أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ















المزيد.....


حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 20:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كنت طرحت أطروحتي حول "المحطة المنحطة مسدودة المنافذ التي تحط فيها البشرية اليوم" في الحوار المتمدن العدد 2978 إعتقاداً مني أن موضوع هذه المحطة هو الموضوع المركزي والوحيد الذي يجب أن يشغل الشيوعيين الحقيقيين الراغبين في تكريس حياتهم ليس لأجل تحرير عمال العالم فقط بل لتحرير الإنسانية نهائياً من قيد الإنتاج الصدء الأبدي، قيد " إنتجْ تعشْ ". طرحت الموضوع مؤملاً أن يكون مثار نقاش واسع حول إمكانية استئناف العمل الشيوعي الذي أسس له لينين وفق نظرية ماركس في الاشتراكية العلمية، يشارك فيه الشيوعيون الحقيقيون من غير الذين رضوا لأنفسهم الكف نهائياً عن العمل الشيوعي وإلهاء العمال والكادحين عن قضيتهم الأساسية، قضية الشيوعية، وترويج بضائع فاسدة ومزورة بينهم من مثل الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان والتي جميعها لن تتحقق فعلاً إلا بعد أن تتحقق قبلها الحياة الشيوعية. طرحنا أطروحتنا هذه وأهبنا بسائر الماركسيين العرب أن بشاركوا في البحث عن فرص الخروج، خروج الإنسانية وليس الحركة الشيوعية فقط، من محطة الإنحطاط الوبيئة هذه باعتبار هذا البحث لا بد أن يكون الشغل الشاغل لكل من لم يشلح الماركسية بعد.

جميل حقاً أن تكون السيدة سعاد خيري من الحزب الشيوعي العراقي أول الماركسيين العرب الذين لم يشلحوا الماركسية بعد ، وهي المشغولة مع ذلك ليل نهار بمقاومة الإحتلال الأميركي، في أن تنبري لمناقشة الأطروحة، وهو يعني أول ما يعني أن الرفيقة سعاد ما زالت مهمومة بالعمل الشيوعي حتى وإن اختلفت معي اختلافاً بيّناً أراه أحياناُ يدفع بها خارج الفكر الماركسي. إننا ونحن نقدر إلتزام الرفيقة سعاد بقضية الشيوعية لا يسعنا بالمقابل إلا أن نشير باستهجان شديد إلى لامبالاة قادة الأحزاب الشيوعية العربية من أيتام خروشتشوف وهم الذين لم تعد قضية الشيوعية من همومهم منتهزين فرصة غياب شبح الشيوعية عن التحليق في سماء العصر. انصرفوا تماماً للعمل السياسي الذي هو ليس أكثر من حرب طواحين قبل معرفة العدو الطبقي وتحديد أرض المعركة معه. إنهم يخدعون كوادرهم قبل العمال والكادحين.

