق. فبعد ان امضيت اكثر من 50 سنة في الرجولة العصماء اجدني اليوم وقد انقلبت كل موازيني ولا ادري ان كانت امي هاوية.
فها انا ايها السادة استيقظ مبكرا لاغسل الصحون وامسح بلاط البيت واعد قائمة المشتريات من مسحوق الغسيل والديتول المعقم والرز البسمتي والفلفل الهندي والصابون بنوعيه الغالي والرخيص خصوصا صابون" الركي"، ولم انس ان اضيف الى القائمة مكونات "السلطة" ثم ابدأ باعداد عجينة الكيك واضعها في الفرن 3 دقائق اكون خلالها قد هرست التمر لأحشيه في العجينة اياها.
وياريت الامر يقف عند هذا الحد فما ان انهي هذه الواجبات حتى يبدأ عقلي بالسؤال: ماذا ستطبخ اليوم واصفن نصف ساعة كاملة لاعثر على الجواب وما ان انتهي من ذلك حتى يكون النهار قد انتصف وعلي ان اسرع في اعداد الطعام قبل مجيء الاولاد من المدرسة.
ويسبق الاولاد ضجيجهم وكل املي ان تكون ثيابهم نظيفة وهم عائدون من المدرسة ولكني لا اعتقد ذلك فاكبر ابنائي اخبرني ليلة امس عن مباراة حاسمة في كرة القدم بين فريقه وفريق مدرسة اتى طلابها من شمال المدينة. وكان حظي عاثرا فقد بدأ المطر بالهطول منذ الصباح ويمكن ان اتصور كيف ستكون ثياب الاولاد.. وكبف سانشر الغسيل في هذا الجو الغائم الرطب.
جاء الاولاد ورموا حقائبهم في صالة البيت ولم يأبهوا بصراخي فقد ركضوا نحو المطبخ ليمسك كل واحد منهم "خاشوكة" ملعقته ويغطها في قدر الطعام وياكل دون ان ينتبه الى ما جرى لفمه الذي سال منه الاكل في ارضية المطبخ من. واسلم امري الى الله واجمع الملابس الوسخة واضعها في غسالتي القديمة.
اوه .. نسيت ان اتناول غذائي ،حسنا سأكل قليلا من مرقة البطاطا التي احبها، لم اكد اضع البطاطا في صحن صغير حتى علا بكاء الولد الاصغر وجاءني باكيا شاكيا من اخيه الذي سرق اقلامه الملونة اثناء رسمه لبعوضة. تركت صحن البطاطا على الطاولة وهرولت نحو غرفة الاولاد لاجد الولد الكبير يحاول رسم حية طويلة فرجوته ان يعيد اقلام اخيه الملونة ولكنه هز كتفيه وكأنه يقول، انه ولد صغير لايستحق هذه الاقلام ،فوعدت الصغير ان اشتري له اقلاما جديدة حين اذهب للتسوق بعد قليل ولكنه ظل يبكي.
نظرت الى صحن البطاطا متحسرا فقد انغلقت شهيتي واستعدت للذهاب الى سوق الخضرة غير ناس وصيتي المعهودة للاولاد ان يكونوا هادئين في غيابي ووعدتهم بشراء "الداطلي" وعسل التمر.
حين عدت من التسوق بعد 3 ساعات من التجوال – وياليتني لم اعد – وجدت البيت عبارة عن صورة مصغرة لسوق الجمعة القديم الذي كان مزارا لمعظم شباب البصرة في الستينات من القرن الماضي.
رميت "المسواك" على ارضية الصالة وشمرت عن ساعدي لأكنس وامسح وارتب ما بعثروه الاولاد. قلت في نفسي وانا انشر غسيل الملابس فوق السطح المبلل" يلعن ابو هذه العيشة".
