أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامى الميرغنى - ماذا حدث لمصر والمصريين ؟!















المزيد.....



ماذا حدث لمصر والمصريين ؟!


إلهامى الميرغنى

الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 10:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يعني أيه كلمه وطن يعني أيه كلمه وطن
يعني ارض حدود مكان ولا حاله من الشجن
ولا أيه ولا أيه ولا أيه
شاي بالحليب علي قهوة في الضاهر هناك
نسمه عصاري السيدة ودير الملاك
يعني أيه كلمه وطن
نشع الرطوبة في الجدار
وألا شمس مغرقه برد النهار
ولا أمك ولا أختك
ولا عساكر دفعتك
والرملة نار
مدحت العدل
تمهيد: لماذا تغيرنا؟!
أستعير هذا العنوان من الدكتور جلال أمين باعتباره يعبر عن حقيقة ما أفكر فيه.فالجميع مشغول بما حدث للمصريين من تغيرات تدفعهم للموت غرقاً في رحلات فاشلة للهجرة إلي أوروبا ،وارتفاع معدلات العنف والجريمة وضعف الانتماء وانتشار الاكتئاب وزيادة حالات الانتحار .
نتأمل ما يحدث حولنا ونفكر في عبدالحميد شتا المتفوق في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي انتحر بعد رفض التحاقه بالسلك الدبلوماسي لأنه غير لائق اجتماعياًَ، كم يعبرنا من أمثال عبد الحميد شتا وما الذي يدفعهم لذلك؟!
يقول الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة أن 16 مليون مصري يمثلون 20% من السكان مصابون بالاكتئاب و أن 1.5 مليون منهم مصابون بالاكتئاب الجسيم ، يُقدم 15% منهم علي الانتحار ( 225 ألف شخص) . ومن واقع الدراسات يقول الدكتور عكاشة أن الأعراض الاكتئابية تظهر بين 30% إلي 38% وهي تصل إلي 28% في الحضر و 38% في الريف. كما أكد الدكتور ناصر لوزة الأمين العام للصحة النفسية أنه يوجد 14 مليون مصري مصابون بأمراض نفسية.
ولتحليل أسباب ما يحدث للمصريين يقول الدكتور أحمد عكاشة " إن الأخلاق والضمير والقيم تتأثر بما يحدث في المجتمع، وضمير المجتمع ينشأ ويتطور وينهار حسب المعطيات المتواجدة في هذا المجتمع، وإذا نظرنا إلي ما حدث في الضمير المصري خلال نصف القرن الأخير لوجدنا تحولاً واختلافاً وانهياراً في القيم والضمير العام، والأسباب متعددة لهذا التدهور من عدم الإحساس بالمواطنة، انخفاض درجة التضحية في سبيل الغير، التمركز حول الذات، الفقر، التفكك الأسري للهجرة والبحث عن الرزق، البطالة، الازدحام، حال التعليم، عدم توافر العلاج للأغلبية، الفهم الخاطئ للدين، عدم الشفافية، عدم المساءلة، عدم وجود العدل أو الفرصة بالتساوي، السماح بالرشوة العلنية، والغش وعدم احترام القانون كذلك تدهور هيبة الدولة، انتشار الفساد، عدم تطبيق القانون والدستور الذي يتأرجح بين الاشتراكية والرأسمالية، و٥٠% عمال وفلاحين وتحول الدولة إلي قوة بوليسية، وعلي رأس ذلك عدم وجود القدوة سواء في الأسرة أو الحزب الحاكم أو المدرسة أو المجتمع، وسنحاول هنا أن نجد الحلول للنهضة في ضمير المجتمع، لأنها عملية تبدأ من القمة إلي القاع".
كذلك يري الدكتور عكاشة أنه " يجب أن نتوقف عند مسألة ضمير المصري ولماذا يهرب المصريون من بلادهم وكيف أن الإعلام يتعامل مع الأمر بطريقة بسيطة، فليس هناك بلد عربي يهاجر الناس منه بهذه الأعداد المهولة في العالم إلا مصر حيث لا يوجد انتماء".
أما الأستاذ الدكتور يحي الرخاوي ففي دراسة هامة له بعنوان " ماذا حدث لقِيَم المصريين؟!" يقسم التغيرات التي حدثت في القيم إلي مجموعات :المجموعة الأولى ترصد التحول الذي حدث ويحدث في منظومة القيم،المجموعة الثانية تشمل سلسلة من المبادئ والمواقف التي تجمدت في موقعها نتيجة لحسن سمعتها، وكثرة ترديدها معه أنه انتهى عمرها الافتراضي برغم أدائها واجبها في حينها.أما المجموعة الثالثة فهي التي يمكن أن تبين ما أردت أن أعنيه بما يمكن نتحول إليه نحن البشر(ما أمكن ذلك!). أي قيم التطور والنمو.
يعرض الدكتور الرخاوي في الدراسة للمجموعة الأولى من قيم الفخر بالسلبي والتي تشمل قيم ‏الغش‏ ، مجموعة القيم البدائية(القبيلة- القرية)، مجموعة قيم الشطارة ، مجموعة قيم "الشكل" "للشكل" ، مجموعة قيم ألا عمل ، أما المجموعة الثانية فتشمل القيم الثوابت (بغير وجه حق) مثل قيمة "الثبات على المبدأ" ( بمعني الجمود وعدم التطور) ، قيمة ‏الطيبة (والبراءة) ، قيمة التوافق (جدا) بأن تكون مثل الآخرين ، قيمة ‏الانتماء إلى الحق (الخاص) ، قيمة ‏التضحية‏‏ ، قيمة "فض الاشتباك": بين الناس، وقيصر، والله" حيث أن كثيرون هم الذين يعيشون ويرددون قيمة أن "الدين لله والوطن للجميع" فرحين مزهوين طول الوقت، وهم -عادة- من أطيب الناس وأذكاهم وأكثرهم وطنية، ومع ذلك فلا مفر من مراجعة الشعار بجدية جديدة.
أما عن قيمة التسامح وقبول الآخر يقول الدكتور الرخاوي " ما أسهل أن تزعم أن المصري متسامح، بل ومتسامح جدا، مستشهدا بكيف عاش المصريون معا على اختلاف مذاهبهم وأديانهم قرون عددا، وما أصدق أن تثبت ذلك عبر التاريخ من واقع ندرة التطهير العرقي المرصود، والحروب الأهلية الممتدة، ثم قد تستشهد بعد ذلك إلى عهد قريب، وربما حالا، بنشاط تبادل المصالح، وطيب المعاشرة، وحسن الجيرة، وحرارة الأحضان....الخ
العمق الآخر لمسألة التسامح يحتاج إلى مراجعة، خاصة في الآونة الأخيرة. أنت تصبح متسامحا حقيقيا إذا تبنيت حقيقة ماهية الآخر وتفاصيل رأى ومعتقد هذا الآخر بجدية ومسئولية، أولا: لتراه كما هو لعلك تفهمه، تفهم الرأي وتفهم الآخر في آن، وثانيا: لتأخذ منه ما تعدّل به رأيك ومعتقدك باحترام متبادل. أنا لا أزعم أن هذا العمق هو موجود عند غيرنا من الذين يزعمون "قبول الآخر"، الخطأ الشائع عبر العالم دون استثناء العالم المتحضر جدا، هو القبول الانتقائي الاختزالي لمن نسميه آخراً. يتطلب قبول الآخر بالمقاييس الحديثه أن تجهل، أو تتجاهل، أنه "آخر" بكل أبعاده وأغواره، أي أن تغمض عينيك على حقيقة وعمق الاختلاف. يظهر ذلك – مثلا- من خلال الفخر المعلن – ثم الدعوة الملاحقة- بإلغاء خانة الدين من الأوراق الرسمية، هذا الإجراء في ذاته يبين كيف نعجز عن أن نقبل الآخر إلا بإخفاء بعضه. قبول الآخر الحقيقي يتطلب عكس ذلك تماما. موقف التعصب لا ينشأ من قراءة اسم مواطنك (أو أي شخص) وأمامه ديانته. إن الفخر بقبول الآخر لا يكون فخرا جديرا بالاحترام بمجرد حذف جزء من هذا الآخر (الحل النعامى)، ثم التفويت لكثير من تفاصيل موقفه (تأخذه على قدر عقله). ماذا يتبقى بعد ذلك من الآخر حتى تقبله بعد أن حذفت من وعيك ومعلوماتك غوره الديني الحقيقي.
