أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد السيد علي - محاولة لفهم كتابة التاريخ















المزيد.....

محاولة لفهم كتابة التاريخ


أحمد السيد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 20:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



هناك توصيفات متعددة لمعنى التاريخ ، ومنها دراسة الزمن فيما يتعلق بالانسان،
أو دراسة الماضي بالتركيز على أنشطة الانسان بالماضي حتى الحاضر،

ويؤمن الدكتور طه باقر بالقول المشهور( يبقى جاهلا الى الابد من لا يجيد تاريخ أُمته)* ويرى أن التاريخ مثل العقل الباطن للإنسان، ومشاكل النفسية للإنسان لا تحل ما لم يغور المعالج الى أعماقها في العقل الباطن.

أما في مفهوم التاريخ عند كارل ماركس هو كونه ينبني على الصراع الطبقي بين الفآت العاملة وبين مالكي وسائل الإنتاج ، وأن تطور التاريخ يخضع لحتمية الصراع من أجل البقاء وبالتالي فإن ماركس اعتقد أن التاريخ هو صراع الطبقات بمعنى أن التاريخ عنده يتحقق عن طريق ثورة البروليتاريا وعن طريق قهر الإنسان للطبيعة وتحويلها، كما يعتقد أن التاريخ يتحقق ويصل الى منتهاه عندما تنمحي الطبقية عن الوجود وتسود العدالة الاجتماعية التي رسم ملامحها في المذهب الشيوعي وهو بذلك يؤكد على نظرية نهاية التاريخ وذلك بنهاية الفكر الرأسمالي .
إن ربط ماركس التاريخ بالبروليتاريا يؤسس بذلك نظرية صناعة الإنسان للتاريخ ودوره في صياغة فصوله النفسية والروحية والمادية وهو ما تختزله القولة المأثورة عنه{ الإنسان يُشيّد التاريخ دون أن يعرف ذلك} ولكن على الرغم من أن ماركس يؤكد على دور الإنسان في التاريخ. فهو يرى مثلا بان الوعي الطبقي سيدفع البروليتاريا الى تغيير التاريخ، وقد وجهت لماركس عدة انتقادات بسبب تركيزه على قوة الإنسان في تغيير التاريخ، لأنه لا يمكن القول بأن الإنسان حر ومسؤول وأنه عامل أساسي في تغيير التاريخ**.

فالمؤرخ هو المشتغل في التاريخ ، يعالج أحداثه فيبنيها وينسقها وقد يقوم بتحليلها.
أما الاخباري فهو ناقل الاخبار كما رآها أو رويت له من غير تنسيق أو تأليف وعادة تكون شفاهيا.
الرَاوية وجمعها رواة { وهم طور سابق للتأليف}، والمؤرخ يعتمد على الرواة في مادته الخبرية، فالرواة هم شهود الحدث الذين يؤخذ عنهم الرواية شفاهية ،وعادة تكون لهم موهبة الحفظ وقوة الذاكرة، وقد تكون الرواية كاذبة لإنحياز الراوي وتعمده الكذب، وجرى في عصر المهدي العباسي إمتحان للرواة.

المؤرخون صنفان مؤرخ داعية ومؤرخ محترف، فالمؤرخ المحترف يدقق الرواية من حيث السند ويسعى لإستقصاء روايات مختلفة،

فالطبري مؤرخ محترف غير منتمي الى فرقة أو طائفة.
وقد يكون منتمي إلا إنه يزاول إختصاصه وفق شروطه مثل اليعقوبي... وهو شيعي ولكنه كتب التاريخ للعموم لا لفرقته،

ومن المؤرخين المحترفين ...إبن الأثير وهو سني المذهب...وإبن كثير وهو حنبلي.

يجد المؤرخ مضطرا الى المقارنة والتدقيق في أخبار الرواة، ويخدم تعددهم منهجهُ في التوثيق وفي فراره من العهدة أي المسؤولية،

وغالبا ما ينهي كلامه والله أعلم، وهذا يعني عدم وصوله الى اليقين.

