أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟















المزيد.....

محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2788 - 2009 / 10 / 3 - 20:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


جرَّب الفلسطينيون والإسرائيليون حتى الآن نوعان أو شكلان من التفاوض السياسي، أو مفاوضات السلام، هما "المفاوضات الثنائية المباشِرة السرِّية، البعيدة عن الأضواء"، كـ "مفاوضات أوسلو"، و "المفاوضات الثنائية المباشِرة العلنية"، والتي لم تُسلَّط الأضواء الإعلامية إلاَّ على جوانبها قليلة، أو عديمة، الأهمية. ولقد أعطت هذه المفاوضات من النتائج المخيِّبة للآمال ما برِّر وصفها بـ "العبثية".

وَصِفَة "العبثية" تصلح، أيضاً، للمفاوضات السرِّية في أوسلو؛ ذلك لأنَّ الاتِّفاق الذي تمخَّضت عنه، وعلى ما ثَبُت وتأكَّد في "التنفيذ"، وفي نتائجه العملية، كان اتِّفاقاً على أنَّ الطرفين قد فشلا في الاتفاق على حلول نهائية لأيٍّ من المشكلات الكبرى، فاتَّفقا، تأكيداً لهذا الفشل، على تأجيل وإرجاء "الحسم" إلى أجلٍ، لم يتعيَّن بَعْد.

المجرَّب لا يُجرَّب إلاَّ إذا كان مجرِّبه من ذوي العقول المخرَّبة؛ ولقد قيل في تعريف "الحماقة" إنَّها خوض المرء للتجربة نفسها، غير مرَّة، معلِّلاً نفسه، كلَّ مرَّة، بوهم التوصل إلى نتائج مختلفة.

أفْتَرِض، أو أتوقَّع، الآن، أنَّ الطرفين، ومعهما أطراف ثالثة، قرَّرا، أو قَبِلا، خوض تجربة تفاوضية جديدة، نرى بعضاً من ملامحها في واشنطن. إنَّها مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومفاوضات مباشِرة بين كلا الطرفين وإدارة الرئيس أوباما (والوسيط ميتشل على وجه الخصوص). إنَّ الطرفين يتفاوضان الآن عَبْر إدارة الرئيس أوباما، ومعها، في الوقت نفسه. أمَّا الهدف فهو التوصُّل إلى اتِّفاق على حلول نهائية لمشكلات كبرى، في مقدَّمها مشكلة "الحدود الدائمة والنهائية" بين "الدولتين"؛ وإنَّ أطرافاً آخرين، معنيين بنجاح هذه التجربة التفاوضية الجديدة، يشاركون فيها بطرائق شتَّى.

"الودائع"، كـ "وديعة رابين"، جزء من الأجزاء المهمة التي تتألَّف منها هذه التجربة التفاوضية الجديدة، فكل طرف من أطراف النزاع (ومن أطراف الحل) ينبغي له أن يُوْدِع إدارة الرئيس أوباما "رسالة" سرِّية، تشبه شيكاً يُصْرَف لاحقاً، يوضِّح فيها ما يمْكِنه قبوله (من حلول ومساهمات..) وما لا يُمْكنه قبوله أبداً. وحتى تشتمل "الوديعة" على ما يؤكِّد أنَّ جديدها مفيد، ومفيدها جديد، لا بدَّ لها من أن تكون على شكل "أجوبة عملية" عن "أسئلة"، وَضَعَتْها "لجنة" متضلِّعة من النزاع بين الطرفين، أصولاً وفروعاً.

ومن خلال دراستها وتحليلها وفحصها لـ "الودائع (السرِّية)" التي عندها، يصبح في مقدور إدارة الرئيس أوباما (ولاعبين دوليين آخرين) إبداع واقتراح "الحلول النهائية"، التي فيها من "الوسطية" ما يكفل قبولها في آخر المطاف.

وجاذبية التجربة التفاوضية الجديدة تكمن في كونها تسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن يدَّعي أنَّ مفاوضات، أو ما يشبهها، قد بدأت، عملياً، مع الفلسطينيين من غير أن يلبِّي شرطهم "الوقف التام للنشاط الاستيطاني (في الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص)"، وتسمح للطرف الآخر بأن يدَّعي أنَّه لم يستأنف بَعْد التفاوض السياسي مع إسرائيل؛ لكونها لم تُلبِّ بَعْد شرطه ذاك.