أما الدكتور خليل فاضل فيري أن الفقر المجتمعي حوّل الشباب المصري إلي قنابل موقوتة، وأن الحصول علي رغيف الخبز أثر بالسلب علي صحة المواطن المصري النفسية، وأن هناك 3 آلاف منتحر سنويا في مصر من سن الشباب في حين يتجاوز عدد مرضي الفصام 850 ألف مريض.
ويؤكد أن المخدرات هي أكبر أوجاع الأسرة المصرية حيث أثبتت الدراسات أن المصريين ينفقون 25 مليار جنيه سنويا عليها، وأن سبب انتشارها بين الشباب تحديداً راجع للفراغ والبطالة التي يعانون منها، ويشدد علي أن موت النظام التعليمي في مصر هو نتيجة حتمية لحال المجتمع الذي تأثر بالسلب باستقرار نظام الحكم لمدة طويلة.
ويؤرخ لاختفاء النخوة والرجولة من الشارع بحربي 1967 و1973 حيث فقد المصريون هدفهم خصوصا مع وعود التطوير التي لم تنجز، ويلفت إلي وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق بمعدل 240 حالة يوميا يكون 52% من أسبابها راجعاً لتدخلات الأهل و42% منها لأسباب مادية في حين أن 12% فقط منها بسبب سلوك الزوجين.
هذه هي بعض من أراء ثلاثة من اكبر الخبراء النفسيين في مصر والعالم حول تحليل أسباب ماحدث لمصر والمصريين والوضع الحالي الذي وصلنا إليه وأضيف لهذا التحليل سبب آخر هو المشاركة وإبداء الرأي حيث أجري مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء دراسة حول مشاركة المصريين في صنع السياسات العامة حيث أوضحت نتائج الدراسة أن 75% من المصريين يخشون إبداء رأيهم بصراحة.
1 ــ انهيار التعليم
يؤكد الدكتور خليل فاضل علي انهيار النظام التعليمي حيث يرصد وفاة المَدرسة كمؤسسة تعليمية (تربوية) وانتصار الدروس الخصوصية، حيث أجمع كل الأوائل بلا استثناء وبلا حرج أو خجل أو مواربة على أن الدروس الخصوصية في كل المناهج كانت سبب تفوقهم، بل وأهدوا ذلك النجاح إلى مدرسيهم الخصوصيين. إن (موت النظام التعليمي) في مصر الآن هو محصلة حتمية لحال المجتمع، وما حدث ما هو إلاّ تأصيل وتقنين للفردية السعي إلى إصابة الهدف بقليل من المجهود، الاستعانة بخبير أو بصديق ! واختزال العلم في إجابات عن الأسئلة بعيداً عن الروح النقدية، ومن ثم تتولد لدى كل الشرائح المجتمعية سمات، أقلها التربص والتحفز الاستعداد للقفز فوق الأسوار وفوق الآخرين، عدم الانتماء، انعدام روح الفريق وفقدان التماسك واللحمة التي من الممكن أن تجمع بين الطلاب، وإذا اطلعت على صورهم وجدت الحبور الخالي من الأمل، أو الحيرة فيما قد يكون بعد ذلك (هناك نسبة غير قليلة من متفوقى الثانوية العامة تعانى من مشكلات جمة في التعليم الجامعي تصل إلى حَدّ الرسوب وتكراره).
اعد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار دراسة حول التعليم والدروس الخصوصية في مصر حذر فيها من ارتفاع حجم ما تنفقه الأسر المصرية علي الدروس الخصوصية والتي وصلت إلي ‏15‏ مليار جنيه في العام‏,‏ أي ما يعادل‏20%‏ من ميزانية الأسر‏.‏ المفاجأة‏,‏ أو بالأحرى الكارثة أن مستوي الطلاب‏,‏ والخريجين ضعيف‏.‏وانتهت الدراسة لعدة نتائج منها أن المدارس الخاصة تعمل وفقا لمعايير الربحية أكثر من معايير جودة العملية التعليمية‏,‏ بالإضافة إلي حاجة التعليم الخاص لاستثمارات كبيرة لإنشاء المدارس في ظل احتدام المنافسة بين المدارس الخاصة العادية والدولية علي جذب الطلاب‏.‏
إن مشكلة انهيار النظام التعليمي التي أشار إليها الدكتور خليل فاضل تتضح بالأرقام المنشورة علي موقع وزارة التربية والتعليم ومنها:
ـ عام 1950/1951 كان يوجد في مصر 7925 مدرسة منها 659 مدرسة لغات تمثل 8.3% من إجمالي المدارس . انخفضت في عام 1960/1961 إلي 464 مدرسة من أصل 8719 مدرسة وبما يمثل 5.3% من إجمالي المدرس .
ـ عام 2008/2009 أصبح لدينا 38305 مدرسة لجميع مراحل التعليم منها 5118 مدرسة خاصة ولغات تمثل 13.4% من إجمالي المدارس في مصر ويدرس بها 1.3 مليون تلميذ يمثلون 8.2% من إجمالي التلاميذ في مختلف مراحل التعليم.
ـ بدأت وزارة التربية والتعليم الخصخصة منذ سنوات بإنشاء مدارس تجريبية خاصة للغات بلغ عددها 1097 مدرسة تمثل 2.9% من المدارس الحكومية ويدرس بها 283 ألف تلميذ وتلميذة يمثلون 1.9% من تلاميذ المدارس الحكومية ويما يعكس التمييز الطبقي حتي داخل المدارس الحكومية.
ـ هناك عشرات الدراسات لأساتذة التربية وعلي رأسهم شيخ التربويين الدكتور حامد عمار والدكتور كمال نجيب عن تأثير التعليم الأجنبي علي مستوي التعليم والانتماء في مصر . كما أن أساتذة علم النفس لديهم أيضا عشرات الدراسات المنشورة حول نفس القضية.
ـ بجانب التعليم الحكومي والخاص والأجنبي لغات يوجد نظام التعليم الديني الأزهري والذي يتم من خلال 8275 مدرسة يتعلم بها 1.9 مليون تلميذ وتلميذة عام 2007/2008.
ـ يوجد غياب كامل للعدالة بين المدارس الحكومية والخاصة اللغات سواء من حيث كثافة الفصول أو مدي توافر معلمين تربويين.كذلك بين الحضر والريف وبين المحافظات المختلفة بل وبين الأحياء الراقية والأحياء الشعبية والعشوائيات. بحيث نجد مخرجات نظام التعليم متفاوته بشدة.
ـ كثافة الفصول لإجمالي مدارس الحكومة عام 2008/2009 كانت 34 تلميذ في الفصل بينما تصل إلي 30 تلميذ في المدارس الخاصة.كما نجد كثافة الفصول في المدارس الحكومية بالإسكندرية تصل إلي 48 تلميذ وتصل الكثافة إلي 43 تلميذ في الأقصر و42 في دمياط و 40 في سوهاج.
ـ نشرت جريدة الدستور خبر يقول " محافظ الفيوم يعاقب مدير عام سنورس التعليمية بإعادته إلي وظيفة مدير مدرسة لانتقاده سياسة التعليم بالمحافظة في أحد الفضائيات" .
ـ لذلك تختلف مخرجات النظام التعليمي بين المدارس الحكومية واللغات وتتجذر الفروق الطبقية بين كل منهم.
ـ تلاميذ يشاهدون مسلسل الأصدقاء والزوجات اليآسات ونور ويستمعون لفرق أيفانيسيز وكولد بلاي ولينكن بارك وكذلك لمطربات ومطربين مثل شاكيرا وبرتني سبيرز وانريكي اجلسيوس وفتي أحلامهم براد بيت وليوناردو دي كابريو وفتيات أحلامهم انجلينا جولي وجوليا روبرتس.وقطاع آخر يشاهد ذئاب الجبل وحمادة عزو والدالي ويستمعون إلي تامر حسني وسعد الصغير وأمينة وتامر عاشور.وفتي أحلام هذه الطبقة هو تامر حسني وأحمد عز وفتاة أحلامهم هي دينا و مي عز الدين. طبقة تقضي أوقات فراغها في سلينترو واستارباكس وطبقة الترفيه لديها أكلة كشري في محل خارج المنزل أو أكلة فول وطعمية في محل التابعي.
