أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟















المزيد.....

كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 23:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع تصاعد وتيرة الأحداث الطائفية المتكررة منذ الخانكة‮ ‬1972‮ ‬وحتي نجع حمادي‮ ‬2010،‮ ‬أصبح السؤال هو‮ : ‬ما السبيل إلي منع تكرار هذه الأحداث الطائفية المؤسفة مرة أخري،‮ ‬والتي أصبحت تهدد التماسك الاجتماعي في مصر في العمق ؟‮ ‬

لقد عمدت المؤسسة الدينية من خلال‮ (‬دور العبادة والتعليم والإعلام‮) ‬منذ السبعينيات من القرن العشرين إلي‮ ‬تديين‮ ‬كل شيء في المجتمع المصري،‮ ‬عن طريق تحويل‮ ‬أنصاف الاعتقادات‮ ‬عند الناس إلي‮ ‬اعتقادات تامة‮‬،‮ ‬ومن ثم صار الميل إلي تطبيق التصورات الدينية،‮ ‬في جميع الأوقات وعلي كل الأشياء،‮ ‬مظهراً‮ ‬عميقاً‮ ‬لحياة التدين والقداسة‮.

‬ علي أن هذا الميل نفسه‮ ‬،‮ ‬بصفته ظاهرة ثقافية،‮ ‬انطوي علي أخطار لا حصر لها،‮ ‬نظراً‮ ‬لان الدين ينفذ في داخل كل ما في الحياة من علاقات،‮ ‬ما يعني مزجا متواصلا لمضماري المقدس والمدنس،‮ ‬بحيث أن الأشياء المقدسة أصبحت أكثر انتشاراً‮ ‬من أن تدرك وتحس بعمق‮. ‬ويدل التنامي الذي لا حد له للمحرمات والتابوهات وانتشار الفتاوي والتفسيرات الدينية علي زيادة في‮ ‬الكم‮ ‬علي حساب‮ ‬الكيف‮ ‬نفسه‮ ‬،‮ ‬وهو ما جعل الدين مثقلاً‮ ‬أكثر مما ينبغي‮ ‬،‮ ‬بينما تراجعت القيم الأخلاقية‮ - ‬بشهادة الجميع‮ - ‬إلي أدني مستوي لها‮ .

‬ وكما حدث الانفصال بين ممارسة العبادات والواقع المعاش،‮ ‬تحور فيروس‮ ‬التفكيك‮ ‬وأصاب العلاقة بين النص الديني نفسه والواقع اليومي أيضا،‮ ‬وهي معضلة تجسدها درجة الإقبال المحموم علي الالتزام الديني الشكلي من طقوس وشعائر في مختلف مظاهر الحياة اليومية،‮ ‬مقابل زيادة جرائم الشرف والتحرش والاغتصاب،‮ ‬ناهيك عن الممارسات اللا أخلاقية التي تنتهك كرامة المواطن المصري يومياً‮ ‬كالرشوة والاحتكار والمحسوبية وغياب المسئولية وضياع المهنية والكفاءة‮ .‬

وسط هذا المناخ المشبع بالحساسية الدينية أو قل الهوس الديني،‮ ‬ينعدم التمييز بين التقوي الحقة والمظاهر الدينية‮ ‬،‮ ‬بين الأشياء الروحية والأشياء الزمنية‮ ‬،‮ ‬فإن أمكن رفع جميع تفاصيل الحياة اليومية‮ "‬العادية‮" ‬إلي مستوي‮ (‬مقدس‮)‬،‮ ‬فإن كل ما هو‮ (‬مقدس‮) ‬وبالقدر نفسه يغوص منحدراً‮ ‬الي مستوي الأشياء العادية،‮ ‬بحكم اختلاطه بالحياة اليومية‮ .

‬وكأن الخط الفاصل بين الأشياء الروحية والزمنية يكاد ينعدم‮ ‬،‮ ‬وعندئذ تختلط شهوة الاستشهاد والشهادة بشهوة سفك الدماء‮ ‬،‮ ‬وتصبح الجماهير لديها قابلية شديدة للثوران فجأة‮ ‬،‮ ‬إلي درجة لا مثيل لها من الانفعال الديني‮ ‬،‮ ‬تلبية لكلمة متحمسة تصدر عن واعظ هنا‮ ‬،‮ ‬أو إشاعة مغرضة من خطيب هناك‮ ‬،‮ ‬وهو ما حدث ويحدث مع كل فتنة طائفية في مصر‮ .‬