إذا تكلَّلت هذه التجربة التفاوضية بالنجاح، أي إذا ما انتهت إلى اتِّفاق على الحلول النهائية للمشكلات الكبرى، وفي مقدَّمها مشكلة "الحدود الدائمة والنهائية" بين "الدولتين"، فإنَّ "احتفالاً دولياً" سيُقام، عندئذٍ، لإخراج "الاتِّفاق" من الظلمات إلى النور، ولإثبات أنَّ النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين ما كان له أن يُسوَّى ويُحَل لو ظلَّ الطرفين في تفاوِض مباشِر، سرِّي، أو علني.

ويبدو أنَّ تلك "اللجنة"، التي من أبرز أعضائها سولانا وبلير، لا تعمل في فراغٍ من "المبادئ الأوِّلية والأساسية للحلول النهائية"، وتتوفَّر (عَبْر تلك "الأسئلة"، وما شابهها) على كسو تلك العِظام (أي المبادئ) لحماً، فالحل التفاوضي لأيِّ مشكلة لا يغدو حقيقة واقعة إلاَّ بعد، وبفضل، التغلُّب على "الشياطين"، وطردها من "التفاصيل".

ويبدو، أيضاً، أنَّ بقاء "الشياطين" في بعضٍ من التفاصيل المهمة، أي في بعض من "اللحم"، الذي به ستُكْسى العِظام، "المبادئ الأوَّلية"، هو ما تسبَّب في تأخير الإعلان عن مبادرة (أو خطة، أو مقترحات) الرئيس أوباما للسلام.

لقد انتقل "المطبخ"، و"الطباخون"، و"الطبخة"، إلى واشنطن؛ ويمكن أن نتوقَّع، وإنْ علَّمتنا التجارب التفاوضية القديمة بين إسرائيل والفلسطينيين أنَّ "التوقَّع السلبي" خيرٌ وأبقى من "التوقُّع الإيجابي"، أن "يُطْبَخ" الجزء الأكبر من "طبخة الحل" على هذه "النار الجديدة"، أي في التجربة التفاوضية الجديدة، التي بدأت، على ما يبدو، في واشنطن، مع تَرْك، لأسباب شكلية، البقية الباقية من "عملية الطبخ" للقاءات واجتماعات مباشِرة، غير اللقاء الاحتفالي الدولي.

وبحسب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المصري أحمد أو الغيط، الذي نفى أن تكون محادثات واشنطن "مفاوضات غير رسمية" بين إسرائيل والفلسطينيين، تُعدُّ الأسابيع الثلاثة المقبلة "حاسمة للمفاوضات، ولمستقبل القضية الفلسطينية كلها".

إنَّ ما يشبه "الهيكل العظمي" لـ "الحل النهائي" للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، قد اكتمل بناؤه تقريباً؛ والبنَّاءون الكبار يعتقدون أنَّ هذا "الهيكل"، شبه المكتمل، والذي هو كناية عن "المبادئ الأوَّلية والأساسية" للتسوية الدائمة، هو وحده الطريق إلى السلام، حاضراً، ومستقبلاً (بالقياس السياسي لا التاريخي للمستقيل).

ويعتقدون، أيضاً، أن الاستعصاء التفاوضي يعود، في معظمه، إلى "تفصيل" بعضٍ من تلك "المبادئ والأسُس" بما يجعل كلا الطرفين قادراً على الدفاع عن موقفه، الذي فيه قَبِلَ الحل النهائي.

وهذا "التفصيل"، الذي يصفونه بـ "الحل الإبداعي الخلاَّق"، هو ما يتوفَّرون عليه الآن، على وجه الخصوص، في محادثات واشنطن، فإذا تكلَّلت بما يكفي من النجاح، وفي زمن يُقاس بالأسابيع، على ما أوضح وأكَّد وزير خارجية مصر، تُرِكَ لشيء من "التفاوض الثنائي المباشِر" أمر "الاستكمال"، الذي هو أقرب ما يكون إلى وضع اللمسات الأخيرة، وأصبح ممكناً، من ثمَّ، إعلان النتائج النهائية في احتفال دولي.

في أمر "الأراضي"، أو "المشكلة الإقليمية"، ثُبِّت مبدأ أنْ لا عودة أبداً إلى خطِّ "الرابع من حزيران" 1967، وقام مكانه مبدأ "22 في المئة من مساحة فلسطين الانتدابية (أي زمن الانتداب البريطاني)"، فالفلسطينيون يمكنهم، ويحقُّ لهم، بموجب هذا المبدأ، الحصول على تلك النسبة كلها، ليتَّخذوا منها إقليماً لدولتهم المقبلة. ومعلوم أنَّ مساحة قطاع غزة والضفة الغربية كانت، حتى الرابع من حزيران 1967، تَعْدِل تلك النسبة.

