أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - انطباعات أولية حول رواية:-قمر بحر















المزيد.....

انطباعات أولية حول رواية:-قمر بحر


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 900 - 2004 / 7 / 20 - 06:51
المحور: الادب والفن
    


انطباعات أولية حول رواية "قمر بحر" للأديب والمحامي: علم الدين عبد اللطيف
شاهر أحمد نصر
علم الدين عبد اللطيف محام نزيه في زمن التشوه والإفساد. دمث الأخلاق صادق في حبّه لعمله ولأصدقائه.. ترعرع في بيئة تعشق العلم والأدب. إلى جانب مهنة المحاماة اختط طريق الشعر والأدب.. أصدر روايتين: "زمن المتوسط"، و"قمر بحر".
تصنف "قمر بحر" في سياق الروايات المثقلة بالهموم الفكرية والاجتماعية، والمفعمة باللغة الشاعرية، بل هي "قص يستحضر الشعر. مجال .. تنطلق به ذاتي المتكلمة منفعلة حالمة... تتحول إلى أنا شاعرة في روايتها". ص7
ولعل اختيار أنثى كشخصية أساسية في الرواية تعبير عن هاجس ورغبة الكاتب في أن يبدو حيادياً بالنسبة إلى النص، وبرهان على المقدرة في الكتابة عن الآخرين، وليس عن الذات فقط، وكأنني أراه يردد الفكرة التي قالها بوشكين في ملحمته الشعرية "يفغيني أنيغن":
"سعيدٌ أنا دوماً
بملاحظة الفرق بيني وبين أنيغن،
كي لا يعتقد قارئ ساخر،
أو أي ناشر آخر،
أن هذه الخصال تشابه صفاتي،
أو أنني أنسخ صورتي
مثل بايرون الشاعر الأبي،
وكأننا غير قادرين
أن نكتب ملحمة عن الآخرين،
كما نكتب عن أنفسنا."
(من أجمل ما كتب بوشكين ـ مطبعة النورس ـ طرطوس 1996)
إلاّ أنّ طيف الكاتب يبقى حاضراً وبيناً، خاصة مع بروز أثر مهنة المحاماة والقانون على لغة النص في كثير من المواضيع: "أعرف أن معظم الذين يلجأون إلى القانون والمحاكم في هذه الأيام. إنما يسعون وراء طريقة يتجنبون فيها إعمال القانون دون أن يتعرضوا للمساءلة.."ص15 "القصد هو الركن المعنوي في قيام المسؤولية"ص19.."ولي أمر الشرع هو السلطة القانونية المختصة.. ويعاقب القانون من يباشر ما يعتقده حقه وهو ليس كذلك".ص67
كما تثقل الرواية بالتناص والسجال مع الروايات الأخرى لكتاب محليين وعالميين: "هناك خط رفيع يفصل الكرامة عن الكبرياء.. أليس هذا ما تقوله رويدا الرافعي يا أستاذ محمد كامل عن علاقتها بيوسف عبد النور؟.."ص14 "ثرى في زعم "أميمة الخش" لم تقبل المسؤولية عن موت الطفل.."ص19.. ويزيد عالم الرواية اكفهراراً بأحكام تعكس رؤية الكاتب للمحيط الذي تعيش وتنمو فيه شخصيات وأحداث روايته ".. "تفو" على مخلوقات لا تعرف من الإنسانية غير المشي على قائمتيها؟ ليملأ رأسك فحيح الزواحف. وعواء الذئاب"..ص21 "الظلام أصبح معادلاً للضوء.. الأمر فوق التصور.. زمن ركبه أنصاف بشر، وأصبح يأكل أبناءه.."ص22
كما يطغى الفكر السياسي على عالم الرواية منذ البداية:
" ـ اسمعي... أنت مميزة عن الآخرين. عرفت أنك شغل ثقافة ومطالعة.
ـ وسياسة.. قلها ولا تخف."ص27
إن افتتاح الـ"الرواق ـ (أو) استعارة أولى" بسفر شاعري أخاذ ـ "يقبل حبيبي بكل قوته. متوثباً ومتوهجاً.. طفلاً سماوياً يدب نحو قمر بحر ليضعه في فمه.."ـ لا يحميه من الخوف من أنّ "الليل الآتي من الأفق خليق أن يبتلعنا"..ص29 فيمتلأ النص بالأفكار والأحكام التي تدل على بؤس الشخصيات وعلى ضحالتها، وعلى بؤس مستوى تفكيرها ـ وهذا لا ينسجم مع المستوى الفكري الرفيع الذي يمتاز به الكاتب.. في هذا "الزمن الأغبر الذي يقتات على أبنائه".. ولا يسعنا هنا إلاّ أن نسأل الكاتب: هل للزمن لون ذاتي، وهل الزمن يقتات على الأبناء، أم أنّ الأبناء هم من يلونون الزمن، ويصنعون مصيرهم في ثناياه؟!
يسعى الكاتب لتلقين القارئ رأيه في تطور الأحداث عبر بطلة القصة، التي لم تعجبها ندوة القدس.. "لم أفرح بالخبر.. ما الفرق بينه (ربما أراد الكاتب قول: بينها..) وبين اجتماع كوبنهاغن سيء الذكر؟.."ص31، ومن حق البعض أن يسأل ولماذا هو سيء الذكر؟!.. "العدو لا يلاقى إلاّ بالسلاح..!" يفهم من سياق النص أن لا سلاح غير السلاح العسكري، وهذا أمر يحتاج إلى نقاش أيضاً.
الكاتب موفق بشكل جلي في تعريته لمفهوم الديكتاتورية "لم أقتنع يوماً بديكتاتورية البروليتاريا، أولاً.. وبالحتمية التاريخية، ثانياً.."ص32 "تلك الديموقراطيات الشعبية. التي تكنّت بالشعب.. أيكفي أن تسمي نفسها شعبية لتصبح ديموقراطية؟"ص33 .."بالحتمية التاريخية حوّلوا الأيديولوجيا إلى دين جديد، مطلق، أين كلامهم عن الحراك الخفي للتاريخ والحياة؟.. لماذا لم يفهموا من الديالكتيك خطل فكرة الإطلاق والجمود؟" ص34 ورغم تعاطفنا الكبير مع "التضحيات الكبيرة والجهود التي قامت (المنظومة الاشتراكية) بها من أجل إشاعة السلام وتعزيزه، ومكافحة الحروب، ولجم قوى العدوان وأدواته"، فإننا لا نستطيع إلاّ أن نلاحظ البؤس الفكري لدى شخصياته التي تعزي سبب انهيار النظم الاشتراكية فقط إلى "تكاتف قوى الإمبريالية العالمية.. وغياب أي (الأصح أية) مساندة من دول وشعوب العالم الأخرى. وخاصة تلك التي كانوا يسمونها قوى التحرر الوطني.. واستنزاف جهد وقوة السوفييت في دعم هذه الحركات في كافة أنحاء العالم.."ص35، بل نرى أنّ البنية الداخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وضعف وتيرة النمو الاقتصادي، فضلاً عن تخلف هذه البنية، وعدم مقدرتها مواكبة وتجاوز المنجزات الرأسمالية، والخوف من الثورة المعلوماتية، كل ذلك لعب، مع تكالب الاحتكارات الرأسمالية المتحالفة مع القوى الظلامية الإسلامية المتطرفة والصهيونية العنصرية ضد النظم الاشتراكية، لعب دوراً مقرراً في ذلك الانهيار..