ـ طبقة لديها حفلة برومو سنوية للتخرج يحييها كبار الفنانين والفنانات وطبقة يسرقون منها جوائز التفوق .مثل التلميذة التي سرقوا منها الفرحة والكمبيوتر المحمول في مطوبس بمحافظة كفر الشيخ وهي الأولي علي الإدارة التعليمية وأرسل لها خطاب يدعوها للحضور لاستلام الجائزة وعند حضورها للإدارة التعليمية اكتشفت أن مدير التعليم الابتدائي غير أسماء الفائزين ووضع أسماء أخري وتقدم المتضررين ببلاغ للنائب العام برقم 4356 لسنة 2009.
ـ تلاميذ التدين لديهم هو محاضرات عمرو خالد ومصطفي حسني ومعز مسعود وآخرين التدين لديهم هو محاضرات الشيخ حسين يعقوب والشيخ محمد حسان والقس أكرم لمعي.طبقة الملابس لديهم مستوردة وماركات عالمية أو من المولات (المراكز التجارية) وأخري الملابس لديهم من البالات ( الملابس المستعملة ) أو من محلات " التوحيد والنور" التي تبيع المنتجات الآسيوية الرخيصة، طبقة تتعلم لفات إيشارب الحجاب من أمينة شلباية ( ملكة جمال مصر الأسبق) وطبقة تلبس نقاب وخمار وإسدال يغطي معظم الجسم. هكذا يتم تفكيك مصر عبر تفكيك النظام التعليمي والإعلامي وخصخصته.
2 ــ صباح الأول من سبتمبر
عندما طالعت صحف القاهرة الصادرة صباح الثلاثاء الفاتح من سبتمبر 2009 استوقفتني عدة عناوين منها:
ـ خبر منشور في جريدة " الوفد " يقول " إلغاء مشروع صكوك الملكية ـ جمال مبارك يطلب تأجيل المشروع لأسباب سياسية وإلغاء لجنة علي لطفي". لايفهم الناس لماذا طرح المشروع ولماذا سيطر لشهور علي كل وسائل الإعلام وقدمت عنه دراسات منها واحدة منشورة علي موقع وزارة الاستثمار وفجأة أختفي وأخيراً أعلن عن تأجيله . من صاحب الفكرة ولماذا تم التراجع عنها.. الأسباب غير معروفة!!!
ـ خبر آخر منشور في جريدة " الأهرام المسائي" يقول " احمد درويش، الفساد مسئولية المواطن، درويش يعترف في محاضرة أمام معهد القادة بحلوان بارتفاع معدلات الفساد الإداري".
ـ بينما قرأت في صفحة الحوادث بجريدة الوفد ثلاث حوادث مفزعة:
1. أبن يقتل أمه بعدة طعنات ويذبحها ويفصل رأسها عن جسدها ويشرع في قتل والده وأخيه بسبب الخلاف علي سداد قيمة فاتورة الكهرباء.
2. صاحب محل في القليوبية يطعن نفسه بسكين ويخرج أحشائه لعدم قدرته علي الوفاء باحتياجات المنزل . وهو عريس لم يمضي علي زواجه أكثر من شهرين.
3. سيدة تستأجر أشقاء زوجها لهتك عرض أختها أمام عينيها لإجبارها علي التنازل عن حصتها في ميراث والدها.
رمضان والصيام وحر القاهرة جعلوني أردد عنوان كتاب الدكتور جلال أمين " ماذا حدث للمصريين" ربما فسر لنا اساتذة علم النفس بعض أسباب هذه التغيرات وكيف قادت للاكتئاب والانتحار .ولكن فضولي البحثي دفعني لأبعد من ذلك قليلاً.
3 ــ تحليل كمي للحوادث المنشورة
دفعني الفضول البحثي للدخول علي الانترنت واختيار سبع صحف تنشر صفحات للحوادث وهي:
• الجمهورية • المساء
• الأهرام المسائي • المصري اليوم
• الوفد • الشروق
• الموقع الاليكتروني لجريدة اليوم السابع
طبعاً هذه مجرد عينة من الصحف التي تنشر أخبار الحوادث، كما أن الأخبار المنشورة ليست كلها عن حوادث جديدة فبعضها وقع منذ شهور والنشر تم عن المحاكمات أو الأحكام الصادرة. إن حصر الحوادث والجرائم في يوم واحد لا يعطي دلالة صادقة ودقيقة لأنه من الصعب أن نجعل منه قاعدة يمكن تعميمها والاعتماد عليها.كما أنني اعتمدت علي النسخ الإليكترونية وليس النسخ الورقية .ورغم ذلك قررت الاستمرار لمعرفة ما ستفضي إليه النتائج من تحليل جرائم الفاتح من سبتمبر. استطعت حصر 50 خبر منشور في صحف العينة.
ـ نشر موقع اليوم السابع الاليكتروني 22% من الحوادث التي تم حصرها يوم 1/9 /2009 ثم 18% في المصري اليوم والوفد و 14% في الشروق والمساء و 10% في الجمهورية و 4% في الأهرام المسائي.
ـ تساوت القاهرة الكبرى مع الوجه القبلي من حيث عدد الحوادث ( 19) تمثل 38% و 24% وقعت في محافظات الوجه البحري والقناة .
ـ يمثل الرجال 96% من أبطال الحوادث التي وقعت و4% للنساء.
ـ قتل في هذه الحوادث 14 شخص في 12 جريمة قتل بينما قتل 10 أشخاص في 6 حوادث مرورية بما يعكس أن حوادث المرور من أكبر المخاطر التي تواجهنا وهي مبنية علي قيم الاستهتار ومخالفة القواعد . فقد أكدت التحاليل العشوائية أن 100% من السائقين علي طريق الإسكندرية مطروح الدولي يتعاطون المخدرات. حيث أن نتائج جميع مفردات العينة التي تم أخذها جاءت ايجابية.
ـ كان عندي تصور مسبق هو أن جرائم المشاجرات والعنف هي الأكثر انتشاراً ولكن نتائج تحليل الحوادث المنشورة أوضحت أن جرائم القتل تمثل ما يقرب من ربع الحوادث المنشورة يوم 1 سبتمبر من خلال 12 حادث قتل.بينما تأتي المشاجرات والضرب والشغب في الترتيب الثاني 14% ثم حوادث المرور في المرتبة الثالثة يليها فساد رجال الأعمال في المرتبة الرابعة 10% وحوادث السرقة 8% ثم باقي الجرائم.

1. جرائم القتل
ـ جرائم القتل شملت 12 حادث ونتج عنها 14 قتيل. أبشعها الابن الذي ذبح والدته بعد أن طعنها عدة طعنات نافذة وانهال علي والده وأخيه الذين نقلوا للمستشفي في حالة حرجة. وقع الحادث في قرية ميت غرب مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية وفي نهار رمضان. ( الوفد) تري ما هي الهموم التي تكاثرت علي ذلك المقاول وأفقدته صوابه بحيث يطيح بالجنة وبأمه وتصل به البشاعة إلي فصل رأسها عن جسدها؟!!
ـ الجريمة الثانية شاب قتل والده لأنه كان دائم الاعتداء عليه وعلي أمه وإثناء اعتدائه علي أمه قام الشاب بإحضار سكين وطعنه عدة طعنات حتي فارق الحياة ، وقع الحادث في العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية .( المصري اليوم) تري ما هو الرابط بين قاتل الدقهلية وقاتل الشرقية؟!
ـ أما الصعيد وفي مركز طما محافظة سوهاج حدثت معركة علي شراء الخبز أسفرت عن قتيل وسبع جرحي.كما قتل شابان في سوهاج أيضاً جارهم لأنه تشاجر مع والدهم .( الأهرام المسائي)
ـ بسبب الميراث تجمع ثلاث أخوة في مركز تلا بالمنوفية وقتلوا ابن عملهم لخلاف علي تحديد حدود الأرض الزراعية محل النزاع ، جميع الأطراف متعلمين ولديهم وظائف .( المساء)
ـ في مركز أجا بمحافظة الدقهلية قتل شخص شقيقيه بسبب الخلاف حول الضجة التي يحدثها لعب الأطفال في المنزل( المصري اليوم ).وبسبب لعب الأطفال أيضا قتل شخص وأصيب آخر في قرية شنششت الأنعام مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بسبب لعب الأطفال الكرة أمام منزله( اليوم السابع ).كما حدثت مشاجرة بين العرب والهوارة في مركز أبو تشت محافظة قنا بسبب لعب الأطفال أيضاً.تري ما هي الضغوط التي دفعت هؤلاء الأشخاص لارتكاب جرائم قتل بسبب لعب الأطفال.( اليوم السابع)
ـ حدثت مشاجرة بين عمال في مصنع طوب بالإسكندرية فتربص بعض العمال بزميلهم وانهالوا عليه بالأسلحة البيضاء ومنعوا زملائه من إنقاذه حتى لفظ أنفاسه. وصدر حكم ضدهم بالحبس عامين فقط.( اليوم السابع)
ـ عامل يشرع في قتل نجار رفض إقراضه 20 جنيه في الزاوية الحمراء بالقاهرة.( اليوم السابع)
ـ جريمة أخري في محافظة 6 أكتوبر وهي قتل مسئول الحزب الوطني في 6 أكتوبر بثماني طعنات داخل مقر الحزب . ( اليوم السابع) تري هل كانت السرقة دافع الجريمة أم أسباب أخري أم تصفية حسابات سياسية بين القيادات المحلية؟!!