وهذا المبدأ يتَّحِد عضوياً مع مبدأ أخر هو "خطُّ الرابع من حزيران (بين الضفة الغربية وإسرائيل) هو الخطُّ المبدئي للحدود الدائمة والنهائية" بين "الدولتين"، أي الخط الذي استناداً إليه، وبما يوافقه من حيث المبدأ والأساس، تُعيَّن وتُرْسَم "الحدود الدائمة"، وتُعدَّل تعديلاً طفيفاً.

أمَّا المبدأ الكامن في هذا التعديل (الحدودي الطفيف) فهو "تبادل الأراضي"، أو "التبادل الإقليمي"، فالفلسطينيون يتنازلون عن "جزء صغير" من أراضيهم في غرب الضفة الغربية، لِيُضمَّ نهائياً إلى إسرائيل، التي، في المقابل، تعوِّضهم خسارتهم الإقليمية هذه بجزء من أراضيها، مساوٍ من الوجهة الكمية، ويُفْتَرَض فيه أن يكون بالأهمية أو القيمة النوعية نفسها.

من حيث المبدأ، يُراد لمبدأي "التعديل الطفيف للخط"، "وتبادل الأراضي"، أن يكونا حلاًّ أساسياً لمشكلة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية؛ ولكنَّ نزاعاً كبيراً آخر هو الذي ما زال يكمن في كثيرٍ من التفاصيل، ويعرقل، بالتالي، كسو "المبدأين" بمزيدٍ من اللحم.

في شأن "الاستيطان"، سيُعدَّل "خط الرابع من حزيران" بما يسمح بـ "التركيز الاستيطاني الأكبر"، أي حصر الجزء الأعظم من المستوطنين في أصغر حيِّزٍ ممكن، ومتَّفق عليه، في غرب الضفة الغربية، أو في غرب ما يسمَّى "الجدار الأمني".

ويترتَّب على ذلك إخلاء سائر الضفة الغربية مِمَّن بقي من المستوطنين، وهُمْ، نسبياً، قلَّة قليلة، مع الاتِّفاق، إذا ما أمكن، على أنْ يُتْرَك لهم خيار البقاء حيث هُم، أي العيش في إقليم الدولة الفلسطينية المقبلة، خاضعين لسيادتها.

الإسرائيليون أظهروا، في جزء كبير من مفاوضاتهم مع الفلسطينيين، فَهْماً لمبدأ "التساوي" في "تبادل الأراضي" لم يَحْظَ بقبول المفاوِض الفلسطيني، فَهْم قالوا، غير مرَّة، للفلسطينيين إنَّ إسرائيل ستَضُمُّ إليها جزءاً من أراضي الضفة الغربية "آهلاً"، أي مسكوناً بالمستوطنين اليهود؛ وينبغي للدولة الفلسطينية المقبلة، وعملاً بمبدأ "المساواة" في "التبادل الإقليمي"، أن تَضُمَّ إليها جزءاً مساوياً من الأراضي الإسرائيلية، على أن يكون "آهلاً"، هو أيضاً، أي مسكوناً ببعضٍ من "عرب إسرائيل"، أو يمكن أن يصبح مسكوناً بهم (الترانسفير).

التعديل الطفيف للحدود، مع تبادل الأراضي، تفهمه إسرائيل بما يوافق مصلحتها في تمييز "الضفة الغربية" من "القدس الكبرى"، التي تشمل القدس الغربية (الإسرائيلية) والقدس الشرقية (الفلسطينية) وأراضٍ واسعة اقْتُطِعَت (إدارياً) من الضفة الغربية، وضُمَّت إلى شطري القدس لإقامة "القدس الموحَّدة الكبرى"، وجَعْلِها "العاصمة الأبدية" لدولة إسرائيل.