أغرب ما في مناقشة السيدة سعاد هو نفسها التفاؤلي مقابل ما ارتأته نفساً تشاؤمياً من قبلي دون وجه حق، وإنكارها التام لأن تكون البشرية اليوم في محطة منحطة مسدودة المنافذ إذ تقول .. " تغذ البشرية السير في تطورها العلمي والتكنولوجي وفي اكتشاف العديد من مصادر الطاقة وتتوسع ساحات حرية البشر وانطلاقها الى رحاب الكون " (!!) لكأنها لم تعايش انهيار مشروع لينين الشيوعي والمعسكر الإشتراكي، ولم تشعر بعد بالإنحطاط الكلي للأحزاب الشيوعية في مختلف بقاع الأرض حتى أن أكبر الأحزاب الشيوعية القائمة اليوم وهو الحزب الشيوعي الصيني قد تخلّى عن الشيوعية منذ سبعينيات القرن الماضي. وتزعم بنفس الوقت أن ساحات حرية البشر تتوسع، وهذا يناقض ما تقول به دائماً وهو أن الرأسمالية الإمبريالية تسيطر اليوم على نظام الإنتاج في العالم. فإذا كانت ساحات حرية البشر تتوسع مع ذلك، فإنه يعني بالنتيجة أن النظام الرأسمالي الإمبريالي نظام تقدمي ويحقق حرية الإنسان أو على الأقل ليس اليوم هو أوان طرحه والتخلص منه.
قبل قرن ونصف وضع كارل ماركس مشروعاً لتغيير العالم وشكل الأممية الأولى في العام 1864 ، وقبل قرن وربع القرن وضع فردريك إنجلز مشروعا آخر لتغيير العالم وشكل الأمية الثانية في العام 1889، وقبل زهاء القرن وضع لينين مشروعه لتغيير العالم وشكل الأممية الثالثة في العام 1919 التي انبثقت منها الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد ، فهل تستطيع السيدة سعاد اليوم أو غير السيدة سعاد أن تضع مشروعاً موازياً لتغيير العالم؟ نحن لا نعرف أحداً يستطيع ذلك، ولذلك قلنا أن المحطة التي تحط فيها البشرية اليوم هي محطة منحطة ومسدودة المنافذ. لئن كانت السيدة سعاد تعرف أحداً يستطيع أن يضع مشروعاً لتغيير العالم ويشكل أممية رابعة تقود البشرية إلى الشيوعية فلتدلنا عليه وستعلن بروليتاريا العالم بالغ امتنانها للسيدة المناضلة سعاد خيري. أما إن لم تعرف فعليها أن تعترف بأن المحطة التي تحط فيها البشرية اليوم هي محطة مسدودة المنافذ، ولأنها مسدودة المنافذ فهي محطة منحطة دون شك.

توقفت السيدة سعاد عند نقطة خارج موضوعنا وهي أن الإنتاج البضاعي هو الإنتاج الذي يصل إلى السوق للتبادل. نحن نترجم (Commodity Production) بالإنتاج البضاعي سواء جرت مبادلته أم أستهلك من قبل منتجيه، أي إنتاج قيمة قابلة للتبادل سواء جرت مبادلتها أم لم تجر. كما افترضت أن إنتاج البضاعة لا يتم إلا باستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهو افتراض غير صحيح حيث كان المهنيون (Guild Masters) في القرن السابع عشر ينتجون سلعاً بأنفسهم ويبادلونها في السوق لمنفعتهم دون استغلال أي إنسان آخر، كما اليوم يبيع الطبيب خدمته إلى المريض مباشرة دون تدخل أي شخص آخر. نحن لا ندري متى وأين جرى أول تبادل في الإنتاج السلعي من أجل أن نفصل بين الإنتاج لسد الحاجات الذاتية أو الإنتاج بقصد التبادل فننفي صفة البضاعة عن أي إنتاج. لكننا بالمقابل تتبعنا أثر أدوات الإنتاج في علاقات الإنتاج فوجدنا أن كل رقيّ نوعي في أدوات الإنتاج تلاه أو رافقه رقي نوعي بعلاقات الإنتاج. بدأت السيدة سعاد خيري اعتراضها أطروحتي بعنوانها "تطور إنتاجية العمل وضعت الأساس المادي لتحرر البشرية من الإنتاج البضاعي واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان" . أنا لا أدري حقاً لماذا قفزت السيدة سعاد عن ذكر أدوات الإنتاج التي ما كان بغيرها أن ينتج الإنسان، عداك عن تطور انتاجية العمل. يتم العمل في الإنتاج من خلال العلاقة الديالكتيكية بين الإنسان من جهة والآلة من جهة أخرى. الآلة هي النقيض المعادل للإنسان؛ ولولا الآلة لما كان الإنسان، لما كان العمل لإنتاج وإعادة إنتاج حياة الإنسان. كان بليخانوف قد كتب أن أدوات الإنتاج هي التي تقرر كل شيء في حياة الإنسان، ومع ذلك تتجاهل السيدة خيري ذكر أدوات الإنتاج لغيرما سبب. "تطور إنتاجية العمل" الذي تقول به السيدة إنما هو حاصل تطور العلاقة الديالكتيكية بين الإنسان والآلة. والقفز عن أدوات الإنتاج إنما هو تعتيم على دور العامل الذي هو حصراً يدخل في علاقة مع الآلة لكي ينتج. قوى الإنتاج وهي العمال والآلات هي فقط التي تشكل معامل التطور؛ ومن هنا فالتعرف الدقيق على علاقات الإنتاج ومراحل تطورها لا يتم إلا بالتوازي مع تطور أدوات الإنتاج.

