أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - الصادق المهدي يؤجج النعرات العنصرية والدينية في السودان















المزيد.....

الصادق المهدي يؤجج النعرات العنصرية والدينية في السودان


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 03:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



مازال السيد الصادق المهدي لديه إعتقاده الذي يعود إلي ستينيات القرن الماضي, بأن قدر السودانيين أن يخضعوا لحكمه, عندما أُخلِيت له دائرة إنتخابية عند إكماله الثلاثين لإقصاء محمد أحمد المحجوب. وكان المحجوب, رئيس الوزراء الذي سبقه, قد قام بهندسة أنجح مؤتمر قمة عربي عام 1967 (اللاءآت الثلاث). وقد بلغت حنكته الدبلوماسية ما أهلَّه لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة, وكاد أن يفوز به لو لا شراء أمريكا لأصوات بعض الدول. ولم يقدم الصادق أي إنجاز يذكره التاريخ طيلة حياته السياسية. وكان كل ما فعله أثناء توليه لرئاسة الوزارة في الديمقراطية الأخيرة هو نقل رفات الإمام الهادي إلي أم درمان, وبحث موضوع التعويضات لممتلكات أسرة المهدي التي صادرها نميري.

كان أسلوب الخطاب الأخير كأنه موجه لقواعد الأنصار في الجزيرة أبا, أو مايرنو في الصعيد, وليس للمثقفين والصفوة الذين خصهم بالخطاب. وهنا فقد صدق المفكر منصور خالد في تحليل شخصية المهدي, حين قال إن الصادق لم يستطع حتي الآن فك الإشتباك في داخله بين أوكسفورد والجزيرة أبا. إن حديثه عن أن الحركة الشعبية لا يمكن أن تحكم الشمال والجنوب معاً, وتحذيره من أن إنتخاب عرمان إستهتار بالأمن القومي, حديث ينطوي علي عنصرية بغيضة, وإستهتار مقيت بالمكون الأفريقي للسودان. وهل يعني بالإستهتار بالأمن أن حكم الحركة الشعبية سيعمل علي تنصير المسلمين بالقوة بحيث يؤدي ذلك إلي حرب أهلية يدعم فيها العالم الإسلامي الشماليين والعالم المسيحي الحركة الشعبية؟ وهل كان حكم الشمال في الماضي لكل السودان حق إلهي بينما حكم الجنوب شيطاني؟ أو أن الجنوب فُرض عليه أن يُحكم ولا يحكم إلي يوم الدين, لأن شعبه أقل درجة من الشماليين؟ بل أن هذا التصريح السخيف لا يحترم الديمقراطية, لأن المسألة طالما بالإقتراع, فأين ولماذا الإستهتار بالأمن القومي إن منح الناخبون ثقتهم لياسر عرمان؟

يثير غضبنا أن يصدر هذا التصريح من ذات الشخص الذي سره فوز أوباما, وقال إنه يمثل نهاية إحتكار البيض للسلطة. إن هذا الأسلوب لا يختلف عن أسلوب نافع, نائب رئيس الحزب الحاكم, إلا في إستخدام الأخير لمفردات هابطة. يخيف نافع الناخبين بأن لا يصوتوا لأحزاب المعارضة لأنها تدعو (للتفسق والمجون والرقص). ويخيف الصادق بدوره الناخبين إن منحوا ثقتهم للحركة الشعبية, من (الإستهتار بالأمن القومي). كما جاء بيان حزب الأمة التوضيحي أسخف من تصريح الصادق, لأنه لم يشرح لنا ما عجزنا عن فهمه في السبب الذي يضر بالأمن القومي في حالة فوز ياسر عرمان.

إن هذا التصريح غير اللائق سبق للصادق أن أصدر تصريحاً أكثر منه إساءة, عندما هرول باحثاً عن موقع في الإنقاذ ولم يجده, في إتفاق التراضي. في غمرة نشوته بذلك الإتفاق - ولعله ظن أن الإنقاذيين من الغباء بحيث يمنحوه منصب رئيس وزراء - أصدر فتواه بأن الرافض لإتفاقه مع الإنقاذ كمن رفض ركوب سفينة نوح. وهنا تتجلي نظرته الأحادية الشمولية, بأنه يملك الحقيقة المطلقة وأن كل التيارات السياسية الأخري علي نهج كنعان بن نوح الغريق. أخطأ المهدي في هذا التشبيه لأنه وضع نفسه والإنقاذ في مكان النبي نوح والمؤمنين به, والباقين في مكان كنعان والذين أشركوا.

أما حديثه عن ملاحقة المحكمة الجنائية للبشير في هذا الظرف فلا يختلف كثيراً عن تلويح معاوية بقميص عثمان. وذلك لأنه سبق أن رفضها وإقترح محكمة إقليمية بدلاً عنها, قائلاً: "إن تسليم رأس الدولة سينجم عنه إضطراب شديد واستقطاب حاد في الجسم السوداني." (والصادق مولع بالمفردة إستقطاب لأنها أحدث من هلم جرا). وأضاف سيادته بأن: "للمحكمة الجنائية أهدافاً سياسية لتغيير البشير." (أرجو أن لا يتبادر لذهن القارئ بأننا ضد الجنائية, لأن رأينا الموثق قد سبق رأيه). وماهو الجديد الذي جعله يغير رأيه من الإقليمية إلي الدولية؟ هل لأن هدف المؤتمر الوطني من الإنتخابات سعي لحصانة الرئيس؟ أم لأن الصادق يريد أن يظهر نفسه بأنه غير ملاحق قضائياً, وبالتالي, واجب علي الناخبين الإدلاء بأصواتهم له؟ وهل كان الصادق, عندما إقترح الإقليمية بدلاً عن الجنائية, يجهل ماسرده عن تاريخ إتفاقيات جنيف وميثاق روما والقانون الدولي الإنساني؟ أما إن كان يعتقد بأن إثارة هذا الأمر حالياً سيضمن دارفور منطقة مقفوله له ولحزبه - كما في الماضي - فمن حقه أن يحلم.

