أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ضياء حميو - حكايات من إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ( أبو صويحب )














المزيد.....

حكايات من إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ( أبو صويحب )


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 23:49
المحور: سيرة ذاتية
    


كنتُ احد العاملين في إذاعة الحزب الشيوعي العراقي " صوت الشعب العراقي " في العام 1995 ،وكان معنا رفيق اسمه " أبو صويحب " ويقدّم برنامجا باسمه وباللغة المحكية ، برنامجه سياسي ساخر...كان " أبو صويحب " ابن ريف ..بل وبلهجته الكثير من مفردات البادية...لم أكن اعرف أكثر من انه كان من ضمن رفاق حزبنا في الكويت قبل غزو صدام لها ،شارك في المقاومة الكويتية المسلحة ضد الغزو هو وآخرون عراقيون مقيمون في الكويت (هذه النقطة التي وللأسف تناساها الإعلاميون والسياسيون الكويتيون والى الآن ) ..وبعد ذلك واثر انكشاف أمره التجأ إلى مقرات الحزب في كردستان العراق ..التي كانت خارج سيطرة الحكومة المركزية في بغداد.
كان مدير الإذاعة ورئيس تحريرها آنذاك الصحفي والسياسي والمناضل المخضرم ،العضو القيادي في الحزب، الرفيق" عبد الرزاق الصافي " أبو مخلص ، الدقيق في كل شيء ابتداءً من صحته وانتهاءً بمهامه السياسية ، دقته هذه في الإذاعة كانت تزعج البعض من رفاقه لأنه يريد أن يفحص كل كلمة وكل حرف قبل إجازته للبث..وربما له العذر في ذلك لان مقرات الحزب آنذاك كانت محصورة في ماسمي "منطقة الحظر الجوي" والكلام هنا عن "اربيل" تحديدا ..ففي تلك الفترة الممتدة من عام 1992 – 1996 عانى سكان المحافظات الكردستانية معانات لم يمر بها احد مثلهم ..الحصار الأمريكي المجرم على العراق عموما ..ومن ثم داخل هذا الحصار ،حصارٌ آخر فرضه " صدام " على ماكان يسميه مواطني شعبه الكردي ..بالإضافة إلى حصار آخر..فرضه كل من تركيا وإيران...ضمن تحسسها من بادرة أي تحرر كردي بالإضافة إلى الاقتتال الداخلي بين حزب الرئيس جلال طالباني و الحركة الإسلامية..ولاحقا حرب " الحزبين " الفيلين " كما كان يُسميهما الشارع الكردي آنذاك...الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني...ضيق أفق وإجرام وأنانية كان من يدفع ثمنها هو المواطن الكردي...الرواتب شحيحة وتقتصر تقريبا على أعضاء ومقاتلي الحزبين الفيلين التي كانوا يجبونها من ضرائب تهريب المعدات والبضائع على الحدود الإيرانية والتركية...هذه الضرائب جعلت أسعار السلع الغذائية وغيرها تتضاعف عشرات المرات حين تصل إلى المواطن..الأمر الذي جعلنا نسمع بين الفينة والأخرى عن انتحار رب أسرة وقتله لاطفالة وزوجته لعدم تمكنه من إطعامهم لأيام عديدة ، لم يقتصر الانتحار على الفقراء بل تجاوزه إلى " بعض المقاتلين السابقين من " بيشمركة " الحزبين ...الذين صدمهم واقع ماآل إليه نضالهم القومي المسلح بين صفوف الحزبين..!.
راج سوق " البالة " الملابس المستعملة..وهذه كانت تأتي كمساعدات من القلة القليلة من المنظمات الإنسانية التي بقت تعمل في "كردستان" ..بل حتى هذه الملابس المستعملة " الهبات المجانية كان يستولي عليها " الحزبان " الفيلان " ويبيعوها بمزاد في الأسواق...لم يكن يهمهم أي شيء عدا جمع الأموال بأي وسيلة لاستمرار "حربهم الأخوية"..!!
