أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد السلام أديب - دردشة مع صديقي الاتحادي















المزيد.....

دردشة مع صديقي الاتحادي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 22:54
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


جلست أنا وصديقي الصحافي ب.م عشية أحد أيام الخريف بإحدى مقاهي وسط مدينة الرباط (مقهى بول) قبالة البرلمان، وقد كان شارع محمد الخامس شبه مطوق بقوات التدخل السريع، كما كانت المجموعات المعطلة بألبستها الملونة المتميزة تخوض مسيرات ووقفات احتجاجية، كل مجموعة منها تحتل أحد أركان الشارع، كما كانت قوات التدخل السريع تستهدف بقمعها ثلاث مجموعات فقط هي مجموعة الشعلة ومجموعة المكفوفين ومجموعة الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين.
بادرني صديقي الصحافي بقوله إنه الظلم فعلا أن تستهدف قوات التدخل السريع ثلاث مجموعات فقط وتغض الطرف عن المجموعات الأخرى، فيبدوا أن هناك محاباة لحاملي "ديزا" والدكتوراه الوطنية التي لا يعرضونها للقمع.
أجبت صديقي أنه ربما كان مخطئا فها هي مجموعة الشعلة التي يحمل أعضائها أيضا الشهادات العليا تتعرض أيضا للقمع، فربما السبب في محاباة مجموعات على حساب مجموعات أخرى هو الخطاب الذي تنتجه كل مجموعة على حدة، فبعضها يسيس ملف التشغيل والبعض الآخر يستجدي التشغيل.
أضاف صديقي، ربما أيضا أن المجموعات القديمة هي التي تتعرض أكثر للقمع مقارنة بالمجموعات الحديثة، لكن على العموم فأن المجموعات التي تحض بالحوارات مع السلطة وبالتشغيل هي التي تتعرض أكثر للقمع ويكون بينها العديد من الضحايا نساء ورجالا، والتي تصر على معاودة الاحتجاج على الرغم من أنها تعلم بإمكانية تعرضها للقمع.
لم أحاول التعقيب على ما تقدم به صديقي، بل ارتشفت قهوتي وتصفحت الجريدة التي كانت أمامي، والتي كانت تتحدث عن أن المغرب سقط بأربع درجات في سلم التنمية البشرية أي أنه أصبح مرتبا في المرتبة 130 بعدما كان يصنف سنة 2008 في المرتبة 126، فالتفتت الى صديقي لكي أستطلع رأيه حول الموضوع فوجدته على اطلاع بهذا الخبر حيث أخبرني أن الصحافة أوردت أن الوزير نزار بركة تلعثم أمام مسؤولي اللجنة الأممية لحقوق الإنسان عند مناقشة هذه المرتبة وأن عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب هو من أنقده من الورطة، وعلق على هذه الواقعة بأن الفضل يرجع إلى الفارق في السن بين نزار بركة العديم الخبرة والخبير الجواهري الذي كان مهندس سياسة التقويم الهيكلي وخوصصة المرافق العمومية في المغرب منذ صدور ما يعرف بتقرير الجواهري سنة 1977 وحمله لحقيبة وزارة المالية في بداية عقد الثمانينات حيث كان يقف في وجه معارضين أشداء من أمثال فتح الله ولعلو الاتحادي الذي كان يزلزل البرلمان آنذاك باعتراضاته على سياسات التقويم الهيكلي وعلى سياسة الخوصصة.
أعجبني تعقيب صديقي الذي يحمل في طياته تناقضات بين موقف والعلو قديما حينما كان ضد الخوصصة وحاليا حيث أصبح التلميد النجيب في هذا المجال، فأضفت إليه أن المغرب في أواسط عقد التسعينات حينما تحدث الحسن الثاني عن وجود المغرب في لحظة سكتة قلبية وأنه يجب اعتماد سياسات تقويم الإصلاحات الهيكلة المعتمدة منذ بداية عقد الثمانينات كان المغرب يصنف في المرتبة 123 في سلم التنمية البشرية وأن مسلسل ما يعرف بالتناوب المخزني قام على أساس الانتقادات القوية للاتحاد الاشتراكي للأداء الاقتصادي والسياسي للحكومات السابقة التي دفعت بالمغرب الى هذه المرتبة المتأخرة، وقد خلقت عملية التناوب وهما كبيرا لدى الرأي العام الوطني كما حدث بالنسبة لوهم بترول تالسينت، وكان يدافع على أن واقع المغرب سيتحسن ويتطور في طريق الدمقرطة وتخليق الحياة السياسية والتنمية الاقتصادية التي ربما ستخفف من حدة الفقر والتفاوت الطبقي لكن حصيلة سنوات التناوب ومشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة جعل التفاوت الطبقي والفقر يتعمق بشكل أفضع مما كان سائدا في عهد الحماية.
اعترض صديقي على هذا الرأي الأخير الذي عبرت عنه وقال لي، عليك أن تقول بأنه لولا حكومة التناوب لكانت السكتة القلبية قد حدثت فعلا، وكان الوضع الاقتصادي والاجتماعي أكثر كارثية مما هو عليه الأمر الآن، فعلى الأقل استطاعت حكومة التناوب القيام بإصلاحات هيكلية بدون خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة جدا.