يعمد المؤرخون إستقصاء رويات مختلفة للحدث الواحد ثم الجمع بينهما للوصول الى رواية تقريبية مُقنعة أو ترك الرويات للقارئ ليختار بينهما.
ثم ظهر فن الجرح والتعديل لدراسة أحوال الرواة لأنه من أهم الفنون التوثيق التأريخي لأنه يدرس شخصية الراوي وسيرته بكل تفاصيلها المتوفرة قبل ان يوثقه. ولا تقتصرالدراسة على التأكد من نزاهة الراوي بل ومعرفة ما تتعرض له ذاكرته من خلل ناتج عن مرض أو شيخوخة.


T

بإنجازاته وإساءاته.***
في هذه الإطلالة الموجزة، يمكن ان نقول ان كتابة التاريخ من أعقد
وأصعب المُهمات للمعنيين بتوثيق الحوادث والاحداث لتاريخ الانسان عبر وجوده على الارض.

فالتاريخ يكتبه المنتصر...ولانعرف عن المهزوم سوى ماكتبه المنتصر لأنه محى وسحق كل منجزات المهزوم،
ويحتاج كثير من الاستقصاء والبحث للوصول الى الحقيقة النسبية،
وأحياناً يحتاج تعذيب النص المكتوب لقراءة ما وراء السطور،

فعلى سبيل المثال ما ورد في التاريخ عن ( مسيلمة الكذاب)، إنه كتب نصوص تنسب له منها...الضفدعة نقي ما تنقين...نصفك في الماء ونصفك في الطين...
أي يعقل هذا ؟ كيف آمنت به قبائل شرق الجزيرة العربية ؟
ولم يستطع النبي مُحَمَد القضاء عليه وبفصاحته المعهودة،
وليس سهلا على أي رجل يدّعي النبوة ولايمتلك لغة مقنعة رصينة وفصيحة وذات صور شعرية حافلة بالجمال والمعنى،
والذي كتب عن مسيلمة هو الاسلام المنتصر، ونحلوا قصص تسئ له ، وعلاقته بسجاح التميمي، وحرفوا كل كتابته بعد قتله، ولم يتم ذلك إلا بالقضاء عليه في زمن ( أبو بكر)، ولم يستطع النبي محمد القضاء عليه.

ولو شاهدنا حادث تصادم سيارتان ونحن ثلاثة أشخاص والواقعة حدثت الان ، أَحَدَنا شاهد الحادث من الامام والأَخر من الخلف والثالث من الجانب، ونحن الثلاثة ناقلين للحدث أو رواة، فالذي شاهد الحدث من الامام يصفه بشكل مختلف عن الذي شاهده من الخلف أو الجانب، كذلك تتدخل مشاعر المشاهد وربما إنحيازه لأحد السائقين، ويفسر الحدث ما يتوافق مع أحد السائقين ويبرر له الحادث ويسقط اللوم على الأخر، والحديث هنا ليس المشاهدة النسبية من موقع الحادث، وإنما قراءة وتعاطف الناقل أو الراوي لإحد الطرفين، وهذا الحادث وقع الان وسينقل ويؤرخ وعلينا إعتماد أحد الرواه، والافضل هو نقل الروايات الثلاثة للفرار من العهدة(المسؤولية).

فتاريخ ثورة 14تموز وزعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم ، كتب عنها عشرات الكتب والبحوث، منها من أعداء الزعيم ومنها من أنصاره ، والقليل من المحايدين، رغم ان هناك بعض الشهود أحياء، رغم ذلك فهناك بون شاسع في الرؤى والتحليل والتقييم ولم يمضي على ثورة 14 تموز أكثر من نصف قرن. إذن كيف علينا تَبَني أحداث تاريخية كبرى على إنها يقين.

ولابدّ ان نذكر القول المأثور( أصدق الكذب شهودهُ أموات)
ولذا الشهادة تكون مجروحة إذا كان شهودها أموات.