ما يحدث اليوم‮ ‬،‮ ‬وعلي جميع الأصعدة‮ ‬،‮ ‬داخل المجتمع المصري‮ ‬،‮ ‬يؤكد أن‮ ‬الانتماءات ما قبل الوطنية‮ ‬هي التي تسعي إلي فرض علاقتها بالدولة‮ ‬،‮ ‬وهو ما يهدد ما بقي من كيان الدولة الوطنية في الصميم‮ ‬،‮ ‬ليس علي مستوي الانتماء الديني فقط،‮ ‬لأن الجسد الاجتماعي المصري يعاني من أعراض فيروس‮ " ‬التفكيك‮ " ‬الذي أصبح قابلا للتحور دائما‮ ‬،‮ ‬علي أكثر من صعيد‮ . ‬

المشكلة الأساسية التي تواجهنا بعد قرنين كاملين،‮ ‬من تأسيس الدولة المدنية الحديثة علي أيدي محمد علي‮ ‬،‮ ‬هو أننا لم نحسم التساؤل الجوهري حول طبيعة هذه الدولة في عصر العولمة وما بعد الحداثة السياسية‮ ‬،‮ ‬وما زلنا حائرين في ماهية تلك الدولة وهل هي حقا مدنية،‮ ‬أم دينية‮. ‬وحين يتوه الجميع في دوامة خلط المفاهيم يصبح المخرج الوحيد هو‮: " ‬دولة مدنية ذات مرجعية دينية‮ "‬،‮ ‬أو دولة دينية ذات‮ ‬غلاف مدني‮ . ‬وفي كل الأحوال تنتعش المؤسسة الدينية في مصر‮ ‬،‮ ‬وتلعب أدواراً‮ ‬مركبة ومتعددة في الحياة العامة،‮ ‬وتتدخل بدرجات متفاوتة في العمل السياسي العام‮ ‬،‮ ‬وتدلي بدلوها‮ ‬،‮ ‬عبر الفتاوي والعظات العامة في أمور مدنية بحتة‮ .‬

هذه الحالة الفريدة التي هي أقرب إلي‮ ‬دولة شبه مدنية‮ ‬أو بالأحري‮ ‬دولة شبه دينية‮ ‬،‮ ‬لا تحافظ علي‮ ‬العقد‮ ‬الاجتماعي بالمعني الحديث وإنما‮ ‬تمزقه‮‬،‮ ‬فما نعايشه اليوم في المجتمع المصري هو حالة من‮ (‬الفوضي القدرية‮) ‬،‮ ‬تتمثل في تجاور كيانات منفصلة ومنعزلة في مطلع الألفية الثالثة‮ ‬،‮ ‬وهي تنتمي ثقافيا واجتماعيا إلي عصور شديدة التباين والاختلاف‮ ‬،‮ ‬بعضها ينتمي إلي العصر الجاهلي وبعضها الآخر ينتمي إلي الحداثة المشوة والبعض الثالث ينتمي إلي ما بعد الحداثة المنقوصة‮ ‬،‮ ‬وهذه الفوضي القدرية بحاجة ملحة إلي مشروع سياسي وطني عاجل‮ ‬،‮ ‬وعقد اجتماعي جديد ينظم التعايش وليس‮ (‬التجاور‮) ‬،‮ ‬ويقوم علي مبادئ التسامح والديمقراطية الليبرالية‮ ‬،‮ ‬والاحترام المتبادل بين المختلفين دينيا وسياسيا وفكريا،‮ ‬الذين يشكلون نسيجا واحدا،‮ ‬ويعيشون في وطن واحد‮.‬






#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن والحكمة الذهبية
- الكرامة
- كراهية الغرب
- التسامح في الأديان ، وبينها
- خان الخليلي
- وجها لوجه وليس كتفا بكتف
- أطياف دريدا بالبحرين
- حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
- يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !
- النووي ، إلي أين يتجه بالمنطقة ؟
- جريمة إبراهيم عيسي !
- تحديات الليبرالية في العالم العربي
- هل بدأت الألفية الثالثة عام 1968 ؟
- تديين الشرق الأوسط .. إلي أين ؟
- الشخصية المصرية المعاصرة
- آليات الشخصية المصرية
- للصبر حدود .. وللتسامح أيضا
- الفوضي أم الاستبداد ، قدر المنطقة ؟
- الجغرافيا بين السياسة والثقافة
- شهادة المرأة في حقوق الإنسان


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