ـ أما حوادث القتل الأخرى فلأسباب متنوعة مثل الطفل الذي حاول دفع جنيه معدني لسائق ميكروباص رفض أخذ العملة المعدنية فجاء والد الطفل وهو مدرس ليعاتب سائق الميكروباص الذي أشهر سلاح ابيض وقتله.وقع الحادث في قرية قرياقص مركز دمنهور محافظة البحيرة.( جريدة الجمهورية) وبلطجي يسب سيدة فيتصدي له صاحب العقار وينهال عليه ضرباً حتي يفارق الحياة . وقع الحادث في بولاق الدكرور بالجيزة( الوفد).وشاب يتدخل لفض اشتباك بين عاطلين علي توك توك في قرية الورق مركز سيدي سالم محافظة كفر الشيخ فيخرج أحدهم سلاح ناري ويطلق النار علي الشاب. ( المساء)
ـ خلاف بين مجموعة من الشباب وآخر في العجوزة بالجيزة فتدخلت والدته لتدافع عنه فقيدوها وانهالوا عليها بالضرب حتى فارقت الحياة ومنعوا الأهالي من نجدتها وصدر الحكم عليهم بالحبس ثلاث سنوات . ( اليوم السابع)
ـ يلاحظ علي جرائم القتل التي تم رصدها مايلي:
• جرائم قتل الوالدة أو الوالد أو الأخ أو ابن العم.بما يعني انتهاء عصر أنا وأخويا في زمن الفردية و"أنا ومن بعدي الطوفان " " وإذا جالك الطوفان حط أولادك تحت رجليك" و" إن بيت أبوك خرب ميل خذلك قالب " إلي آخر قيم الفردية والأنانية والذاتية والسلبية التي تحدث عنها الدكتور الرخاوي.
• تتوزع الجرائم بين الريف والحضر وخاصة المناطق العشوائية مثل بولاق الدكرور والزاوية الحمراء في القاهرة والتي شهدت جريمتين.
• خلال المشاجرة يمنع البلطجية الأهالي من التدخل ليقفوا متأملين ما يحدث حتى تنتهي الجريمة.بما يعكس الغياب الأمني في الشارع وعزوف الناس عن الاشتباك خوفاً من الضرر.
• بعض الجرائم التي صدرت بها أحكام بالسجن سنتين أو ثلاث سنوات لأنها اعتبرت ضرب أفضي إلي موت وليس قتل.
• شكل النزاع علي الميراث السبب لجريمة قتل في تلا بالمنوفية وجريمة هتك عرض في شبين الكوم .ربما يعكس ذلك مشاكل تقسيم الأرض الرزاعية بالميراث وتأثيرها علي الفلاحين الذين يرتكبون جرائم للحفاظ علي حصتهم او الاستيلاء علي حصة أكبر مما يستحقون.
• فقدان الأعصاب وسرعة الاستثارة الأمر الذي يصل إلي القتل لأسباب مثل لعب الأطفال أو الضجيج بالمنزل أو ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء.وهو يؤكد ماقاله الخبراء.
2. جرائم المشاجرات والضرب والشغب
ـ أحداث شغب خلال جلسة صلح عرفية في قرية الجزيرة بمحافظة أسوان استمرت المعركة أربع ساعات واستخدمت فيها قنابل المولوتوف والأسلحة البيضاء والشوم وتم القبض علي 14 شخص .وإصابة 7 اشخصا في خلاف العرب والهوارة حول لعب الأطفال في قنا.( المصري اليوم)
ـ مشاجرة بين النساء في الفيوم تدخل الرجال بالأسلحة البيضاء وأصيب 5 أشخاص.( اليوم السابع)
ـ اشتباكات بين الشرطة وأهالي منطقة 45 بالإسكندرية بسبب سقوط سيارة كارو محملة فوق سيارة للشرطة ، علي طفلة كانت تسير مع أسرتها وأصابتها إصابات بالغة.( الشروق)
ـ إصابت سبع أشخاص في مشاجرة بين العرب والهوارة بسبب لعب الأطفال في مركز أبو تشت محافظة قنا.( اليوم السابع)
ـ كذلك معركة الخبز في سوهاج التي سقط فيها قتيل وسبع جرحي.( الأهرام المسائي)
تعكس أحداث الشغب المنشورة حقيقة وصول الاحتقان الشعبي إلي قمته في ظل غياب بديل مقنع وانسداد كل قنوات التغيير والحرمان من أي مشاركة حقيقية بحيث أصبح تفجر أحداث شغب وعنف يتم لأسباب متنوعة بدأ من طوابير الخبز ومرورا بضجيج الأطفال والاستهتار الذي أدي لسقوط سيارة كارو من سيارة الشرطة بالإسكندرية لتصيب طفلة تسير مع أسرتها بإصابات بالغة.
لذلك فإن أحداث العنف الطائفي التي تشهدها مختلف الأحياء الشعبية والمدن والقرى المحرومة ليست بغريبة بل هي جزء من حالة الاحتقان العام والعنف الذي يتم حتى خلال مشاجرات بين جماهير تنتمي لنفس الدين.وهي تحدث بين مشجعي فرق كرة القدم حيث تتعدد الأسباب ولكن رد الفعل العنيف واحد.
3. حوادث المرور
نشر يوم ا سبتمبر أخبار 6 حوادث مرورية سقط خلالها 10 قتلي يمثلون حوالي 42% من القتلي الذين سقطوا في هذا اليوم. لقد نشرت الصحف منذ أيام نبأ استشهاد اللواء مصطفي زيد مدير مباحث الجيزة الذي كان يعاين مواقع الأكمنة علي طريق محور 26 يوليو ودهسه أتوبيس مسرع تابع لرئاسة الجمهورية كان يتابع انسياب الحركة المرورية علي المحور. ومن بين الحوادث المنشورة :
ـ إحالة سائق شركة الرحاب للمحاكمة بتهمة قتل 5 وإصابة 12 شخص في حادث مروري . ( المصري اليوم ).
ـ حبس سائق قتل ربة منزل عمرها 54 سنة . السائق عمره 17 سنة وانشغل بالحديث مع فتاتين كانوا يركبون معه فصدم السيدة. ( اليوم السابع).
ـ اصطدام بين سيارة ميكروباص وسيارة علي الطريق الصحراوي الشرقي في سوهاج أدي لسقوط الميكروباص في الترعة بما أدي لمصرع أثنين وإصابة 8 أشخاص. ( الشروق).
ـ اصطدام سيارة محملة بمواد بترولية مع سيارة أجرة مما أدي لوفاة سائق النقل وإصابة شخصين بكسور في العمود الفقري.( الشروق).
ـ تصادم سيارتين بالفيوم بما أدي لمصرع شخصين وإصابة خمس أشخاص . ( الشروق).
تعكس حوادث المرور استهتار البعض بقواعد المرور وغياب الرقابة وسقوط هيبة الشرطة في تنظيم الانفلات المروري.وعندما بدأت إدارة المرور تحليل عينات دماء السائقين علي الطرق السريعة اتضحت حقائق مروعة منها:
• التحاليل العشوائية تؤكد100% من السائقين علي طريق مطروح الدولي يتعاطون المخدرات ، ترحيب واسع بقرار وزير الداخلية تعميم خطة تحليل دماء السائقين في جميع الأكمنة.
• قامت الإدارة العامة للمرور بشن حملة مرورية موسعة استهدفت الكيلو 40 بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي لضبط سائقي المركبات الذين يثبت تعاطيهم لمواد مخدرة. وقد أسفرت جهود الحملات - التي استخدمت فيها الكواشف الاستدلالية - عن فحص 15 حالة تبين أن من بينها 12 حالة إيجابية ( 80% من العينة) ، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وعرضها على النيابة العامة، وسحب رخص القيادة الخاصة بها.