وهذا إنَّما يعني، إسرائيلياً، أنَّ "خط الرابع من حزيران" الذي يشمله التعديل الطفيف هو الذي "يفصل" بين إسرائيل والضفة الغربية التي يستثنى منها "الجزء الفلسطيني" من "القدس الكبرى"، والذي يشمل، على ما أوضحنا، القدس الشرقية وجزءاً مهماً من أراضي الضفة الغربية؛ كما يعني أنَّ المفاوِض الإسرائيلي سيسعى في الاحتفاظ بسيطرة إسرائيل الدائمة على كل، أو معظم، هذا "الجزء الفلسطيني (الكبير)" من "القدس (الموحَّدة) الكبرى"، على أن تتنازل الدولة العبرية لـ "الدولة الفلسطينية" عن جزءٍ مساوٍ (من الوجهة الكمية) من أراضيها، تعويضاً للفلسطينيين خسارتهم الإقليمية الكبيرة تلك.

وحتى الآن ما زالت الأرض التي ستتنازل عنها إسرائيل في إطار تبادل الأراضي موضع خلاف مع الفلسطينيين. ويتركَّز هذا الخلاف في "موقع" تلك الأرض، وفي جوانبها النوعية، فالإسرائيليون يسعون إلى أن تكون تلك الأرض (صحراوية) تُضاف، من حيث الأساس، إلى قطاع غزة.

جزء صغير من الشطر الفلسطيني من "القدس الكبرى" يمكن أن "تتنازل" عنه إسرائيل، وأن تشمله، بالتالي، السيادة الفلسطينية، ويُتَّخَذ عاصمة للدولة الفلسطينية؛ وهذا الجزء هو ما يسمَّى "الأحياء العربية" في "القدس الكبرى".

أمَّا "الجزء الديني" من "القدس الكبرى"، والذي يضم "الحرم القدسي"، أي المسجد الأقصى وقُبَّة الصخرة والباحة الواقعة بينهما، و"حائط المبكى"، وكنيسة القيامة مع أماكن مسيحية أخرى، فتجهد إسرائيل في سبيل الاحتفاظ بسيادتها عليه، مع جَعْل "إدارة شؤونه" مشتركة دينياً، أي من خلال مجلس إداري ديني يضم مسلمين ومسيحيين ويهود.

وحتى الآن، ليس ثمَّة ما يشير إلى تخلِّي، أو احتمال تخلَّي، إسرائيل عن فكرة بقاء هذا الحيِّز الديني المقدَّس (الإسلامي والمسيحي واليهودي) تحت سيادتها، على أن تتولَّى هي إدارة "الأماكن اليهودية"، وتَرْك أمر إدارة الأماكن الإسلامية والمسيحية للأردن والفلسطينيين معاً.

وفكرة "تبادل الأراضي" يمكن أن تتأقلم، أي أن تصبح إقليمية، من خلال ضمِّ مصر إلى طرفيها، وهما إسرائيل والفلسطينيون، فمصر تَضُمُّ جزءاً من أراضيها في سيناء إلى قطاع غزة، فتمنحها إسرائيل، في المقابل، جزءاً من أراضيها الحدودية، أي المحاذية لحدودها معها. وفي هذه الطريقة، يتنازل الفلسطينيون عن جزء من أراضيهم لإسرائيل، فتتنازل إسرائيل عن جزء من أراضيها لمصر، التي تنازلت عن جزء من أراضيها للفلسطينيين.

أمَّا "الممر" بين قطاع غزة والضفة الغربية فتحرص إسرائيل على جعله بمنأى عن فكرة "تبادل الأراضي"؛ لأنَّها لن تقبل أبداً أن تصبح أراضيها التي يمتد فيها هذا الممر خاضعة للسيادة الفلسطينية. إنَّها تريد لهذا الممر أن يكون، أو أن يبقى، في أرضٍ خاضعة لسيادتها، على أن تجعل الاستخدام الفلسطيني له في مقابل تسهيلات دينية تُمْنَح لليهود في الحرم القدسي.

إنَّ الاتفاق المبدئي على مساحة الدولة الفلسطينية (22 في المئة من مساحة فلسطين الانتدابية) وعلى "الحدود الدائمة والنهائية" بين "الدولتين، بعد التعديل الطفيف لـ "خط الرابع من حزيران"، و"تبادل الأراضي"، هو، على ما يتضح، المفتاح لحل مشكلتي "الاستيطان" و"القدس"؛ وهو، أيضاً، مفتاح أساسي لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مع أنَّ حل هذه المشكلة يحتاج، بحسب كبار الطبَّاخين الدوليين والإقليميين لحلها، إلى أكبر مقدار ممكن من الخيال والإبداع والخلق.