تركت التدخين خجلا من الفضوليين الذين يعتقدون ان المرأة المدخنة فاجرة وداعرة وطريقها سالك الى النار.. خفضت من رنة صوتي حين اتحدث مع الاخرين مخافة الظن باني فاسقة مثل نسوان "المنزول" في البصرة القديمة.
تذكرت اني وضعت كاسيت لاغنية فؤاد سالم في المسجل دون ان اسمعها.. لايهم ذلك الان فعلي ان اعد العشاء فقد حان موعد نوم الاولاد.. ركضت نحو المطبخ لاجد "المسواك" قد انتشر في مكان وحزرت ان الاولاد كانوا يفتشون عن "الداطلي" وعسل التمر. لملمت الاغراض وجهزت الفرن ولكني تذكرت ان علي ان اكتب مقالتي للحوار المتمدن. بدأ الكمبيوتر متجاوبا معي حين فتحت صفحة جديدة لاكتب فيها فقد كان من عادته ان يتحرك سابقا مثل "الذي يمشي على بيض" كما يقولون.
كتبت سطرا واحدا ثم اسرعت الى المطبخ لافحص طبخة العشاء ، عدت مرة اخرى لاكمل بقية السطور، كتبت ثلاث كلمات فقط حين تذكرت اني نسيت ان اضع قليلا من الملح في الطعام وفي عودتي من المطبخ مررت على غرفة الاولاد لاجدهم في غاية السرور وهم يلتهمون الحلويات فيما تناثرت قطع صغيرة منها على الارض فخفت ان يتجمع النمل عليها فاسرعت ثانية الى المطبخ لاحضر قطعة قماش امسح بها ماتناثر منها.
ياللهول.. لم اجد ماكتبت على الصفحة فقد انقلبت الى صفحة بيضاء لاحياة فيها فصرخت وانا في مكاني الصالة: يااولاد من فعل منكم ذلك؟ ولاني اعرف ابني الصغير مولعا بالعاب الديناصور المشاغب فقد حزرت مرة اخرى انه هو الذي اراد ان يستغل الفرصة في غيابي ويلعب ولكن الوقت ادركه.
ولاني طويل البال فقد اقنعت نفسي بكتابة المقالة في وقت لاحق اذا علي الان ان اغسل صحون العشاء وافكر في طبخة الغد. اجبرت نفسي على الجلوس قليلا واتنفس الصعداء متفرجا على برامج التلفزيون علني اجد برنامجا يريح اعصابي ولو للحظات، فكانت الكارثة.
فقد طلع علي من الشاشة الفضية رجلا - يبدو انه المذيع- حليق الشارب واللحى واعتقد جازما انه امضى اكثر من ساعتين في غرفة المكياج ليطلب من المختصين هناك ازالة شعرات خده وتقليم حواجبه ووضع قليل من المكياج على شفتيه دون ان ينسوا وجنتيه، شعرت به وهو يجلس على كرسي الاستديو بانه ثقيل ببدلته السوداء وربط عنقه الحمراء وشعره الذي بدا وكأنه يقول :ليس في بلدتنا حلاق يستطيع ان يصفف شعري كما يفعل اخواني في غرفة المكياج.
سمعت المذيع: قالت النائبة مها الدوري التي تم انتخابها عضوا في البرلمان الجديد بانها بصدد الاعداد لشن حملة واسعة النطاق ضد الدول الغربية التي اصدرت مؤخرا قانونا بمنع المرأة هناك من لبس الحجاب، واضافت في حديث خاص لاحدى القنوات الفضائية ان هذه الحملة ستكون مكثفة جدا ولمدة ثلاثة ايام فقط نطرح فيها مغبة هذه الاستهانة بحرية النساء فيما يلبسون.
فاصل: من حيث لا ادري تحسست راسي لاتأكد من عدم نسياني الحجاب الاسود.. ضحكت في قرارة نفسي "يازلمة انت في البيت".