لقد كنت أعلم بأن صديقي سيعترض على كلامي بمثل هذا الكلام وهو المناضل الاتحادي منذ نعومة أظافره، فهو يعتبر أن الاتحاد الاشتراكي كان له دور أساسي في تطوير الأداء السياسي والاقتصادي في المغرب في اتجاه أحسن مما كان سيحدث في حالة عدم تواجده في المشهد السياسي، وكنت دائما أحاول مناوشته في هذا المجال، فقلت له، إن الاتحاد الاشتراكي بعد سنة 1975 ليس هو الاتحاد الوطني الذي قاده بنبركة وعمر بنجلون، ثم ان الاتحاد الاشتراكي الذي قاده عبد الرحمان اليوسفي ليس هو الاتحاد الاشتراكي في عهد عبد الرحيم بوعبيد، وأن هناك تحولات طرأت على هذا الحزب أدخلته في عداد الأحزاب المخزنية فجر قاعدته التي تشتت بين الأحزاب والنقابات، فهو مسؤول حاليا عن المستوى المتردي للمغرب في سلم التنمية البشرية وهو مسؤول عن تردي قطاعي التعليم والصحة حيث يشارك حاليا في الحكومة لبلورة سياسات تعليمية وصحية طبقية لا شعبية الى جانب حزب الاستقلال، وهي سياسات تضرب في الصميم العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي وقع المغرب عليه سنة 1979 والذي ينص على أن الدول الموقعة يجب أن توفر التعليم والصحة العموميين بالمجان وبأعلى مستوى من الجودة، لكن السياسات المعتمدة تعمل على خوصصة هذين القطاعين وتسليعهما، وهو خطاب معاكس تماما لما كان الاتحاد الاشتراكي يعبر عنه خلال عقد الثمانينات في مواجهة عبد اللطيف الجواهري حينما كان وزيرا للمالية، وحيث كان الحزب آنذاك يعبر سياسيا عن مصلحة البرجوازية الصغرى والتي تنكر لها حالما وصل الى الحكومة.
لكن صديقي لم يقبل برأيي حول الاتحاد الاشتراكي وأخذ يبحث عن كيفية تبرير سلوك هذا الحزب، فقال إن الجميع يعلم طبيعة النظام السياسي المخزني القائم، وأن الاتحاد الاشتراكي اختار طريق النضال الديموقراطي بدلا من طريق النضال الثوري الذي انزلق اليه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية خصوصا منه الجناح الثوري لبنبركة والفقيه البصري وعمر بنجلون، وأن الاتحاد الاشتراكي بفضل قوة مناضليه ونباهتهم أصبح رقما لا يمكن تجاوزه في صناعة القرار السياسي والاقتصادي في المغرب، وأن ما يحدث له حاليا هو نتيجة تشتت اليسار واضطرار الاتحاد للتنسيق مع أحزاب ذات توجهات مختلفة تفرض عليه تنازلات متبادلة لخلق الانسجام الحكومي، وأن الأفق هو اجتماع أحزاب اليسار في قطب قوي لتعديل الكفة لصالح المطالب الإصلاحية لليسار.
حاولت التعقيب على صديقي من خلال الجزم بأن أطروحته لا تصمد أمام النقد، فالتوجه الإصلاحي للاتحاد الاشتراكي يتماثل مع الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية والتي لم تعمل منذ الأممية الثانية سوى على تلطيف الوجه البشع للرأسمالية وتكريس هيمنتها واطلاق يدها للمزيد من استغلال الطبقة العاملة وعموم الكادحين، فالرأسمالية القائمة في العالم وفي بلادنا على الخصوص لا تستهدف سوى المزيد من استغلال العمال والموظفين والفلاحين من أجل مراكمة الأرباح، وسواء في مرحلة الأزمة أو في مرحلة الرواج، فإن وضع الطبقة العاملة يتزايد تدهورا، وأن الرأسمالية وأدواتها السياسية اليمينية عندما تصل مرحلة السكتة القلبية بفعل الأزمة لا تجد الحل سوى في المزيد من امتصاص دماء العمال وبالتالي رميهم للشارع كما يحدث اليوم مع 850 من عمال شركة سيميسي التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، وحينما تعجز البرجوازية عن الاستمرار في استغلالها أمام الانتفاضات العمالية والشعبية تلجأ الى رجال الاطفاء وهم الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يخلق نوعا من الوهم السياسي بإجاد الحلول الناجعة للاستغلال المفرط وللوضع الاجتماعي الكارثي، لكن السياسات التي تعتمد كما كان الشأن في عهد ميتران في فرنسا وفي عهد الاتحاد الاشتراكي في المغرب تكرس دائما اكثر هيمنة رأس المال على حساب العمل وتصبح سياسات الدولة وميزانيتها العامة في خدمة البرجوازية المتعفنة.
أجابني صديقي بأنني متطرف في تحليلي وأن الأمور ليست بهذه القتامة التي أتحدث عنها، وأن الخطر الذي يهدد بلادنا ليس هو الفقر أو عدم تطبيق المواثيق الدولية وإنما هو الخطر الأصولي الذي يريد ارجاع بلادنا الى الوراء بسبب الاستبداد الديني وحكم الفقهاء.
أجبت صديقي بسرعة وبدون تفكير وماذا صنعتم في الاتحاد الاشتراكي في هذا المجال، فقد عبرتم عن اشارات للقبول بالتحالف مع العدالة والتنمية، كما أنكم لم تنادوا يوما بفصل الدين عن الدولة وإقامة دولة علمانية كما أنكم سلبيين تماما أمام قضايا حقوق الإنسان وتعسفات وزارة الداخلية والقضاء في قضايا عدة كالعقاب الجماعي الذي تعرضت له سيدي افني واعتقالات فاتح ماي واعتقالات الطلبة في مراكش وفاس رغم أنكم على رأس وزارة العدل.
أجابني صديقي أنت دائما هكذا ولن تستطيع رؤية ما قدمه الاتحاد الاشتراكي من حسنات لهذا الشعب. وأن المستقبل هو الذي سيؤكد نزاهة هذا الحزب وقدرته على خدمة البلاد.
بلغت الساعة حينذاك السادسة والنصف فكان لا بد أن أسارع لاقتناء بعض الكتب المدرسية لابنتي والتي وجدتها هذه السنة أغلى من السنوات السابقة.






