أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نجيب الخنيزي - الخطاب الطائفي عامل تفتيت للمجتمعات العربية














المزيد.....

الخطاب الطائفي عامل تفتيت للمجتمعات العربية


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 13:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



جل المجتمعات والبلدان العربية باتت تعيش واقعاً مريراً غير مسبوق، من حيث درجة التشظي، الاحتقان، الفرقة، الضعف، والشلل الذي يأخذ مداه (أفقيا ورأسيا) على مستوى النظم العربية الحاكمة، والشعوب والمجتمعات والنخب في الآن معا. بتنا نرى نذرا خطيرة وجدية تشي بتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، والتي هي نتاج سياسات وممارسات فاشلة للحكومات العربية وللدولة الوطنية الحديثة على مدى عقود من الزمن، كما هي نتاج وإفراز لبيئة اجتماعية - سياسية - ثقافية - اقتصادية داخلية مأزومة في المقام الأول، وهذا لا يعني إطلاقاً تغييب دور العامل الخارجي (الدولي والإقليمي)، الذي يستفيد من هذه الأوضاع، ويعمل على توظيفها وفقا لمصالحه الذاتية وأجندته واستهدافاته الإستراتيجية.
ما نشهده اليوم من تنامٍ للهياج والاحتقان الطائفي، ومن تخندقات فئوية وعصبوية، انحدرت إلى ممارسات بدائية ووحشية، كما هو الحال في العراق، حيث انفلات الغرائز، وشهوة الدم، والانتقام الأعمى، والقتل والخطف على الهوية، الذي تجاوز كل القيود والضوابط الوطنية، القومية، الدينية، الأخلاقية، والإنسانية ليس إلا مثالاً دالاً على ذلك. إنها حرب الجميع ضد الجميع وفقا لهوبز يذهب ضحيتها الشعب العراقي البائس والمطحون والمعدم، على اختلاف منحدراته الطائفية والعرقية والاجتماعية. والأمر ذاته ينطبق على الكثير من الدول والمجتمعات العربية الأخرى التي تعيش بدورها أزمة مركبة تشمل نظمها السياسية الاستبدادية، وبنيانها الاجتماعي العتيق والمتهالك، واقتصادها الريعي (غير المنتج) الطفيلي والتبعي، وأنساقها الثقافية والفكرية (السلفية) و(الأصولية) الماضوية. إزاء معاينة الأزمة المتفاقمة، وتجلياتها، اكتفت السلطات العربية (المأزومة) الحاكمة إما بالتجاهل أو الإنكار، أو من خلال إجراءات فوقية محدودة التأثير، وترقيعات شكلية أو حتى إصلاحات محدودة وجزئية. المحاولات الفاشلة للدولة العربية لترحيل، تدوير، وإدارة أزمتها ومشكلاتها المستعصية، والانسداد التاريخي/ الحضاري الذي تعيشه، لن يسفر عنه سوى إطالة أمد الأزمة وتفاقمها وبالتالي استعصاء أية حلول جدية لها. الطريف أن النظام العربي الرسمي انتفض بقضه وقضيضه، أنظمة الممانعة وأنظمة الاعتدال ، معسكر المقاومة ومعسكر السلام ، كلهم انبرى دفاعاً عن الرئيس السوداني عمر البشير (لأن الجميع في قمع شعوبهم عرب)، إزاء إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف بحقه، على أثر اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بالسودان، واعتبار قرارها بأنه يحمل مضامين وتوجها سياسيا مسبقا، وأنه يتسم بازدواجية المعايير، إذ كيف يمكن محاسبة رئيس دولة عربية له حصانته و قدسيته إزاء شعبه كمجرم حرب.