والرواية حبلى بالآراء والأفكار الفلسفية التي تحتاج إلى تمعن وتدقيق في الوقت الذي يصدر فيه الكاتب أحكاماً "شخصياتنا لا تولد إلاّ من وحدات المعنى" ص37. "الشخصية تساوي الصفر في الغبار". ص38 "عندنا الأب هو الإله.. قديماً عندما كانوا يسمحون بالثورات. ثار الأبناء وقتلوا أباهم". ص40 وهل الثورة تحتاج إلى سماح، لفظ الثورة بحد ذاته خروج عن كل ما يتطلب السماح .. "نحن ندفع حتى الآن ثمن تلك الخطيئة... خطاة منذ نشوئنا... يجب أن نكفر عن خطيئة يقولون أنّها حدثت قبل وجودنا.." ص40، هنا يقع الكاتب حسب زعمنا في خطأ فكري يشبه ذاك الذي يحاجج به حيدر حيدر في نفس الرواية، كما سنرى لاحقاً، في دقته..
وتحلق الأفكار الرومانسية بالكاتب، وتبعده عن الواقع، ليرى في ملح البحر فضلاً ومصدراً لتطهير دنسنا "لولا أنّ البحر يطهر بملحه دنسنا لخنقت رائحة العفونة الفراشات وقناديل البحر.." ص40 "أنا البحر هو البحر .. الماء أنا هو الماء.. الناس هم نحن.. دمشق هي اللاذقية.." ص42
ولا يسعنا إلاّ التساؤل عن سبب كثرة الاستعارات في الرواية، لدرجة أننا نظن الروائي يفضل التماهي مع الآخرين: نبيل سليمان، تنسون، حيدر حيدر، رواد التراث.. عن أن يرينا ذاته، وكأنّه يتكأ على الآخرين، ويستعير أدواتهم.. مع بعض التباين الفكري خاصة في مسألة عودة أبي راوية نبهان "إلى دم أبيه.. ووراثته له.. وأنّه استجاب أخيراً لنداء الدم"ص51 وعلى الرغم من أنّ الكاتب محق نسبياً في أنّ "الحديث عن ذلك يقتضي مساءلة المناخ السياسي والثقافي في العالم بعد انهيار دول المنظومة الاشتراكية" ص52 ، ونقول نسبياً لأنّ هذه المسألة من الضروري أن تشمل ذلك المناخ قبل الانهيار أيضاً وليس فقط بعد الانهيار، بل الجذور تعود إلى ما قبل الانهيار، وإلى حالة البؤس والانغلاق التي قادت الأحزاب الشيوعية أعضاءها ومناصريها إليها.. على الرغم من ذلك نرى أنه من المفضل أن يتم السجال مع رواية أخرى في مقال نقدي وليس في متن رواية.. إنّ ذلك أخف من إثقال الرواية والقارئ بهذا الكم من التناص والاستعارات الجمة: "يا أسياد المقولات الكبيرة.. قدركم الفشل في التفاصيل.. والهرب من مواجهة الفعل.. هذا هو بطلك يا لرمنتوف". ص71
كما تثير خاتمة الرواية كثيراً من التساؤلات؟؟
هل هذا الخيار حتمي، وأوحد؟! أم يوجد من يقدم بجرأة على خرق القيود التي تقف عقبة أمام الحب. هناك العديد من الأمثلة التي ينتصر فيها الحب على كل القيود بما فيها الفروقات العرقية والدينية والطبقية.
إنّ فرار جندي من المعركة لا يعني نهاية المعركة.
بعد هذه القراءة الانطباعية للرواية من المفيد التوقف عند النقاط التالية:
ـ على الرغم من أنّ هذا النص الأدبي يعكس أثر الواقع في النفس، إلاّ أننا نلمس وجود غرق كبير في علم الاجتماع والسياسة.. وقد يكون الكاتب وقع أسير الهموم الاجتماعية والوطنية الكبيرة، التي جعلت عالم الاجتماع في النص يطغى على الفنان في بعض الفقرات..
ـ على الرغم من القيم الكبرى التي تدعو شخصيات الرواية إليها وتتمسك بها، إلاّ أننا نلمس في بعض جوانبها افتقارها للخيال، كما نلمس في تحليلها للأحداث شيئاً من الهزال، وضعف الحضور.. ربّما قصد الكاتب من وراء ذلك تبيان الأزمة العامة التي يعيشها الفكر الإنساني، ومدى الضحالة العامة التي تسيطر على شرائح واسعة من الناس، علّه يحرض النقيض، خاصة وأننا نعرف مدى وضوح الرؤية الفكرية التي يمتاز بها الكاتب، وسعة إطلاعه الأقرب إلى الموسوعية في العديد من المجالات..
في أسلوب الكاتب:
لقد كان الكاتب موفقاً في أسلوبه الأدبي الشاعري الرصين، ولقد استطاع تجاوز مثلبة طاغية على أغلب الروائيين العرب ألا وهي اللغو والثرثرة والغرق في التفاصيل المملة، فنجد النص غني بالأفكار والصور، ولغة الشاعر شاعرية جذابة تكسي الرواية رونقاً فتاناً وتزيدها متعة وإلفة..
وأخيراً أرى من المفيد توجيه سؤال للكاتب، إن كان قد أراد لروايته أن تكون رواية لشخصيات تنمو مع الأحداث أم رواية حدث، تنوس فيه الشخصيات؟
(قمر بحر) رواية الأديب المحامي علم الدين عبد اللطيف جديرة أن تقرأ، وأن تناقش.
طرطوس حزيران / تموز 2004 شاهر أحمد نصر



