كريم عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 2226 - 2008 / 3 / 20 - 05:32
المحور:
الادب والفن
كانا متشابهان في كل شيء جمع بينهم المكان و الزمان و الحب فربط بينهم رباط مقدس . إنهم هذان الماجين الموجودين في تلك الصورة . بعدما تم استيرادها من بلاد بعيدة و بعد إخراجهم من ذلك الورق المخصص لحمايتهم من الكسر تم وضعهم سويا فوق احدي الأرفف في محل لبيع الهدايا التذكارية
كان كل منهم يجد نفسه في الأخر و تحدثا سويا عن كل شيء عن حبهم و عن حياتهم الحالية و قد تطرق الحديث إلى الحياة المستقبلية . و قد كان المج الأول أكثر واقعية حيث انه يدرك أبعاد حياته و انه لم يوضع هنا فوق ذلك الرف لنهاية العمر و إنما وضع حتى يختاره احد زوار هذا المكان و من ثم سوف ينتقل إلى عالم أخر و حياة أخري . و قد كان كل ما يخشاه هو الفراق . كم أحب صديقه الذي جمعت بينهم أحب لحظات حياته
و لكن المج الثاني كان أكثر رومانسية و أكثر خيالا و حاول كثيرا أن يتخيل حياة مستقبلية رائعة مع حبيبيه و أنهم سوف ينتقلون سويا إلى مكان أخر و يحيى سويا و تستمر قصة حبهم إلى الأبد و لكن على الرغم من أن المج الأول كان يتمنى هذا إلا انه كان يدرك أن نسبة حدوث هذا ضئيلة جدا
كان يحيى الماجيين في توتر دائم و خصوصا عندما يمتلىء المكان بالأشخاص و كان ينتابهم القلق عندما ينظر احد الرواد إليهم و مع هذا فقد كان الليل هو اسعد أوقاتهم حيث يغلق المكان و لا يكون هناك أي داعي للقلق و ينعما سويا بأوقات جميلة يتكلموا و يضحكوا و يتسامروا حتى يأتي اليوم التالي و لكن دوام الحال من المحال
ففي يوم من الأيام و كان رواد المكان كثيرون و إذا بشاب جميل يتجه نحوهم و يمد الشاب يده إلى المج الأول و يأخذه من فوق الرف و انتفض قلب المج الأول و كذلك قلب المج الثاني الذي ما زال فوق الرف و اخذ الاثنان ينظران لبعضهم و قلوبهم تنتفض خوفا و رعبا , أهذه لحظة الفراق
" لا لا اتركني أرجوك اتركني بجوار حبيبي " اخذ يصيح المج الأول محدثا الشاب
" أرجوك أرجوك خذني معك خذني مع حبيبي " هكذا صاح المج الثاني موجها كلامه للشاب , و لكن هيهات كيف له أن يسمعهم الشاب أو يفهم لغتهم , و بدأت دموعهما تنهار
و بعدما ابدي الشاب استحسانه و إعجابه بهذا المج , إذا به يمد يده مرة أخري و يأخذ المج الثاني , شيء لم يتوقعه الحبيبين , و ذهب الشاب إلي البائع و دفع ثمنهم ووضعهم البائع في حقيبة و أعطاها للشاب و مضى
لا يمكن لأحد أن يصف كم السعادة التي كان يشعر بها الحبيبين و هما يرقدان سويا في حقيبة واحدة , فما اشد الفرحة حينما تأتي في وقت الحزن , حيث انقلب حزنهما إلى فرح , سوف ينتقلان الحبيبين إلى مكان واحد سوف يعيشان سويا إلى الأبد
و عندما عاد الشاب إلى بيته اخرج الماجيين من الحقيبة ووضعهما فوق المكتب , تبادل الحبيبين بعض الحوار عن مدى سعادتهم و أن المج الثاني كان عنده كل الحق و أنهم سوف يعيشون سويا للأبد و لن يفرق بينهم شيء
و لكن ف اليوم الثاني استعد الشاب للخروج و إذا به يمد يده و يأخذ المج الثاني و يضعه في حقيبة مستقلة , و مضى . " ما هذا ؟؟" خدني معك ماذا يحدث ؟؟ " هكذا اخذ يصرخ المج الأول و غادر الشاب البيت تاركا المج الأول يبكي و كذالك المج الثاني يبكي في الحقيبة التي في يديه
قابل الشاب صديق له و اخذ الحوار يدور بينهم في مجالات كثيرة حتى اخرج الشاب المج الثاني من الحقيبة و أعطاه لصديقه , ما زال المج يبكي , قال الصديق " انه حقا رائع و شكله جميل " . قال له الشاب " انه لك , هدية مني لك حتى تتذكرني دائما و أنا أيضا أحضرت لي مج نفس الشكل و لم استخدمه حتى الآن "
فرح الصديق جدا بهذه الفكرة و قال له " إذا فلنستخدمهم سويا في نفس التوقيت , فلنجعل هذا بعدما يعود كل منا إلى بيته و نتقابل على النت " قال الشاب " نعم هذا ما فكرت به و لهذا أحضرت لك أيضا كيس كوفي ميكس كي نتناول سويا نفس المشروب في نفس الوقت و في نفس المج "
قال الصديق " واااو إنها فكرة رائعة , انك رائع جدا , صديقي أنا حقا احبك " و لولا أنهما يسيران في الشارع لطبع الصديق قبلة فوق خد الشاب تعبيرا عن سعادته و حبه لصديقه
كان المج الثاني يستمع الى الصديقين بلهفة و سعادة , فالآن قد أدرك المج الثاني أنهما حبيبين إن الشاب يحب صديقه كما هو يحب المج الأول , إذا فهناك أمل للقاء مع حبيبه مرة ثانية , تمنى لو كان يستطيع أن يخبر حبيبه عن حقيقة الموقف حتى يهدأ قليلا و يقل حزنه الذي أكيد ملاء قلبه بعد فراقه عنه
عاد الشاب إلي بيته و دخل حجرته و نظر المج الأول إلى الشاب و إلى يده ربما حبيبه ما زال معه و لكنه وجد يديه فارغتين . إذا فقد رحل المج الثاني و صار وحيدا , أراد المج أن يسال الشاب عن مصير حبيبه و لكنه يعرف انه لن يحصل على إيجابه
و جلس الشاب على جهاز الحاسب و بعد قليل قام من مكانه و اخذ المج إلى المطبخ و غسله جيدا و وضع به أشياء لا يعرفها لا يعرفها المج و بعد قليل صب داخله ماء ساخن , كان يشعر المج باستغراب و لكن هذا الشيء طعمه لذيذ , بعد ذلك اخذه الشاب و عاد به إلى حجرته ووضعه أمام الحاسب و بعد قليل رفعه الشاب و اخذ يتكلم " ها هو الكوفي ميكس الذي أعددته في المج " و نظر المج إلى شاشة الحاسب ووجد حبيبه هناك هو أيضا يلوح له و سمع صوت أخر " و ها هو فنجاني أنا أيضا "
كان المج الأول سعيد جدا أن رأى حبيبه مرة أخرى , صحيح هو ليس معه و لكنه فهم من حوار الشاب و صديقه أنهم يعيشون الآن كل منهما في مكان و لكنهم يحيون على أمل اللقاء الثاني و يحلمون أن يعيشا سويا , و تمنى الماجيين نفس أمنية الشابين أن يجمعهما مكان واحد ليعيشوا سويا للآبد
#كريم_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