أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - الدكتور الشعيبي يبيح السؤال في الحوار ومطلق الحسين متسائلاً...؟-1-















المزيد.....

الدكتور الشعيبي يبيح السؤال في الحوار ومطلق الحسين متسائلاً...؟-1-


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 10:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


بالنظر إلى الأهمية البالغة لمحاضرتكم :" أدب السؤال في الحوار" لعلها وأمثالها تحدث شروخاً في جدران القلاع المحصنة بالمقدس التي شيدها التيار السلفي وقبر العقر في داخلها منذ أن أقام مدرسته المعروفة " أهل النص" في مواجهة" أهل الرأي" خلال المعركة التشريعية المعروفة، ثم تحول الصراع إلى المعركة الفكرية بين أهل الجبر وأهل الاختيار وتعمق بعد ذلك إلى معركة فكرية مفتوحة بين التيارات السلفية عموماً من جهة وبين المعتزلة ثم الفلاسفة من جهة أخرى . وقد خسرت التيارات المستنيرة والعقلانية معاركها غالباً مع القوى الظلامية على امتداد التاريخ العربي-الإسلامي في مواجهتها للتعصب والاستبداد باسم الدين. وهذه المدرسة هي التي سادت الحياة العربية-الإسلامية قروناً طويلة، وأفرزت مفهومها الخاص للدين والتراث والتاريخ . وهذه المفاهيم الجامدة المتخلفة هي التي ألت إلينا في الكثير من الكتب والكتيبات المنتشرة على الأرصفة وتملأ المكتبات وتدرس في المساجد والمدارس والجامعات، وتلعب دوراً أساسياً في صياغة وجداننا الشعبي وقيمنا الاجتماعية وثقافتنا العامة .
تلك الحقبة التي تميزت بالإرهاب والتعصب وانعدام التسامح والعداء الشديد للعقل والعلم والفلسفة وكمثال على ذلك إقدام الخليفة المعتضد على قتل الفيلسوف أحمد بن الطيب ، وإصدار قاضيه اسماعيل بن اسحق فتوى بإحراق كتب ( الزنادقة)، وقرار بن ثوابة كاتب ديوان رسائل المعتضد أن" الهندسة ودراستها كفر وإلحاد" ، والنداء في مدينة السلام في الأرباع والمحال والأسواق بأن الذمة بريّة ممن اجتمع من الناس في مناظرة أو جدل ، وان من فعل ذلك من أحل بنفسه الضرب. وحين قوى نفوذ الحنابلة وصاروا يكسبون دور القواد والعامة ، ويستظهروا بالعميان الذين كانوا يأوون إلى المساجد ، فكان إذا مرّ بهم شافعي المذهب أغروا به العميان حتى يكاد يموت ، واتسمت ملاحقاتهم لمخاليفهم في الرأي من العلماء بالتطرف والقسوة ، وقد أحرق الحلاج حياً في بغداد عام 309هـ ، وكادوا يقتلون الإمام الطبري عام 310هـ لأنه قال أن أحمد بن حنبل محدث وليس فقيهاً، وحين توفي الطبري دفنت جثته سراً خوفاً من أن يثور الحنابلة على الجثة نفسها ... والأمثلة على قمع حرية البحث والتفكير طويلة ، فقد تعرض لمثل هذا الكواكبي ،فرح أنطوان،محمد عبده، شبلي شميل ، طه حسين ، علي عبد الرزاق ، وكثير غيرهم من سلك هذا الدرب ، حيث تحولت تهمة الخروج على (الدين والملة) إلى سيف أهوج تضربي به السلطة السياسية والمؤسسة الفقهية الرسمية في كل الاتجاهات ، ولم يسلم منه حتى أكثر المعارضين السياسيين تشدداً في الدين .
