أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سيمون خوري - ثقافة - صباح الورد -















المزيد.....

ثقافة - صباح الورد -


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 11:03
المحور: كتابات ساخرة
    


صباح الخير ، ليست مجرد كلمة عادية ، بل هي إبتسامة ، أو قصيدة أو وردة أو قطعة حلوى بيد طفل أو إمراة تعطر الوطن بروحها .
" صباح الخير " كلمة رائعة وعالمية ،لا تحمل في مضمونها نرجسية طائفية ،
عند صديقي الحكيم البابلي تصبح ( صباح الخير ) صباح الورد ، وعند صديقي السوري تصبح صباح الياسمين الدمشقي ، وعند صديقي المصري تصبح صباح الأنوار ، وفي تونس صباح الفل . حتى في عدن تجد صباح الخيرعلى شاطئ أكواخ التواهي الفقيرة. أما في فلسطين فتصبح بإنتظار صباح الفرج ورحمته وبركاته . في كافة لغات العالم تتواجد كلمة ( صباح الخير ) وتنطق مصحوبة بإبتسامة جميلة . في كل عاصمة هناك ثمة من ينتظر الصباح ، لكن ليس في كل عاصمة ورد أو صباح . فما بين صباح وصباح ، هو مثل ما بين الصباح والمساء . هناك أكثر من ( فاتحة ) تقرأ ليس إبتهالاً وتسبيحاً ، بل نعياً لوطن فقد معنى صباح الخير أو صباح الورد . وحافظ على لون المساء الأسود . ورغم أني أحترم اللون الأسود جداً بإعتباره لوناً كلاسيكياً ، لكن يبدو مع إنتشار" أشولة السواد " الأسود ، بات علينا إجراء إنقلاب ذاتي نعطي فيه للون الأسود الحقيقي إسماً أخر أو ربما كوداً جديداً للحفاظ على رمزية اللون الأسود الإنسانية تضامناً مع أشقائنا في الإنسانية من ذوي البشرة السوداء أو السمراء . كل شئ لدينا يصبغ بالأسود تصريحات ممثلي المسؤولين ، فتاوي الجهل لونها أسود قاتم ، حتى العمارات والمباني تحول لونها المغبر الى أسود حتى عمود النور لونه أسود .الأسود سيد المكان والزمان بالطول والعرض شاقولي وأفقي ورأسي . منذ اللحظة التي جري فيها إغتيال " صباح الخير "، وحلت محلها ليس السلام بل " السام عليكم " . حسب تعبير الأعراب الذين هم أشد كفراً ونفاق .
عندما تفتقر العلاقات العامة بين الناس الى لغة الورد ، تتحول اللغة الى أسلاك شائكة تعيق التواصل الإنساني داخل المجتمع الواحد . فنحن لا زلنا مجتمعات ما قبل نثر ( الإله) بذرة الورد في الكون .هل المشكلة في فهم ثقافة الصباح وثقافة الورد ..؟ صباح الخير والورد هي جسد مؤنث معطر ، لكن كلمة ( السلام عليكم ) رغم ما فيها من رمزية السلام وقيمته ، تحولت الى سياج من الذكور الشائكة . تخدم أنظمة سياق ذكورية تخوض حرباً بلا معنى ضد كل من يحمل عقلاً من نوع صباح الخير والورد والفل والياسمين ، صباح ضحكات الأطفال البريئة .
صباح الورد ، تدخل المقهى تتربع الوردة فوق المنضدة مع فنجان القهوة . تدخل مطعماً تزين باقة ورد طاولة الطعام ، يخاطبك أحدهم أو إحداهن تشتم رائحة الورد العطرة في أدبه وسلوكه . في حدائق المنازل ، الشوارع والساحات العامة تزينها الورد والأزهار . حتى أشجار البرتقال أو الزيتون في الشوارع العامة ، إحتفظت بحملها ، فلا أحد يعتدي على حرمتها . في كل المناسبات أجمل ما يقدمة الإنسان هو باقة ورد . وليس ( إسوارة ) من الذهب .
صباح كل يوم ، أزرع في الشارع كلمة ( صباح الخير) على الأرصفة والمحلات , من صاحب البقالية الباكستاني الملتحي ومنتجات حلال باكستان ، الى صاحب المقهي ومنتجات حرام الغرب اللذيذة .
بقالية الباكستاني ، تذكرك ببقاليات شرقنا القديم من رغيف الخبز وحتى الحذاء الحلال . لا أتهكم على أحد ونعم حذاء حلال ..؟ أو الحلاق الذي كان يمارس مهنة قص الشعر، وخلع الأضراس أو الأسنان الى جانب " ختان " الأطفال الذكور والإناث معاً بحجة ( الطهارة ) والحلال ..؟
صباح كل يوم ، أقول له بالعربية ( صباح الخير ) لكنه يجيبني وعليكم السلام ..الخ
ورغم أني لست ضد إفشاء السلام ، لكن صديقي الباكستاني لم يتزحزح من حفرته .