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السياسي العربي يحطم المعارضة ، وينظر إلى نفسه بمرآتها ...
- احترام كرامة شهداء الرأي والحرية يتطلب إحالة الجلادين وحماته ...
- ابن رشد فرصة العرب الضائعة
- نضال الحركة العمالية العالمية في سبيل الديموقراطية وضرورة تج ...
- ألم يحن الوقت للغة خطاب جديدة بديلة للغة الاعتقال!
- في سبل اغناء اللغة العربية بالمصطلحات العلمية والحضارية وتوح ...
- مسلسل اللامعقول في زمن الصمت
- الأكراد والعرب أخوة في صالح من جعل القضايا تتراكم والتباطؤ ف ...
- أ ليس مفيداً أن يكون البعثيون في سوريا من أوائل المطالبين بإ ...
- صدى
- هل أصبحت صيغة الحكم من خلال الجبهة وحدها تلعب دوراً معرقلاً ...
- لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحز ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*) ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*)3 ...
- المعارضة عنوان الأوطان ومصدر قوة لدولة القانون
- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ - دعوة للتمس ...
- إلغاء قوانين الطوارئ شرط ضروري للمناقشة الموضوعية لفكر حزب ا ...
- من الأشعار الأخيرة لرسول حمزاتوف
- المجتمع المدني ضرورة اجتماعية ووطنية
- الاستراتيجية الأمريكية، والقصور العربي، في السياسة الخارجية


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - انطباعات أولية حول رواية:-قمر بحر