وأسوأ مظاهر هذا القمع هي التي تجعل من التاريخ والتراث والدين شيئاً واحداً ،وتصنع من القداسة الدينية سداً يغلق منافذ البحث في التاريخ والتراث على نحو علمي وموضوعي، مما أدى إلى إدامة التعتيم والتشويه والتظليل لفصول كثيرة فيهما . ومن ذلك إضفاء الطابع الديني على الحكام والدولة ؛فصارت الدولة أية دولة " حصن المسلمين" ، وصار الحاكم أي حاكم " حارس الدنيا والدين" حتى ولو كان مجرماً سفاحاً ، وماجناً لوطياً ، وما على الرعية سوى إمداده بالمال، والدعاء له في المساجد ... ومع أن الدين الإسلامي لم يكن سبباً للاختلاف والصراع، بل لم تكن القضية الدينية مطروحة عند نشأة أهم الخلافات وأشدها ضراوة، ولم تكن الحروب الضارية التي تواصلت بين المسلمين ردحاً طويلاً من الزمن حروباً دينية بين من يعتصمون (بشرع الله) وبين الخارجين عليه . بل كان الصراع بينهما دنيوياً بحتاً، تفجر حول شؤون الحياة الدنيا من حكم، وسياسة ، واقتصاد، ومصالح اجتماعية وأيضاً عشائرية وشخصية . غير أن المختلفين لم يتركوه محايداً ، فأدخلوه معهم في حلبة الصراع ، وكان هذا شيئاً طبيعياً ، حتى كاد يتلبسها في كثير من الأحيان ؛ غير ان ذلك لا يغير شيئاً من الحقيقة التاريخية ’ التي تؤكد أن الصراع كان يتمحور حول الحياة ، وانهم كانوا يلتمسون في الدين عذراً لمواقفهم . فالناس لا يعتزلون معتقداتهم وأفكارهم في صخب الحياة بل يحملونها وتحملهم في معترك القضايا والمصالح والهموم يستعينون بها، ويوظفونها، ويلتمسون فيها مؤيداً ومرشداً لمواقفهم ... يقول شاعر جاهلي مفاخراً بإلهه الذي جلب لهم النصر كما يعتقدون :
وسار بنا يغوث إلى مراد فناجزناهم قبل الصباح
ورغم أنهم هم الذين حملوا يغوث وساروا به ، وأن النصر تحقق بمباغتتهم لبني مراد فجراً، وربما بفضلهم وبشدة بأسهم ؛ إلا أنهم عزوا هذا النصر لتلك الحجارة المنحوتة المصنوعة بأيديهم ... وهكذا هم البشر كما قال الرصافي :
إن الملوك كالأصنام ماثلة الناس تنحتها والناس تعبدها
لقد انصب اهتمام الإسلام في جهده التأسيسي على تنفيذ رسالته الاجتماعية التاريخية التي انتقل بها العرب من طور البداوة بتقسيماتهم القبلية وثقافتهم الشفهية إلى مجتمع طبقي متحضر محكوم بدولة وشريعة ، وكان من الطبيعي أن تقوم تلك الحركة الاجتماعية الكبرى على أيدلوجيا دينية شديدة الدفع تبقي أتباعها في حالة عنفوان دائم خلال المدة التي جرى فيها ترسيخ الوضع الجديد،وتحصنهم ضد الأيدلوجيات الأخرى، على قاعدة الإيمان ضد الكفر ، وكان من أولى مهماتها أن أن تصبغ بصبغة الإسلام من حيث الشكل على الأقل، وتقوم على تنفيرهم وقطع صلتهم بالجاهلية ، وتغيير هيآتهم ، فيقال لمن عزم على اعتناق الإسلام" احلق عنك شعر الكفر" ، أو تغيير وضعية الجلوس : " أتقعد قعدة المغضوب عليهم"، أو تبديل أسمائهم وأسماء الأماكن ، فقد أطلق على يثرب اسم (المدينة) و" من قال للمدينة يثرب فكفارته أن يقول المدينة عشر مرات" ، ونزل قرآن ينص على : ( إنما المشركون نجس) . كما حمل على العادات الجاهلية فقال :" إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن(ذكر) أبيه ولا تكنوا"، ونهاهم عن مجالسة اليهود عن التشبه بهم: " احلقوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تشبهوا باليهود" .
