أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - شاهد على العهر














المزيد.....

شاهد على العهر


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 09:56
المحور: الصحافة والاعلام
    


أنثروبولوجياً، وسوسيولوجياً، تتم دراسة كافة الظواهر والتجارب والخبرات والحركات الإنسانية ومراجعتها تاريخياً، وأخلاقياً، وجمالياً، للخروج بالنتائج واستخلاص العبر وتعلم الدروس. والأهم من كل هذا، وذاك في التجربة الإنسانية، هو ما تبرزه من قيمة جمالية وأخلاقية، وما فيها من أنسنة وقيم طيبة، تزرع في المتابع الإلهام، وتدفع بالتجربة الإنسانية قدماً إلى الأمام.

وأمامنا في التاريخ البشري، وعلى صعيد التاريخ البشري والسياسي الكثير من القصص والتجارب الرائعة والجميلة الخلاقة، التي تعطينا دروساً أخلاقية كبيرة حول حدوث تحولات بنيوية ومفاهيمية عميقة في قلب مجتمعات إنسانية، حول صعود وهبوط طبقات، وانتصار قيم ومعاني جميلة، واندثار واندحار وانكسار مفاهيم وقيم رثة بالية وزوالها. قصص كفاح شخصي ووطني، وثورات وتحولات نوعية نقلت مجتمعات وأفراد من حال إلى حال، وجلبت الرفاهية لشعوب وبلدان كثيرة، وسجلت دروساً خالدة في جبين التاريخ، من الثورة الصناعية وتحولاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، واندحار وأفول الكهنوت الديني في قلب أوروبا، وما رافق ذلك من انهيارات شتى على صعد المفاهيم والقيم القروسطية السائدة، وشيوع ثقافات ومفاهيم جديدة ألهمت، وألهبت الفرد حتى وصل إلى ما هو عليه من إبداع ورفاه وعطاء، مروراً ببروز وصعود نجم رسل العلم وفلاسفة التنوير وتقديس العقل البشري، وما رافق ذلك من صراع مرير مع المفاهيم والقيم السائدة، والتحدي لها، انتصر في النهاية منطق العقل، وليس انتهاء بالطبع بسقوط وانهيار الفاشيات القومية والنازية والعنصرية والتوتاليتاريات المختلفة وتعميق مفاهيم الديمقراطية العدالة والأخوة والمساواة والتحرر الطبقي وما رافق ذلك من قصص التضحية والبطولة والإيثار وإنكار الذات. وقد كان يقف وراء كل ذلك شخصيات وأفراد منحوا تلك الحركات والتحولات قيماً خاصة وجميلة واحتلوا مكانة رفيعة في عمق ووجدان التاريخ البشري، يتذكرهم الناس اليوم بمشاعر من الإجلال والاحترام والإجلال، ويمكن لشهاداتهم وروايتهم ووجهات نظرهم أن تكون ذات مغزى ومعنى هام، ولتصبح كل كلمة قالوها، وكل فعل قاموا به، مصدراً لدراسات وأبحاث، وتمحيص وتدقيق، يضفي قيمة أخلاقية، وجمالية، معيارية العبرة والدرس التاريخي.