• أكد اللواء محمد شوقي مدير الإدارة العامة للمرور في لقاء صريح مع قراء الخط الساخن لجريدة الجمهورية أن سلوكياتنا الخاطئة وعيوب الطريق وراء نزيف الأسفلت ولدينا 26 ألف حادث و18 مليون مخالفة في عام واحد!! وأن عدد السيارات تضاعف 17 مرة.. والطرق ثلاث مرات فقط.
• يوجد في مصر 4.6 مليون سيارة مرخصة عام 2008 وبذلك يكون متوسط المخالفات 3.9 مخالفة لكل سيارة . لكن ما يحدث هو تلاعب في قيد المخالفات يجعلها تتركز علي سيارات الفقراء خاصة الأجرة والنقل والميكروباص وهناك الاف القصص عن الفساد في هذا القطاع وتحويل المخالفات بالتلاعب في رقم من أرقام السيارة بما يحولها لشخص آخر.
• فحصت حملة مرورية في محافظة المنوفية - شارك فيها أطباء وفنيين - 595 سائق للكشف عن تعاطيهم المواد المخدرة، وتبين أن بينهم 203 سائق أثبتت التحاليل الطبية تعاطيهم للمخدرات أثناء قيادتهم السيارات( 34% من العينة )، وتم تحرير المحاضر اللازمة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، وأحيلوا إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، وتم سحب رخص القيادة الخاصة بهم. ( المصري اليوم 20/7/2009)
• في دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن حوادث السيارات والقطارات عام 2008 اتضحت عدد حقائق منها:
ـ بلغ اجمالى حوادث السيارات في مصر 20938 حادثه عام 2008 ، وبلغ عدد حوادث الطرق السريعة 4717 حادثة بنسبة 22.5% من إجمالي حوادث السيارات عام 2008 .
ـ بلغ أعلى معدل خطورة في محافظة المنيا حيث بلغ 8,5 متوفى أو مصاب / حادثة بينما تمثل محافظة الشرقية اقل معدل خطورة حيث بلغ 0.9 متوفى أو مصاب / حادثة عام 2008.
ـ كان العنصر البشرى أكثر العناصر تسبباً للحوادث بنسبة 70% يليه الحالة الفنية بنسبة22% ثم حالة الطريق بنسبة 2% من الاجمالى عام 2008 . ( علاقة العنصر البشري بارتفاع نسب تعاطي المخدرات بين السائقين علي الطرق السريعة)
ـ تحدث 57,4 حادثة / يوم ، 2.4 حادثة / ساعة عام 2008
وفي دراسة أخري أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء توصلت لنتائج هامة منها:
• ارتفع عدد حالات الوفاة من 6.2 ألف عام 2006 إلي 6.7 ألف عام 2007 وبزيادة 8.1%
• ارتفع عدد الإصابات الناتجة عن حوادث الطرق من 26.6 ألف مصاب إلي 30.1 ألف مصاب وبزيادة 13.2%.
• 19.8 ألف سيارة لحقت بها تلفيات جسيمة نتيجة الحوادث .
لذلك تتكبد مصر مليارات الجنيهات سنوياً من جراء حوادث الطرق ، إضافة للخسائر البشرية وحالات العجز والإعاقة الناتجة عن هذه الحوادث. يكفي أن نؤكد علي مقاله اللواء محمد شوقي مدير الإدارة العامة للمرور لجريدة الجمهورية حول
" أننا مازلنا نفتقد للوعي المروري والإعلامي مشيرا إلي أن مصر آخر دولة طبقت حزام الأمان بعد أن أصبح الخطأ هو القاعدة والالتزام هو الاستثناء . وعاد ليقول أن 80% من إجمالي حوادث الطرق في العالم من نصيب الدول النامية وإن حجم الفاقد الاقتصادي يساوي ضعف قيمة المنح والمعونات التي تحصل عليها هذه الدول سنويا بسبب نقص الوعي المروري مؤكدا علي أهمية تغيير الاستراتيجية الإعلامية لتنمية الوعي المروري".
4. فساد بعض رجال أعمال
تشكل قضايا رجال الأعمال محور رئيسي في الحوادث التي نشرتها الصحف خاصة مع عودة السيدة هدي عبدالمنعم التي لقبها الإعلام بالمرأة الحديدية وقرب عودة المليونير الهارب رامي لكح وإيهاب طلعت.ومن الحوادث التي نشرت اليوم خبر عن اصطدام سيارة خدمات بالطائرة الخاصة لرجل الأعمال سميح ساويرس في مطار القاهرة وإحداث تلفيات في الطائرة. ومن بين الحوادث المنشورة:
• النائب العام يأمر بضبط وإحضار إحسان دياب أحد المتهمين في قضية نواب القروض ومنعه من السفر حيث اقترض 57 مليون جنيه وبدأ يتلاعب في السداد الذي تم التصالح علي أساسه. ( الوفد)
• أول أكتوبر نظر استئناف المرأة الحديدية في قضية شيك بدون رصيد وصدر ضدها حكم بالحبس 3 سنوات. ( المصري اليوم)
• القبض علي نجل رجل أعمال بالفيوم هارب من 13 حكم شيكات ووصل أمانة بدون رصيد وهو أبن شقيق عضو مجلس الشعب. ( اليوم السابع)
• مصدر مطلع : لا صحة لأنباء وقف دعوي البطلان في حكم سياج علي أرض طابا ، الحكم الصادر يلزم مصر برد 133 مليون دولار 745 مليون جنيه ومصر طعنت علي الحكم.( الشروق )
يحفل المناخ المصري بقضايا رجال الأعمال فرغم رعاية الدولة لهم وحمايتهم وإغداق الإعفاءات والتسهيلات عليهم إلا أن الفساد أصبح ملازم للصعود الطبقي للكثير من رجال الأعمال . كما أن قصص الصراع بين رجال الأعمال والاحتكارات مثل أحمد عز في سوق الحديد وحسين سالم لسوق الغاز والوليد بن طلال لسوق السياحة وساويرس للاتصالات بما يدفع البسطاء للمزيد من التأمل .
كما نصحوا بين فترة وأخري علي فضيحة مدوية مثل شرائط الفيديو الخاصة بالمهندس حسام أبو الفتوح في ظل الصراع علي وكالات السيارات وقضية هشام طلعت مصطفي وسوزان تميم التي شغلت الرأي العام لشهور وهو عضو لجنة السياسات بالحزب الحاكم وعضو بمجلس الشورى. كل ذلك يعطي أهمية لتأثير قضايا رجال الأعمال والحوادث الخاصة بهم علي فقراء مصر ويعمق شعورهم بعدم الانتماء لمدينة الرحاب ومدينتي ودريم لاند في ظل العشوائيات وغياب المرافق والخدمات وشراء المصريين للماء .
كشف تقرير مركز الدراسات الريفية عن الفساد عام 2008 أن قيمة قضايا الفساد التي تم حصرها تبلغ 39 مليار 373 مليون و524 ألف جنية. وفي دراسة أعدها مركز المعلومات ودعم اتخذا القرار بعنوان " منهجية ونتائج مؤشر قياس الفساد الإداري علي مستوي المحليات" وجاءت النتائج علي النحو التالي:44.7% من العينة أوضحوا أنهم يصدقون ما تنشره الصحف ولكنهم يشعرون أن فيه شئ من المبالغة و8.8% لا يصدقون ما تنشره الصحف ويعتبرونه مجرد كلام جرائد، بينما أوضح 27.7% فقط أنهم يصدقون ما تنشره الصحف. هكذا تلعب قضايا رجال الأعمال دور في تشكيل الوعي الاجتماعي خاصة تجاه حجم الفساد وإدارة الحكم والتزاوج بين الثروة والسلطة.
5. جرائم السرقة
نشرت 4 حوادث سرقة تمثل 8% من الحوادث التي تم حصرها في العينة ومن بين تلك الحوادث:
• عاطلان يسرقان حقائب السيدات باستخدام سيارة.( الأهرام المسائي)
• عاطل يسرق سيارة صلاح أبو جريشة. ( المساء)
• عصابة الحريم شطبت محلات الصاغة بالشرقية. مجموعة تشغل صاحب المحل او البائع وواحدة تخفي بعض القطع الذهبية وتهرب. ( المساء)
• سرقة 90 ألف جنيه من رجل أعمال بدمياط.اللصوص تبعوه من لحظة خروجه من البنك واستغلوا انشغاله في سوق السمك ليستولوا علي المبلغ ويفروا من المكان. ( اليوم السابع)
تشكل البطالة والفقر أهم الأسباب في حوادث السرقة ففي ظل بطالة تقدرها المصادر الحكومية 2.1 مليون متعطل 33% منهم يحملون مؤهلات جامعية ، وتقدر دراسات أخري حقيقة البطالة بأضعاف هذه الأرقام.
