أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - أسئلة الإسلام الصعبة













المزيد.....

أسئلة الإسلام الصعبة


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 22:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يسود في أوساط المسلمين خطاب مفاده أن الإسلام بريء من كل ما ينعت به من نعوت سلبية مصدرها في اعتقادهم موجة "الإسلاموفوبيا" المنتشرة في الغرب بعد الأحداث الإرهابية التي كانت العديد من البلدان الغربية مسرحا لها، و مضمون هذا الخطاب هو أن الإسلام دين "وسطي متسامح" يتضمن كل القيم التي تعتبر اليوم قيما نبيلة و إنسانية، و أن الذين ينعتونه بتلك النعوت للنيل منه هم أشخاص ليس لهم إلمام بالإسلام و تعاليمه، و إنما وقعوا ضحية الدعاية المغرضة و التشويش المقصود. غير أن سلوكات المسلمين و أساليب تعاملهم فيما بينهم و مع غيرهم ـ و هي سلوكات لا يفصلونها عن مرجعيتهم الدينية ـ تثير العديد من الأسئلة التي نرتبها على الشكل التالي:
1) إذا كان الإسلام دينا بريئا من كل النعوت السلبية و ليس فيه مشكل في حدّ ذاته، فأين يكمن المشكل إذن، ما دام المسلمون يبررون كل مشاكلهم مع العالم و مع بعضهم البعض و كل أخطائهم انطلاقا من الدين و من نصوصه ؟
2) إذا كان المشكل في المسلمين و ليس في الإسلام ذاته، فهل المقصود هم فقط مسلمو اليوم أو المسلمين منذ بداية الإسلام، لأن اللحظات التي تصور على أنها "عصر ذهبي" للإسلام و التي هي مرحلة النبوة و الخلفاء الراشدين كانت أيضا مرحلة حروب فظيعة و اقتتال شنيع و أحداث مهولة و لم تكن مرحلة سلم و حضارة و ازدهار. بل إن الحضارة لن تبدأ إلا خلال القرن الثاني الهجري بعد أن تمّ نقل التراث الإغريقي و اللاتيني و السرياني إلى العربية و هضمه بالتدريج، و التفاعل مع الحضارات الفارسية و الهندية و اليونانية و اللاتينية. إذا كان المشكل في المسلمين و ليس في الإسلام فلماذا نقدس أشخاصا أخطأوا منذ أربعة عشر قرنا و ما زلنا نجني اليوم نتائج أخطائهم ؟
3) إذا قام بعض المسلمين بالدفاع عن دينهم باستحضار نصوص ذات مضامين إيجابية، فإنّ بعضهم الآخر يرتكب الأخطاء الشنيعة اعتمادا على نصوص أخرى هي أيضا من القرآن و السنة، مما يطرح مشكل التعارض الصريح الموجود بين نصوص الدين الإسلامي ، و الإرتباك في استعمالها، و هي تناقضات إن كان المسلمون يبتلعونها صامتين باللجوء إلى ألاعيب "الناسخ" و "المنسوخ" و "الضعيف" و "الصحيح" فإن باقي العالم لا يمكن له القبول بالتناقضات التي لا يستسيغها العقل السليم. ذلك أن القرآن إن كان يضم نصوصا منسوخة و متجاوزة منذ 1400 سنة باعتراف الفقهاء أنفسهم فلماذا ظلت هذه النصوص موجودة ضمن الكتاب تحفظ و تروى و تشرح حتى الآن ؟ ألا يعني هذا في العمق أنها ليست "منسوخة" و أن من حق بعض المسلمين اعتبارها مرجعية لهم و اعتمادها في سلوكاتهم ؟ ما هو الموقف الواضح و الصريح من النصوص التي تستعمل في الإرهاب و إيذاء الناس و الإضرار بمصالحهم ؟ و لماذا يطالعك المسلم بالآيات الإيجابية و يخفي غيرها عندما يكون في وضعية دفاع، ثم يفاجئك بعد ذلك بنصوص إرهابية المحتوى بمجرد ما يصبح في حالة قوة ؟
4) يعتقد جلّ المسلمين بأن الإسلام "صالح لكل زمان و مكان"، و هم يقصدون بذلك إمكان تطبيق نصوصه و شرائعه في الواقع العيني المشخص في عصرنا هذا و في المجتمعات الحالية، و كأن الزمن لم يكن، و كأن الحضارات لم تتعاقب و تنبن على أنقاض بعضها البعض على مدى قرون طويلة، و كأن أحداثا هائلة و مزلزلة لم تحدث، و كأن الإنسان لم يقم بثورات قلبت معارفه رأسا على عقب و جعلته يعي وجوده و وجود العالم بشكل مختلف لا نظير له في التاريخ و لا علاقة له بما كانت تقوله الأساطير و الديانات المختلفة، فهل يمكن للمسلمين أن يبدعوا في الحضارة الحالية و يضيفوا إليها شيئا جديدا إذا ظلوا يعتقدون حقا بأنّ دينهم كما هو و كما فهمه السلف ما زال صالحا لكل شيء في الوقت الراهن ؟ هل يمكن لأي دين في عالم اليوم أن يزعم بأنه "صالح" لكل شيء و في كل شيء ، إلا إن كان أهله يعانون من مشاكل نفسية و عقلية خطيرة ؟ هل يمكن لأي دين أن يتجاوز اليوم حدود الإشباع الروحي و الإعتقاد الباطني الشخصي و الفردي دون أن يكون مصدر ضرر بالغ و إزعاج للبشرية و إهانة لذكائها ؟