ورغم التشدد في هذه الإجراءات الشكلية المظهرية الممكنة التطبيق للتميّز عن الآخر، أمّا القضايا الجوهرية مثل الغزو المباغت والقتل والأسر والتسري فقد بقيت تمارس كما في الجاهلية بل وبأكثر قسوة ووحشية رغم تناقضها مع الجوهر الإنساني لتعاليم الدين الإسلامي ، ففي الجاهلية كانت المغازي تحصل بدوافع اغتنامية ، وأما في الإسلام فيضاف إليها في كثير من الحالات الدافع الأيدلوجي الديني الشديد الوطأة، وقد نجد أمثلة كثيرة على أن الهدف كان هو الغنيمة بذاتها ومن ذلك : سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء وهم بنو بكر بن كلاب، فقد ذكروا أن رسول الله بعثه إليهم في ثلاثين راكباً ، وأمره أن يشن الغارة عليهم، فخرج يسير في الليل ويكمن في النهار وبينما هو في طريقه إليهم صادف ركباناً نازلين فأرسل إليهم رجلاً من أصحابه يسأل من هم ، فذهب الرجل ثم رجع فقال هم قوم من محارب (قبيلة) ، فنزل قريباً منهم ، ثم أمهلهم حتى عطنوا الإبل حول الماء فأغار عليهم فقتل منهم نفراً وهرب سائرهم ، واستاق نعماً وشاءً ولم يتعرض للضعن أي النساء ثم انطلق حتى كان بموضع يطلعه على بني بكر فعقب عابد بن بشير وخرج هو وأصحابه فشنّ عليهم الغارة فقتل منهم عشرة ، واستاقوا النعم والشاء، ثم انحدر إلى المدينة ، فخمس رسول الله ما جاء به ، وكان النعم مئة وخمسين بعيراً والغنم ثلاثة آلاف شاءً". – السيرة الحلبية 3-174
ومن ذلك ما فعله خالد بن الوليد لما أرسله الرسول إلى بني جذيمة عام الفتح ولم يأمره بقتالهم، وكانوا قد أسلموا إلا أن النبي لم يكن عًلِمَ بإسلامهم، فأرسله في ثلاثمئة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار ومن بني سُليم. وكان بين بني جذيمة وبني سُليم ذحول وكذلك كان لخالد بن الوليد ذحل عند بني جذيمة لأنهم قتلوا الفاكه عم خالد وأخا الفاكه في الجاهلية . فلما علمت بنو جذيمة لبسوا السلاح وتلقوا خالداً فقال لهم خالد: أسلموا . فقالوا نحن قوم مسلمون ، فطلب إلقاء السلاح وبعد أن فعلوا قال : استأسروا فأمر بعضهم فكتف بعضاً ، وفرقهم في أصحابه ، فلما كان في السّحر نادى منادي خالد: من كان معه أسيراً فليقتله ، فقتل بنو سُليم من كان معهم، وامتنع المهاجرون والأنصار وأرسلوا أسراهم فأخذ النبي بذلك ، فوقع شجار بين خالد وعبد الرحمن بن عوف فقال له : عملت بأمر الجاهلية في الإسلام ، واشترك عمر بن الخطاب فأعان عبد الرحمن على خالد ، فقال رسول الله: مهلاً يا خالد ، دع عنك أصحابي، فوالله لو كان لك أحُدٌ ذهباً فأنفقته في سبيل الله ما أدركت غَدْوة رَجلٍ منهم ولا رَوْحته" – السيرة الحلبية 3-196، 198 وفي رواية أخرى أن النبي رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد" .. ولكن هل هذا هو جزاء من يقتل أناساً مسلمين وهم في حالة أسر وبغير ذنب ؟! فأين حكم القصاص في القتلى؟ وهل خالد بمنأى عنه؟!
ومن قصص السبايا ما يشيب لها الولدان ،ولنا أن نتصور حجم المآسي في نساءٍ يُقتل أهلهن ويُسبين ويدخل بهن من قبل قتلة أهلهن على الفور دون أية مراعاة لظروفهن النفسية ، وقد تباع هذه السبايا صفقة واحدة كما يباع المتاع ، مثلما وقع في غزوة بني قريضة فإنهم بعدما ضربت أعناق رجالهم ، وكانوا ستمئة وقيل سبعمئة وخمسين أرسلت نساؤهم وذراريهم ألى نجد لبيعهم وشراء خيل وسلاح بثمنهم. قال الحلبي في سيرته : ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الأنصاري بسبايا بني قريضة إلى نجد ، فابتاع لهم بهم خيلاً وسلاحاً، وقيل: بعث بجملة منهم لا بهم كلهم وكان عدد السبايا ألفاً.