6. جرائم التعذيب
تشكل حوادث التعذيب والإيذاء البدني للمشتبه بهم والمعتقلين والسجناء أحد القضايا التي تؤثر بشكل مباشر في الوعي الاجتماعي وتجعل المواطن العادي يتجنب التعامل مع الإدارة الحكومية بشكل عام ووزارة الداخلية بشكل خاص.وقد نشرت الصحف حادثين هما:
• أسرة تتهم ضابط شرطة في قسم مصر القديمة بالقاهرة باقتياد أبنها عارياً وتعذيبه لتلفيق قضية مخدرات له. بينما جاء بمحضر الشرطة أن المتهم ضبط في كمين وعند تفتيشه أطلق النار علي القوة وهرب حتي تم إلقاء القبض عليه.( الشروق)
• تأجيل الدعوي للحكم في قضية مأمور قسم أوسيم بالجيزة بالتعدي بالضرب داخل الحجز علي سيدة كانت تعمل لديه طباخة واتهمها بالسرقة واحتجزها.( الجمهورية) بينما تدعي السيدة أسباب أخري جعلتها ترفض العمل لدي الضابط وعندما أبلغته بأنها ستترك العمل وخوفاً من حدوث مشكلة مع زوجته لفق لها قضية السرقة.
تعد مشاكل التعذيب والتعامل خارج القانون من أخطر القضايا التي تؤثر في الوعي الاجتماعي للمصريين . ولعل صورة عماد الكبير سائق الميكروباص الذي تم هتك عرضه في قسم الشرطة وتم تصويره بكاميرا هاتف محمول واستخدامها لإذلاله ورغم صدور حكم قضائي بإدانة الضابط إسلام نبيه المسئول عن تعذيبه إلا أن الآثار النفسية للحادث تركت الكثير في الوعي المصري.وكذلك قضية إطلاق النار علي مشتبه به في أسوان خلال القبض عليه وجره في الشارع وهو مصاب حتى فارق الحياة. وحادث قسم العمرانية حيث تم إلقاء شخص من الشرفة وهو حي ليسقط قتيلاًَ في الشارع بدعوي انه قفز من الشرفة عندما فجأته الشرطة وكذلك حادث فارس بركات الذي القته الشرطة من الدور الرابع لأنه طلب رجال الشرطة بالاطلاع علي أذن التفتيش الصادر من النيابة.
لقد رصد تقرير مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف أكثر من 1677 حالة تعذيب ترددت علي المركز بين عامي 1993 و2000. كما رصد تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2009 " استمر تفشي التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة بشكل منظم في مراكز الشرطة والسجون ومراكز الاحتجاز التابعة لمباحث أمن الدولة. وظل معظم مرتكبي هذه الانتهاكات بمنأى عن العقاب والمساءلة، وهو الأمر الذي تفاقم من جراء تهديد الشرطة للضحايا بإعادة القبض عليهم أو بالقبض على أقارب لهم إذا تقدموا بشكاوى. ومع ذلك، قُدم إلى المحاكمة على مدار العام بعض الذين زُعم أن قاموا بالتعذيب".ويقدر التقرير عدد المعتقلين في مصر بنحو 10 ألاف شخص ظلوا محتجزين بشكل مستمر بدون تهمة أو محاكمة لعدة سنوات. في حين تعلن الحكومة أنهم لم يتجاوزو 1500 شخص .
وكان المعتقلون إدارياً، بموجب أوامر من وزير الداخلية، يُحتجزون في ظروف تُعد من قبيل المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، وكان بعضهم يعانون من أمراض نتيجةً لذلك، حسبما ورد. واستمر احتجاز كثيرين منهم بالرغم من صدور أوامر متتالية من المحاكم بالإفراج عنهم. وفي أغسطس، وافقت وزارة الداخلية على دفع مبلغ إجمالي قدره 10 ملايين جنيه مصري (حوالي 1.87 مليون دولار أمريكي) على سبيل التعويض لنحو ألف من الإسلاميين الذين ظلوا معتقلين بدون تهمة أو محاكمة بالرغم من صدور أوامر قضائية بالإفراج عنهم خلال عقد التسعينات من القرن العشرين.
وظل مسعد سليمان حسن (وشهرته مسعد أبو فجر)، وهو روائي ومؤسس حركة «ودنا نعيش» ومقرها في سيناء، محتجزاً في سجن برج العرب بالقرب من الإسكندرية، ثم في سجن أبو زعبل بالقاهرة، وذلك بموجب أوامر من وزير الداخلية، بالرغم من صدور عدة أوامر من المحاكم بالإفراج عنه. كما اثبت تقرير المنظمة المصرية لحقوق الانسان ثبوت 47 حالة تعذيب داخل أقسام الشرطةو14 حالة سوء معاملة داخل أقسام الشرطة.
يري خبراء مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا التعذيب أنه توجد عدة آثار نفسية للتعذيب منها:
• الضعف أو اليأس المكتسب وذلك عندما يفقد الإنسان القدرة علي السيطرة أو التأثير في الأحداث أو حين تفشل التفاعلات والاستجابات المختلفة للإنسان في إحداث أي تغيير في الموقف.
• تدمير الخبرة المنطقية " المعني " يقوم العقل في الظروف العادية بتنظيم الخبرات والمواقف الحياتية، وتقسيمها وتصنيفها في إطار منطقي وربطها مع الخبرات السابقة. ومن خلال هذا التنظيم نتمكن من تحديد المواقف الهامة بالنسبة لنا وفهمها وتحديد الطريقة التي سنتعامل بها في المواقف المحددة. إن هذا التنظيم يمنحنا الإحساس بالأمان وبالاستمرارية التاريخية.فما يحدث الآن مثلاً ، يمكن التعرف عليه ، وعلي مستقبله من خلال الخبرات السابقة . هذه الاستمرارية الوجودية ضرورية لإضفاء معني علي وجودنا، وبالتالي استمرارنا في الحياة . من هذه الزاوية يمكننا النظر إلي التعذيب باعتباره هجوماً مباشراً علي هذا النظام. لكن موقف التعذيب يفتقد إلي خبرة سابقة يمكن فهمها في سياقها، وهي لحظة لا تمت بصلة للحظة السابقة لها، ولا يمكن التنبؤ معها بما يمكن أن يترتب عليها. إنها توقف للزمن وللإحساس بالاستمرارية، وبالتالي توقف لمعني الوجود، مما يترك أثراً بالغ الخطورة علي الضحية، إذ يلقي به في بئر عميقة من العزلة، خارج الزمان والمكان والأحداث.
• الحقيقة والخيال : حين يصبح الواقع الفعلي أكثر غرابة من كل ما يمكن تخيله ، يثور إحساس نفسي بالحيرة واللامنطقية. وفي نفس الوقت تفقد الأشياء الحقيقية قيمتها ومعناها، وترتبك القواعد والقيم التي نعرفها وتساعدنا علي فهم وتنظيم خبراتنا، بحيث تكون متوائمة وملائمة للموقف.إن بعض طرق التعذيب تصمم لكسر إحساس الضحية بالحقيقة والواقع المعتاد، كأن يعلق من قدم واحدة في مروحة مثبته في سقف الحجرة، ثم يقوم أحد الأشخاص، بلا مبالاة، بتشغيل المروحة بسرعة عالية، فتختلط الاتجاهات والإحساس بالمكان.
• الانقسام : لجسد الإنسان طبيعة مزدوجة ، الجسد كشئ موضوعي ومنفصل عن الذات ، والجسد كخبرة معاشة أي كموضوع للذات.إننا في الظروف العادية،لا ندرك جسدنا كشئ منفصل عنا.إننا نتعامل مع أجسادنا علي أساس إنها طريقة أو وسيط للتعبير عن الذات ، والتأقلم مع المؤثرات الخارجية، وتطوير خبرتنا الاجتماعية.والجسد كخبرة ، هو أول وعي للإنسان " الأنا" أو النفس أو الروح . وزمن خلال هذا الوعي ، أو هذه الخبرة ، يتوحد الجسد كوعي ذي خبرة، وكشئ، في آن واحد. ويميل الإدراك الذاتي ( الأنا) إلي التصرف كوحدة ، ككيان واحد ، فعندما يشعر الجسد " كشئ" بالراحة يصاحب ذلك الشعور تكوين خبرة بالراحة، ووعي بها. أما في موقف التعذيب ، وبسبب المعاناة الشديدة المترتبة عليه ، يصبح الجسد شيئاً منفصلاًُ عن الذات ، ويعجز الوعي والإدراك عن التعامل بوحدوية ، مما يترتب عليه انقساما شديداً بين وجود الشخص ووعيه بذاته.