ثمة حد فاصل يحول دون أن يكون هناك لغة مشتركة بيني وبين السيدة سعاد خيري طالما أنها ما زالت تعتقد أن النظام الرأسمالي الإمبريالي هو النظام الذي يحكم سيطرته على العالم حتى اليوم، وأن عمال العالم يتعرضون اليوم لأبشع أنواع الإستغلال من قبل الرأسماليين الإمبرياليين، في الوقت الذي أرى أنا نفسي أن عمال العالم، وقد انكمش حجمهم بمقدار 50%، يتعرضون، نعم، لأبشع أنواع الإستغلال لكن من قبل طرف ثالث هو فعلاً خارج علاقات الإنتاج ألا وهو الطبقة الوسطى وليس طبقة الرأسماليين. من المضحك حقاً أن الشيوعيين في الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد ومنهم الرفيقة سعاد يرفضون رفضاً قاطعاً بأن يسموا، مجرد تسمية، الطبقة التي أسقطت مشروع لينين البروليتاري واستولت على السلطات داخل دول المعسكر الإشتراكي، هذا إذا ما كانوا ما زالوا يعترفون بالمبدأ الماركسي الرئيس القائل بأن كل تغيّر اجتماعي إنما هو النتيجة لصراع طبقي معين. ولئن حُشروا في زاوية ضيقة صعبة قالوا " البيروقراطية "، لكأن البيروقراطية طبقة مستقلة ذات نمط من الإنتاج خاص بها!! أو لكأن الإنتاج بصورة عامة ما زال يجري على النمط الإشتراكي إنما السلطة في أيدي بيروقراطية تسيء توزيع الإنتاج وليس لدى البروليتاريا قوة كافية لإزاحة البيروقراطية دون أن يقولوا لنا لماذا!! يقولون كل هذا ومع ذلك لا ينثنون عن الإعراب عن مخاوفهم من تطور نظام الإنتاج في الإتحاد السوفياتي سابقاً إلى النظام الرأسمالي!!

لا يمكن أن يكون هناك تفسير لمثل هذا الموقف المستهجن سوى أن ولاة الأمر في الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد هم في حقيقة أصولهم من البورجوازية الوضيعة المعادية للبروليتاريا بطبيعتها مثلهم مثل خروشتشوف وميكويان وسوسلوف وغروميكو وبريجينيف وأندروبوف وغورباتشوف وكل الطغمة التي انقلبت على المشروع اللينيني وهدمته حتى الأساس. لكي نتواصل مع من ما زال في الأحزاب الشيوعية دون أن يعي الدور التخريبي الذي تقوم به هذه الأحزاب كونها العقبة الكأداء على طريق العمل الشيوعي يترتب عليهم أن يجيبوا على الأسئلة التالية بكل أمانة وبصورة صحيحة.
1) هل كان انهيار المشروع اللينيني في الإتحاد السوفييتي بفعل الصراع الطبقي أم بغيره؟
2) وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي الطبقة التي كانت الطرف الثاني في الصراع مع البروليتاريا؟
3) وإذا كان بالنفي فلأ ي طبقة ينتمي الحكام اليوم في البلدان الإشتراكية سابقاً، بل وما هو النظام في هذه البلدان؟
4) هل ما زال النظام الرأسمالي الإمبريالي هو النظام السائد في العالم؟
5) وإذا ما كان الحواب بالإيجاب فكيف تكون الدول الإمبريالية الكلاسيكية هي الأكثر مديونية في العالم؟
6) ولماذا أيضاً تقلص حجم الطبقة العاملة بنسبة 60% في بريطانيا والولايات المتحدة وبالمثل تقريباً في فرنسا وألمانيا؟
إن أية أجوبة معقولة على هذه الأسئلة وأسئلة أخرى من ذات النسق ستؤكد بصورة قاطعة على أن بواقي الأممية الثالثة من الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد قد فقدت استراتيجيتها الثورية وبالتالي تكتيكاتها ولم يبقَ لها سوى أن تحل نفسها بنفسها بحكم انتهاء وظيفتها التي كانت تقوم بها تحقيقاً لاستراتيجية الأممية الثالثة، أممية لينين. وفي هذا المقام نود أن نذكر بمعادلة جوهرية تقول أن النظام الرأسالي لا يتقدم إلا بتقدم طبقة البروليتاريا وحيث أن البروليتاريا اليوم في حالة جزر واسع، وأن أحزابها، الأحزاب الشيوعية في حالة انحطاط شديد على الصعيدين التنظيمي والنظري فذلك مؤشر قطعي الدلالة إلى أن الرأسمالية الكلاسيكية في حالة تلاشي لا علاج لها.