ومن المغازي المؤدلجة ما جاء في السيرة الحلبية من : " أن رسول الله أرسل زيدَ بن حارثة في جيش إلى بني فزازة فخرجوا إليهم يكمنون النهار ويسيرون الليل حتى أحاطوا بهم فقتلوهم، وأسرت أمّ قرفة هي وابنة لها ذات حُسن وجمال. فأمر زيد أن تقتل أمّ قرفة لأنها كانت تسب النبي. وكان المأمور بقتلها قيس بن المُحسر، فربط برجليها حبلين ثم ربطهما إلى بعيرين وزجرهما ، وقيل فرسين فركضا وشقاها نصفين. وأم قرفة هذه كانت في شرَفٍ من قومها وكان يُعَلق في بيتها خمسون سيفاً لخمسين رجلاً كلهم لها مُحرم، وكان لها اثنا عشر وَلداً ، ومن ثم كانت العرب تضرب بها المثل في العزة والمنعة فتقول: لو كنت أعز من أم قرفة، وتقول أمنع من أم قرفة، وقرفة اسم لأحد أولادها تكنى به ، وقد قتل في إحدى غزوات الرسول. وبقية أولادها قتلوا في خلافة الصديق مع أهل الردة " السيرة الحلبية 3-180
فهل يليق بمن يقاتل لإعلاء كلمة الله أن يقدم على قتل امرأة عجوز كأم قرفة بهذا العنف والوحشية بحجة أنها كانت تسب النبي ؟! . وأين منها الحديث: أكرموا عزيز قوم ذل ؟!.
ومن هذا القبيل قتل عصماء بنت مروان اليهودية . قالوا:" إنها كانت تسب الإسلام وتؤذي النبي في شعر لها وتحرض عليه. فبعث رسول الله عمير بن عدي الخطمي ليقتلها. فجاءها عمير في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها نفر من ولدها نيام، وعلى صدرها صبي ترضعه، فمسها بيده ونحى الصبي عن صدرها ووضع السيف على صدرها وتحامل عليه حتى أنفذه من ظهرها . ثم صلى الصبح مع النبي في المدينة. فقال رسول الله: أقتلت ابنة مروان ؟ فقال نعم . فهل على ذلك من شيء؟ فقال: لا ينتطح فيها عنزان ". سيرة بن هشام 4-627 والسيرة الحلبية 3-157
ومن هذا القبيل أيضاً قتل أبي عفك اليهودي، وقتل كعب الأشرف، وقتل أبي رافع سلام بن أبي الحُقيق. فلما رأت الخزرج أن الأوس قتلوا كعب الأشرف وتقربوا بقتله إلى رسول الله فقرروا قتل أبي رافع فاستأذنوا بذلك الرسول فأمّرَ عليهم عبد الله بن عتيك ، فتسللوا إلى خيبر وتسوروا دار أبي رافع ليلاً وكان في علية لها درجة (سلم من خشب) وقال عبد الله بن عتيك لامرأة كعب: جئته بهدية فأدخلتهم عليه وهو في سريره فقتلوه . ولو كان أبو رافع في معسكر بين جنوده وتسللوا إليه فقتلوه لعُدّ ذلك عملاً بطولياً . أما أن يتسللوا إلى داره ليلاً وهو في بيته وعلى فراشه مع زوجته فيخدعونها على أنهم يحملون له هدية فيقتلونه في غفلة دون أن يدري، فما هو الفرق بين ذلك وبين عمل المجرمين ؟.
وإذا كانت المسبة ليست من الجنايات التي تستوجب القتل في كل الشرائع لأنها لا تتضمن إلا هتك حرمة المسبوب. والنص القرآني يقول( والحرمات قصاص – البقرة 194) فهتك الحرمة لا يكون جزاؤه إلا هتك الحرمة لا القتل . وقد تحمل النبي كل أذى في سبيل دعوته إلا المسبة بما يخرج به عن القداسة ويجعله كأحد الناس، بينما أراد أن يكون مطاعاً طاعة أثيلة قعساء . وربما تطلبت دعوته كل هذا الضبط القاسي الذي أملته عوامل خاصة ، في التعامل مع الشخصية اللقاحية الجاهلية المتحررة من لوازم السلطة ، وإلى حد ما الدين . وقد سَخّر كل شيء في سبيل خدمة هدفه الكبير الذي أعلنه منذ البداية بصراحة ووضوح حينما مرض عمه أبو طالب مرض وفاته ، وقد أتاه الملأ من قريش وطلبوا منه أن يكلم محمداً في أن يتركهم وآلهتهم ويتركوه وشأنه، فدعاه أبو طالب وكلمه في ذلك ، فقال محمد : " أرأيتم أن أعطيتكم ما سألتم هل تعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم " وهذا الهدف الكبير الذي يبدو مستحيلاً كان محمدٌ يراه بعبقريته الفذة أنهى سيكون حقيقة واقعة ، وهذا ماكتب به لسراقة بن مالك عندما خرج مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ، فجعلت قريش لمت قتلهما أو أسرهما مئتي ناقة ، فخرج سراقة في طلبهما وأدركهما ، فكتب له النبي كتاباً ووعده بسواري كسرى بن هرمز . وكما قال لبني شيبان بن ثعلبة حين عرض عليهم نفسه في الموسم (الحج) وقد ذكروا له ملوك الفرس :" أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وأموالهم ويعرشكم نساءهم تسبحونه وتقدسونه " . السيرة الحلبية .