هذه هي بعض الآثار النفسية التي يتركها التعذيب علي الشخص الذي تعرض للتعذيب ولكن الآثار الممتدة لذلك في وعي المجتمع تحدث تأثيرات عميقة تعمق السلبية والعزوف عن المشاركة وإبداء الرأي خوفاً من الدخول في تجربة من هذا النوع. إن التوسع في الاعتقالات والقتل خارج القانون وانتهاك البشر داخل أقسام شرطة كلها تؤدي لتعميق مجموعة من القيم السلبية بحيث نري مئات الشباب يتزاحمون في قوارب الموت هرباً من مصر ورغبة في البحث عن فرصة عمل مناسبة فيما وراء المتوسط؟!!!
7. جرائم المخدرات
تشكل جرائم المخدرات احد أخطر الجرائم التي تدمر المجتمع المصري ولقد تم رصد حادثين مخدرات تم النشر عنهم في هذا اليوم :
ـ ضبط 35 كيلو بانجو وكيلو حشيش بحوزة 8 متهمين بالقاهرة. ( المصري اليوم)
ـ صدور الحكم بالسجن 6 سنوات لمهرب هيروين بالإسكندرية ( اليوم السابع)
لذلك تشكل جرائم المخدرات خطر كبير يدمر المجتمع المصري وقد كشفت دراسة رسمية في مصر عن اتساع سوق الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة في البلاد، قائلة إن حجم هذه التجارة وصل خلال العام الماضي فقط لنحو 18.2 مليار جنيه، منها 15.7 مليار جنيه قيمة الزراعات المخدرة (القنب ـالخشخاش) و2.41 مليار جنيه قيمة المواد المخدرة الطبيعية و900 مليون جنيه قيمة المواد المخدرة التخليقية.
وحذرت الدراسة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من التأثير السلبي على الاقتصاد المصري، قائلة إن قيمة ما يتم إنفاقه على المواد المخدرة تصل نسبته إلى 2.5 في المائة من عوائد الدخل القومي المقدرة بحوالي 731.2 مليار جنيه للعام المالي 2006 ـ 2007، وأضافت الإحصائية أن ما أنفق على المواد المخدرة بمصر في العام الماضي يمثل بالنسبة لعوائد الدخل القومي نحو 79.5 في المائة من دخل قناة السويس، و32.8 في المائة من عائدات الصادرات المصرية (العادية)، و41.3 في المائة من عائد السياحة، و109 في المائة من عائد الاستثمار، و46.9 في المائة من تحويلات المصريين بالخارج ، و32.7 في المائة من عائدات البترول.
وبحسب الدراسة بلغت كمية المواد المخدرة الطبيعية المضبوطة في عام 2007 نحو 47 ألف كيلوغرام من البانجو، و 6 آلاف كيلوغرام من الحشيش، و49 كيلوغراما من الأفيون، و3.82 كيلوغرام من الكوكايين، بينما بلغت كمية المواد المخدرة التخليقية المضبوطة حوالي 88 كيلوغراما من الهيروين، و2380 قرصا من العقاقير المخدرة، ونحو 172 سم3 من سائل الماكستون فورت.
ووصل حجم المضبوطات من الزراعات المخدرة لحوالي 272 فدانا مزروعة بالقنب يقدر إنتاجها بنحو 2.2 ملايين كيلوغرام، و233 فدانا مزروعة بالخشخاش يقدر إنتاجها بحوالي 7 ملايين كيلوغرام. وقالت الدراسة إن قيمة ما أنفقه المصريون على القنب في سوق الاتجار غير المشروع خلال العام الماضي وصلت لنحو 12.64 مليار جنيه، بنسبة 69.45 في المائة، يليه الخشخاش بقيمة حوالي ملياري جنيه، بنسبة 16.8 في المائة من إجمالي قيمة ما تم تداوله والبالغ 18.2 مليار جنيه.
لذلك تشكل جرائم المخدرات احد وسائل تغييب وتدمير وعي الشعب المصري رغم كل الجهود التي تتم للمواجهة وآخرها سقوط اللواء إبراهيم عبدالمعبود مدير مباحث السويس في مواجهة مع تجار مخدرات .( اليوم السابع) ولعلماء النفس والاجتماع العديد من الدراسات الهامة عن المخدرات ولكن المشكلة تكمن في أن المواجهة الأمنية وحدها لن تجدي مالم يتم اجتثاث المسببات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية المسببة لانتشار هذه الظاهرة من مجتمعنا.إن اتساع حجم المتعاطين يخلق سوق كبير يستنزف مليارات الجنيهات ويدمر مستقبل الأمة.
8. حوادث الانتحار
نشرت الصحف حادثي انتحار وقعت في ذلك اليوم:
ـ وقعت الأولي في الإسكندرية لشخص يبلغ 51 سنة وعجز عن تدبير نفقات أسرته في ظل موجات الغلاء وانفلات الأسعار فألقي بنفسه من فوق كبري القباري ليسقط قتيلاً. ( الوفد)
ـ الثانية في بنها بمحافظة القليوبية لعريس تزوج منذ شهرين وعجز عن تدبير نفقات المعيشة فطعن نفسه بسكين وحاول إخراج أحشائه ليموت ونقل للمستشفي في حالة حرجة.( المصري اليوم)
إن انتشار جرائم الانتحار بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة وانطلاق حرية الأسواق مرتبط بجرائم القتل العائلي التي تتم من خلال قيام رب الأسرة بقتل جميع أفراد الأسرة لخوفه علي مستقبلهم. تعكس هذه النوعية من الحوادث في ظل الانفلات الرأسمالي وانخفاض الأجور وفوضي البورصة وعجز الناس عن تدبير ضرورات المعيشة، أو الخسارة المالية التي يصعب تعويضها. كل هذه الأسباب تؤدي لانتشار مثل هذه النوعية من الحوادث المرتبطة بطبيعة النظام الرأسمالي القائم وتوحشه.
9. جرائم السحر والشعوذة
جرائم السحر والشعوذة ومنها جريمة سيدة توجهت لأحد الدجالين بمنطقة الزاوية الحمراء لعمل حجاب محبة لزوجها وحاول المشعوذ الاعتداء عليها فأبلغت الشرطة.( جريدة الجمهورية) .
أثبتت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن المصريين ينفقون 10 مليارات جنيه سنوياً علي الدجالين والمشعوذين والنصابين الذين يدعون ـ كذباً ـ قدرتهم علي تسخير الجان وعلاج الأمراض والمشاكل الصحية والاجتماعية، كما أوضحت الدراسة أن هناك ما يقارب من 300 ألف شخص يعملون في مجال الدجل والشعوذة في مصر، فضلاً عن أن هناك مليون مصري علي الأقل يعتقدون أنهم ممسوسون من تحت الأرض، وكشفت الدراسة عن أن 50% من النساء المصريات يعتقدن اعتقاداً جازماً بتأثير السحر على جوانب الحياة، خاصة الجانب الاجتماعي منها..