وأخيراً يلزم أن أتوقف عند مسألتين في غاية الأهمية لم تفلح السيدة سعاد في مقاربتهما مع كل ما لديها من تحصيل في العلوم الماركسية وهما . .

أولاً، الأزمة الماثلة اليوم في أمريكا ـ تقدم السيدة مقاربة مشوشة ومتناقضة لهذه الأزمة، فتقول . . " والعودة الى الانتاج البضاعي الذي دعى اليه اوباما لم يكن بهدف تحرير البشرية من تبعات علاقات الانتاج الراسمالية ولاسيما البطالة، بل من اجل انقاذ علاقات الانتاج الراسمالية "؛ ثم لا تلبث أن تقول . . " فقد جاءت هيمنة الراسمال المالي على الاقتصاد العالمي للخروج من ازمات فيض الانتاج البضاعي ". أوباما يدعو لزيادة الإنتاج البضاعي لإنقاذ الرأسمالية والبنوك تنحو لتقليص الإنتاج البضاعي لإنقاذ الرأسمالية أيضاً !! فكيف يكون الهدف واحد للفريقين المتعاكسين؟ الرفيقة سعاد مسكونة منذ خمسينيات القرن الماضي بدعوى العداء للرأسمالية الإمبريالية حتى وبعد أن لم يكن للرأسمالية الإمبريالية شأن بانهيار المشروع اللينيني وهو المشروع الذي علقت عليه البشرية كل آمالها في التحرر من قيد الإنتاج ــ فما كان أحراها أن تقصر عداءها على من هدم مشروع لينين دون الأعداء الآخرين. في حقيقة الأمر لا أوباما ولا الرأسمال المالي هدف لإنقاذ النظام الرأسالي بافتراض أنه ما زال حيّاً كما تصر المناضلة ضد الاستعمار السيدة سعاد. ليس أوباما رئيس الدولة في الولايات المتحدة فقط بل أي تويجر في العالم أيضاً يعلم تماماً أن الأوراق الخضراء الأميركية، الدولارات، لم تعد ذات قيمة. لكن أوباما يعلم أن إنتاج الولايات المتحدة من الخدمات وهو ما يساوي 80% من مجمل إنتاجها الوطني لا يصنع ثروة ولا يغطي عملة، ولذلك نادى بالتحول إلى الإنتاج البضاعي الذي يصنع ثروة ويغطي عملة. وهو، على ما السيدة سعاد أن تعترف، يشكل المدخل الوحيد للعبور إلى الشيوعية.
أما بخصوص رعاية الرأسمال المالي للنظام الرأسمالي فهي حكاية قديمة. فإنتاج الخدمات وهو السائد في الولايات المتحدة ليس بحاجة لرؤوس الأموال. ورؤوس الأموال لم تعد تعمل في الإنتاج الرأسمالي تبعاً لذلك واتجهت للعمل في تجارة الأسهم والسندات وهي تجارة لا تنتج سنتاً واحداً وتتركز في المضاربات في البورصة. أما البنوك التي لا تضارب في البورصة فقد اتجهت للعمل في العقارات وهذا أيضاً نشاط غير رأسمالي. الرأسمال المالي أحذ ومنذ السبعينيات يلعب دوراً معارضاً للرأسمالية ومحاصراً لها. فمن طبيعة النظام الرأسمالي البنيوية التمدد (Capitalist Expansion) وفقاً للتشريح الماركسي ووقف تمدده يؤدي حتماً إلى انهياره. بدافع كراهية الشيوعية ثمة من ما زال ينتصر للإنتاج الخدمي ويصفه ب "الإقتصاد المعرفي" حتى وبعد أن تبيّن له أن الاستممرار في إنتاج الخدمات ينتهي إلى اتساع رقعة الفقر وتعميقها وبالتالي إلى انحطاط البشرية.
لو أن السيدة سعاد وكل الذين وصفوا الأزمة الماثلة في الولايات المتحدة بأزمة الرأسمالية، لو أن لديهم معلومات أولية عن طبيعة البنية الرأسمالية وشيئاً من التحليل الإكلينكي الذي قام به ماركس لهذه البنية لما قالوا ما قالوه. أزمة النظام الرأسمالي تنجم عن تراكم فائض القيمة في خزائن البنوك والرأسماليين فلا تعود جماهير العمال قادرة على شراء البضائع التي تنتجها. أما الأزمة الماثلة اليوم فهي العكس تماماً من أزمة الرأسمالية، فالذين أفلسوا هم البنوك وليسوا جماهير العمال، فما زالت الإدارة الأميركية مضطرة لأن تستورد بآلاف المليارات من الدولارات بضائع من الخارج لتسد حاجيات الشعب المعاشية، وما زال الشعب الأميركي أكثر شعوب العالم في الاستهلاك. طبيعة النظام الرأسمالي لا تسمح للدولة أن تمنح البنوك المفلسة مئات المليارات من الدولارات. كل قيمة في النظام الرأسالي يجري تبادلها مقابل قيمة أخرى مساوية وفق قانون القيمة الرأسمالية الأساسي، وليس منحة مقابل لا شيء، ليس ثمة منح في النظام الرأسمالي،!