والحقيقة أن تذبذب الصادق وتأرجحه ليس بجديد فقد سبق أن قال أثناء حكمه: "إن قوانين سبتمبر في طريقها لمزبلة التاريخ." و"إن الوحدة الوطنية لا تكتمل إلا بعزل الجبهة الإسلامية." ثم نقض غزله بيمينه واستمرت قوانين سبتمبر, وإئتلف مع صهره بكل أوزاره, كأن شيئاً لم يُقال. دعنا نتفق علي أنه ليس هنالك ثوابت في السياسة, ولكن حدث نتيجة ذلك الإئتلاف أمر عند الله عظيم, سيُسأل عنه الصادق وصهره يوم لا تنفع سلطة أو اسم عائلة أو وساطات أسرية, هو وقف التحقيق في سرقة الجبهة الإسلامية في صفقات البترول. كما أقال أباحريرة لأنه سعي لكنس الفساد. لذا, فلا يحق له إلقاء المواعظ عن الفساد الحالي لأنه غطي علي الفساد.

كما ذكر بأن الديمقراطية ليست عدد أصوات, وتحتاج إلي توازن. وفي هذا الصدد فإن الصادق آخر من يحق له أن يحاضر عن أغلبية الأصوات, لأنها إستبدت به خلال الديمقراطية الأخيرة, حين ألغي إتفاقية الميرغني لمجرد غيرة سياسية. ليس هذا فحسب, بل أنه كان رئيس الوزراء الوحيد في العالم الذي سعي لسلطات فوق سلطاته الدستورية, عندما طالب بتفويض. ولكن, بما أن الديمقراطية هذه المرة قد تمنح ياسر عرمان أغلبية - بدلاً عن سيادته - فلا بد لها من (توازن) يحميها من الهزات الإرتجاجية. إن الحسنة الوحيدة لهذا النظام الردئ هي القضاء علي إستبداد طائفة بالسودانيين باسم حزب أغلبية برلمانية مرة أخري.

وفي الختام, لقد درج السودانيون في النقد علي ذكر الطالح والصمت عن الصالح. إلا أننا من الإنصاف بيث نشذ عنهم بذكر مساهمات الإمام الصادق الفكرية الأخيرة. إضافة إلي لفت نظر السودانيين إلي المعاني السامية لعيد الحب, فسيصدر له قريباً كتاب لمحو الأمية الجنسية التي تعاني منها ثقافتنا. كما أوصي سيادته بترك الأسماء الشهوانية للمرأة كميادة وفاتن, والأسماء العدوانية للرجل كأسد وصقر.



#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في الس ...
- غطرسة إسرائيلية مع غطاء أمريكي
- الرئيس السوداني يحمِّل الأحزاب مسؤولية تعطيل الديمقراطية 20 ...
- هيروشيما ونجازاكي
- الآثار الصحية الضارة لختان الإناث
- إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان
- التدخل الأمريكي في فيتنام 1954-1975
- تفادي القضية الفلسطينية في خطاب حالة الإتحاد لأُوباما
- دور أمريكا في نشأة طالبان والقاعدة
- الإفلاس الأيدلوجي والفكري لإسلاميي السودان
- في ذكري ثورة اكتوبر السودانية
- عن سايكلوجيا المُحافظين الجُدد السودانيين
- اللوبي الصهيوني الأمريكي والحركة الإسلامية السودانية : مقارن ...
- النرجسية والتباهي لدي إسلاميي السودان : الأفندي نموذجاً
- موسم الهجرة إلي الجنوب: الصادق والترابي يكتشِفان الجنوب
- كيف قامت المخابرات الأمريكية بتغيير الحكومات؟ نظام مصدّق نمو ...
- دور الصادق المهدي في تقويض الديمقراطية في السودان
- المناطق التي إحتلتها الولايات المتحدة
- إراقة الدماء والتشفّي لدي إسلاميي السودان
- النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز


المزيد.....




- طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول.. ...
- يساهم في الأمن الغذائي.. لماذا أنشأت السعودية وحدة مختصة للا ...
- الإمارات تعلن وفاة الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان
- داخلية العراق توضح سبب قتل أب لعائلته بالكامل 12 فردا ثم انت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية في حي الزيتون وسط غزة (فيديو ...
- روبرت كينيدي: دودة طفيلية أكلت جزءا من دماغي
- وفاة شيخ إماراتي من آل نهيان
- انطلاق العرض العسكري.. روسيا تحيي الذكرى الـ79 للنصر على الن ...
- إسرائيل تستهدف أحد الأبنية في ريف دمشق الليلة الماضية
- السلطات السعودية تعلن عقوبة من يضبط دون تصريح للحج


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - الصادق المهدي يؤجج النعرات العنصرية والدينية في السودان