وجاءتني ثقة عالية بالنفس وانا اغسل الصحون للمرة الثالثة هذا اليوم وقررت ان اكتب رسالة موجزة الى المدعوة مها الدوري:
اسمعي يامها انك لاتعرفين لماذا نلبس الحجاب الان ونحن في بلد يقولون ان حضارته تمتد الى اكثر من سبعة آلاف سنة؟ انا سأجيبك، لان معظمنا يحب الحياة اكثر منك.. نلبس الحجاب يامها ليس توددا الى الله ولا التزاما بما يقول اصحاب اللحى بل لاننا نخاف الاغتيال .. طلقة واحدة من كاتم صوت في موقف سيارات النقل العام تودي بحياة واحدة منا لاننا خرقنا قوانينهم وكشفنا عن شعرنا.
اسمعي يامها، والله عندي غسل الصحون ومسح ارضية البيت لهي اشرف واكرم من الانضمام الى حملتك البغيضة.. اتعرفين؟؟ لي جارة لم تبلغ الثلاثين من عمرها بعد، انجبت امس بنتا جميلة هي الرابعة في تسلسل البنات، وبدلا من تلقي التهاني من صويحباتها وذويها سخر منها الجميع لانها لاتنجب سوى البنات اللواتي حين يكبرن لايجدن سوى العمل في دول الخليج والضواحي المجاورة لكسب العيش من اقدم مهنة في التأريخ. اما جارتي الثانية فقد شذت عن القاعدة ولم تلبس السواد حزنا على ابنها الذي توفي بمرض السرطان وكانت تردد دائما: حشر مع المصابين بالسرطان عيد. اما جارتي الثالثة فقد وزعت "خبز العباس " قبل يومين بمناسبة تخرجها من دورة محو الامية التي حفظت منها كلمات قليلة كانت ترددها على مسامعنا كل يوم: خير جليس من اطال لحيته" و" وخير جليس في الزمان مسبحة".
اسمعي يامها، انك تذكرينني بقصة والدي – رحمه الله - مع اخي الاصغر فقد انفرد باخي ذات يوم في زريبة البيت وقال له واعظا ، اسمع يابني عليك .. ثم عليك ثم عليك واعتقد انك تعرفين بقية ماقاله والدي الذي يردد مايقوله امام الجامع في خطبة الجمعة ولكن الذي لاتعرفيه ان والدي سأل أخي بعد ان انهى وصيته العصماء عن رأيه فيما قال فاجاب اخي: نعم ياابي سمعت ماقلته ولكني حسبت 110 ذبابات كانت على ذيل حصاننا الاعرج وطارت كلها بعد ذلك ولم تعد للزريبة ولا واحدة.. لماذا حدث ذلك يا أبي". بالمناسبة هل سمعت عن رجم النساء في كردستان العراق لانهن زانيات شرعا،وقتلهن في جنوب العراق لانهن لم يحافظن على شرف العائلة المصون؟".
انتهت الرسالة



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنة ليست تحت اقدام العاقرات
- طاش ماطاش
- ربهم لايحب كرة القدم
- الاخ يشتغل في بورصة الرب
- امريكا ليست امبريالية ياسادة
- الملائكة تكره الموسيقا في البحرين
- رسالة مغلقة من محمد الرديني الى جاسم المطير
- زوجتي ورانيا وانا
- تسرقون التسميات حتى في الاعدام
- عينوا ربهم مشرفا على حسابات المسلمين
- حان وقت الجنون ايها السادة
- نتف الحواجب يانعيمة
- بن لادن وجيمس بوند
- كنت طفلا ذات يوم
- ممنون ل-بو نونة- ..ملحق اضافي
- انا ممنون ل-ابونونة-
- الله يلعن هذه القيلولة
- اعلان عن وجود وطائف شاغرة للمفخخين
- عصير -غيرة- للبيع
- راحت عليك يا افلاطون


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الرديني - انقذوني سأنقلب الى امرأة