تؤكد الدراسة أن منطقة الشرابية تستحوذ علي نسبة الثلث من الدجالين بنسبة 32.5% ( وهو الحي الذي وقعت به الحادثة المنشورة اليوم ) والسيدة زينب بنحو 11%. وتنخفض النسبة في الأحياء الراقية إلى أقل درجاتها حيث لا تتجاوز النسبة في مصر الجديدة 4.43%. وتتقدم هذه النسبة في جاردن سيتي والزمالك.وتنتشر أعمال الدجل والشعوذة في صورة متعددة مثل قراءة الفنجان أو إعداد الأحجبة أو طرد الأرواح الشريرة، إضافة إلى جلسات "فتح المندل"، التي يدعي المشعوذون أنهم قادرون بواسطتها على كشف أمور تحدث في أماكن أخرى.أوضحت الدراسة أن زيادة أعداد الدجالين مرتبطة بتزايد الاعتقاد في الخرافات. ويأتي المتعلمون وأصحاب المستويات الثقافية الرفيعة ضمن الفئات الأكثر ترددا على هؤلاء الدجالين، حتى أصبح المعدل دجالا واحدا لكل 240 مواطنا، باعتبار عدد السكان في البلاد يبلغ 72 مليون نسمة.( وقت إجراء الدراسة)
يفسر لنا الدكتور خالد منتصر هذه الظاهرة وخلفياتها بقوله:
" الخرافة في مصر هي بنت شرعية للعجز وقلة الحيلة ،وعندما يفشل مجتمع في تفسير ظواهر التغير وعوامل الخلل و"اللخبطة" و"اللخفنة" فيه فإن أبناءه يدقون بشدة على أبواب الخرافة والدجل لعلهم يجدون السبيل والحل والضوء في نهاية النفق المعتم ،ولأننا بلد يزدرى العلم ويحتقر الإحصائيات ويمقت التحليل ويبالغ فى التواكل والفهلوة وقول ياباسط، فقد أعطينا العقل أجازة مفتوحة وأقمنا له سرادقاً باتساع حدود هذا الوطن لنستقبل العزاء فيه،وعندما تسللت الخرافة وخرجت من رحم الطبقات الشعبية لتفض بكارة أهم مؤسساتنا الاجتماعية لم نحرك ساكناً واكتفينا بالفرجة،لم نندهش عندما صدر حكم محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية بالطلاق لزوجه أدعت أن زوجها متزوج من "جنية " أو عفريتة دأبت على إزعاجها هي وأولادها وخاصة بعد أن حملت الجنية وخلفت من الزوج !،كده بسهولة برغم أن زوجات معدمات تحفى أقدامهن للحصول على حكم طلاق مماثل بدون وجود منافسة من الجنيات ولكن بلافائدة ،ولم نندهش أيضاً حين عرفنا أن زيارة أضرحة الأولياء أصبحت واجباً مقدساً لكبار القوم من الوزراء والسياسيين بل ورؤساء الجامعات !،ولم نفاجأ حين قرأنا أن أحد وزراء الداخلية كان يستعين بشخص " أهطل" من الرجال البركة لكي يساعده في اتخاذ قراراته المصيرية التي يتعلق بها مستقبل ومصير البلد،وأن هناك مسئولين كباراً كانوا يحضرون روح زعيم سياسي لإستشارته وأخذ رأيه 000الخ ،أي أننا ببساطة تبلدنا في استقبال مثل هذه الأمور لأنها صارت عادية بل ومحتفى بها لأنها دخلت في النسيج الإجتماعى لمصر ملتصقة بكرات دمها الحمراء .
10. جرائم متفرقة
نشرت الصحف نوعيات أخري متنوعة من الحوادث منها:
ـ جرائم الميراث حيث استأجرت سيدة أشقاء زوجها للاعتداء علي أختها وإجبارها علي التنازل عن حصتها من ميراث والدها.( الوفد) ومثل الأشخاص الذين قتلوا ابن عمهم للخلاف علي الميراث ( المساء).هكذا انعكست ضغوط الحياة وإعلاء قيم الملكية الخاصة علي كل قيمة أخري. وإذا كانت الغاية تبرر الوسيلة عند الدولة فما بالنا بالأفراد الذين وصلت أوضاعهم لأكل لحم أخيهم وابن عمهم من اجل الملكية الخاصة التي أصبحت القيمة العليا للناس في مجتمع المليونيرات ورجال الأعمال.
ـ جرائم الرشوة مثل القضية المتهم فيها المستشار الهندسي لوزير الصحة وهو أستاذ بكلية الهندسة والذي حكم عليه بخمس سنوات و 3 سنوات لثلاث مهندسين شاركوا معه.( جريدة الجمهورية). أي قيمة يمكن أن يعلمها ذلك الأستاذ المرتشي لتلاميذه في الجامعة؟!وكم حجم جرائم الرشوة في الجهاز الإداري والمحليات التي قال السيد زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية أمام مجلس الشعب أن الفساد بها وصل للركب !!! وهو المسئول عن اختيار وتعيين كل المحافظين ورؤساء المراكز والأحياء والمدن. علي من يضحك رئيس الديوان؟!
ـ جرائم التزوير ومنها جريمتين الأولي لمهندس زراعي وعمال يروجون عملات مزيفة في نجع حمادي ( المساء) والثانية لموظف بالضرائب العقارية في الحسينية شرقية يقوم بتزوير المحررات الرسمية ويستخدم أختام حكومية مزورة. (المساء).
ـ أوضح تقرير مؤسسة الشفافية الدولية تراجع مركز مصر 10 درجات مقارنة بالعام الماضي حتى وصلت إلي المرتبة 115 مما جعل توصيفها وفقاً للتقرير " أقرب للدولة الفاسدة".تمثل الواسطة والمحسوبية 21% من قضايا الفساد في مصر والتلاعب 35% والتزوير 29% والنصب 26% وفق تقرير جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية عن حالة الفساد في مصر 2008.
ـ الغش التجاري حيث ضبطت قضيتين الأولي عن ضبط 45 قضية تموينية في سوهاج ( الوفد) والثانية ضبط 90 طن سلع غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي (المساء).لذلك يستغل البعض مظاهر الفقر والجهل لترويج هذه المنتجات التي أصبحت تباع في بعض المطاعم الراقية والسوبر ماركت الكبيرة ويما ينعكس علي تدهور صحة المصريين وانتشار الأمراض.
هذه رؤية سريعة لخلفيات الحوادث التي نشرتها الصحف يوم 1 سبتمبر 2009 والتي حاولنا من خلالها التعمق في أسباب هذه الحوادث وخلفياتها الاقتصادية والاجتماعية. تعكس كل هذه المظاهر التي عرضنا لها كيف تم تفكيك المجتمع المصري وحقيقة ما حدث لمصر والمصريين.
إنها مجرد اجتهاد فردي قائم علي جهود عشرات المفكرين المهمومين بكيفية مواجهة ما يحدث ووضع خطة للخروج من النفق المظلم. إن ما حدث لمصر والمصريين علي مدي العقود الأخيرة يحتاج للعلم قبل أي شئ آخر من أجل المواجهة . يحتاج لمواجهة الفقر والجهل بخطة حقيقية تعيد توزيع الثروة والسلطة وتقلل من حدة الأمراض التي نواجهها وتكفل رعاية صحية مجانية للجميع. مواجهة تعيد الإعلاء من قيم المواطنة وتعيد الشعور بالانتماء وتحشد الملايين خلف مشروع للتطوير والتحديث.
نحن بحاجة لعصر تنوير جديد يعيد إنتاج الشيخ محمد عبده وسلامة موسي وقاسم أمين والدكتور طه حسين بما يناسب عصر العولمة وبما يعيد إلينا هويتنا التي يتم طمسها من خلال نظام تعليمي متفسخ وإعلام تجاري كل هدفه الربح. بذلك يمكننا أن نبني معاً مصر الجديدة.وهنا أتذكر أبن عروس وهو ينشدنا:
أوعى تقول للندل يا عم
ولو كان على السرج راكب
ولا حد خالي من الهم
حتى قلوع المراكب
ولابد من يوم محتوم
تترد فيه المظالم
أبيض على كل مظلوم
أسوَد على كل ظالم
إلهامي الميرغني
10 سبتمبر 2009







#إلهامى_الميرغنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكافحة الفقر بين جهود الحكومة والمجتمع المدني والإسلاميين
- علاقات العمل
- تمثيل المرأة ونظام الحصة
- التغيرات في بنية الطبقة العاملة المصرية
- الفردية والاستثناءات وثقافتنا
- الرأسمالية المصرية تجدد نفسها بإعدام الفقراء
- لماذا نخاف من الأوبئة ؟
- حرب الخنازير
- الطريق لتحرير النقابات المهنية
- اليسار .. الأزمة و الفراغ السياسي
- السكة الحديد مرفق حيوي وكفاح عمالي متواصل
- المعلمون بين الاقتصاد و التعليم
- الحرية النقابية ومشروع قانون النقابات العمالية
- الشيوعيون المصريون .. ويناير و مسيرة العطاء المتواصل
- هل يتأثر المواطن المصري العادي بالأزمة العالمية؟!
- التمييز الايجابي والمرأة وقضية الديمقراطية في مصر
- الحرية النقابية والتعددية هي الحل
- رؤية لما حدث في 6 أبريل
- ارتفاع الأسعار إلي أين؟!
- ياحلاوة ياحلاوة ضحكوا علينا بالعلاوة


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامى الميرغنى - ماذا حدث لمصر والمصريين ؟!