ولو حاولنا التطلع، ولو قليلاً على تجاربنا الشخصية، والجماعية، والتاريخية، التي جرت في القريب، أو البعيد، في مجتمعاتنا وكوارثنا البشرية المستمرة، من أكثر من ألف عام، والتي يحاول المدعو أحمد منصور، مؤذن دبي السابق، أن يلقي ضوءاً عليها من خلال برنامجه الذي يطلق عليه شاهد على العصر( هناك خطأ كبير في التسمية أصلاً، فنحن جميعاً في الحقيقة خارج هذا العصر، ولم ندخل فيه، بعد، لا مفاهيمياً ولا فكرياً، وهؤلاء الذين تؤخذ شهادتهم ما زالوا خارج أي عصر، وأي زمان، ولم يحدث أي تحول بنيوي ولا جوهري على أفكارهم وقيمهم وما زالوا في عصور غابرة، هل المؤذن السابق يعيش في هذا العصر ويتمثل قيمه حتى يكون بإمكانه إعطاء حكمه عليه، ألا زالت تنهش قلبه وعقله قيم وأفكار القرن السابع الميلادي ويحلم بالعودة إليها كما تحلم الشمطاء بعودة مستحيلة إلى صباها؟)، ، فأن تكون شاهداً على عصر ما، فهذا يعني أن تنتمي إليه قولاً وفعلاً، وأن تكون في قلب هذا العصر، تتمثل قيمه وآراءه وأفكاره، كي تكون شاهداً عليه، وليس أن تكون في عصر ومجال حيوي وفكري آخر ما زلت تتأثر به ويؤثر بك، نقول لو حاولنا تتبع ذلك لوجدنا أنفسنا أمام عهر سياسي، واجتماعي، وبشري خال من أية قيمة وجمال ودروس أخلاقية يمكن أن يأخذها المرء من سيرك العهر العربي، وهذه شهادات زور مأخوذة عبر الضغط والإكراه المعنوي والبيئي والإيديولوجي المغلق، أي الغياب الشفافية وحرية القول والمكاشفة والحيادية والموضوعية وتتبدى الفردية والبدونة جلية في كل ما يقال. فما في تلك الشهادات وعلى اختلافها، سوى العهر، والناظم المشترك فيما بينها البداوة والثارات والشخصنة والغدر والمكر والمكيدة والاستهتار بالقيم وخلوها من أي جمال وأخلاقية يمكن أن تلهم هذه المجموعات التائهة والضائعة في متاهات العهر السياسية والاجتماعي الجاري على هذه الساحات. ما هي الدروس الأخلاقية التي يمكن أن تعطيها شهادات من شهدوا على هذا العصر؟ وأية قيمة جمالية وأخلاقية ودروس اجتماعية ونظريات سياسية يمكن للمرء أن يستخلصها في محاولة فهم الظواهر والتحولات التي تجري، هذا إذا كان هناك تحولات، هناك نكوصات وارتدادات، نعم، ولكن لا تحولات، ولا تغيير جذري، وحاسم طال أية بنية في عمق هذه المجتمعات التي تجتر ذاتها وقيمها وتجاربها عبر الزمان ولم تزد تلك التطورات والأحداث إلا في بؤس وشقاء هذا الإنسان. فشهادات وقصص وعبر هذا العصر هي نفس شهادات ذاك العصر الآفل عن الرثاثة والمكيدة الغدر البدوي والثارات الشخصية والأمراض النفسية والعقد الإيديولوجية والتخندق العصبوي والجدل البيزنطي العقيم والتقاذف البيني وانعدام روح الإبداع والإلهام، أي أن هناك ثمة افتقار لدرس وعبرة وعظة أخلاقية وجمالية في تجارب من يحاول أن يكون شاهداً على العصر، كما ارتبط الرعب، والنفور والتوجس والرثاثة بشخوصها وأفرادها، وخلت من أي جمال وإبداع وإلهام.

وزاد في عهر، وتعهير تلك ، وفي طينها بلة، إطلاق قيم معيارية سلبية وصلت حد الشتائم والسب على الهواء، ووصم مجموعات بشرية كانت خارج دائرة الفعل والتأثير، بما لا يليق، من قبل مجرد مؤذن سابق كفر الزمان ونط على منبر إعلامي هام، فكل ما رأيناه وسمعناه لم يكن أكثر من عهر، من هذا أو ذاك، ليصبح البرنامج بحق شاهد، ودليل، على العهر، أكثر مما هو شاهد على العصر.، وأي عصر ما زال يعيش فيه هؤلاء، وليصبح أيضاً كل من تابع هذا البرنامج شاهداً آخر مقحماً، من حيث لا يدري، على عهر بعض برامج وبعض إعلام،وبإمكانه تقديم شهادته في يوم من الأيام؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجوم على الإسلام
- إخوان سوريا ونصرة المنصور
- ماذا تنتظرون من مؤذن في مساجد دبي؟
- يوم في حياة الرئيس مبارك
- أوربة ديار الإيمان
- تهنئة للأخوة المسيحيين بأعياد الفصح المجيد
- هل بدأت الحرب على أسلمة أوروبا؟
- ابن تيميه في قفص الاتهام
- من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟
- العلاقمة الجدد قادمون
- الله الإنسان أو الإنسان الإله، بين أنسنة الله وتأليه الإنسان
- سيناريو افتراضي لمؤتمر القمة العربية عام 2048
- الأتمتة وسنينها: المواطن-الزبون
- هاتفكم مقطوع لأسباب مالية
- هدم المساجد: النار التي ستأكل نفسها
- هدم المساجد: النار التي تأكل نفسها
- أين هي ثقافات وعقائد شعوب المنطقة قبل الغزو البدوي؟
- موسم الهجرة إلى الشام
- إياكم والتمسك بالأخلاق والتقاليد العربية الأصيلة
- لماذا لا يلغى مؤتمر القمة العربي؟


المزيد.....




- السعودية.. مكتب محمد بن سلمان ينشر فيديو على قارب وينعى بدر ...
- السعودية تقتص من الغامدي بقضية وفاة شعيب متأثرا بطعنة آلة حا ...
- ماكرون يواصل -غموضه الاستراتيجي- تجاه روسيا
- أميت شاه: استراتيجي هادئ، يخشاه الجميع، وكان وراء صعود مودي ...
- عالم روسي يتحدث عن تأثير التوهج الشمسي
- مركبة كيوريوسيتي تكتشف ماضيا شبيها بالأرض على الكوكب الأحمر ...
- أسباب الرغبة الشديدة في تناول الجعة
- أيهما أسوأ، أكاذيب إسرائيل بشأن غزة أم الداعمين الغربيين لتل ...
- البيت الأبيض يعترف بأن المساعدات الأمريكية لن تغير الوضع في ...
- تقارير: لا اتفاق حتى الآن في مفاوضات القاهرة بشأن غزة والمنا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - شاهد على العهر