حال الاحتقان والتوتر في جل البلدان العربية وتصدر السياسات والممارسات التمييزية (الدينية، الطائفية، الإثنية، القبلية، والمناطقية) المختلفة، يكمن في ضعف وتشوه وعدم تبلور الدولة الوطنية وغياب أو ضعف الهوية الوطنية الجامعة، بسبب الفشل الذريع في التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة، وفي مقدمتها بناء الدولة الحديثة، وصياغة عقد اجتماعي يحدد العلاقة بين السلطة والشعب، ويقوم على أساس الدولة/ الأمة، والمبادئ الدستورية والقانونية، التي تستند إلى مفاهيم المواطنة المتساوية للجميع في الحقوق والواجبات، وإلى مبادئ وقيم الحرية والتعددية والعدالة بين مكونات المجتمع كافة، التي ترسخ دعائمها من خلال مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني (المستقلة) السياسية، الاجتماعية، المهنية، النقابية، الثقافية، والإعلامية، باعتبارها الفضاء والحيز المدني الواسع الذي يتجاوز الانتماءات الفرعية كافة، التي تنتعش وتنمو في ظل الاستبداد، واحتكار السلطة والثروة والقوة من قبل فئات بيروقراطية فاسدة، تستخدم وتسيس الدين وتوظف الطائفة، القبيلة، العشيرة، والمنطقة، خدمة لمصالحها الفئوية الضيقة، وعلى حساب الغالبية من أفراد ومكونات المجتمع بغض النظر عن منحدراتهم المناطقية، القبلية، والطائفية. ومن بينهم وفي مقدمتهم الناس المتضررون بصورة أشد من جراء التمييز والإقصاء والتهميش المتعدد الأوجه. في ظل تلك السياسات لا يمكن للوضع الداخلي أن يكون مستقراً وهادئاً على الدوام. يكفي تصرف أحمق بشكل متعمد، أو تصريح لمسؤول يعتبر معاديا ومنحازا لفئة على حساب فئة أخرى لاستثارة المكبوت من المشاعر، عبر ردود فعل عفوية، قد تتطور إلى مديات أبعد وأكثر خطورة، خصوصاً إذا كانت المعالجات قاصرة على الجانب والبعد الأمني، من خلال اللجوء إلى استخدام القوة والعقاب الجماعي، الذي من شأنه ترسيخ الشعور بالمظلومية، والانكفاء على الذات المجروحة، وتوسع الهوة وانعدام الثقة مع السلطة ورموزها ومكوناتها، مما يحفز آليات الممانعة والمقاومة المعاكسة، من قبل المتضررين عبر تسييس الدين والمذهب واستنهاض وتغذية الانتماءات الطائفية، المناطقية، القبلية، والإثنية المعاكسة. ضمن هذا السياق فإن البنية الطائفية/ العشائرية للسلطات الحاكمة من شأنه تحفيز الأقليات والطوائف الأخرى، على التمايز والتباين ويدفعها لتقوية هوية (عصبوية) بديلة معاكسة لجميع المنتمين لها. كما يقدم المسوغات للتدخلات والأطماع الخارجية تحت ذرائع الدفاع عن حقوق الأقليات. إزاء ذلك ينبغي التأكيد على ضرورة الارتقاء بالمسؤولية الوطنية والقومية والدينية والإنسانية، والعمل على إنهاء ومكافحة العنصرية بكل مظاهرها وتجلياتها، وخصوصاً التصدي لممارسات التمييز والشحن والاحتقان الطائفي المتصاعد، والوقوف الجدي إزاء دعاة الفتنة والاحتراب الطائفي، من الجماعات والاتجاهات كافة، وتفكيك خطابهم التدميري المتهافت، وكشف أجندتهم السياسية والأيدلوجية الخفية، وتجريمهم وتقديمهم للعدالة باعتبارهم دعاة عنصرية وفتنة، ويهددون السلم الأهلي والتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات المقبلة ومتطلبات إعادة بناء الدولة العراقية
- أحمد الشملان.. مثال المثقف العضوي
- الهوية والتنوع والمواطنة
- تقرير التنمية الإنسانية العربية.. واقع مر وأفق مسدود
- اليمن إلى أين؟
- اليوم العالمي للديمقراطية


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نجيب الخنيزي - الخطاب الطائفي عامل تفتيت للمجتمعات العربية