|
العنكبوت .. قصة قصيرة
كريم عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 23:33
المحور:
الادب والفن
" اقتربي منى يا حبيبتي .. فهذا البيت الحريري صنعته من أجلك .. لكِ وحدكِ دون منازع .. سأجعلك أميرة و ربة هذا البيت .. سأحبك حباً لم و لن تجديه مع غيري .. فأنا لست مثل باقي من عشقتيهم ." قال لها تلك الكلمات بنعومة بالغة .
تنساق الفراشة مغيبة الوعى خلفه .. يجرها بخيط رفيع جداً ناعم الملمس و خيط أخر غير مرئي يخرج مع كلماته الساحرة حتى وصلا الإثنان لبيته الحريري .. تلقي نفسها داخل البيت .. يرفرف جناحيها من السعادة .
" أخرجي يا مجنونة .. ماذا تفعلين .. ألا تبصرين أين أنتِ ؟ " هكذا صاحت صديقاتها و لكنها أجابت عليهم " نعم أري البيت الحريري الناعم .. أنه يحبني .. يمطرني بكلمات الحب و العشق التى حُرمت منها . "
يقرب منها يأخذها بين أذرعه الثمانية يلفها بخيوط من حرير .. تزداد فرحتها و يقترب من جسدها تشعر بوخزة طفيفة يتبعها إحساس بالخدر يسري بجسدها .. تتقزز من شكل أذرعه الثمانية .. و لكنها تتغاضى عن هذا .. تغمض عينها عنه محاولة الاستمتاع بما لديها من مشاعر .
تصرخ صديقاتها " ألا تفهمين ما يحدث لك .. إنك مُقيدة .. لستِ حرة .. أنتِ واهمة بالسعادة " تجيب الفراشة " نعم لست قادرة على تحريك زراعي .. أشعر أيضا بلزوجة من حولي و لكن .. و لكنه يحبني ."
يصيح بها العنكبوت " ابتعدي عن هؤلاء الأشرار أنهم حاقدون عليكي يغيرون منك .. إهتمامكِ بهم يُنقص إهتمامكِ بي و أنا لا أريد أن ينشغل عقلك بغيري " تجيب عليه حائرة " إنهم أصدقائي و لو ابتعدت عنهم سأصير وحيدة و ستكون الحياة صعبة " يقترب منها يضمها إليه يعيد نسج خيوطه حولها " أنتِ أميرتي الوحيدة في بيتي الحريري .. اذا أردتي أن تتحدثي فلتتحدثي معي أنا فأنا كل شيء لكِ و أنت كل شيء لي " تجيب متسائلة " و لكن لديك الكثير من الأصدقاء لماذا إذا تريد أن تجعلني وحيدة ؟ " يجيبها بحدة "أصدقائي ليسوا مثل أصدقائك " و يقترب منها أكثر و تغمض الفراشة عيناها و تشعر بالوخز و لكنها لا تتمرد .. فقط تتلوى بين أذرعه الثمانية .
و تمر الأيام .. و تذبل الفراشة و تصاب بالوهن و الحزن و الإكتئاب و الوحدة القاتلة .. لم يعد هناك أصدقاء لها .. لم يعد هذا البيت الحريري مكان للراحة كما كانت تتخيل في البداية .. أصبح تعامله معها سيء جداً و كثيراُ ما أهانها و جرحها بكلماته و لكنها كانت تصفح و تنسى و تسامح .. و يعيد نسج خيوطه من حولها من جديد .. و لكنها سأمت كل هذا حتى أنها لم تعد تشعر بالسعادة في كل مرة ينسج خيوطه من حولها .. حتى قررت أن تقطع تلك الخيوط الحريرية و تخرج من هذا البيت .. و جدت صعوبة في البداية و لكنها فعلت .
لم تستطع الطيران بعد خروجها من البيت كسابق عهدها .. فقد وهن جناحاها و لم يستطيعا أن يحملاها لتحلق في الهواء .. إكتشفت أنها لم تخرج من هذا البيت سليمة .. بل يملأها الكثير و الكثير من الجروح .. و رغم كل هذا إلا أنها لم تستطع الصمود بعيداً عنه لفترة طويلة .. وجدت الحنين يجرفها مرة ثانية له و لبيته الحريري .. قررت أن تعود مرة ثانية إليه .
من بعيد تمشي نحو البيت الحريري تجر آلامها ووهنها .. ترفع رأسها لتنظر للبيت الذي نامت به شهوراً طويلة .. و كانت المفاجأة التي صدمتها و شلتها عن الحركة حيث وجدت فراشات كثيرة هناك ملفوفات بالحرير نائمات معلقات غائبات عن الوعي مثلما كانت هي هناك .. سابحات في الإحساس الزائف باللذة و النشوة و الخدر .. و وجدته هناك .. يلف إحداهن بأذرعه الثمانية يقص عليها تلك الكلمات التي كان يقولها لها دائماً " اقتربي منى يا حبيبتي .. فهذا البيت الحريري صنعته من أجلك .. لكِ وحدكِ دون منازع .. سأجعلك أميرة و ربة هذا البيت .. سأحبك حباً لم و لن تجديه مع غيري .. فأنا لست مثل باقي من عشقتيهم ."
http://kareemazmy.blogspot.com/2010/01/blog-post_12.html
#كريم_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العجوز .. قصة قصيرة
-
كتاب لن يعود .. كريم عزمي
-
إقتراح لحل مشكلة المدارس و الإنفلونزا
-
حتى يدوم الحب
-
كش ملك
-
أنا و لعبة الحياة
-
الخروج عن النص
-
القضاء على الشعب المصري
-
لن يعود .. قصة قصيرة
-
هاكاتاه .. قصيدة
-
قُبلة .. قصة قصيرة
-
تمنيت أن أعيش في الهواء
-
أدم و الشجرة المُحرمة
-
ليلتها الأخيرة .. قصة قصيرة
-
دِول العالم النائم
-
تاريخ حركة الدفاع عن حقوق المثليين
-
إخناتون و سمات الرجولة
-
حبك داخلي أبداً لن يموت
-
اللقاء الثاني .. قصة قصيرة
-
لما أكبر هتغير !!!
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|