أما المسألة الثانية التي لم تفلح السيدة سعاد في نقدها فهي مسألة تطور التكنولوجيا وعلاقتها بالصراع الطبقي. فهي تقول فيما يتعلق بتحرر البشرية . . "تضع الثورة العلمية والتكنولوجية ولاسيما الكومبيوتر امكانيات جبارة لتطوير طاقاتها الفكرية واسلوب حياتها وانتاجية عملها بما في ذلك تحررها من عبودية الانتاج البضاعي والمساهمة في الانتاج والتطوير الجماعي لعموم قوى انتاج البشرية بما يضمن سعادتها ورفاهها"
إننا ونحن نوافق السيدة سعاد على أن ثورة التقنيات، كما في الكومبيوتر والتراسل، في النصف الثاني من القرن العشرين تطرح أمام البشرية إمكانات إضافية نحو تعظيم الإنتاج وبالتالي التحرر من قيد الإنتاج (إنتجْ تأكلْ)، لكننا نؤكد بذات الوقت أن هذه الثورة التقنية لعبت دوراً سلبياً حتى اليوم واستخدمتها الطبقة الوسطى كسلاح قاتل في صراعها ضد الطبقة العاملة. أول ما يشار إليه في هذا السياق هو استخدام الأتمتة (Automatization) في أعمال الإنتاج الرأسمالي وقد انعكس بأثر كبير في تقليص أعداد العمال في وحدة الإنتاج الواحدة وهو ما انعكس بدوره في الحد من فائض القيمة المتاح للرأسمالي، ليس انطلاقاً من قانون ميل معدل الربح إلى الهبوط الناجم عن زيادة نسبة الرأسمال الثابت إلى المتغير فقط، الذي أشار إليه ماركس، بل بنسبة أكبر من انخفاض عدد العمال الضروري للإنتاج. لهذا رأينا الجزر المريع للإنتاج الرأسمالي في مراكز الرأسمالية الكلاسيكية في العالم وانكماش حجم الطبقة العاملة بالتالي الأمر الذي أدى بالطبع إلى انعدام فرص الثورة الإشتراكية في العالم الرأسمالي التقليدي حيث أخذت الطبقة الوسطى التي ورثته ترفع شعار "إقتصاد المعرفة" وتدّعي أن المعرفة أخذت تلعب الدور الحدي في قيمة السلعة وليس قوى العمل البشرية كما في التحليل الماركسي. وبناء على هذه الدعوى الكاذبة تآكل قانون القيمة مما سمح لمنتجي الخدمات من الطبقة الوسطى بمبادلة خدماتها بأضعاف أضعاف قيمتها من السلع من إنتاج الطبقة العاملة. استغلال الطبقة العاملة اليوم من قبل الطبقة الوسطى هو أكثر وحشية من استغلالها من قبل الرأسماليين سابقاً.
أما التقنيات السوفياتية، وكانت في الخمسينيات والستينيات أعلى مما هي في الغرب، فقد استخدمها العسكر كسلاح فعال في محاصرة الطبقة العاملة السوفياتية؛ فكانت الصواريخ العابرة للقارات وأحدث الأسلحة المتطورة تملأ العنابر على سعة آسيا وأوروبا، ومئات الأقمار الصناعية تملأ سماء العالم، بينما مصانع العمال لم يطرأ عليها أي تغيير منذ الثلاثينات وعشرات ملايين العمال لا يجدون سراويل لهم ولعائلاتهم تستر عوراتهم، ويفتقدون الكثير من احتياجاتهم الحيوية. الطبقة الوسطى بقيادة العسكر حصرت التكنولوجيا في الإنتاج العسكري وحرمتها على الإنتاج المدني.
لن يصل أثر التقنيات الحديثة إلى الإنتاج لخير البشرية ورفاهها قبل أن تتولى البروليتاريا كل السلطة، لكنها ما زالت وحتى اليوم تعمل ضد البروليتاريا وتبني حصناً حصيناً تتحصن فيه الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة، في حربها الشرسة ضد البروليتاريا.
مرة أخرى نطرح على جميع الماركسيين، الذين رهنوا حياتهم لتحرير الإنسانية من قيد الإنتاج الصدء، مسألة البحث في إيجاد منافذ لخروج الحركة الشيوعية من هذه المحطة المنحطة التي تحط فيها البشرية اليوم. إنها أصعب محطة واجهتها وستواجهها الحركة الشيوعية على الإطلاق.