بالنسبة لمدينة اربيل" والتي كانت تحت سيطرة مقاتلي حزب طالباني " الاتحاد الوطني الكردستاني" فرض عليها حزب مسعود البارزاني " الديمقراطي الكردستاني " حصار آخر..تمثل بالضرائب على السلع المهربة من تركيا أو من منطقة سيطرة السلطة المركزية...لتزداد معانات المدينة...وصل سعر برميل النفط الأبيض "150 $ في حين كان سعره في بغداد اقل من نصف دولار واحد فقط..!.
قصف بالهاونات..والقاذفات..وعمليات اغتيال..لاتدري مخابرات أي جهة تقف ورائها...!
في ظل هذه الأجواء كان العمل يتم في " إذاعة الحزب الشيوعي ".
...التحرير الإذاعي والتسجيل يتم في مركز مدينة اربيل ،أما البث الإذاعي فيتم من مدينة " شقلاوة " لأنه يحتاج إلى منطقة جبلية تقلل من التشويش الذي تبثه السلطة على إذاعة الحزب...!
في تلك الآونة كان" حسين كامل" وأخيه، صهري الرئيس وأبناء عمه ذوي الصلاحيات اللامحدوده قد لجاءا إلى الأردن منشقين عن النظام برفقة زوجتيهما ابنتي صدام....!.
وهكذا كانت مادة "أبو صويحب" التي يحررها ويسجلها بصوته عن " حسين كامل.!
وقبل التسجيل لابد من إجازتها من الرفيق " أبو مخلص"وان لم تكن هنالك خطوط حمراء أسفل الكلمات أو الجمل فهذا يعني إنها صالحة للبث..!
ولكن ماان اطلع " أبو مخلص"عليها حتى نادى " أبو صويحب " على إنفراد ..!
عاد الأخير مقطب الوجه...إلينا حيث غرفة التحرير والمصححين اللغويين واضعا المادة على الطاولة...قائلا:" شوفوا رفاق خطوط أبو مخلص"...!!
كانت الخطوط أسفل جملة " المجرم حسين كامل " لاغير...أردف " أبو صويحب " قائلا ": يقول الرفيق..: (لانستطع أن نصفه بالمجرم الآن...لان الحزب لم يتخذ موقفه السياسي من عملية هروبه وانشقاقه بعد)..!!
ابتسمنا صامتين وبدون أي تعليق...!!
فيما انهمك " أبو صويحب " بإعادة كتابة المادة " يدردم" يردد مع نفسه :" لم يتخذ موقفه بعد حسنا"...وبعد انتهاءه طوى أوراقها..ودخل مسرعا إلى غرفة " أبو مخلص"..وضعها على طاولته..قائلا " انه حرر المادة من جديد"..وغادر بأسرع مما دخل، قبل أن يطلع عليها الأخير...!
ثم وبنصف التفاته اخبرنا انه سيذهب يتمشى في المدينة فيما إذا سأل عنه أحدهم..!
بعد دقائق تعالى نداء الأخير على " أبو صويحب "...وماان أخبرناه انه غادر يتمشى في المدينة ..اطل " أبو مخلص" هادئا ومبتسما قائلا: عرفتم بموضوع مادته ؟ّ! اشرنا برؤوسنا نعم.
انصرف ولم يعلق بشيء..!
عرفنا بعدها ..إن "أبو صويحب " لم يحرر المادة من جديد ..ولكنه استبدل جملة " المجرم حسين كامل " حيثما وردت، بجملة " الرفيق المناضل حسين كامل ".




#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمّالات الصدر والمساواة في السويد
- غشاء بكارة - صيني -
- الفيتامينات -والعادة الشهرية - والجنس في المناهج المدرسية
- نداء إلى الكتاب والرفاق اليساريين في المغرب (العربي)
- حكايات جامعية (دبابات في الحرم الجامعي )
- عالم ال ( طُزْ )
- لو كنتُ حارسا في بنك عراقي
- رسالة اعتذار الى الحيوانات
- الضوء الأخضر في إغتيال احمد عبد الحسين
- إمام جامع
- الى الكويت الحبيبة
- قراصنة سويديون
- البلدان الفاشلة
- الخلق
- تجارب دنماركية 31 (الضحك بلا سبب )
- تجارب دنماركية 30 (العراق ،إنموذج في كتاب مدرسي دنماركي )
- الحمير تلحسُ -آيس كريم-
- تجارب دنماركية 29 وزارة المساواة
- لإيران الحبيبة
- تجارب دنماركية 28 ( النوم تحت قبة البرلمان)


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ضياء حميو - حكايات من إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ( أبو صويحب )