وكذلك قال لبني بكر بن وائل حين عرض عليهم نفسه في الموسم إذ قالوا له : جاورنا فارس فنحن لا نمنع ولا نجير عليهم ، فقال : أفتجعلون الله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم وتستنكحوا نساءهم وتستعبدوا أبناءهم ...". السيرة الحلبية ...
وبغض النظر عن مدى مصداقية هذه الروايات ، وقد ذكرتها معظم الكتب التي تناولت تلك الفترة ، فإنني أجزم وبشكل قاطع أن الوعود الواردة فيها ليست وعوداً إلهية لأن الله لا يأمر بسلب الآخرين نساءهم وأرضهم وأموالهم ، ولا يدعو لاستعبادهم ، بل هي بالتأكيد دعوة بشرية جاءت كعنصر تحفيزي في مسار تلك التحولات الاجتماعية الكبرى التي أملتها ضرورات الحياة . وكدليل على ذلك الواقعة التالية : حينما كان النبي يضرب بالفأس كِدية صماء أثناء مشاركته في حفر الخندق حول المدينة ، وكان كلما ضرب الكِدية بالفأس تقدح فتلمع بين يديه فيقول أنه يرى قصور كذا في اليمن ، ثم يضرب فتقدح وتلمع ويقول أنه يرى قصور كسرى في بلاد فارس .... كناية عن سقوطها بين يديه ذات يوم ليس ببعيد .
وأنا هنا في هذا الغرض المكثف لا أريد محاكمة الماضي في أحد جوانبه انطلاقاً من معطيات عصرنا الراهن ، لأن ذلك لن يكون من الإنصاف ؛ ولكني أردت نزع القداسة عن تراثنا الذي لم يولد مكتملاً على حين غرة ، ولم يهبط على الحياة فجأة ، ولم يقتحم التاريخ من الخارج ، وإنما نشأ وتطور وتلوّن في خضم الحياة التي عاشها أولئك الأجداد العظام و تشكل في غمار مشاكلهم التي أصدموا بها ، وقضاياهم التي تفاعلوا معها ، وهمومهم التي حملوها وأحلامهم التي احتدمت في عقولهم ، ضمن ظروفها الموضوعية ، وسياقها التاريخي ، فهو إذن تراث بشر جمعتهم وفرقتهم ظروف ومصالح الحياة .


يتبع






#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى كان للديمقراطية مكان في الحكومات الإسلامية ..؟
- العلمانية حلٌ إنساني و حضاري لشعوب الدول النامية ...؟
- شكراً أستاذ فؤاد النمري .. وللبروليتاريا ...؟
- الدكتور الشعيبي يتجاوز حجر العقل ويبيح السؤال في الحوار ...؟
- أوباما والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ...؟
- أوباما الحرية والعلمانية...؟
- العلمانية قطار الحضارة السريع ...؟
- الحجاب ليس مشكلة ..بل اللواتي رضين بالحجاب مرغمات..؟
- مشكلة الوحده اليمنية .. هل من حل ..؟
- وتنتصر المرأة الكويتية وتدخل مجلس الأمة الكويتي وبجدارة ..؟
- وأخطأ منظّروا الحجاب والمتورطون في التحجب ...؟
- فتوحاتنا بالورود والرياحين ولا عنف في الإسلام أيها البابا .. ...
- مساواة المواطنين في الوطن الواحد لا يتحقق إلا بالعلمانية ..؟
- سقوط خنازير مصر في شرك التعصب الديني ..؟
- الحجاب كان ضرورة طقسية قبل الدينية للرجل والمرأة .. ؟
- طز في حقوق الإنسان و هلا بسوق العبيد ...؟
- بين مَنْ ومِنْ ضاعت لحانا وتضيع قضايانا ...؟
- ديمقراطية البروليتاريا...؟
- استبداد الخلفاء وديكتاتورية البروليتاريا ...!.
- توبة إخوان سورية .. من التقية أم من باب آخر ..؟


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى حقي - الدكتور الشعيبي يبيح السؤال في الحوار ومطلق الحسين متسائلاً...؟-1-