5) يريد بعض المسلمين استعمال الدين في الحياة السياسية كمرجعية شمولية و كأحكام و مضامين أخلاقية و شرائعية و عقدية و ككل غير قابل للتجزيء، و يريدون في نفس الوقت ألا يكون هذا الدين مثارا لأي نقد أو تقييم أو معارضة، يُرشحون الدين لأن يمارس وظائف سياسية في الدولة، و لا يقبلون في الآن نفسه أن يُنتقد في مضامينه و نصوصه التي يراد "تطبيقها" على الناس في حياتهم العامة و الخاصة، و ذلك بزعم أنها نصوص "قطعية" "متعالية" و "سماوية" المصدر، فهل يمكن استعمال شيء ما كأداة في السياسة دون تعريضه للنقد ؟ هل يوجد في عالم السياسة شيء ما مهما كان، يمكن اعتباره مقدسا و متعاليا على النقد ؟ ألا يعني ذلك تكرار أخطاء البشرية منذ فجر التاريخ ببناء الدولة على أسس عقائدية استبدادية لا يمكن أن تجمع بين كافة أعضائها مهما بلغت من عنف و غلبة ؟
6) بعتبر المسلمون دينهم أفضل الأديان و أصحّها على الإطلاق، و يعتبرون ديانات غيرهم خرافية و منحرفة و لا عقلانية، يقدسون الأنبياء الذين ذكرهم القرآن بتمجيد و تشريف و يؤمنون بمعجزاتهم الخارقة للطبيعة، و لكنهم يقفون موقف الكره و النفور من الأقوام التي اتبعت ديانات هؤلاء الأنبياء، باعتبارهم منحرفين عن هدي أنبيائهم الذي أصبح يتجسد في الإسلام، الدين الذي ظل وحده وفيا لمبدإ التوحيد الصحيح من عهد إبراهيم، و هم يتشبثون بهذه المواقف العدائية من منطلق قرآني حيث يعتبرون أن ذلك ما جاء به القرآن و لا يمكن تكذيبه، هل يمكن لقوم هذا اعتقادهم أن يكونوا في سلام مع العالم ؟ كيف يمكن للمسلمين أن يحاوروا غيرهم و هم المهتدون و غيرهم في ضلالة ؟ يقتضي الحوار الندّية و الإحترام المتبادل، و الحال أن المسلمين لا يحترمون غيرهم و لا يعتبرون أنفسهم مساوين لغيرهم، إذ هم الأفضل و الأطهر و الأهدى و غيرهم بشر من الدرجة الثانية، حتى و لو كان البشر الآخرون في غاية التقدم و الرقي و كان المسلمون في الحضيض الأسفل من التخلف، لأنّ الإعتقاد هو أساس المفاضلة بين البشر عند المسلمين و ليس الإنتاج و الإبداع والحضارة ، و لا مجال عندهم للحديث عن المساواة التامة بين بني الإنسان من منطلق إنسانيتهم وحدها بغض النظر عن الدين و العقيدة.
هذه بعض ملامح المعضلة التي يعيشها المسلمون و يلحّون على البقاء فيها مع سبق الإصرار، و لا نرى من حلّ لها إلا أن تتوفر لهم الشجاعة التي توفرت لغيرهم في النقد الذاتي الذي ينبغي أن يمرّ عبر اعترافين اثنين لا مناص منهما:
1) اعتراف المسلمين بأنهم متخلفون، و أن غيرهم من الأقوام المتقدمة تعيش حياة أفضل على شتى الأصعدة.
2) الإعتراف بأن المشكل ليس في المسلمين فقط بل يكمن في صميم الدين الإسلامي و بين ثنايا نصوصه، و أن عليهم إعادة القراءة و التمحيص و التفسير و التأويل من أجل التخلص من النصوص المتجاوزة و الخروج من عنق الزجاجة إلى العالم الرحب، و هو مجهود لا يبدو أن لدى المسلمين لا القدرة و لا شجاعة القيام به في الوقت الراهن. و الذين يتجرأون على القيام به من الفقهاء المجتهدين و المفكرين الإسلاميين المتنورين يتعرضون لوابل من الشتائم و التعنيف الشرس من أجل إرجاعهم إلى ما وراء الخطوط الحمراء التي رسمها العقل السلفي و حلفاؤه في السلطة ...



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول استنكار بيع الخمور بالمغرب
- في أنّ دين الدولة مفروض و ليس اختيارا حرا (على هامش اعتقال م ...
- ما لا يفهمه المسلمون (على هامش النقاش الدائر بسويسرا)
- الصحافة و التحريض بصدد الكرة بين مصر و الجزائر
- مزيدا من المساجد للفقراء و المهمشين
- الحرية للصحف قبل المسؤولية
- القذافي و الأمازيغ
- هل الرابطة الدينية هي أساس الوحدة بين المغاربة ؟
- هل المغاربة -كلهم مسلمون- ؟
- رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من م ...
- -أخلاق- رمضان
- العنصرية بين العرب و إسرائيل
- أزمة الثقة في المؤسسات
- مهازل الخلط بين العلم و الدين
- حول ما سمّي -الظهير البربري- في الكتاب المدرسي، على هامش الح ...
- ملاحظات حول الكتاب الأخير لمرشد جماعة العدل و الإحسان
- عودة إلى موضوع التنصير و الأسلمة
- الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكا ...
- التبشير المسيحي و التبشير الإسلامي
- ملاحظات حول مفهوم -الأمن الروحي للمغاربة-


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - أسئلة الإسلام الصعبة