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حميد كشكولي ضد الإشتراكية
- محطة الإنحطاط التي تحط فيها البشرية اليوم
- تاريخ الإنسان كتبته العبودية وليس الحرية
- تطوير العمل الفكري والثقافي للحزب الشيوعي العراقي
- هل الرأسمالية متقدمة على الإشتراكية !؟
- من يفتح ملف الإشتراكية !؟
- ليس شيوعياً من يغطي على الأعداء الفعليين للشيوعية
- القانون العام للحركة في الطبيعة (الديالكتيك)
- الوحدة العضوية للثورة في عصر الإمبريالية
- البورجوازية الوضيعة وليس الصغيرة ..
- نحو فهم أوضح للماركسية (3)
- نحو فهم أوضح للماركسية (2)
- نحو فهم أوضح للماركسية
- رسالة إلى أحد الديموقراطيين الليبراليين
- الليبرالية ليست إلاّ من مخلّفات التاريخ
- حقائق أولية في العلوم السياسية
- شيوعيون بلا شيوعية !!
- كيف نتضامن مع الشعوب السوفياتية لاسترداد فردوسها المفقود
- إنسداد دورة الإنتاج الرأسمالي وانهيار الرأسمالية
- الإنحراف المتمادي لبقايا الأحزاب الشيوعية


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