إحدى المرات تعمدت إلقاء التحية باللغة الأجنبية ، بيد أنه أجابني أيضاً ( وعليكم السلام ومحمد رسول الله ) ..؟ عدت اليه قائلاً : قلت لك ما معناه ( صباح الخير ) لم اسئلك ما إذا كان محمداً هو رسول الله أم لا ..؟ يا صديقي أنا أحمر على برتقالي .. لم يفهم ربما إعتقد أنها عقيدة من كوكب آخر ...
أنت يساري أو ديمقراطي أو شيوعي أو علماني ، أو ترتدي بنطلوناً وليس سروالاً وحذاءاً حلال ، أو غير ملتحي . فإذن أنت ليس لك صباح ( كافر ) لكن كافر بماذا ..نحن نحب الأطفال والنساء والورد وكل الناس الفقراء الذين هم الأقلية الوحيدة في بلادنا التي لا يسأل أحد عنهم إلا بمناسبة الإنتخابات ، ومع ذلك فدائماً الصناديق تحمل ختم السلطان وأعضاءه التناسلية في البرلمان الجماهيري .
حتى تعبير ( السلام عليكم ) تحول على أيدي حراس الصمت والنص ، الى أداة قتل لصباح الخير والورد . أصبحنا أمام ظاهرة معقدة ومتناقضة معاً . فالعقيدة الدينية أياً كانت التي لا تحتمل أي نقد يوجه لها ، هي في الحقيقة تقدم أسوء نموذج لعقلية شمولية متنرجسة ومتغطرسة بذاتها وبأدواتها . وعندما يصمون أذانهم عن رياح التغيير في العالم يصبح الناقد هو العدو الأول الذي يجب أن يحارب بكل ما لدى هذه العقيدة من سلاح حتى الكيمياوي أو النووي .
فقد تعبير ( السلام عليكم ) قيمته الحسية الإنسانية ، وتحول الى شعاراً طائفياً ، ووسيلة تمايز عن الأخر لغاية إقصائية وأداة تفجير إجتماعي . فقد تحول الوطن الى مسرحاً لأسوء أنواع الممثلين . وعندما ترتدي ألفاظنا ثوباً طائفياً ، عندها تتحول الأوطان الى مكب لنفايات العالم .
للكاتب اللورد " تستر فيلد " البريطاني قول جميل : إن الألفاظ هي الثياب التي ترتديها أفكارنا ، فيجب ألا تظهر أفكارنا في ثياب رثة بالية .
الفارق بين صباح الخير والسلام عليكم ، أن الأولى غيرطائفية ولا يمكن أن تنطق إلا مصحوبة بإبتسامة حتى لو كانت باهتة ، أما الأخرى فلا يمكن أن تنطق إلا مصحوبة بتقطيب الجبين وزم الشفتين ، وتصنع الوقار. ولا تحتمل مداً لغوياً . ترى أيهما أجمل عندما تنطق المرأة بحب وحنان وعذوبة وبلهجتها المحلية وبذلك الكم الهائل من العذوبة الموسيقية ( صباح الخير ) أم سيف ( السلام عليكم ) وشئ مرعب عندما تسجن الإبتسامة خلف سياج ذكوري أسود .
تخيل أن تصحو من النوم وزوجتك بجانبك وهي تقول في تلك الساعة الحميمة (...) السلام عليكم ، بدل كلمة حب مصحوبة مع صباح الورد إنه وقت الحب في هذا الصباح الجميل ..؟ ما هو شعورك عندها ..؟ حتى ما تبقي من شعر في الرأس سيخلد للنوم ثانية عدا عن أشياء أخرى ....
ومع ذلك نتمنى للوطن صباح الخير ولكل الأصدقاء في هذا الموقع وخارجه، صباح الورد والياسمين ولكل العواصم التي تبتسم فيها النساء والأطفال والكلاب والقطط .
صباح الخير .. أهلاً .. وياهلا صباح الورد مع فنجان القهوة .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة .. وكاهنان .. ونهر ..؟
- عندما تحولت تشو يينغ تاي / الى فراشة ملونة ..؟
- جلسة تحضير أرواح / في قرية (بريفزا) ..؟
- العودة من المستقبل الى / عصر نهاية الديانات ..؟
- في حفلة زيزي حتى القطط والكلاب/ تعلمت معنى المساواة..؟
- دعوة الى صديقي الكلب المحترم / لحضور حفلة عيد ميلاد..؟
- خمرُُ في الجنة .. وشاي في الدنيا للمؤمنين..؟
- قبطي يولم في رمضان / ومسلم يحتفل بعيد الميلاد ..؟
- ثقافة الغريزة الجنسية في الجنة ..؟
- مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث
- هل الجلد والرجم والقتل هي قوانين ( إلهية )
- هولوكست التاريخ / ج4 سفر التكوين والخلق في الأسطورة المصرية ...
- هولوكست التاريخ ..أنبياء أم قادة سياسيون ..؟
- هولوكست التاريخ / إعادة قراءة لإسطورة الخلق والتكوين ومصادر ...
- هل أدم هو الأسم الحقيقي للإنسان الأول ..؟
- طرقت الباب ... ( حتى ) كل متني ..؟
- الحوار المتمدن و تجديد الخطاب العقلي
- الله .. المزوج .. وجبريل الشاهد ..؟
- إختراع صيني جديد ... خروف برأسين ..؟
- لا حضارة بدون نساء.. ولا ديمقراطية بلا تعددية/ ولا ثقافة بلا ...


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سيمون خوري - ثقافة - صباح الورد -