وفي دراسة سابقة للمفكر الراحل هادي العلوي لنهج البلاغة ، وهناك تحقيقات كثيرة لنهج البلاغة أهمها ...إبن أبي الحديد المعتزلي...و محمد عبدة،
يشكك هادي العلوي في خطب الامام علي ولا يشكك في الرسائل، فالرسائل كانت مكتوبة على جريد النخيل وهي موثقة، ويصفها كانت كثيرة ويحملها عدد كبير من الجمال،

أما الخطب فكانت تنقل شفاهيا، فمثلا كان الامام علي في حالة حرب كمعركة الجمل...
هل يصح أن يخطب خطبة وعظية في المسجد وهو في حالة حرب !
هل يصح ان يتحدث عن الزكاة والصلاة والأمر بالمعروف وهو سيحارب بعد صلاة الفجر،
والعكس صحيح ، وهل يصح وهو في حالة سلام وإسترخاء وهي فترات قصيرة في حياة حكم الامام علي،

يخطب الامام خطبة تحريضية !

أَيعقل الامام وهو في حالة سلم وهدوء وإسترخاء يخطب ويحث على القتال!
هذا ما ورد في خطب الامام علي ومافيها من تناقض بين وقت الخطبة والحالة التي كانو بها بين السلم والحرب.

وأنا أتفق مع المفكر الراحل هادي العلوي في التحليل المنطقي للحدث، وهذا ينطبق على كثير من الاحداث التاريخية التي لا تتوائم مع المنطق.****

فالمؤرخ صاحب مهنة معقدة وشائكة لايحسد عليها، وعليه دراسة تاريخ الناقل أو الراوي وسلوكه وصدقه وإنتماءه لأي جهة أو فرقة أودين أوحزب، والتغيرات الكبرى في حياة الشعوب،
وتبقى كتابة التاريخ مهمة عصيّة التفكك للوصول الى اليقين.


*طه باقر حياته وآثاره د.فوزي رشيد ـ دار الشؤون الثقافية العامةـ طبعة الاولى سنة 1987ــ ص 42
** مفهوم التاريخ عند ماركس ــ عزيز اللغميش ـ المغرب ـ دنيا الرأي ــ 12/5/2006
***محطات في التاريخ والتراث ــ هادي العلوي ــ دار الطليعة الجديدة ـ الطبعة الاولى ـ ص 4,8,12,20 ـ 1997

**** حادث وجمعه حوادث... وهي تخص الواقعة الصغيرة أو الفردية
حدث وجمعه أحداث...وهي متعلقة بالوقائع الكبرى كالحروب والاوبئة والزلازل والثورات وغيرها.



#أحمد_السيد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تنفذ وصية المفكر الراحل هادي العلوي...بالحرق بعد ال ...
- ضوء على دراسة د. علي الوردي... في طبيعة المجتمع العراقي
- خياط الفرفوري...أحد المهن الشعبية التي إندثرت
- مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان تالعراق 2
- إجابات حول إستفهامات...العزيز إبراهيم البهرزي
- مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان العراق 1
- بعقوبة...وتوضيحات من القرّاء
- بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية2
- الصحاف أحد رموز الاغتيال في المنظمة السرية
- بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية
- مدينة بعقوبة وجزء من تفاصيلها
- هروب من أمن الاعظمية
- عمالة الأطفال والأعتداء الجنسي والجسدي والنفسي عليهم...وصمة ...
- قتل المثليين في العراق
- ومضات مع الشاعر الشهيد خليل المعاضيدي
- حتى حكومتنا الأخيرة إغتالت ثورة 14 تموز
- ماذا بعد فينوغراد ؟
- لا شيء تحت الشعار .. كالعادة
- أزمة زعامة
- الدين وإشكالية الشر عند إخوان الصفاء


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد السيد علي - محاولة لفهم كتابة التاريخ