أمَّا المبدأ الأوَّلي والأساسي لهذا الحل، والذي أصبح محل إجماع على ما يزعمون، ولا حيد عنه بالتالي، فهو "أن تكون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إقليم الدولة الفلسطينية هي المعنى الوحيد لحقِّهم (الدولي) في العودة".

ومن "حق العودة"، في معناه الجديد هذا، والذي يوافِق تماماً مبدأ "الاعتراف بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية"، أي تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب، تتفرَّع "حقوقاً أخرى" للاجئين؛ ولكنَّها في الحقيقة لا تعدو كونها "مساهَمة فلسطينية" في تثبيت "حق" إسرائيل في أن تكون، وتظل، دولة يهودية خالصة، حتى من الوجهة الديمغرافية.

ونرى تلك "الحقوق" على حقيقتها في "الحل المبدئي" لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي يكاد أن يَعْدِل وزنها بالموازين المختلَّة لأولئك "الطبَّاخين" وزن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين برمتها.

إنَّهم يقولون، أو سيقولون، للاجئ الفلسطيني في لبنان، إنَّ لكَ الحق في العودة الفورية إلى إقليم دولتكَ، أي الدولة الفلسطينية، وفي الحصول، أيضاً، على "تعويض مالي"، فإذا رفضتَ، فإنَّ لكَ الحق في البقاء في لبنان، وفي أن تحصل، في الوقت نفسه، على "تعويض مالي" مع تحسين نمط وظروف عيشك، وعلى الجنسية الفلسطينية (جواز السفر الفلسطيني). وعملاً بـ "حقك الأبدي" في العودة إلى الدولة الفلسطينية، يمكنكَ، مستقبلاً، أن تغادر لبنان عائداً إليها. وهذا إنَّما يعني أنَّ ممارستكَ لحقوقكَ السياسية والانتخابية، إذا ما ظللتَ في لبنان، لن تكون في لبنان، وإنَّما في الدولة الفلسطينية. أمَّا إذا رفضتَ هذا الخيار (خيار البقاء في لبنان) أيضاً، فإنَّ لكَ الحق أن تغادر لبنان إلى دولة ثالثة (دولة عربية أخرى، أو كندا، أو استراليا، أو بريطانيا، أو فرنسا، أو غيرهما من الدول الأوروبية). وفي هذه "الدولة الثالثة"، التي تمنحكَ جنسيتها وجواز سفرها، تتمتَّع بحقوق المواطَنة كاملة؛ فإذا أردتَ، مستقبلاً، العودة إلى "الدولة الفلسطينية" فإنَّكَ تعود، عملاً بـ "حقك الأبدي" في العودة.

إنَّها فاتورة ضخمة (نحو 70 بليون يورو) لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على هذا النحو؛ ولا بدَّ لدولٍ كثيرة، في مقدَّمها دول الاتحاد الأوروبي وكندا وبعض الدول العربية الخليجية، من أن تساهم في تمويل هذا الحل.

وإنَّهم سيعترفون بـ "الحق الأبدي" لكل لاجئ فلسطيني في "العودة إلى (وطنه) فلسطين"؛ ولكن بعد أن يُعْتَرَف دولياً بـ "فلسطين" على أنَّها الدولة التي جاء بها "حلُّ الدولتين"، والتي يشمل إقليمها قطاع غزة والضفة الغربية فحسب (22 في المئة من فلسطين الانتدابية).



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور زغلول النجار إذ هبط بالعِلْم إلى الدرك الأسفل من الش ...
- الحلُّ في حلِّ -مشكلة الحدود- أوَّلاً!
- -التعصُّب- إلغاء للعقل!
- نتنياهو يطلب تشدُّداً فلسطينياً وعربياً!
- أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!
- إنَّها -مفاجأة- أوباما الأولى!
- شيئان لم نتعلَّمهما بعد: قول -لا- و-السؤال-!
- -الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!
- أيلول 2009 يتربَّص بالفلسطينيين شرَّاً!
- حكومة الذهبي -خصخصت- حتى -تخصخصت-!
- -ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!
- تسع سنوات من حرب -بن بوش بن لادن-!
- -ظاهرة-.. في مؤسَّساتنا!
- خيار -الدولة الواحدة-!
- ليبرمان يقود من الحبشة -حرب المياه- ضدَّ مصر!
- اعْرَف حقوقكَ!
- ثالوث الفساد الاقتصادي البنيوي!
- -دولة الأمر الواقع-.. معنى ومبنى!
- عشاء في -السفارة في العمارة-!
- المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