#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القروض الاستهلاكية وأزمة الطبقة الكادحة
- أزمة صناديق التقاعد
- ارتفاع الأسعار، الأسباب وآليات المواجهة
- الغلاء ونضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء
- المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز
- تفريغ الأزمة على حساب الطبقة الكادحة
- عقد من الأداء الاقتصادي، أية حصيلة؟ 1999 - 2009
- تجاوز الماركسية للفكر البرجوازي المتعفن
- تعفن النظام الرّأسمالي العالمي وطابعه الطفيلي يستدعي قلبه
- الأزمة، وضعية العمال وقانون الشغل، الغلاء وحقوق الإنسان
- أزمة الإمبريالية وفرص الثورة البروليتارية
- يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة انتفضوا
- الصراع الطبقي ووحدة نضال البروليتاريا الجديدة
- إضراب النقل جاء نتيجة للإفلاس السياسي
- ماذا عساي أن أفعل لوكنت مكان وزير الاقتصاد والمالية لإنقاذ ا ...
- القروض الاستهلاكية أداة سياسية لتدبير أزمة النظام الرأسمالي ...
- لماذا مقاطعة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009
- ارتفاع الأسعار عصف بكل الزيادات في الأجور
- الحملة التطهيرية شكلت عملية انتقامية وسط التحالف الطبقي الحا ...
- قانون حرية الأسعار فشل في ضبط السوق


المزيد.....




- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...
- شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد السلام أديب - دردشة مع صديقي الاتحادي